عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2021-09-20, 11:13 AM
معاوية فهمي إبراهيم مصطفى معاوية فهمي إبراهيم مصطفى غير متواجد حالياً
مشرف قسمي العيادة الصحية والمجتمع المسلم
 
تاريخ التسجيل: 2018-02-05
المشاركات: 2,731
افتراضي شرح حديث أنس: إن أحدكم إذا قام في صلاته

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-

شرح حديث أنس:["إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه"]

عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صل الله عليه وسلم رأى نخامة في القِبلة، فشقَّ ذلك عليه حتى رُئي في وجهه، فقام فحكَّه بيده، فقال: ((إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يُناجي ربَّه، وإن ربَّه بينه وبين القِبلة فلا يبزقن أحدكم قِبَلَ القِبلة، ولكن عن يساره، أو تحت قدمه))، ثم أخذ طرف ردائه فبصَق فيه، ثم رد بعضه على بعضٍ فقال: ((أو يفعل هكذا))؛ متفق عليه.

والأمر بالبصاق عن يساره أو تحت قدمه هو فيما إذا كان في غير المسجد، فأما في المسجد فلا يبصق إلا في ثوبه.

قَالَ سَماحةُ العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:

هذا الحديث الذي ذكره النووي رحمه الله في رياض الصالحين في باب الغضب إذا انتُهك شرع الله عز وجل، أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في الِقبلة؛ أي: في قِبلة المسجد، فغضب عليه الصلاة والسلام وحكَّها بيده وقال: ((إن أحدكم يُناجي ربَّه))؛ يعني إذا كان يصلي فإنه يناجي الله؛ يعني يخاطبه، والله عز وجل يردُّ عليه.

فقد ثبت في الصحيح أن العبد إذا قال: الحمد لله رب العالمين، أجابه الله فقال: ((حَمِدَني عبدي))، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال: ((أثنى عليَّ عبدي))، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: ((مجَّدني عبدي)) وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: ((هذا بيني وبين عبدي نصفين))، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم، قال: ((هذا لعبدي ولعبدي ما سأل)).

فأنت تُناجي اللهَ عز وجل بكلامه، وتدعوه سبحانه وتعالى، وتسبِّحه، وتمجِّده، وتعظِّمه، فهو سبحانه وتعالى أمامك بينك وبين القِبلة، وإن كان سبحانه وتعالى في السماء فوق عرشه، فإنه أمامك؛ لأنه محيط بكل شيء و﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].

ثم إن النبي صل الله عليه وسلم لما ذكر منع التنخم أمام القِبلة يعني في قِبلة الإنسان، ذكر الشيء المباح؛ لأن هذا هو الهدي، وهذه هي الحكمة، أنك إذا ذكرت للناس ما هو ممنوع أن تذكر لهم ما هو جائز؛ حتى لا تسدَّ الأبواب عليهم.

فأمر الإنسان أن يبصق عن يساره، أو تحت قدمه، أو في ثوبه ويحك بعضه ببعض؛ ثلاثة أمور: إما تحت قدمه يبصق ويطأ عليها، وإما عن يساره، وهذا والذي قبله متعذر إذا كان الإنسان في المسجد؛ لأنه يلوثه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((البصاقُ في المسجد خطيئةٌ))، وإما في ثوبه، فيبصق في ثوبه ويحك بعضه ببعض.

وفي هذا الحديث دليلٌ على أن النخامة ليست نجسة؛ لأن النبي صل الله عليه وسلم أمر أن يبصق المصلِّي تحت قدمه أو في ثوبه، ولو كانت نجسة ما أذن له أن يبصق في ثوبه، وفيه التعليم بالفعل؛ لقول النبي صل الله عليه وسلم: ((أو يقول هكذا، وبصق في ثوبه وحك بعضه ببعض))، وفيه أيضًا إطلاق القول على الفعل في قوله: ((أو يقول هكذا)) وهو يريد الفعل.

وفيه أيضًا: أن الإنسان لا حرج عليه أن يبصق أمام الناس، ولا سيما إذا كان للتعليم.

وفيه أن من المروءة ألا يُرى في ثوبك شيءٌ يستقذره الناس؛ لأنه حكَّ بعضها ببعض؛ لئلا تبقى صورتها في ثوبك، فإذا رآها الناس تأذَّوا منه وكرهوه، فالإنسان ينبغي أن يكون نظيفًا في مظهره وفي ثيابه وفي غير ثيابه؛ حتى لا يتقزر الناس مما يشاهدونه منه.

والشاهد من هذا أن الرسول صل الله عليه وسلم تأثَّر وعُرِف في وجهه الكراهيةُ، لما رأى النخامة في قِبلة المسجد، والله الموفق.

المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 622- 625).
§§§§§§§§§§§§§§§
رد مع اقتباس