الموضوع: توحيد الله
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 2009-06-03, 12:58 PM
أحمد المسلم أحمد المسلم غير متواجد حالياً
عضو جديد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-06-01
المشاركات: 37
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
إذا عرف المسلم مكانةَ التوحيد وعظيم قدره فإنه ثمةَ سؤال لا بد أن يكون حاضراً في ذهن المسلم ؛ ألا وهو ما واجبنا نحو التوحيد ؟ ماواجبنا نحو هذا الأمر العظيم الذي خلقنا الله جل وعلا لأجله وأوجدنا لتحقيقه ؟ فهذا سؤال غاية في الأهمية .
الجواب على هذا السؤال : الواجب علينا نحو التوحيد ونحو كل أمر أمرنا الله تبارك وتعالى به أمورٌ سبعة : ـ
الأمر الأول : محبته ، فكل شيء أمرك الله تبارك وتعالى به عليك أن تحبه ، وأن تعمر قلبك بمحبته ، وأن يكون محبوباً لك ، وأن لا يقع في قلبك شيء من البغض أو الكراهية له .
الأمر الثاني : أن تتعلمه وأن تحرص على معرفته وفهمه وحسن دراسته وتعلمه .
الأمر الثالث : أن تعزم في قلبك عزماً أكيداً على العمل به ، تعقد في قلبك العزم على العمل بهذا المحبوب بهذا الأمر المحبوب إلى قلبك ، والذي اعتنيت بتعلمه ، فتعقد في قلبك عزماً على العمل به .
الأمر الرابع : تعمل وتجاهد نفسك على العمل وأن يأتي منك العمل تاماً .
الأمر الخامس : أن يقع العمل منك على المشروع ؛ أي خالصاً لله صواباً على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الأمر السادس : أن تحذر أشد الحذر من الأمور التي تحبط العمل وتبطله ، فتكون دائماً في حيطة وفي حذر من كل ناقض أو مبطل أو مفسد لعملك وطاعتك .
الأمر السابع : أن تثبت على هذا الأمر إلى أن تلقى الله جل وعلا وتسأله سبحانه وتعالى الثبات عليه إلى أن تلقاه .
فهذه أمور سبعة تجب علينا نحو التوحيد ونحو كل شيءٍ أمرنا الله تبارك وتعالى به .
وإذا نظرت إلى واقع الناس وحالهم مع ما أمرهم الله تبارك وتعالى به لا ترى في كثير منهم وفآءً ولا تحقيقاً لهذه المراتب السبعة العظيمة ، ومن حقق بعضها أو شيئاً منها فرَّط في باقيها .
قد تجد في الناس من يقع في قلبه شيءٌ من البغض لبعض أوامر الله أو كراهيةً لبعضها ، { ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله } ، وإذا وُجدت هذه الكراهية لم يوجد ما بعدها من تعلم وعزم وعمل، إلى آخره.
وبعضهم يحب الشيء الذي أمر الله به ولكن لا يحرص على تعلمه، ويتشاغل ، وتمضي به الأيام والأوقات وهو في تشاغله إلى أن يموت وهو متشاغل عن تعلم ما خُلق له وأوجد لتحقيقه .
ومن الناس من يحب الأمر ويعرفه ، يحصل له نوع تعلم له ، فيعرفه ويعرف حسنه وفضله وبهائه ، لكنه لا يعقد العزم على العمل به ، لا يعقد في قلبه عزماً على العمل به ، وذلك خوفاً منه على تغير دنياه؛ كأن يكون نشئى مثلاً على تعلق بغير الله من قباب أو أحجار أو نحو ذلك ، فيسمع بالتوحيد ويبيَّن له ويعرف صحته ، لكن يقع في قلبه خوف من تغير دنياه وتغير حاله .
وبعضهم إذا عزم ـ أحب وعلم وعزم ـ لا يعمل ؛ لأنه يخشى إن عمل ورأَى الناسُ عملَه ذهب منه مالُه، أو ذهب جاهُه، أو ذهبت مكانتُه، أو ذهبت رئاستُه .. إلى غير ذلك ، فتجده عرف الحق وعرف الهدى وعرف الصواب ولكنه لا يعمل ، ويترك العمل خوف ضياع مال أو جاه أو رئاسة أو مكانة أو غير ذلك . وهذ يقع كثيراً حتى إن بعض من يُدعى إلى الإسلام يتساءل يقول إذا أسلمت كيف أصنع مع الأهل والأقارب والجيران إذا اطلعوا عليَّ ؟! وبعضهم فعلاً يمتنع مع أنه رأى أنه دينٌ صحيحٌ، ومسلكٌ قويمٌ ، لكنه يمتنع عن العمل مع أنه أحبه وعرفه ووجد في قلبه عزم على العمل به ، ولكنه لا يعمل ، خوفاً من اطلاع الناس عليه ورؤيتهم له فيمتنع .
ومن الناس من تحصل منه هذه الأمور الأربعة ـ المحبة والتعلم والعزم والعمل ـ لكنه لا يحقق العمل على المشروع فيكون عنده نوع تهاون في تحقيق العمل على المشروع ، والعمل المشروع هو الخالص الصواب ، ماكان خالصاً لله صواباً على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن الناس من تقع منهم هذه لكنه لا يتحاشى من المحبط والمبطل للعمل ، وربما يأتي عليه ما ينقض عمله ويفسد ديانته ، فلا يتحاشى ذلك ، والله جل وعلا يقول { ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين } .
ثم في تمام ذلك أمر الثبات وشأن الثبات وتهاون كثير من الناس به ، فقد جاء في المسند وغيره أن أم سلمة رضي الله عنها قالت كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم " يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك "، قالت قلت يا رسول الله أَوَ إن القلوب لتتقلب؟ قال" مامن قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء فإن شاء أقامه وإن شاء أزاغه " والله تعالى يقول {يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشآء} .
فهذه أمور سبعة، تجب علينا نحو التوحيد، ونحو كل أمر أمرنا الله سبحانه وتعالى به.
وفقنا الله سبحانه وتعالى إلى تحقيقها والثبات عليها إلى أن نلقاه على ذلك .
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
رد مع اقتباس