[ايوب نصر]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان لكل فن من الفنون و علم من العلوم منهج يلتزم به اصحاب ذلك العلم او الفن ، و عندما يريد احد من اهل العلم و التحقيق تقييد تعريف او استخراج مفهوم خاص بامر من الامور التي تخص ذلك العلم ، فانه يتبع طرق اصحاب ذلك العلم حتى يخلص في النهاية الى مراده .
فانه _ و مثلا _ لمعرفة المنهج المتبع من طرف مفسر معين فاننا ندرس تفسيره من اوله الى اخره حتى يتبين لنا منهجه ، و لا ينحصر الامر على دراسة تفسيره لاية او سورة ، كما ان اهل الاستنباط و النظر لا ينطقون بحكم في مسالة معينة الا بعد الاحاطة بجميع النصوص التي لها علاقة بتلك المسالة ، و هذه امور لا تخفى على شاد مبتدئ فضلا على من تصدر للتدريس و لتقييد المناهج .

و حتى في علم المصطلح فانه اذا توفرت لدينا مجموعة من الاحاديث ، و جاء حديث واحد يعارضها فاننا لا نمر للجمع بينهم و وضع كل حديث منهم في موضعه المناسب له الا اذا تساوت الطرق و الا فانه يحكم عليه بالشذوذ ، و ينزل عن مرتبة الصحة الى مرتبة الضعف .
فهذه امثلة بسيطة لبيان كيف يتم التوصل الى معرفة منهج شخص او حكم في مسالة ، و قد حاد عن هذه القاعدة من زعم ان شيخ الاسلام _ رحمة الله عليه _ يقول بالموازنات معتمدا على قولين او ثلاثة متجاهلا مئات المصنفات التي كتبها رحمه الله ولم نرى فيها ما يمت لهذا المنهج الباطل المبتدع لا من قريب و لا من بعيد .

فالذي يريد ان يقول ان شيخ الاسلام يوازن فعليه تتبع جميع كتبه حتى يتمكن من الوقوف على منهجه ، و اما ان ياتي بقولين او ثلاثة من عشرات بل مئات الكتب _ و التي لا نرى فيها الا ما يخالف هذا المنهج و يعارضه _ و نقول انه من منهجه الموازنات فان هذا هو الجهل بعينه .
و مثل هؤلاء في فعلهم كالذي يتمسك بالحديث الشاذ فيكون بذلك يكذب على رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ ، و عليه ان يأخذ بقصة الرجل الذي تبول في المسجد ، و منع رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ اصحابه ان يؤذوه ، و يعتبر هذا حكما وجب العمل به دون النظر في باقي النصوص التي وردت لتنزيه و تعظيم بيوت الله .

ان شيخ الاسلام اعلا كعبا و اعظم شانا من ان يتبع هذا المنهج الباطل ، بل كان منجه على طرفي النقيض مع منهج الموازنات و مصنفاته العديدة خير دليل و اكبر حجة ، و ما صدر منه في بعض جمله لا تقوم به حجة