[ايوب نصر]

طرحنا موضوعا للمناظرة مع الاريكيين(1) ، و كنت قد عقدت العزم على ان اقوم ، بعد نهاية الحوار ، بصياغة الفكرة في مقالة ، ثم انقضت ايام و لم نسمع لهم دبيبا و لا همسا ، بل تواروا بالحجاب ، و دفنوا رؤوسهم في التراب .

و ليس هذا بدعا منهم و لا استثناء ، فقد تعودنا من مخالفينا هذه الامور ، فلا تجد همهم في الحوار و محق الافكار و ابطال الاراء ، و انما همهم في القاء الشبهات ، و التشويش على الحوار لاخراجه عن اصل وضعه الذي أنشئ له ، و هنا يحملك _ الواحد منهم _ كفلين من التعب لتضعه على طاولة الحوار الصحيح ، بينما هو يركض الى اقصى اليمين ، ثم يرجع مهرولا الى اقصى الشمال ، ثم يدخل تحت التطاولة ، و على حين غفلة يقفز ( و القفز و النط منهجية متبعة من جميع مخالفينا ) ليجلس على الطاولة واضعا ابهامه في فمه .

و اظنني اطلت عليك ، فليس همي مما اكتبه رد الشبهات فقط ، و انما كشف الطرق التي يتم اللجوء اليها في الحوار قصد التشوبش على العوام .


قال _ عز و جل_ : (( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا غ– قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ غڑ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا غڑ قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ غڑ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71) )) البقرة .

كان جواب سيدنا موسى _ عليه السلام _ في كل مرة يسأله فيها قومه عن صفات البقرة : (( قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ .... )) ، و السؤال هنا نطرحه على الاريكيين :
هل قوله ، عليه السلام (( قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ .... )) في كل مرة كانوا يسألونه فيها عن البقرة و صفاتها ، موجود في الالواح ام هو وحي خارج عن الالواح ؟؟؟

و هذا يجعلهم بين خطتي خسف ، و يضعهم امام قسمة عقلية لا تقبل اكثر من حلين ، فاما ان يقولوا ان هذا موجود في الالواح ، و انى لهم ذلك و الالواح القيت الى موسى دفعة واحدة ، و الله يقول (( وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ )) الاعراف 150 ، و يقول (( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا غڑ سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ )) الاعراف 145 فلو كتب له في الالواح ان يامر قومه بذبح بقرة ، و كتب له فيها صفاتها و شكلها ، لالقى اليهم بصفاته دفعة واحدة ، و لما قاال (( قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ .... )).

و اما ان يقولوا ان هذا لم يكن في الالواح ، و هنا اجابوا و وافقوا ، و اثبتوا تعدد انواع الوحي ، و سلموا بان الوحي لا ينحصر في الكتب ، و في هذا اثبات لحجية السنة النبوية الشريفة .

و نحن نؤدي الذي علينا ، من البلاغ و تأدية المعاني و الافكار ، و نترك لهم الخيرة من امرهم ، فهم _ و كل مخالف _ يدرك في قرارات نفسه انه على باطل ، و انما هو اتباع الاهواء ، و المكابرة لنص التنزيل ، و الحقد على الدين .

***********
(1) هم منكروا السنة ، و نسميهم بالاريكيين متابعة لما وصفهم به رسول الله _ صل الله عليه و سلم _ في حديث الاريكة

كتب : الاحد 10 شوال 1439 (24/06/2018)