عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 2013-06-06, 03:31 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

[إثبات الحياة والقيومية لله تعالى]

قال رحمه الله : (حيٌ لا يموت، قيوم لا ينام ).

يقول رحمه الله ـ في ذكر بعض أسماء الرب وصفاته وتنزيهه عن ما يضادها ـ (حيٌ) أي: نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله (حيٌ لا يموت، قيومٌ لا ينام) الحي القيوم اسمان من أسمائه الحسنى التي سمى بها نفسه.

فأما (الحي) فقد ورد في مواضع كثيرة في القرآن، وأما (القيوم) فقد ورد في ثلاثة مواضع مقرونا بالحي: في آية الكرسي، وأول سورة آل عمران، وفي سورة طه (( وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ )) حتى قيل: إنهما (الاسم الأعظم). [عن أبي أمامة t: عن النبي r قال : « إن اسم الله الأعظم لفي ثلاث سور من القرآن في سورة البقرة، و آل عمران، و طه» رواه ابن ماجه (3856)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار 1/162، والطبراني في الكبير (7758)، والحاكم 1/505و506. ]


وأما الحي فقد ورد غير مقرون بهذا الاسم (( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ )) {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فمن أسمائه الحسنى أنه الحي القيوم، واسمه الحي يدل على إثبات الحياة له، فهو الحي والحياة صفته، فله الحياة التامة التي لا تشبه حياة المخلوق، الحياة المتضمنة لكل ما هو كمال للحياة، وهو القيوم، وقيل في معناه [تفسير الطبري 4/529، والكافية الشافية ص182]: أنه القائم بنفسه، فليس مفتقرًا إلى غيره في وجوده، ولا في شيء من صفاته وأفعاله سبحانه وتعالى، وقيل: بأنه القائم بالمخلوقات[تفسير الطبري 4/529، والكافية الشافية ص182]، فكل المخلوقات لا قيام لها، ولا وجود لها، ولا بقاء لها، ولا صلاح لها أبدًا إلا به سبحانه، فهو المبدع الخالق لها ، وهو الممد لها بما تحتاج، وهو المبقي لما شاء بقاءه، وهو القائم على كل نفس بما كسبت.

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: إن هذين الاسمين يتضمنان جميع الصفات، فاسمه الحي يتضمن جميع الصفات الذاتية من: العلم، والسمع، والبصر، والقدرة والعزة، والحكمة، والرحمة.

واسمه القيوم يتضمن جميع الصفات الفعلية من: الخلق، والتدبير، والإحياء، والإماتة، والإعزاز والإذلال، والعطاء والمنع، والخفض والرفع. معنى كلامه. [بدائع الفوائد 2/678، والكافية الشافية ص44-45]

والله تعالى لما ذكر هذين الاسمين أكد مضمونهما بقول: (( لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ )).

فنفي السنة والنوم عن الله يتضمن ويؤكد كمال الحياة والقيومية؛ لأن النوم أخو الموت، والسِنة التي هي مبادئ النوم نقص، وأكد ذلك في آية أخرى (( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ )) فأثبت لنفسه الحياة، ونفى عنه كل ما يضاد الحياة.

يقول المؤلف: (حيٌ لا يموت، قيوم لا ينام) وهذا تفريق منه حين ربط نفي الموت بإثبات الحياة، ونفي النوم بإثبات القيومية، وإلا فالله تعالى ربط نفي النوم بالاسمين جميعا فقال: (( لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ )) ؛ لأن النوم ينافي كمال الاسمين، والصواب أن نقول: إنه تعالى حيٌ لا يموت، ولا ينام، ولا تأخذه سنةٌ ولا نوم، فالموت والسنة والنوم كلها تنافي هذين الاسمين.
رد مع اقتباس