عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 2009-07-08, 11:59 PM
مسدد مسدد غير متواجد حالياً
محاور
 
تاريخ التسجيل: 2008-06-24
المشاركات: 191
افتراضي

أهداف الحوار:
لكل حوار هدف وهو الوصول إلى نتيجة مرضية للطرفين، وتحديد الهدف يخضع لطبيعة المتحاورين إذ أن حوار الأطفال غير حوار المراهقين أو الراشدين، وبذلك فقد يكون الحوار لتصحيح بعض المفاهيم وتثبيت العقيدة في نفوس الناشئين، وقد يكون لتهذيب سلوك معين أو رفع مؤشر التحصيل الدراسي، أو بناء الأسرة، وقد يكون الحوار من قبل الأب مثلاً من أجل تمثّل القدرة في تطبيق الحوار فيكون محاوراً جيداً ليقتدي به أبناؤه ويتشرّبوا سلوكه. وقد يستخدم المرشد الطلابي، في المدرسة، أو والد الطفل الحوارَ من أجل التفريغ الانفعالي ليشعر المحاور الصغير بالراحة في ثنايا الحوار. إذن فالأهداف متعددة للعلاج والبناء.
كيف يمكن أن يكون الحوار مفيداً:
 تحديد الهدف من الحوار وفهم موضوعه، والمحافظة عليه أثناء الحوار إذ أنّ من شأن ذلك حفظ الوقت والجهد وتعزيز احترام الطرف الآخر.
 التهيؤ النفسي والعقلي والاستعداد لحسن العرض وضبط النفس، والاستماع والإصغاء والتواضع، وتقبّل الآخر، وعدم إفحامه أو تحقيره، والتهيؤ لخدمة الهدف المنشود بانتهاج الحوار الإيجابي البعيد عن الجدل وتحري العدل والصدق والأمانة والموضوعية في الطرح مع إظهار اللباقة والهدوء، وحضور البديهة، ودماثة الأخلاق، والمبادرة إلى قبول الحق عند قيام الدليل من المحاور الآخر.
 عدم إصدار أحكام على المتحاور أثناء الحوار حتى وإن كان على خطأ لكي لا يتحول الموقف إلى جدال عقيم لا فائدة منه.
 محاورة شخص واحد في كل مرّة ما أمكن ذلك دون الانشغال بغيره أثناء الحوار حتى يلمس الاهتمام به فيغدو الحوار مثمراً ومحققاً لأهدافه.
 اختيار الظرف الزماني والمكاني ومراعاة الحال: على المحاور أن يختار الوقت والمكان المناسبين له ولمحاوره على حدٍّ سواء وبرضى تام. وعلى المحاور أن يراعي حالة محاوره أيضا؛ فيراعي الإرهاق والجوع ودرجة الحرارة، وضيق المكان والإضاءة والتهوية بحيث لا يكون الحوار سابقاً لطعام والمحاور جائع، أو أن يكون الحوار سابقاً لموعد الراحة والمحاور يفضّل النوم، أو يكون الحوار في وقت ضيق كدقائق ما قبل السفر، أو وقت عملٍ آخر، أو أثناء انشغال الطالب المحاور بشيء يحبّه أو في وقت راحته أو في زمن مرهق له كزمن انصراف الطلاب إلى منازلهم نهاية اليوم الدراسي أو أثناء تمتّعهم بوقت فسحتهم المدرسية. إن الحوار يجب أن يراعي مقتضى حال المحاورين من جميع الجوانب النفسية والاقتصادية والصحية والعمرية والعلمية ومراعاة الفروق الفردية والفئة العمرية مع الإيمان بأن الاختلاف في الطبيعة الإنسانية أمر وارد.

آداب الحوار:
يعتبر الحوار من وسائل الاتصال الفعّالة، وتزداد أهميته في الجانب التربوي في البيت والمدرسة. ولأنّ الخلاف صبغة بشرية فإن الحوار من شأنه تقريب النفوس وترويضها، وكبح جماحها بإخضاعها لأهداف الجماعة ومعاييرها، ويتطلب الحوار مهارات معينة، قواعد له إجرائية وآداب تحكم سيره، وترسم له الأطر التربوية التي من شأنها تحقيق الأهداف المرجوّة، إنّ في ثنايا الحوار فوائد جمّة نفسية وتربوية ودينية واجتماعية وتحصيلية تعود على المحاور بالنفع كونها تسعى إلى نمو شامل وتنهج نهجا دينيا حضاريا ينشده كثير من الناس.
و القرآن الكريم أولى الحوار أهمية بالغة في مواقف الدعوة والتربية، وجعله الإطار الفني لتوجيه الناس وإرشادهم إذ فيه جذب لعقول الناس، وراحة لنفوسهم.

إن الأسلوب الحواري في القرآن الكريم يبتعد عن الفلسفات المعقّدة، ويمتاز بالسهولة، فالقصة الحوارية تطفح بألوان من الأساليب حسب عقول ومقتضيات أحوال المخاطبين الفطرية والاجتماعية، وغلّف تلك الأساليب بلين الجانب وإحالة الجدل إلى حوار إيجابي يسعى إلى تحقيق الهدف بأحسن الألفاظ، وألطف الطرق، (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) طه "43،44"
وللحوار قواعده وآدابه، ولعل من أبرز هذه القواعد والآداب، ما ورد في سورة (سبأ)، كان الرسول محمد يحاور غير المؤمنين شارحاً ومبيِناً ومبلغاً، ولكنهم كان يصرون على أن الحق إلى جانبهم، فحسم الحوار معهم على قاعدة النص: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) سورة (سبأ)، الآية 24.
لقد وضع الرسول نفسه في مستوى من يحاور، تاركا الحكم لله، وهو أسمى تعبير عن احترام حرية الآخر في الاختيار، وعن احترام اختياره، حتى ولو كان على خطأ، وذهب إلى أبعد من ذلك عندما قال القرآن الكريم في الآية التالية مباشرة: (قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ).سورة (سبأ)، الآية 25.
فكان من آداب الحوار، أن وصف اختياره للحق وهو على حق بأنه إجرام (في نظرهم)، ووصف اختيارهم للباطل وهم على باطل بأنه مجرد (عمل)، ثم ترك الحكم لله: (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ).سورة (سبأ)، الآية 26.
 إن احترام حرية الاختيار هنا ليس احتراماً للخطأ، فتسفيه وجهة نظر الآخر ومحاولة إسقاطها ليس الهدف الذي لا يكون الحوار مجدياً إلا إذا تحقَق.
 أن يكون الكلام هادفاً إلى الخير: قال تعالى: "لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا". النساء، الآية: 114 وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام أنه قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت".
 البعد عن الخوض في الباطل: والمراد بالباطل كل معصية.
 البعد عن المماراة والجدل.
 أن يحاور كل إنسان بما يناسبه شرعاً وعرفاً.
 البعد عن عبارات المدح للنفس أو للغير إلا لمصلحة وبالضوابط الشرعية.
 النية، ينبغي أن لا يدخل المحاور في حوار ما إذا لم يكن متأكداً أن نيته للـه عز وجل، فليس المقصود أن يُظهر من خلال الحوار براعته، وثقافته وأن يتفوق على الآخرين، وأن ينزع الإعجاب والثناء فذلك كله أمرٌ يحبط عمله عند اللـه عز وجل.
 ينبغي للمحاور أن ينظر في الظروف التي تحيط به قبل أي حوار، هل هي مناسبة للحوار والمناقشة أم لا؟ والظروف المحيطة ثلاثة: ظروف المكان، وظروف الزمان، وظروف الإنسان.
 لا تناقش في موضوع لا تعرفه جيداً، ولا تدافع عن فكرة إذا لم تكن على اقتناع تام بها.
 يجب على المحاور أن يعرف مستوى الطرف الذي يحاوره في العلم والفهم، فإن الطالب لا يخاطب كما يخاطب العالم، والكبير لا يخاطب كما يخاطب الصغير، لأن الناس ليسوا طرازاً واحداً.
 يجب على المحاور ألا يستأثر بالكلام لنفسه، ويحرم الطرف الآخر (أو الحاضرين) من الكلام بالإطالة به عن حدود الذوق واللياقة.
 لا تُقاطع مَنْ تحاور بل استمع إليه كما تحب أنْ يستمع إليك؛ فكن مستمعاً بارعاً كما تحب أنْ تكون متحدثاً بارعاً.
 راقب نفسك وأنت تحاور أو تناقش، انتبه إلى حركاتك، ولهجة كلامك، ولا تستسلم لعاطفتك، فتتحول من مُناقشٍ إلى خطيب.. لا تكرر نفسك أو غيرك، فإن الناس قد سئموا من التكرار.
 ينبغي للمحاور الجيد أن يضبط كلامه ويتقن لغته ما أمكن.
 المتحدثُ الناجح والمحاور الذكي هو الذي يُحْسِنُ ضربَ الأمثلة، ويتخذها إمّا وسيلة لتقريب وجهة نظره من السامع وشرحها، وإمّا لإقناعه بفكرته.
 لا تهمل النقاط المشتركة بينك وبين من تحاور، فعليك عند البدء بالمناقشة أنْ تبدأ بنقاط الاتفاق، وذلك لأجل كسب ثقة الطرف الآخر.
 قد تحصل مناقشة جانبية بعيدة عن الموضوع الأصلي، فمن الأفضل عند ذلك إقفال المناقشة،أو التحاور بالموضوع الأصلي.
 ينصح بإقفال المناقشة إذا لم يكن الشخص الآخر جادّاً، باحثاً عن الحقيقة، أو كان دون المستوى المطلوب؛ للخوض في الموضوع محل النقاش.
 إذا واجهك مناقشك بشيء لا تعرفه فلا تخجل من السؤال والاستفسار، واعلم أنّ هناك من الأئمة الكبار من كان لا يخجل أن يقول لا ادري، ويتحرج من الفتوى بغير علم.
 ينبغي على المتحاور أو المناقش أنْ لا يتعصب لرأي معين أو شخص معين أو فئة معينة، ينبغي أنْ يدور مع الحق حيث دار.
 يُحسن بالمناقش أنْ يترك النقول الضعيفة والحجج الواهية، فدليلان قويان لا يمكن الرد عليهما أفضل من سوقهما مع ثلاثة أدلة أخرى يمكن الأخذ والرد فيها.
 احترم الحقيقة؛ وكن أميناً في العرض، ولا تقطع عبارة عن سياقها، أو تعزلها عن مناسبتها، لتفسرها على خدمة رأيك.
 لا تستشهد بأراء وأقوال من لا يطمئن إلى علمه وأمانته.
 على المحاور أنْ يحترم الأطراف الأخرى التي يُحاورها.
 من الإنصاف أنْ يُبدي المحاور إعجابَهُ بالأفكار الصحيحة والأدلة الجيدة والمعلومات الجديدة التي يوردها الطرف الآخر ويسلم بها.
 اقتبس مِنْ كلام مَنْ تُحَاوِر العباراتِ الجيدة التي تَفَوّهَ بها في وقت سابق، وهذا يُضفي على المحاور صفة الموضوعية.
 من المفروض أنْ تكونَ الثقة متوفرة بين الجانبين عند إرادة الحوار، فلا يؤول الكلام إلا بخير ما دام هناك مجال للتأويل الحسن.
 ينبغي أنْ لا يُذكر الإنسان بما يَكره، وتنقيصه وإظهار جهله وقصوره في العلم إذا كان المقصود منه مجرد الذم والعيب والنقص وخاصة إذا كان من العلماء المُقتدَى بهم في الدين.
 عدم الطعن في الفكرة وصاحب الفكرة، أو تجريح الهيئات والأشخاص.
 لا تدع مَنْ تحاور باسم أو صفةٍ يَكْرَهُها.
 الفكرة التي تحاورها تكون أكثر قبولاً؛ إذا كنت مقتنعاً بها؛ حريصاً على نشرها.
 حادِثِ المستمعين كأنّك واحد منهم، وعَبّرْ عن آرائك بإخلاصٍ وتجرد.
 إنّ المحاور الناجح أو المحاور المُنصف يناقش بالتلطف والأناة والهدوء، ويهتم بالأشياء التي تفتح مغاليق النفوس، وتفعل فيها فِعْلَ السِحْر.
 من الحق أنْ لا تُسَفّهَ آراء صاحبك، وأن تظهر له الاحترام، ولو كان على غير رأيك.
 إنّ أسلوب التحدي في المناقشة، ولو كان بالحجة الدامغة والدليل المبين، يبغض صاحبه للآخرين، فلا تلجأ إليه لأن كسبَ القلوب أولى من كسب المواقف.
 عليك أنْ تتحاشى إفحام الآخرين وإسكاتهم، لأنّ ذلك قد يُسكِت الخصم أو الطرف الآخر، ولكنه لَنْ يقودَهُ إلى الهداية، بَلْ يترك في نفسه الحقد والغيظ، وخاصة إذا كان أمام الآخرين.
 إنّ المناظرة والمناقشة والحوار في غالب الأحيان تؤثّر في القلوب وتكدر الخواطر، فَتَذكّرْ ذلك جيداً وأنت تتحدث، فلا تخرج ما أمكنك مُعْلِناً الخصومةَ على أحد.
 عُدْ إلى المناقشة إذا رأيت المناقشة قد انحرفت عن مسارها، وحاول أنْ تقطف ثمرة المناقشة.
 يجب التركيز في الحديث والنجاة من الاستطراد والشتات، وأنْ يَصِل الحديث إلى نتيجة واضحة محددة.
 إذا لم يوافِقْكَ صاحبك على رأيك فلا تغضب، ولا تحاول أنْ تحمل الناس على ما تراه حقاً وصواباً، فمن باب أولى أنْ لا يكون إكراه في وجهات النظر.
 لا تتوقع أنْ يوافقك الناس على رأيك، إذا كنت مُصيباً وأقمت عليه الدليل واقتنعوا هم به، فالنفس الإنسانية مزيجٌ عجيب من عوامل شتى، منها عامل الهوى، فإذا سيطر الهوى على المرء فلا حجة ولا منطق ولا دليل تؤثر فيه.
 استخدام أسلوب التودد والإحسان، حيث لا يُجدي أسلوب المنطق والبرهان.
 الابتعاد والكف عن سرد الكلام سرداً، بل تجزئته وترتيبه والتمهل أثناء الكلام ليفكر فيه السامع.
 تجنب قدر الإمكان مِنْ استعمال ضمير المتكلم (أنا) في الحديث، لأنّ ذلك قد يؤدي إلى الوقوع في أخطاء، وقد يترك انطباعاً سَلبياً لدى السامع يجعله ينفر منه.
 يُحسن بالمحاور أنْ لا يرفع الصوتَ أكثر مِمّا يحتاج إليه السامع، فذلك رعونة وايذاء، فالمحاور غير الخطيب.
 يُحسِنُ بالمُحاور في نهاية الكلمة أنْ يجمع شتات الموضوع في نقاط مُحَدّدة يُوردها في آخر الحديث، تلخصه في عناصر محددة، لأنّ كثرةَ الكلام يُنسي بعضَهُ بعضاً، ورُبّمَا لا يُبْقِي في آذان السامع إلا هذه العناصر المُحَدّدَة.
 الحوار قيمة من قيم الحضارة الإسلامية ولا يعني التخاذل والضعف.

يتبع ..
رد مع اقتباس