عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2015-04-22, 10:36 AM
فارووق فارووق غير متواجد حالياً
عضو فعال بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2015-04-08
المشاركات: 116
افتراضي التدبر في آيات القرآن تحت ضوء السنة النبوية

التدبر في آيات القرآن تحت ضوء السنة النبوية


كذب من قال بأن كل انسان يمكنه بنفسه و عن طريق اللغة العربية فقط، دون الرجوع للسنة، فهم القرآن و تأويل كل معانيه، ..

فنقول، بدون السنة التي تحدد الإطار الذي تحوم حوله الآية لزاغ كل متأول و صاحب هوى الى شبهات بعيدة كل البعد عن مراد صاحب الوحي! ...

و لعل اهم و اكبر مثال على ذلك ما يتناقله البعض من تأويلات كفرية لآيات قطعية الدلالة كقطع يد السارق و كحرمة الزنا و الربا ، ... فلولا السنة التي بينت مثلا ان الرسول قطع فعلا يد السارق لما استطاع أحد الرد على من حرف معنى "قطع" ليجعل معناها مجازي و بالتالي يمكن تخيل كل شخص ما شاء فيه، فهذا يقول قطع يده عن المجتمع بسجنه، و الاخر يقول بنفيه، و آخر يقول بموعظته و هدايته الخ، ...

ثم هناك آيات كثيرة مجملة، فمن له الحق في تفصيلها و تخصيص العام فيها و تقييد المطلق؟؟ أنترك هذا لأهوائنا، كلٌّ يفصل حسب هواه؟؟
فإذا قال الله مثلا {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}، فهذا قول عام يشمل كل انواع السرقة ، لكن جائت السنة النبوية لتبين مثلا ان السرقة من بيت مال الدولة لا يدخل تحت حكم القطع، و كذلك السرقة بسبب الجوع، و كذلك لا قطع لمن أخذ ثمرا من شجر الخ ... ، كذلك السنة هي التي بينت لنا النصاب الذي يجوز فيه القطع، فإذا لم يبلغ المال المسروق النصاب فلا قطع، ..... و السنة هي التي بينت لنا نوع الأدلة التي تثبت تهمة السرقة! ... و السنة هي التي بينت لنا ان المال المسروق يجب إرجاعه لصاحبه مع تنفيذ الحد! ... الخ ، فحد السرقة لوحده له تفاصيل تحتاج لصفحات فصلتها السنة النبوية و لولاها لما استطاع المسلمون تنفيد امر الله بقطع يد السارق! ... و قس على ذلك كل باقي الاحكام الشرعية التي وردت في القرآن!...

ثم كيف يمكننا معرفة سبب نزول الآيات و ربطها بهذا الحَدَثِ او ذاك و من ثم معرفة مناط حكمها و علة الحكم إذا كان له علة الخ ... أليس كل ذلك لا يتحقق إلا بالرجوع للسنة و لما نقله الصحابة عن رسول الله بهذا الخصوص، و بالرجوع لما نقلوه لنا عن ظرفية و سبب نزول الآية الفلانية و الفلانية ؟؟ !!! ... و أليس الربط بين الآيات و سبب نزولها مهم لفهم مناط حكمها؟؟ ...

و إذا كان اهل الهوى حرفوا حتى النصوص القطعية الدلالة و فسروها تفسيرات باطلة فما بالك بالآيات الظنية الدلالة!!؟؟ ... ألم يقل الله: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}(سورة آل عمران، 7)، ...
فإلى من نرجع حين نختلف في تأويل الآيات الظنية الدلالة؟ أليس الى الرسول الذي أخبره الله بمناط الاحكام الواردة في الآيات و علمه تأويلها؟ ... أليس الرسول هو المخول من الله بتبيان ما ورد في القرآن؟ ألم يقل الله:
{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}(سورة النحل، 44)، الذكر هنا هو القرآن ، و الرسول أوكل الله اليه تبيان ما نزل على الناس من القرآن!!
{وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ۙ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}(النحل، 64)
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ۖ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(سورة ابراهيم، 4)
{إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا}(سورة النساء، 105)
{فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}(سورة النساء، 59)

ثم إن من اهم الشروط ليتوفق المتدبر في القرآن من الوصول الى الفهم الصحيح ليس العلم فقط بل كذلك الايمان و التقوى، .. لان التقوى تدفع المؤمن لرد شبهاته و هواه كلما أحس ان الهوى بدأ يتحرك بذهنه و قلبه، ... و التقوى هي التي تدفع المؤمن ليتبع ضوابط صارمة حين يبحث عن الحكم الشرعي لكي تقفل، ما أمكن، الأبواب امام الشيطان فلا يَحْرِفَه عن معرفة الحق و يغويه لاتباع الهوى!!

فمن قال بأن كل انسان يمكنه بنفسه و عن طريق اللغة العربية فقط، دون الرجوع للسنة، فهم القرآن و التدبر فيه (و التدبر لا يتحقق إلا بمحاولة فهم مراد الله في الآية و خصوصا المتعلقة بالأحكام)، فقد كَذَّب كل الآيات التي قال فيها الله صراحة أن القرآن يحتاج لتبيان، و رفض تفويض الله للرسول بتبيان الآيات!! فهو كمسيلمة الكذاب الذي أقر بنبوة محمد لكن اراد ان يقتسم معه النبوة ، ...

فمن يرفض تبيان الرسول للقرآن بالرجوع للسنة و الاحاديث، و يقول فهمي انا و بس، فهو كمسيلمة الكذاب إذ يمنح لنفسه أحد اهم خاصيات النبوة و الانبياء: تبيان الذكر -الوحي، القرآن- للناس! ... و قد كتبنا في هذا سابقا مقالا بعنوان "مسيلمة الكذاب يعيش بين أظهرنا: منكروا السنة النبوية"! ....
..
رد مع اقتباس