عرض مشاركة واحدة
  #122  
قديم 2010-10-20, 12:38 AM
صابر عباس صابر عباس غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2009-03-20
المشاركات: 431
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

مع الجزء السابع و العشرون
(1)

وبعض أيات من سورة الذاريات

تطالعنا الآيات في هذا الجزء على الهمة في طلب التقرب إلى الله , " ففروا إلى الله " وفي نهاية الجزء يطلب منا ربنا أن نتسابق في طلب المغفرة " سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ...

والفرار لا يتأتى إلا من شئ هالك زائل إلى رحاب الأمن والأمان والخلود والسعادة الأبدية.


فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ – 50 وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ – 51 كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ – 52 أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ - 53
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنتَ بِمَلُومٍ - 54 وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ - 55

فأعباء الحياة تكبل الإنسان وتقعده عن المضي في تزكية نفسه من الأوزار والغفلة والمعاصي , فجاء النداء العلوي للإنسان يستفيقه من هذه الغفلة.... فالعمر يمضي سريعا , والأيام بل الشهور بل الأعوام تتسارع كانها البرق وكلنا يشعر بهذا وكأنها علامات الساعة...

الفرار إلى الله وحده منزها عن كل شريك . وتذكير الناس بانقطاع الحجة وسقوط العذر: ( إني لكم منه نذير مبين ).
ويقابل الكافرون هذه الدعوة بالسخرية والإفتراء منذ بدأت الرسالات إلى يومنا هذا..
والنتيجة الطبيعية التي تترتب على هذا الموقف المتكرر , الذي كأنما تواصى به الطاغون على مدار القرون , ألا يحفل الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] تكذيب المشركين . فهو غير ملوم على ضلالهم , ولا مقصر في هدايتهم وكذلك الدعاة في كل زمان : ( فتول عنهم فما أنت بملوم ). . إنما هو مذكر , فعليه أن يذكر , وأن يمضي في التذكير , مهما أعرض المعرضون وكذب المكذبون : ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ). . ولا تنفع غيرهم من الجاحدين . والتذكير هو وظيفة الرسل والدعاة والعلماء ورثة الأنبياء . والهدى والضلال خارجان عن هذه الوظيفة , والأمر فيهما إلى الله وحده . الذي خلق الناس لأمر يريده....

******


وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ - 56 مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ - 57 إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ - 58 فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ - 59 فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ -60

وتستقيم الحياة مع هذا الفهم الصحيح لحياة الإنسان ..أن تسير وفق القانون الذي وضعه الله تعالى للكون .والعبادة لله تعالى تعني عدم الشذوذ عن الفطرة السليمة للإنسان. كما تعني القيام بالدور المنوط به الإنسان على هذه الأرض ...قال تعالى: : ( وإذ قال ربك للملائكة:إني جاعل في الأرض خليفة ) 30 البقرة. . فهي الخلافة في الأرض إذن عمل هذا الكائن الإنساني . وهي تقتضي ألوانا من النشاط الحيوي في عمارة الأرض , والتعرف إلى قواها وطاقاتها , وذخائرها ومكنوناتها , وتحقق إرادة الله في استخدامها وتنميتها وترقية الحياة فيها . كما تقتضي الخلافة القيام على شريعة الله في الأرض لتحقيق المنهج الإلهي الذي يتناسق مع الناموس الكوني العام.
هذا هو مفهوم العبادة الشامل لكل جوانب الحياة وليس منصب فقط في أداء الشعائر. فشعائر الإسلام الممثلة في الصلاة والزكاة والصوم والحج لا تشغل كل حياة الإنسان. والمطلوب في الآية كل حياة الإنسان أن تكون عبادة أي تسير وفق سنة الله تعالى في الكون ورسالته التي أرسلها لتحقق العدل والحرية والكرامة للإنسان على وجه الأرض.

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ.

*******

وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
رد مع اقتباس