عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 2007-08-14, 12:14 AM
مجاهد مجاهد غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: 2007-07-23
المشاركات: 141
افتراضي


المبحث الثالث
الجذور التاريخية لمنكري السنة وأشهر طوائفهم

إن تاريخ منكري سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكاد يقرن بتاريخ منكري رسالته - صلى الله عليه وسلم -، فالكفر بسنته - عليه الصلاة والسلام - هو قرين الكفر برسالته - فهما أمران متقاربان زماناً متساوقان منزلة، ويكادان يكونان متماثلين حكماً، ولا يختلفان إلا باعتبار أن ثمة كفراً دون كفر، وإلا فإنكار سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجحدها كفر، كما أن إنكار رسالته كفر ..

ومن المسلم به أنه لم يخل زمان من الأمرين جميعاً كذلك، فكما أنه لم يخل زمان من منكري رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكذلك لم يخل زمان من منكري سنته - صلى الله عليه وسلم - مع زعمهم بأنهم مسلمون مؤمنون برسالته، والأخيرة هذه هي مثار العجب، إذ كيف يكونون مؤمنين برسالته - صلى الله عليه وسلم - ثم ينكرون سنته، ويرفضون اتباعه، ويصرون على عدم الأخذ عنه، والاحتكام إليه، والتسليم له ويقبلون على مخالفته في كل ما قال وفعل وأقر، فيقولون ما لم يقل، ويفعلون ما لم يفعل، ويرفضون ما أقره ورضي به.

ولقد بدأت مسيرة إنكار السنة والشغب عليها على هيئة فردية في حالات نادرة لا اعتبار بها......

أما إنكار السنة على هيئة مؤثرة، وعلى أيدي طوائف لها ذكرها في التاريخ ؛ فقد بدأت على أيدي الخوارج والشيعة، ثم انضم إليهم طوائف من المتكلمين وبخاصة من المعتزلة الذين انتسب إليهم كثير من الزنادقة والفاسقين عن الملة، كالنظّام الذي كان " شاطراً من الشطار، يغدو على سكر ويروح على سكر ويبيت على جرائرها، ويدخل في الأدناس والفواحش، وهو القائل:

ما زلت آخذ روح الزق في لطف حتى انثنيت ولي روحان في جسـدي
وأستبيح دما من غير مجروح والزق مطرَح جسما بلا روح

أما الشيعة والخوارج فكلتا الطائفتين شغبت على السنة النبوية المطهرة وأنكرتها، لكن الشيعة لم يقبلوا من سنة النبي – صلى الله عليه وسلم – إلا القليل الذي نُقل إليهم عن طريق من يدين بعقيدتهم في الإمامة ويشايع آل البيت – فيما يزعمون – ولو أننا عرفنا أنهم لم يوالوا من الصحابة – رضوان الله عليهم – إلا بضعة عشر صحابياً هم فقط الذين رضي عنهم الشيعة وأخذوا عنهم، لأدركنا ذلك القدر الضئيل من سنة النبي –صلى الله عليه وسلم-الذي قبله الشيعة (الرافضة) وعملوا به، وذلك الكم الهائل من السنة النبوية التي رفضوها وأنكروها لأنها أتت عن جمهرة الصحابة الذين لا يرضى عنهم الشيعة، فالشيعة – إذن – رفضوا السنة لأنهم طعنوا في عدالة الصحابة – رضوان الله عليهم – لأنهم بايعوا أبا بكر – رضي الله عنه – خليفة لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولم يبايعوا عليا الذي كان هو الخليفة من وجهة أنظار الشيعة، والشيعة منهم معتدل وغال.

فالمعتدلون فسقوا الصحابة – رضي الله عنهم – والغالون كفروهم – عياذاً بالله – ولم يستثن الشيعة من ذلك سوى عدد يزيد قليلاً على أصابع اليدين .. على أن الشيعة (الرافضة) أضافوا إلى إنكارهم السنة - على الوضع الذي ذكرناه - إضافة جديدة جعل جرمهم في هذا الباب مضاعفاً، ذلك أنهم لم يكتفوا بإنكار الحديث ورفض السنة، وإنما لجأوا إلى وَضع ما أسموه أحاديث، ونسبوها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فألَّفوا كلاماً على هيئة أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - في تعظيم أئمتهم، وتأكيد نحلتهم، وتأصيل معتقدهم، وأيضاً في ذم مخالفيهم وعقائدهم.

وقد كان لهذه الأحاديث المزعومة الموضوعة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دور أصيل في حجية التشريع وأصول الدين عندهم.


آخر تعديل بواسطة مجاهد ، 2007-08-14 الساعة 12:19 AM
رد مع اقتباس