عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 2013-03-02, 05:29 PM
أبو-ذر-الغفارى أبو-ذر-الغفارى غير متواجد حالياً
محـــاور
 
تاريخ التسجيل: 2011-10-27
المشاركات: 267
افتراضي

قبل أن أبدأ أود أن اقول أن استشهادكم بكلام الشيخ بن عثيمين أو بن باز يعد تدليسا لانهم رجعوا عن ذلك فإما أن تعتبروهم من مرجئة العصر كما يصرح فعلا بعض القائلين بهذا القول الباطل وإما ألا تستشهدوا بكلامهم

الفتوى المتأخرة لابن عثيمين رحمه الله في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله
.. والتي سُمِّيت بـ : « التحرير في مسألة التكفير »

السؤال() :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك
له ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله ، أما بعد ؛ فهذا السؤال أقدمه عبر الهاتف ، وعبر تسجيله في الهاتف أيضاً لفضيلة الوالد الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين حفظه الله ، ومتع به ، وجعل فيه وفي أمثاله العوض عن سماحة الوالد رحمة الله عليه .

وهذا السؤال حول مسألة كثر فيها النزاع بين طلبة العلم ، وكثر بها – أيضاً – الاستدلال من بعض كلمات لفضيلة الوالد العلامة محمد بن صالح العثيمين حفظه الله تعالى ، أولاً أقول للشيخ : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وزادكم الله علماً ، ورفع قدركم في الدنيا وفي الآخرة .

فضيلة الشيخ سلمكم الله : هنا كثير من طلبة العلم يدندنون حول الحاكم الذي يأتي بشريعة مخالفة لشريعة الله عز وجل ، ولا شك أنه يأمر الناس بها ويلزمهم بها ، وقد يعاقب المخالف عليها و يكافئ أو يجازي بالخير وبالعطاء الملتزم بها ، وهذه الشريعة
في كتاب الله وفي سنة نبيه عليه الصلاة والسلام تعتبر مخالفة ومصادمة لنصوص الكتاب والسنة ، هذه الشريعة إذا ألزم هذا الحاكم بها الناس ومع أنه يعترف أن حكم الله
هو الحق وما دونه هو الباطل وأن الحق ما جاء في الكتاب والسنة ، ولكنه لشبهة
أو لشهوة جرى إلزام الناس بهذه الشريعة ، كما وقع مثل ذلك كثيراً في بني أمية وفي بني العباس وفي أمراء الجور الذين ألزموا الناس بأمور لا تخفى على مثلكم بل لا تخفى على كثير من الناس عندما ألزموا الناس بما لا يرضي الله عز وجل كالأمور الوراثية وجعلوا الملك عاضّاً بينهم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وقربوا شرار الناس وأبعدوا خيارهم وكان من يوافقهم على ما هم فيه من الباطل قربوه ومن يأمرهم وينهاهم ربما
حاربوه .. إلى آخره .

فلو أن الحاكم في هذا الزمان فعل مثل هذه الشريعة ؛ هل يكون كافراً بهذه الشريعة إذا ألزم الناس بها ؟ مع#اعترافه أن هذا مخالف للكتاب والسنة ، وأن الحق في الكتاب والسنة ؛ هل يكون بمجرد فعله هذا كافراً ؟ أم لا بد أن يُنظر إلى اعتقاده بهذه المسالة ؟ كمن – مثلاً – يلزم الناس بالربا ، كمن يفتح البنوك الربوية في بلاده ، ويأخذ من البنك الدولي – كما يقولون – قروضاً ربوية ، ويحاول أن يؤقلم اقتصادها على مثل هذا
الشيء ، ولو سـألته قـال : ( الربـا حــرام ، ولا يجـوز ) ، لكـنْ لأزمة اقتصادية ،
أو لغير ذلك ، يعتذر مثل هذه الاعتذارات ، وقد تكون الاعتذارات مقبولة ، وقد
لا تكون ، فهل يكفر بمثل ذلك ؟ أم لا ؟ ..

ومع العلم أن كثيراً من الشباب ينقلون عن فضيلتكم أنكم تقولون أن من فعل ذلك يكون كافراً ، ونحن نلاحظ في بلاد الدنيا كلها أن هذا شيء موجود ؛ بين مُقلّ ومستكثر ، وبين مصرح وغير مصرح ، نسأل الله العفو والعافية .. نريد من فضيلتكم الجواب على ذلك عسى أن ينفع الله سبحانه وتعالى به طلاب العلم ، وينفع الله
عز وجل به الدعاة إلى الله عز وجل ؛ لأنه لا يخفى عليكم أن الخلاف كم يؤثر
في صفوف الدعوة إلى الله عز وجل .

هذا ؛ وأني لأنقل لفضيلتكم محبـة أبنائكم وطلابكم طلبـة العلم في هذه البـلاد ، ورغبتهم أيضاً في سماع صوتكم ، وتوجيهاتكم ، ونصائحكم ؛ سواء عبر الهاتف
أو غير ذلك . والله سبحانه وتعالى المسؤول أن يتقبل من الجميع صالح الأعمال .

مُقدّم هذا السؤال لفضيلتكم : ابنكم وطالبكم أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني من#مأرب باليمن في يوم الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ألف وأربعمائة وعشرين من الهجرة ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الجواب :

[ مُقدمة ]
« الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينـا محمـد وعـلى آلـه و أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد ..

[ تأريخ الفتوى ]
ففي هذا اليوم الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول عام عشرين وأربعمائة وألف ؛ استمعت إلى شريط مسجل باسم أخينا أبى الحسن في مأرب ، ابتدأه بالسلام عليَّ فأقول : عليك السلام ورحمة الله وبركاته .

[ خطر التكفير ]
وما ذكره من جهة التكفير ؛ فهي مسألة كبيرة ، عظيمة ، ولا ينبغي إطلاق القول فيها إلا مع طالب علم يفهم#ويعرف الكلمات بمعانيها ، ويعرف العواقب التي تترتب على القول بالتكفير أو عدمه ، أما عامة الناس ؛ فإن إطلاق القول بالتكفير أو عدمه في مثل هذه الأمور يحصل فيه مفاسد .

[ نصيحة قيمة ]
والذي أرى أولاً ألّا يشتغل الشباب بهذه#المسألة ، وهل الحاكم كافر ؟ أو غير كافر ؟ وهل يجوز أن نخرج عليه ؟ أو لا يجوز ؟ .. على الشباب أن يهتموا بعباداتهم التي أوجبها الله عليهم ، أو ندبهم إليها ، وأن يتركوا ما نهاهم الله عنه كراهة أو تحريماً ، وأن يحرصوا على التآلف بينهم ، والاتفاق ، وأن يعلموا أن الخلاف في مسائل الدين والعلم قد جرى في عهد الصحابة رضي الله عنهم ولكنه لم يُؤدّ إلى الفرقة ، وإنما القلوب واحدة ، والمنهج واحد .

[ التفصيل في المسألة ]
أما فيما يتعلق بالحكم بغير ما أنزل الله : فهو كما في الكتاب العزيز ينقسم إلى ثلاثة
أقسام : كفر ، وظلم ، وفسق ؛ على حسب الأسباب التي بُنيَ عليها هذا الحكم .
فإذا كان الرجل يحكم بغير ما أنزل الله تبعاً لهواه مع علمه بأن الحق فيما قضى الله به : فهذا لا يكفر لكنه بين فاسق وظالم#.


وأما إذا كان يَشْرَع حكماً عاماً تمشي عليه الأمة ، يرى أن ذلك من المصلحة ، وقد لُبِّس عليه فيه : فلا يكفر أيضاً ؛ لأن كثيراً من الحكام عندهم جهل في علم الشريعة ، ويتصل بهم من لا يعرف الحكم الشرعي ، وهم يرونه عالماً كبيراً فيحصل بذلك المخالفة .

وإذا كان يعلم الشرعَ ولكنه حكم بهذا ، أو شَرَع هذا ، وجعله دستوراً يمشي الناس عليه ؛ يَعتقد أنه ظالم في ذلك ، وأن الحق فيما جاء به الكتاب والسنة : فإننا لا نستطيع
أن نكفِّر هذا .

وإنما نكفِّر : من يرى أن حكم غير الله أولى أن يكون الناس عليه ، أو مثل حكم الله
عز وجل ؛ فإن هذا كافر ؛ لأنه مكذب لقول الله تبارك وتعالى : ﴿أليس الله بأحكم الحاكمين ﴾ [ التين 8 ] ، وقوله : ﴿أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنونƒ ﴾ [ المائدة 50 ] .

[ لا تلازم بين التكفير والخروج ]
ثم هذه المسائل ؛ لا يعني أننا إذا كفرنا أحداً فإنه يجب الخروج عليه ؛ لأن الخروج يترتب عليه مفاسد عظيمة أكبر من السكوت ، ولا نستطيع الآن أن نضرب أمثالاً فيما وقع في الأمة العربية وغير العربية .

[ من شروط الخروج على الكافر ]
وإنما إذا تحققنا جواز الخروج عليه شرعاً فإنه لابد من استعداد وقوة تكون مثل قوة الحاكم أو أعظم .

[ الخروج مع عدم القدرة : سفه ]
وأما أن يخرج الناس عليه بالسكاكين والرماح ومعه القنابل والدبابات وما أشبه هذا ؛ فإن هذا من السفه بلا شك وهو مخالف للشرع » انتهت الفتوى .

وهذه فتاوى الشيخ ابن باز فيما يخص تحكيم القوانين الوضعية والتي ابتليت بها الأمة الإسلامية.

فإلى الفتوى الأولى:

سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز– رحمه الله -: هل تبديل القوانين يعتبر كفراً مخرجاً من الملة؟
الجواب: (إذا استباحها، فحكم بقانون غير الشريعة، يكون كافراً كفراً أكبر، أما إذا فعل ذلك لأسباب خاصة كان عاصياً لله من أجل الرشوة، أو من أجل إرضاء فلان، وهو يعلم أنه محرّم يكون كفراً دون كفر، أما إذا فعله مستحلاً له، يكون كفراً أكبر، كما قال ابن عباس في قوله: وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ[1]، وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[2]، وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[3]، قال: ليس مثل من كفر بالله، لكنه كفر دون كفر.إلاَّ إذا استحل الحكم بالقانون أو استحل الحكم بكذا أو كذا غير الشريعة يكون كافراً، أما إذا فعله لرشوة أو لعداوة بينه وبين المحكوم عليه، أو لأجل إرضاء بعض الشعب، أو ما أشبه ذلك، هذا يكون كفراً دون كفر).اهـ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (28/271-272)و(28/147-148)
http://www.imambinbaz.org/mat/4138
وسئل أيضاً : هل فيه فرق بين التبديل ككل والحكم في قضية واحدة ؟
الجواب: (إن كان لم يقصد بذلك الاستحلال، وإنما حكم بذلك لأجل أسباب أخرى يكون كفراً دون كفر، أما إذا قال: يباح لا حرج في الحكم بغير ما أنزل الله، وإن قال الشريعة أفضل، لكن إذا قال: ما فيه حرج مباح يكفر بذلك كفراً أكبر، سواء قال: إن الشريعة أفضل أو مساوية، أو رآه أفضل من الشريعة، كله كفر، نسأل الله العافية يعني في جميع الصور، لكن يجب منع ذلك وهو كفر دون كفر، يجب أن يمنع ولو قال: إني ما استحللته، ولو قال: إن بيني وبين فلان عداوة أو رشوة، يجب أن يمنع، ما يجوز لأحد أن يحكم بغير ما أنزل الله، مطلقاً، ولو بينه وبين المحكوم عليه عداوة، أو لأسباب أخرى، يجب على ولي الأمر أن يمنع من ذلك، وأن يحكم بشرع الله.)اهـ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (28/148-149)
وسئل- رحمه الله - أيضاً : ما تفسير قول الحق تبارك وتعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ )[المائدة:44]، وهل مقولة ابن عباس كفر دون كفر تنطبق على من يُنَحي الشريعة بأكملها أو يعطلها، أم أنه كفر ومخرج من الملة؟
الجواب (المعروف عند أهل العلم كما قال ابن عباس، أنه كفر دون كفر إذا كان يعتقد أن حكم الله هو الواجب، وأن الحكم بغير ما أنزل الله لا يجوز، ولكن حكم بغير ما أنزل الله لأسبابٍ أخرى، فإنه حينئذٍ يكون فاسقاً وظالماً وكافراً، لكنه ظلم دون ظلم، وفسق دون فسق وكفر دون كفر، لأنه يعلم أنه ظالم، وأنه مخطئ وأنه عاص لله، ولكن حمله الحكم بغير ما أنزل الله أسباب اعتقد أنها مبررة لعمله السيء، كأخذ الرشوة، وجوده في الإمارة والسلطنة وما أشبه ذلك فهذا كفر دون كفر وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق، أما من حكم بغير ما أنزل الله يعتقد جواز ذلك أو أنه أفضل من حكم الله، فهذا كافر كفراً أكبر، بعض الناس نعوذ بالله يعتقد أن الحكم بما أنزل الله مضى زمانه وأنه لا يليق بهذا الزمان وهذا من أعظم الكفر نسأل الله العافية، كذلك لو اعتقد أنه يسوغ أو أنه مفضول ولكن يسوغ تقول له حكم الله أفضل كل هذا كفر. لا بد أن يعتقد أن حكم الله هو الواجب وهو اللازم وأن الحكم بغير ما أنزل الله يجب تركه، وأنه منكر، فأما إذا استساغ وجوز ولو رأى أن الشريعة أفضل منه فإنه يكون كافراً، نسأل الله العافية).اهـ http://www.imambinbaz.org/audio/noor/065107.mp3
http://www.binbaz.org.sa/mat/19322
http://www.imambinbaz.org/mat/19322

وقال ابن باز رحمه الله عمن لا يحكم شرع الله : « لو ادعى أنه لا يستحله فنأخذ بظاهر كلامه ولا نحكم بكفره » ( علقته من مجلس سماحته ، شرح الباب الثالث من كتاب الإيمان
من « صحيح البخاري » ، بتأريخ 27/7/1417 هـ ، بقراءة الشيخ عبد العزيز السدحان وفقه الله
حكم من درس القوانين الوضعية أو تولى تدريسها

من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم فضيلة الشيخ أحمد بن ناصر بن غنيم زاده الله من العلم والإيمان وجعله مباركاً أينما كان آمين، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ 3/5/1397هـ وصلكم الله بهداه ولم يقدر الله اطلاعي عليه إلا منذ خمسة أيام أو ستة، وقد فهمت ما تضمنه من السؤال عن حكم من درس القوانين الوضعية أو تولى تدريسها هل يكفر بذلك أو يفسق؟ وهل تصح الصلاة خلفه؟
لا ريب أن الله سبحانه أوجب على عباده الحكم بشريعته والتحاكم إليها، وحذر من التحاكم إلى غيرها، وأخبر أنه من صفة المنافقين، كما أخبر أن كل حكم سوى حكمه سبحانه فهو من حكم الجاهلية، وبين عز وجل أنه لا أحسن من حكمه، وأقسم عز وجل أن العباد لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله صلى الله عليه وسلم فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً من حكمه بل يسلموا له تسليماً، كما أخبر سبحانه في سورة المائدة أن الحكم بغير ما أنزل كفر وظلم وفسق، كل هذه الأمور التي ذكرنا قد أوضح الله أدلتها في كتابه الكريم، أما الدارسون للقوانين والقائمون بتدريسها فهم أقسام:
القسم الأول: من درسها أو تولى تدريسها؛ ليعرف حقيقتها، أو ليعرف فضل أحكام الشريعة عليها، أو ليستفيد منها فيما لا يخالف الشرع المطهر، أو ليفيد غيره في ذلك فهذا لا حرج عليه فيما يظهر لي من الشرع، بل قد يكون مأجوراً ومشكوراً إذا أراد بيان عيوبها، وإظهار فضل أحكام الشريعة عليها، والصلاة خلف هذا القسم لا شك في صحتها، وأصحاب هذا القسم حكمهم حكم من درس أحكام الربا وأنواع الخمر وأنواع القمار ونحوها كالعقائد الفاسدة، أو تولى تدريسها ليعرفها ويعرف حكم الله فيها ويفيد غيره، مع إيمانه بتحريمها كإيمان القسم السابق بتحريم الحكم بالقوانين الوضعية المخالفة لشرع الله عز وجل، وليس حكمه حكم من تعلم السحر أو علمه غيره؛ لأن السحر محرم لذاته؛ لما فيه من الشرك وعبادة الجن من دون الله، فالذي يتعلمه أو يعلمه غيره لا يتوصل إليه إلا بذلك أي بالشرك، بخلاف من يتعلم القوانين ويعلمها غيره لا للحكم بها ولا باعتقاد حلها ولكن لغرض مباح أو شرعي كما تقدم.
القسم الثاني: من يدرس القوانين أو يتولى تدريسها ليحكم بها أو ليعين غيره على ذلك مع إيمانه بتحريم الحكم بغير ما أنزل الله، ولكن حمله الهوى أو حب المال على ذلك فأصحاب هذا القسم لا شك فساق وفيهم كفر وظلم وفسق لكنه كفر أصغر وظلم أصغر وفسق أصغر، لا يخرجون به من دائرة الإسلام، وهذا القول هو المعروف بين أهل العلم، وهو قول ابن عباس وطاووس وعطاء ومجاهد وجمع من السلف والخلف، كما ذكر الحافظ ابن كثير والبغوي والقرطبي وغيرهم، وذكر معناه العلامة ابن القيم رحمه الله في كتاب "الصلاة" وللشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله رسالة جيدة في هذه المسألة مطبوعة في المجلد الثالث من مجموعة "الرسائل الأولى". ولا شك أن أصحاب هذا القسم على خطر عظيم ويخشى عليهم من الوقوع في الردة ... والمعلمون للنظم الوضعية والمتعلمون لها يشبهون من يتعلمون أنواع الربا وأنواع الخمر والقمار، أو يعلمونها غيرهم لشهوة في أنفسهم، أو لطمع في المال مع أنهم لا يستحلون ذلك، بل يعلمون أن المعاملات الربوية كلها حرام، كما يعلمون أن شرب المسكر حرام والمقامرة حرام، ولكن لضعف إيمانهم وغلبة الهوى أو الطمع في المال لم يمنعهم اعتقادهم التحريم من مباشرة هذه المنكرات، وهم عند أهل السنة لا يكفرون بتعاطيهم ما ذكر ما داموا لا يستحلون ذلك كما سبق بيان ذلك.
القسم الثالث: من يدرس القوانين أو يتولى تدريسها مستحلاً للحكم بها، سواء اعتقد أن الشريعة أفضل أم لم يعتقد ذلك، فهذا القسم كافر بإجماع المسلمين كفراً أكبر؛ لأنه باستحلاله الحكم بالقوانين الوضعية المخالفة لشريعة الله يكون مستحلاً لما علم من الدين، بل لضرورة أنه محرم، فيكون في حكم من استحل الزنا والخمر ونحوهما؛ ولأنه بهذا الاستحلال يكون قد كذب الله ورسوله وعاند الكتاب والسنة، وقد أجمع علماء الإسلام على كفر من استحل ما حرمه الله، أو حرم ما أحله الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة، ومن تأمل كلام العلماء في جميع المذاهب الأربعة في باب حكم المرتد اتضح له ما ذكرنا.
ولا شك أن الطلبة الذين يدرسون بعض القوانين الوضعية أو المدخل إليها في معهد القضاء أو في معهد الإدارة لا يقصدون بذلك أن يحكموا بما خالف شرع الله منها، وإنما أرادوا أو أريد منهم أن يعرفوها ويقارنوا بينها وبين أحكام الشريعة الإسلامية؛ ليعرفوا بذلك فضل أحكام الشريعة على أحكام القوانين الوضعية، وقد يستفيدون من هذه الدراسة فوائد أخرى تعينهم على المزيد من التفقه في الشريعة والاطمئنان إلى عدالتها، ولو فرضنا أنه قد يوجد من بينهم من يقصد بتعلمها الحكم بها بدلاً من الشريعة الإسلامية ويستبيح ذلك لم يجز أن يحكم على الباقين بحكمه؟ لأن الله سبحانه يقول: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى[1]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يجني جان إلا على نفسه)).مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (2/326-330).
http://www.binbaz.org.sa/mat/2497
___________________________

وسئل: ما حكم سن القوانين الوضعية؟ وهل يجوز العمل بها؟ وهل يكفر الحاكم بسنة هذه القوانين؟
الجواب: ( إذا كان القانون يوافق الشرع فلا بأس به مثل أن يسن قانونا للطرق ينفع المسلمين وغير ذلك من الأشياء التي تنفع المسلمين وليس فيها مخالفة للشرع ولكن لتسهيل أمور المسلمين فلا بأس بها. أما القوانين التي تخالف الشرع فلا يجوز سنها فإذا سن قانونا يتضمن أنه لا حد على الزاني أو لا حد على السارق أو لا حد على شارب الخمر فهذا قانون باطل وإذا استحله الوالي كفر لكونه استحل ما يخالف النص والإجماع وهكذا كل من استحل ما حرم الله من المحرمات المجمع عليها فهو يكفر بذلك.
سؤال: كيف نتعامل مع هذا الوالي؟
الجواب: نطيعه في المعروف وليس في المعصية حتى يأتي الله بالبديل). اهـ. مجموع فتاوى و مقالات متنوعة (7/128)
http://www.imambinbaz.org/mat/8371
وسئل - رحمه الله - أيضاً : سماحة الشيخ – لو سمحت – الحكام الذين لا يطبقون شرع الله في بلاد الله هل هؤلاء كفار على الإطلاق مع أنهم يعلمون بذلك وهل هؤلاء لا يجوز الخروج عليهم وهل موالاتهم للمشركين والكفـار في مشارق الأرض ومغاربها يكفرهم بذلك؟[1]
الجواب : ( هذا فيه تفصيل عند أهل العلم، وعليهم أن يناصحوهم ويوجهوهم إلى الخير ويعلموهم ما ينفعهم ويدعوهم إلى طاعة الله وطاعة رسوله وإلى تحكيم الشريعة وعليهم المناصحة؛ لأن الخروج يسبب الفتن والبلاء وسفك الدماء بغير حق، ولكن على العلماء والأخيار أن يناصحوا ولاة الأمور ويوجهوهم إلى الخير ويدعوهم إلى تحكيم شريعة الله لعل الله يهديهم بأسباب ذلك، والحاكم بغير ما أنزل الله يختلف، فقد يحكم بغير ما أنزل الله ويعتقد أنه يجوز له ذلك، أو أنه أفضل من حكم الله، أو أنه مساوٍ لحكم الله، هذا كفر، وقد يحكم وهو يعرف أنه عاص ولكنه يحكم لأجل أسباب كثيرة؛ إما رشوة، وإلا لأن الجند الذي عنده يطيعونه أو لأسباب أخرى هذا ما يكفر بذلك مثل ما قال ابن عباس: كفر دون كفر وظلم دون ظلم. أما إذا استحل ذلك ورأى أنه يجوز الحكم بالقوانين وأنها أفضل من حكم الله أو مثل حكم الله أو أنها جائزة، يكون عمله هذا ردة عن الإسلام حتى لو كان ليس بحاكم، حتى لو هو من أحد أفراد الناس.
لو قلت إنه يجوز الحكم بغير ما أنزل الله فقد كفرت بذلك، ولو أنك ما أنت بحاكم، ولو أنك ما أنت الرئيس.
الخروج على الحكم محل نظر فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان))[2] وهذا لا يكون إلا إذا وجدت أمة قوة تستطيع إزالة الحكم الباطل. أما خروج الأفراد والناس العامة الذين يفسدون ولا يصلحون فلا يجوز خروجهم، هذا يضرون به الناس ولا ينفعونهم.)اهـ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (28/269-271)
http://www.binbaz.org.sa/mat/4178




http://www.youtube.com/watch?feature...&v=rAWCr3Qg66M
__________________
 
مجموعة ورينا نفسك على الفيسبوك
رد مع اقتباس