نعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله نبدأ وبه نستعين
السلام عليكم ورحم الله وبركاته
بينا من الايات في نفي سحر الرسول عليه الصلاة والسلام وبينها الاخوة الكرام جزاهم الله خيرا الا ان بعض اهل الحديث مصرين على ان الرسول عليه الصلاة والسلام قد سحر ولم ياتوا بايات تثبت ذلك او ردا على الايات التي اتيناهم بها
انما البعض ياتي باية ليس لها علاقة بالموضوع ويستنتج منها ما يوافق هواه او ما يوافق الحديث او ياتي بامثلة ثم ينسبها الى النبي عليه الصلاة والسلام ,,,
منهم اتخذ سيدنا موسى مقياسا على الانبياء ويجعلها رباطا وثيقا دون ان يرجع الى الاية باكملها للعلم بينا الاية وبينا له ان سيدنا موسى لم يسحر وهناك فرق بين السحر وبين ما يخيل اليه من السحر ووضعنا الايات حسب طلبه
ولم نرى ردا عليها ولا اعلم كيف اصبحت رباطا وثيقا هادك الله وايانا ومنهم من لجا الى الضر الذي اصاب داوود عليه السلام واعتبره سحرا بمس من الشيطان مشيرا الى الاية (_وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ )
ولم يكمل الاية ( ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ) لو كان سحرا لبطل الله ذلك السحر كما فعل موسى عليه السلام مع السحرة في مواجهتهم ولو ان الرسول اصابه ما اصاب ايوب في مسه الشيطان بنصب وعذاب لظهرت الاعراض في جسده و لامره الله عز وجل بنفس الطريقة التي امر فيها ايوب عليه السلام
ولكن ما اصاب ايوب ضرا وكشف الله عنه وعلاجه بالركض والمغتسل البارد وشراب وليس بفك السحر او دفنه كما هو متعارف عليه او الرقية بالايات
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
84. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ
الى ان توصل الامر وما صاحبكم بمجنون يتخذون هذه الايات كدليل ليس حسب سياقها انما يقتطعها من بقية الايات حتى توافق مفهومه ويموه للناس ان الرسول عليه الصلاة والسلام فعلا قد تم سحره وتناسوا الاية الرئيسية
وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا
وماصاحبكم بمجنون اي يريد الله ان يبين لقومه ان الرسول عليه الصلاة والسلام ليس بمجنون في ما يقول من ايات القران وفي رؤياه لجبريل عليه السلام بل يقين وليس ظن او قول شيطان رجيم
إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ 20. ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ 21. مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ 22.وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ 23. وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ 24. وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ 25. وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ
ولا شان للسحر في الموضوع
اما من ذكر من شر النفاثات في العقد فهي لا تعني السحر لم يقل الله من شر الساحر او من شر السحر كما انها جائت في صيغة المؤنث ربما تعود للنفوس في بثها الخبث وليس للسحر شان
ايضا كلمة النفث لا تعني النفخ عموما وان اختلفنا في فهم الاية ليس هذا دليل على ان الرسول عليه الصلاة والسلام قد سحر بمجرد ان الله امره بالاستعاذة انما استنتاج فقط
واخيرا تقاضوا عن المبدا قدم النقل على العقل ولجاوا الى تفسير الحديث حتى يخرج عن مضمونه وهو ان السحر الذي اصاب الرسول عليه الصلاة والسلام عبارة عن خدعة بصرية, او ما شابه ذلك فهو لا يضر ولا يؤثر مجرد تخيل ,,,اعتبارا مثلما حصل مع موسى عليه السلام
اولا الخدعة البصرية تقع على عموم البشر وليس على شخص معين اذا كان ما اصاب الرسول عليه الصلاة والسلام سحر من نوع الخدعة البصرية فمن المنطق ان كل من كان معه يرى تلك الخدعة كما حصل مع قوم موسى
قَالَ أَلْقُواْ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاؤُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ
اما النقطة الثانية الخدعة البصرية لا تحتاج الى فك السحر او حل حتى يشفى الشخص فهي ليست لها اعراض تصيب الانسان وتلازمه والا كلنا اصبحنا كذلك ونحتاج الى فك السحر ولكن يبطل السحر بمجرد مواجهت الساحر بخدعته نفسها هذه الخدعة البصرية
وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ
118. فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
وهذا الحديث
سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ , حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا , وَدَعَا ثُمَّ قَالَ : أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا فِيهِ شِفَائِي ؟ أَتَانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ , فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ : مَا وَجَعُ الرَّجُلِ ؟ قَالَ : مَطْبُوبٌ ؟ قَالَ : وَمَنْ طَبَّهُ ؟ قَالَ : لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ . قَالَ : فِيمَا ذَا ؟ قَالَ : فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ . قَالَ فَأَيْنَ هُوَ ؟ قَالَ : فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ . فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ : نَخْلُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ . فَقُلْتُ : اسْتَخْرَجْتَهُ ؟ فَقَالَ : لا , أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ , وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا , ثُمَّ دُفِنَتْ الْبِئْرُ ) رواه البخاري (3268) ومسلم (2189) .
ونسال الله الهداية واياكم والله اعلم
انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا
|