الموضوع: اماه
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2021-02-09, 02:25 AM
ايوب نصر ايوب نصر غير متواجد حالياً
مسئول الإشراف
 
تاريخ التسجيل: 2012-10-23
المشاركات: 4,819
افتراضي اماه

يدَ المنُونِ قدَحتِ أى َّ زِنادِ**وأطرتِ أى َّ شعلة ٍ بفؤادى
أوهَنتِ عزمى وهو حَملة ُ فيلقٍ**وحَطَمتِ عودى وهو رُمحُ طِرادِ

رحمك الله و ؤضي عنك و بيض وجهك ((يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ )) و جمعني بك في جنة الخلد ، امين امين امين .
سألني صديق عن سبب انقطاعي عن الكتابة و الاتيان بمقال جديد ، و استغنائي عن ذلك كله باعادة ما كتبته قديما ، و ببعض الفقارات التي اتتي بها على عجل ، و كان جوابي له ، ان العلة في ذلك ليس مردها انعدام في الفكر او ضعف في القريحة و تبلد الذهن ، و انما الذي يمنعني عن الحمل القلم ، و يقعد بي دون الكتابة ، هو صوت يهتف في اعماقي ، يقول لي لا تكتب شيئا و لا تخط حرفا ، حتى تكتب عن والدتك .

و لكن ... و لكن كلما اقبلت على يراعي و جهزت عدتي ، من حب يجري في دمي ، و عاطفة تفيض على قلبي ، و هيام ياخذ بخلجات نفسي ، تهيبت الكتابة ، و وجدت الدمع يسابق مداد قلمي ، و الخوف يفرق فكري و يضيعه في البلاد ايادي سبأ ، و الله المستعان .

و لكن... و لكن لابد من ذلك ، لابد من تخليد ذكراها على الورق ، كمما خلدت في فكري و سكنت قلبي و وجداني ، و كيف لا يكون الامر على النحو الذي قلت لك ، يا صاحبي ، و انا لم افارقها يوما مذ خرجت من بطنها الى لحظة خروجها من الدنيا ، لم يشغلها عني قريب و لا حبيب ، و لم يمنعها دون رعايتي عارض و لا نازلة ، و انما كنت في قلبها الاول و الاخير ، يبدا حبها مني لينتهي الي ..

اني لا اعرف من اين ابدا و لا الى اين انتهي ، و هل اكتب ما اكتبه بدمع العين او بدم القلب ، و هل يسعفني التعبير و تلين لي الالفاظ و تطاوعني الافكار ؟؟؟

و من اين ابدا و الى اين انتهي ؟؟ لقد رحلتي الى ربك راضية مرضية ، و خلفتني بعدك في قوم اصدقهم كاذب ، و اعلمهم جاهل ، و اتقاهم فاجر ، رحلتي و قد كنت عودت نفسي كل شيء الا رحيلك ، فقد عودت نفسي، عبر سنوات طوال، ان تعيش تحت الضغط ، بل الا تعيش الا تحت الضغط ، مهما كان ذلك الضغط عاليا و قويا و فتاكا ، فاني لم اكن القي له بالا و لا اعطه اهتماما ، حتى جاء مرضك و موتك ، فانهكت قوتي و اضعف عزمي ، فاين هي قوتي و اين هو عزمي ؟؟؟

كان فيما روي عن ابن فرناس ، العالم الشهير ، انه حين فشلت محاولته في طيران ، دخل عليه احد اصحابه يعوده ، فوجده يتامل مجسم طائر كان في بيته ، و فجاة و على حين سهوة و تامل في المجسم ، قال بصوت مرتفع : " نعم انه الذيل '' ، نعم يا صاحبي فهي كانت لحياتي بمنزلة الذيل للطائر ، فلما اغفله ابن فرناس فقد توازنه و لعبت به الرياح لعبتها لتهوي به على ام راسه ، و كذلك فعلت بي الحياة بعدها بعد ان كانت هي مصدر التوازن لحياتي ، لتلعب بي الحياة لعبتها ثم تهوي بي .

بعد ان رافقتني لسنوات طوال ، و انستني على مدى ما مضى من عمري ، فانه لم يعد لي شيء اتسلى به في هذا الوجود الا دمع يحز العين و نبض يؤلم القلب و ذكريات توهن النفس ، و ابيات جادت بها قريحة الرجل الاول ، تولدت في خاطره عن لوعة الفراق :

كَم مِن حَبيبٍ هانَ مِن فَقدِهِ**ما كُنتُ أَن أَحسَبَهُ هَيَّنا
أَنفَقتُ دَمعَ العَينِ مِن بَعدِهِ**وَقَلَّ دَمعُ العَينِ أَن يُخزَنا
كُنتُ أُوَقَيهِ فَأَسكَنتُهُ**بَعدَ اللَيانِ المَنزِلَ الأَخشَنا
دَفَنتُهُ وَالحُزنُ مِن بَعدِهِ**يَأبى عَلى الأَيّامِ أَن يُدفَنا

كتب الاحد 27 جمادى الآخر 1442 ( 08/02/2021)
__________________
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا ) الكهف 6

كل العلوم سوى القرآن مشغلة ..... إلا الحديث وعلم الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدثنا ..... وما سوى ذاك وسواس الشياطين
رد مع اقتباس