عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 2010-08-25, 08:33 AM
Nabil Nabil غير متواجد حالياً
مشرف قسم التاريخ الإسلامى
 
تاريخ التسجيل: 2009-08-07
المشاركات: 3,055
افتراضي سلسلة شهر القرآن/د.عائض القرني/مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ

سلسلة شهر القرآن

مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ

الدكتور عائض القرني

لست مجنونا كما قال أعداؤك، لكن عندك دواء المجانين، فالمجنون الطائش السفيه التافه من خالفك وعصاك وحاربك وجفاك، والمخذول الأحمق من عصاك، والتائه المأفون من نادّك، والمغبون الخاسر من اختار سبيلا غير سبيلك.

( مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ) وكيف يكون ذلك وأنت أكملهم عقلا، وأتمهم رشدا، وأسدهم رأيا، وأعظمهم حكمة؟ تهدي العقول، وتنير الطريق.

لست مجنونا لأنك على هدى من الله، وعلى نور من ربك، وعلى ثقة من منهجك، وعلى بينة من دينك، وعلى رشد من دعوتك.

صانك الله من الجنون، بل عندك كل العقل، وأكمل الرشد، وأتم الرأي، وأحسن البصيرة، فأنت الذي يهتدي بك العقلاء، ويستضيء بحكمتك الحكماء، ويقتدي بك الراشدون المهديون.

إذا نحن أولجنا وأنت إمامنا كفى بالمطايا طيب ذكراك هاديا كذب وافترى من وصفك بالجنون وقد ملأت الأرض حكمة، والدنيا رشدا، والعالم عدلا، فأين يوجد الرشد إلا عندك، وأين تكون الحكمة إلا لديك، وأين تحل البركة إلا معك؟

أنت أعقل العقلاء، وأفضل النبلاء، وأجل الحكماء.

كيف يكون مجنونا وقد قدم للبشرية أحسن تراث على وجه الأرض، وأهدى للعالم أجل تركة عرفها الناس، وأعطى الكون أبرك رسالة عرفها العقلاء.

أخوك عيسى دعا ميتا فقام له وأنت أحييت أجيالا من الرمم فإن القرآن هو معجزة محمد عليه الصلاة والسلام التي بعث بها، وهي معجزة دائمة باقية دوام الإسلام وبقاء الحق.

والقرآن أسمى وأجل من أن يمدحه بشر؛ لأنه كلام رب البشر، وأعلى وأعظم من أن يثني عليه مخلوق؛ لأنه تنزيل من الخالق، وإن أحسن الأوقات وأسعد اللحظات حين يعيش العبد مع آياته البينات تاليا متدبرا خاشعا.

فكيف تكون مجنونا كما وصفوك؟ بل إن الإعراض عنك وعن هديك ورسالتك هو الجنون بعينه.

لست بشاعر ولا بمجنون يضرب الأخماس بالأسداس، ويهيم في أودية الخيال، بل نبي معصوم، كل كلمة منك دين، وكل جملة منك سنة؛ لأنك جئت لإصلاح العالم، وليس لدغدغة العواطف وملاعبة المشاعر كما يفعل الشعراء، فليس عندك فراغ في العمر لنظم بنيات الأفكار، ولا لإطراب الجمهور. فالحق مقصدك، والإصلاح أمنيتك
( إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ).

منقول

يتبع
رد مع اقتباس