عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2010-11-14, 01:49 PM
فتح الرحمن احمد محمد فتح الرحمن احمد محمد غير متواجد حالياً
محـــاور
 
تاريخ التسجيل: 2009-06-25
المشاركات: 801
افتراضي الأعياد هوية الأمم فحافظوا على الإسلام





الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ أما بعد:

من المعلوم أن التمييز بين الأمم والحضارات والديانات والفرق والطوائف هو بخصائص ينفرد ويتميز بَها كل قوم، فكل فريق يعرف بشعاره، وتعرف كل أمة أو مجموعة بخصيصة مغايرة عن حال غيرها من الشعوب والأمم، ومن ذلك الأعياد، فكل ديانة فيها أعياد، وكل أمة أو طائفة أو فرقة لَها أعياد تمثلها، وتكون موضعاً للاحتفالات عند كثير من الأمم والشعوب

بخلاف أمة الإسلام فتشغلها بالاحتفال بالطاعات والأعمال الصالحات
ومن الواجب على المسلمين إظهار الاعتزاز والفخر، والفرح والسرور إعلانا وتميزاً
دون توار خلف جدار الضعف والخوف، أو ستار التشبه والتقليد.


«إن لكل قوم عيداً»

إن عيد الفطر الذي يلي شهر رمضان، وعيد الأضحى الذي يلي يوم عرفة
هما العيدان اللذان يميزان المسلمين عن أعياد غيرهم من الأمم والشعوب
وروى البخاري (952)، ومسلم (892/16) في صحيحيهما من حديث عائشة رضي الله عنها
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر! إن لكل قوم عيدا واليوم عيدنا».

وفي رواية للبخاري (3530)، ومسلم (892/17) في صحيحيهما: «وتلك الأيام أيام منى».

ولتعظيم وأهمية هذين العيدين نُهي عن الصيام فيهما
لَما رواه البخاري (1197)، ومسلم (827) في صحيحيهما من حديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين يوم الفطر ويوم النحر، ورواه مسلم أيضاً في صحيحه (1140) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صومين يوم الفطر ويوم الأضحى.




العيد هُوية فلا تشابهوا الآخرين في أعيادهم

كان النبي صلى الله عليه وسلم يشدد في النهي عن مشابهة اليهود والنصارى، وكذلك باقي الأمم والطوائف التي تخالف الإسلام، من أجل المحافظة على رسوم الإسلام وشرائعه، وعدم اختلاطه أو تأثره بالشرائع المخالفة، وعادات الحضارات الأخرى، حرصا على الهُوية، وجمعاً للكلمة تحت راية واحدة،
فكان من تحذيره ما رواه البخاري (3456)، ومسلم (2669) في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لتتبعن سنن من كان قبلكم، شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم»،
قلنا: يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: «فمن».


قالوا: ما يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه

كان النبي صلى الله عليه وسلم يخالف الأمم والديانات الأخرى
وغالبا ما تكون مخالفتهم في كل ما لم يؤمر فيه بحكم ومن أمثلة المخالفة:

(1) المخالفة في القبلة:

وقد كان يعجب اليهود وأهل الكتاب أن صلي إلى بيت المقدس، فلما خالف أنكروا ذلك؛ لِما رواه البخاري (41)، ومسلم (525) في صحيحيهما من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده أو قال: أخواله من الأنصار، وأنه صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة شهرا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر، وصلى معه قوم، فخرج رجل ممن صلى معه، فمر على أهل مسجد وهم راكعون، فقال:
أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مكة، فداروا كما هم قبل البيت، وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل بيت المقدس وأهل الكتاب، فلما ولى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك.

وفي رواية للبخاري في صحيحه (399): وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يوجه إلى الكعبة فأنزل الله : {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ}. فتوجه نحو الكعبة. وقال السفهاء من الناس وهم اليهود: {مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }. فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم رجل ثم خرج بعدما صلى، فمر على قوم من الأنصار في صلاة العصر نحو بيت المقدس، فقال: وهو يشهد أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه توجه نحو الكعبة فتحرف القوم حتى توجهوا نحو الكعبة.



(2) الأمر بالمخالفة في صوم عاشوراء:

روى مسلم في صحيحه(1134/133) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما يقول:
حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله! إنه يوم تُعَظِّمُهُ اليهود والنصارى
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا كان العام المقبل إن شاء الله؛ صمنا اليوم التاسع»،
قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي روية لمسلم: (1134/134): قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع».

وقال النووي في شرح صحيح مسلم ولعل السبب في صوم التاسع مع العاشر ألا يتشبه باليهود في إفراد العاشر
قلت: العلة هي مخالفة اليهود النصارى وقد صُرِّحَ بِها في الحديث: «يا رسول الله! إنه يوم تُعَظِّمُهُ اليهود والنصارى»،
فكن التوجيه بإضافة صيام التاسع إلى العاشر مخالفة وتميزا
.



(3) الأمر بمخالفة المشركين والمجوس وأهل الكتاب كافة

روى البخاري (5892)، ومسلم (259) في صحيحيهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين وَفِّروا اللحى وأحفوا الشوارب».

وفي رواية لِمسلم في صحيحه (260) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه «خالفوا المجوس».

وروى أبو داود في سننه (652) بإسناد صحيح من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم».

وقد أمر بِمخالفتهم في أمور كثيرة حتى قالوا: ما رُوي من طريق أنسٍ رضي الله عنه في صحيح مسلم (302)
لما بلغ اليهود من أمر النبي صلى الله عليه وسلم:
(ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه)، وفيه دلالة واضحة على المحافظة على هوية خاصة بالمسلمين.




المشابهة تدور بين علة الإعجاب والضعف

العلاقة بين التابع والمتبوع تكون علاقة ناتجة عن إعجاب التابع بالمتبوع أو بسبب الخوف والضعف
فيلجأ التابع إلى مشابهة متبوعه في كل أو غالب أحواله وأقواله
فترك الناس لخصائصهم وإهمالِها وتعظيم خصائص الآخرين دليل على الهزيمة والضعف الذي يعانيه هؤلاء
وقد روى أبو داود في سننه (4031) بإسناد حسن من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم».

قال ابن كثير في التفسير: «من تشبه بقوم فهو منهم»،
فيه دلالة على: النهي الشديد والتهديد والوعيد على التشبه بالكفار في أقوالهم وأفعالهم
ولباسهم وأعيادهم وعباداتهم وغير ذلك من أمورهم التي لم تشرع لنا.


هل كان فيها عيد من أعيادهم


روى أبو داود في سننه (3313) بإسناد صحيح من حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال:
نذر رجل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أن ينحر إبلا ببوانة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال: إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟»،
قالوا: لا، قال: «هل كان فيها عيد من أعيادهم؟»،
قالوا: لا،
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أوف بنذرك»،
فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم.
وبُوَانَةُ: هي هضبة من وراء ينبع قريبة من ساحل البحر.


و يؤخذ منه عدم احترام أعياد المخالفين أو تعظيمها وإظهار الفرح والسرور فيها،
والتحرز من قربها خشية مشابهتها، لذلك على المسلمين إظهار أعيادهم والاعتزاز بها
وعدم الإحداث فيها أو الزيادة عليها. وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه، والحمد لله رب العالمين.



الكاتب د/عبد العزيز بن ندَى العتيـبي


تاريخ النشر 21/09/2009
جريدة الوطن (الكويت)
رد مع اقتباس