عرض مشاركة واحدة
  #177  
قديم 2011-05-23, 11:15 PM
صابر عباس صابر عباس غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-03-20
المشاركات: 431
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

مع الجزء التاسع و العشرون
(15)
وبعض آيات من سورة القيامة

السبيل

هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً - 1 إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً - 2 إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً - 3

إن الأرض كوكب مثل باقي الكواكب في المجموعة الشمسية, ولكن أمدها الله تعالى بمقومات الحياة من هواء وماء وكل الكائنات الحية من حيوان ونبات, ودرجات حرارة ملائمة للحياة..
هذه الأرض أعدت قبل خلق الإنسان , فلقد أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا..

أين كان الإنسان قبل أن يكون ? من الذي أوجده ? ومن الذي جعله شيئا مذكورا في هذا الوجود ? بعد أن لم يكن له ذكر ولا وجود: ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ? ). .

إذا أجاب الإنسان على هذه الأسئلة بصدق وصل إلى الإيمان , فإن لم يعرف الإجابة ..فقد أجابته الآيات التالية تبين له حقيقة أصله ونشأته , وحكمة الله في خلقه , وتزويده بطاقاته ومداركه: ( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ). .

ثم لم يترك الإنسان لعقلة فقط .. بل هداه الله تعالى بإرسال الرسل تبين له الطريق المستقيم الذي يؤدي به إلى العيش في سعادة في الدنيا والنعيم المقيم في الأخرة ...وجعله ذو إرادة في الاختيار بين طريق الخير وطرق الشر ....( إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ).

فكان على الإنسان أن ينتبه إلى مستقبله الحقيقي , ولا ينبغي أن يمضي في استهتار. غير واع ولا مدرك , وهو مخلوق ليبتلى , وموهوب نعمة الإدراك لينجح في الابتلاء .

إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالاً وَسَعِيراً – 4 إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً – 5 عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً – 6

هذه صورة واضحة للمستقبل الحقيقي للإنسان , ونهاية كل سبيل , والأهم في ذلك أنه لا رجعة إذا خرج من هذه الحياة , فيجب على الإنسان العاقل أن يختار طريق الحق الذي يصل به إلى رضوان الله تعالى, والطريق إلى الله يحتاج من الإنسان أن يضبط جميع معاملاته طبقا لما جاء في شريعة الله تعالى

أهم صفات المؤمنين
التي وردت في هذه السورة

يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً – 7 وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً – 8 إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً – 9 إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً – 10

وردت صفات للمؤمنين في مواضع عديدة .. نذكر منها على سبيل المثال ما ورد في سورة الفرقان,
قال تعالى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا - 63 وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا – 64 وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا - 65 إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا - 66

وقال تعالى في سورة المؤمنون : قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ - 1 الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ – 2 وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ – 3 وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ – 4 وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ – 5 إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ – 6 فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ – 7 وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ – 8 وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ – 9 أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ – 10 الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ – 11

والمتتبع لهذه السلسلة يجد العديد من الصفات العظيمة التي تعين الإنسان للمضي قدما على الطريق المستقيم وأولها الإخلاص لله تعالى..
وقد ذكر جملة من أعمالهم في أول هذه السورة، فقال تعالى: ﴿ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ﴾ أي: بما ألزموا به أنفسهم لله من النذور والمعاهدات، وإذا كانوا يوفون بالنذر، وهو لم يجب عليهم، إلا بإيجابهم على أنفسهم، كان فعلهم وقيامهم بالفروض الأصلية، من باب أولى وأحرى،
﴿ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ﴾ أي: منتشرا فاشيا، فخافوا أن ينالهم شره، فتركوا كل سبب موجب لذلك، والخوف من الحساب في الأخرة أهم أسباب الاستقامة على الحق...
﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ ﴾ أي: وهم في حال يحبون فيها المال والطعام، لكنهم قدموا محبة الله على محبة نفوسهم، ويتحرون في إطعامهم أولى الناس وأحوجهم ﴿ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ .

وهنا يأتي الكلام على طائفة أعطاها الإسلام حقا قبل أن يعرف العالم القوانين الدولية لحقوق الأسرى..
فتبين الأيات مدى رعاية المجتمع الإيماني للمساكين واليتامى والأسارى.

وقد ورد في سورة الأنفال ما يدل على الإهتمام بالأسرى , قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ - 70
هل أدركنا مدى شمول شريعة الإسلام لتشمل الرعاية للأسير الذي كان يحاربنا بالأمس قبل أن يقع في الأسر..وتحث على رعايته ومد يد العون له ودعوته للهداية ..

﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾ أي: لا جزاء ماليا ولا ثناء قوليا. فيقصدون بإنفاقهم وإطعامهم وجه الله تعالى،
﴿ إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا ﴾ أي: شديد الجهمة والشر ﴿ قَمْطَرِيرًا ﴾ أي: ضنكا ضيقا،
﴿ فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ ﴾ قال تعالى : لا يحزنهم الفزع الأكبر، وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون - 103 الأنبياء
﴿ وَلَقَّاهُمْ ﴾ أي: أكرمهم وأعطاهم ﴿ نَضْرَةً ﴾ في وجوههم ﴿ وَسُرُورًا ﴾ في قلوبهم، فجمع لهم بين نعيم الظاهر والباطن ﴿ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا ﴾ على طاعة الله، فعملوا ما أمكنهم منها، وعن معاصي الله، فتركوها، وعلى أقدار الله المؤلمة، فلم يتسخطوها، ﴿ جَنَّةً وَحَرِيرًا ﴾ جامعة لكل نعيم، سالمة من كل مكدر ومنغص،

******

وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى.
رد مع اقتباس