عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2023-07-02, 11:39 AM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,061
افتراضي فرعون والملك / إعداد: د. أحمد محمد زين المنّاوي

فرعون والملك

إعداد: الدكتور أحمد محمد زين المنّاوي



الحاكم.. الملك.. الفرعون.. ألقاب لا يفرق بينها الكثير من الناس..
ألقاب لها مبرّراتها وأسبابها التاريخية لإطلاقها..
إلا أنه تاريخ عميق.. عمقه آلاف السنين..
القرآن يبهرنا من جديد.. يتحدّى من جديد..
يفرّق بين الألقاب التي لا يفرّق بينها الناس عبر التاريخ..
بل القرآن هو الكتاب الوحيد الذي يفرّق بين هذه الألقاب..
بين الفرعون في عهد موسى والملك في عصر يوسف..
فعندما تطالع قصة يوسف وموسى -عليهما السلام- في أسفار "العهد القديم" الذي يتضمن النسخة المحرّفة من (التوراة)، تجد أنه لا فرق بين لقب حاكم مصر في عهد موسى ولقبه في عهد يوسف -عليهما السلام-، حيث جاء في سفر التكوين: "وسمع فرعون بهذا الخبر فطلب أن يقتل موسى"، وفي موضع آخر في السفر نفسه: "فأرسل فرعون ودعا يوسف، فأسرعوا به من السجن". وفي الحالتين فإن حاكم مصر لقبه "فرعون"! أما في القرآن فالأمر يختلف، حيث ورد حاكم مصر 74 مرّة بلقب { فِرْعَوْن }، وجاءت هذه المرّات جميعها في سياق قصة موسى –عليه السلام-، بينما ورد خمس مرّات بلقب { الْمَلِك }، وجاءت هذه المرّات جميعها في سورة يوسف وفي سياق قصة يوسف –عليه السلام-! فلماذا هذا التمييز إذًا بين لقب حاكم مصر في عهد موسى ولقبه في عهد يوسف -عليهما السلام-؟
في نهاية عصر الدولة الوسطى في مصر التي امتدت خلال الفترة (2061 - 1785 ق. م) ضعفت السلطة الحاكمة في مصر ما أغرى جماعات الهكسوس فجاؤوا من فلسطين والشام وحكموا مصر لما يقرب من 150 عامًا. وفي هذه الحقبة التاريخية الضيِّقة عاش يوسف –عليه السلام- في مصر وجاء بأهله من فلسطين فاستقروا معه. وبما أن حكّام مصر خلال هذه الحقبة كانوا من الغزاة الأجانب فإن لقب الفرعون لم يكن يطلق على الحاكم، بل كانوا يطلقون عليه لقب "الملك" مجرَّدًا. وبالفعل، فقد اتفقت العديد من المصادر التاريخية على أن الذي مكَّن يوسف –عليه السلام- من عرش مصر كان أحد ملوك الهكسوس من غير المصريين، كما دخل البلاد خلال هذه الحقبة كثيرٌ من الأجانب ونالوا فيها مناصب رفيعة.
أما بالنسبة إلى موسى –عليه السلام- فقد عاش في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وهو العصر الذي يوافق حقبة "المملكة الجديدة" التي امتدت بين (1550 و1069 ق. م)، حيث يشير (قاموس المتحف البريطاني لمصر القديمة) إلى أن لقب "فرعون" أصبح مستخدمًا في الإشارة إلى الملك نفسه ابتداءً من عهد هذه المملكة. ويؤيد ذلك (قاموس الكتاب المقدس) الذي يشير إلى أن "فرعون" في اللغة المصرية معناه (البيت العظيم)، وكان يستعمل لنعت قَصر المَلك، بينما أُطلق على الملك نفسه في نحو 1500 ق. م. وهكذا تؤكد مصادر التاريخ بشكل صريح أن "فرعون" كان هو اللَّقب لحاكم مصر خلال الفترة التي عاش فيها موسى –عليه السلام-، بينما كان "الملك" هو اللقب لحاكم مصر خلال الفترة التي عاش فيها يوسف –عليه السلام-!
السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هنا:
كيف عرف النبي مُحمَّد –عليه السلام- هذه الحقائق المهمَّة حول تاريخ ألقاب حكّام مصر، وبذلك سمّاه "الملك" في عهد يوسف و"فرعون" في عهد موسى -عليهما السلام- إن لم يكن ذلك وَحْيٌ من الله تعالى؟!
------------------------------------
أهم المصادر:

أوّلًا: القرآن الكريم؛ مصحف المدينة المنوّرة برواية حفص عن عاصم.

ثانيًا: المصادر الأخرى:
• بوكاي، موريس (2009)؛ القرآن والتوراة والإنجيل.. دراسة في ضوء العلم الحديث؛ (عادل يوسف، مترجم)؛ بيروت: الأهلية للنشر والتوزيع.
• عتريسي، جعفر حسن (2008)؛ التوراة والإنجيل والقرآن: بين الشهادات التاريخية والمعطيات العلمية؛ بيروت: دار الهادي.
• البدراوي، رشدي؛ قصة اكتشاف جثة الفرعون؛ اُسترجع بتاريخ 13 يناير 2016، من موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة (http://quran-m.com).

بتصرف وتلخيص عن موقع طريق القرآن
رد مع اقتباس