عرض مشاركة واحدة
  #97  
قديم 2013-08-31, 04:35 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

2- الرسالة:
الرسول في اللغة: مأخوذ من الإرسال، بمعنى التوجيه، أو من الرَّسل بمعنى التتابع؛ أخذًا من قولهم: رَسَل اللبن إذا تتابع دَرُّه.

وجاء في لسان العرب:
(والإرسال: التوجيه، وقد أرسل إليه، والاسم: الرِّسالة، والرَّسالة، والرسول، والرسول بمعنى الرسالة يؤنَّث ويذكَّر، والرسول: الرسالة والمرسَل، والرسول معناه في اللغة: هو الذي يتابع أخبار من بعثه، أخذًا من قولهم: جاءت الإبل رسلاً؛ أي: متتابعة، وسمي الرسول رسولاً؛ لأنه ذو رسول؛ أي: ذو رسالة، والرسول: اسم من أرسلت، وكذلك الرسالة[6].

وعلى ذلك فالرسول في اللغة إما أن يكون مأخوذًا من الإرسال بمعنى التوجيه، وهو ظاهر من حيث المعنى، وإما أن يكون مأخوذًا من التتابع، فيكون الرسول هو من تتابَع عليه الوحي[7]، [8].

ثانيًا: شرعًا:
أما التعريف الاصطلاحي للنبي والرسول فهذا مما اختلف فيه أهلُ العلم كثيرًا، والمذاهب فيه متنوعة:
1- المذهب الأول:
قول من قال: إنه لا فرق بين الرسول والنبي؛ فكل نبيٍّ رسولٌ، وكل رسولٍ نبيٌّ.

2- المذهب الثاني:
أن النبي والرسول بينهما فرق، وهو أن النبيَّ أدنى مرتبةً من الرسول؛ فكل رسولٍ نبيٌّ، وليس كلُّ نبي رسولاً.

3- المذهب الثالث:
أن النبي أرفعُ من الرسول، وهو قول غلاة الصوفية، وأن الرسول دون النبي[9].

المذهب الأول: قال به طائفةٌ قليلة من أهل العلم من المتقدمين ومن المتأخرين، ومنهم من يُنسب إلى السنة.

والمذهب الثاني: وهو أنه ثمة فرق بين النبي والرسول، وأن كل رسول نبيٌّ، وليس كل نبي رسولاً؛ هذا قول جمهور أهل العلم وعامة أهل السنَّة؛ وذلك لأدلة كثيرة استدلوا بها على هذا الأصل، مبسوطة في مواضعها، ونختصر لكم بعضها:
الدليل الأول:
قوله - عز وجل - في سورة الحج: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ﴾ [الحج: 52].

قال - سبحانه - هنا: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ ﴾ [الحج: 52]، وجه الاستدلال أنه عَطف بالواو فقال: ﴿ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ ﴾، والعطف بالواو يقتضي المغايرة؛ مغايرة الذات أو مغايرة الصفات، وهنا المقصود منه: أن الصفة التي صار بها رسولاً غيرُ النعت الذي صار به نبيًّا، وهو المقصود مع تحقُّق أن الجميعَ وقع عليهم الإرسالُ.

الدليل الثاني:
أن النبوة ثبتت لآدم - عليه السلام - فآدمُ كما صح في الحديث ((نبيٌّ مكلَّمٌ))[10]، وأن هناك أنبياءَ جاؤوا بعد آدم - عليه السلام - كإدريس وشيث وكغيرهما.

وإدريس ذكره الله - عز وجل - في القرآن، والرُّسل: أولهم نوح - عليه السلام.

وجعل الله - عز وجل - أولي العزم من الرسل خمسة، وجعل أولهم نوحًا - عليه السلام.

فهذا يدل على أن آدم - عليه السلام - لم يحصُل له وصف الرسالة، بل جاء في الحديث قولُه - صلى الله عليه وسلم -: ((آدمُ نبيٌّ مكلَّمٌ))، ووُصِف نوحٌ بأنه رسول، ووصف إدريس بأنه نبي، فدل هذا على التفريق بين المقامين.

الدليل الثالث:
الذي أورده أصحاب هذا القول ما جاء في حديث أبي ذر من التفريق بين عدد الأنبياء وعدد المرسلين، فجعل عدد الأنبياء أكثر من مائة ألف؛ مائة وأربعة وعشرين ألفًا أو نحو ذلك، وجعل عدد الرسل أكثر من الثلاثة مائة بقليل؛ بضعة عشرة وثلاثمائة رسول.

والله - عز وجل - قص علينا خبر بعض الرسل، وحجب عنا قصص البعض الآخر؛ فقال - عز وجل -: ﴿ وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ ﴾ [النساء: 164]، وهذا الحديث - حديث أبي ذر - حسَّنه بعض أهل العلم، وإن كان إسناده - عند التحقيق - فيه ضعْفٌ؛ لكن فيه جمل صحيحة، وهو حديث طويل، رواه ابن حبان غيره[11].

وثَم أدلة أخرى في هذا المقام، قد لا تكون دالة بوضوح على المراد[12].
رد مع اقتباس