عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2022-01-10, 08:24 PM
معاوية فهمي إبراهيم مصطفى معاوية فهمي إبراهيم مصطفى غير متواجد حالياً
مشرف قسمي العيادة الصحية والمجتمع المسلم
 
تاريخ التسجيل: 2018-02-05
المشاركات: 2,726
افتراضي تفسير قوله تعالى{وقالوا قلوبنا غلف.....}

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
تفسير قوله تعالى: {وقالوا قلوبنا غلف.....}
الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم

قوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [البقرة: 88] هذا كقوله تعالى في سورة النساء: ﴿ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 155]


قوله: ﴿ وَقَالُوا ﴾ أي: وقال بنو إسرائيل اعتذارًا وتعليلًا لردهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وتهكمًا به، وقطعًا لطمعه في إسلامهم.

﴿ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ﴾ قرأ أبو عمرو: "غلُف" بضم اللام، وقرأ الباقون: ﴿ غُلْفٌ ﴾ بإسكانها، و"غلف": جمع "أغلف" وهو الذي عليه غلاف، أي: غطاء شديد يمنع من وصول الشيء إليه، أي: قلوبنا مغلَّفة، أي: عليها أغلفة وأغطية، فلا تعي ولا تفقه، ولا تعلم ما تقول يا محمد، وهذا كقولهم: ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ ﴾ [فصلت: 5]، وقد أبطل الله حجتهم هذه فقال: ﴿ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ ﴾ "بل": للإضراب الإبطالي، أي: بل أبعدهم الله وطردهم عن رحمته وعن الخير وحرمهم التوفيق والتبصر في آيات الله، ودلائل صدق الرسول صلى الله عليه وسلم.

﴿ بِكُفْرِهِمْ ﴾ أي: بسبب كفرهم، وعدم إيمانهم، وأطلق "كفرهم"؛ لأنهم كفروا بكل ما أوجب الله الإيمان به، حتى ولو ادعوا الإيمان ببعض ذلك، فإن ذلك لا ينفعهم، وفي الآية الأخرى: ﴿ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ ﴾ [النساء: 155].

أي: ليست قلوبهم غلف كما يزعمون، لا تفقه ولا تعي؛ لأن القلوب بفطرتها تقبل الحق، وليست غلفًا، بل لعنهم وأبعدهم عن الخير وعن توفيقه بسبب كفرهم.

قال ابن القيم[1]: "والمعنى: لم يخلق قلوبهم غلفًا، لا تعي ولا تفقه، ثم أمرهم بالإيمان، وهم لا يفقهون، بل اكتسبوا أعمالًا عاقبناهم عليها بالطبع على القلوب والختم عليها".

﴿ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ "ما": مصدرية، أي: فقليلًا إيمانهم.

والمراد بالقلة- والله أعلم- العدم؛ لقوله قبل هذا: ﴿ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾ [البقرة: 87] كما يقال: "قلما رأيت مثل هذا قط"، تريد: ما رأيت مثل هذا قط.

فحصرهم بأحد هذين الأمرين: التكذيب، أو القتل للأنبياء، دون الإيمان.

وقد تحمل القلة هنا على ظاهرها بأن منهم من يؤمن ولكنهم قلة، وإيمانهم قليل. أي: فقليلًا المؤمن منهم، أو فقليلًا إيمانهم، بالنسبة لما كفروا به مما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، ومما جاءت به رسلهم.

المصدر: « عون الرحمن في تفسير القرآن ».
§§§§§§§§§§§§§§§§§§§§
رد مع اقتباس