عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 2010-07-10, 06:21 AM
الطواف الطواف غير متواجد حالياً
عضو من أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-02-23
المشاركات: 4,399
افتراضي المهدية والغيبة عند فرق الشيعة

أصل الفكرة :
إن فكرة الإيمان بالإمام الخفي أو الغائب توجد لدى معظم فرق الشيعة، حيث تعتقد في إمامها بعد موته أنه لم يمت، فتقول باختفائه عن الناس، ومن ثمّ عودته إلى الظهور في المستقبل مهديًا، ولا تختلف هذه الفرق إلا في تحديد الإمام الذي قدّرت له العودة، تبعًا لاختلافها في تحديد الأئمة وأعيانهم، وهذا مما يجعل القول بذلك فيه شيء من القوة فيما يبدو.
ومن أشهر الفرق القائلة بهذه العقيدة الإمامية الإثني عشرية، حيث يقولون باختفاء محمد بن الحسن العسكري، وعودته مهديًا.
في حين يجتمع المسلمون من بقية الفرق الإسلامية على إنكار هذه العقيدة وقائليها؛ من حيث كون المهدي هو محمد بن الحسن، وكونه اختفى، لا من حيث إنكار خروج المهدي في آخر الزمان فإن هذا مما يؤمن به أكثر المسلمين، دون اعتقاد أنه قد ولد ثم اختفى.
ولعل القارئ اللبيب يتشوف إلى معرفة الحق، وتوضيح الحقيقة، بعدلٍ وإنصافٍ وموضوعيةٍ، في قضيةٍ ليست آثارها مقتصرة على ظاهر الأمر [وهو أن المهدي ولد ثم اختفى وسيعود]، وإنما ينبني عليها كثير من العقائد والأحكام التي التزم بها أصحاب هذا القول، من اعتقاد وجوب الإيمان بالمهدي المختفي، والوعيد بالكفر والخلود في النار لمن أنكر غيبته. ومن كونه يأتي بشريعة جديدة بعد عودته... إلخ.
وعليه فإن بحث المسألة من الأهمية بمكان، وتحري الحق وإبطال الباطل من الواجبات التي تتحتم على كل منصفٍ متبعٍ للدليل الشرعي، نابذٍ للهوى والتعصب والتقليد.
ولعلي أساهم في توضيح هذه العقيدة قدر الإمكان، من كتب أصحابها ونص كلامهم دون زيادة أو نقصان، ومن ثمّ النظر الموضوعي الحيادي المنصف في نقدها أو قبولها بالأدلة من كتبهم، ولك بعد ذلك أن تحكم وتختار، والله يهدي من يشاء إلى سبيل الرشاد.

سردٌ مجملٌ لعقيدة الغيبة والمهدية:
سأقوم بسرد بعض النصوص الواردة في كتب الإمامية الإثني عشرية عن الغيبة والمهدية من البداية إلى النهاية، وأرجىء النقد والملاحظة إن وجدت إلى أن ننتهي من سرد النصوص كما أوردتها كتبهم:
تذكر المصادر الشيعية بأن الحسن العسكري أخذ «نرجس» أم المهدي القائم بعد وقوعها في الأسر جارية له، وحملت منه حملًا لم يظهر منه أثر حتى ليلة ولادتها، وهي نفسها لم تعلم بأمر حملها [إكمال الدين:404]، وبعد ولادته يصور لنا الخبر نموه على لسان حكيمة بنت محمد حيث تقول: لما كان بعد أربعين يومًا دخلت علي أبي محمد عليه السلام، فإذا مولانا الصاحب يمشي في الدار، فلم أرَ وجهًا أحسن من وجهه، ولا لغة أفصح من لغته، فقال أبو محمد عليه السلام: هذا المولود الكريم على الله عز وجل؛ فقلت: سيدي! أرى من أمره ما أرى وله أربعون يومًا، فتبسم وقال: يا عمّتي! أما علمت أنا معاشر الأئمة ننشأ في اليوم ما ينشأ غيرنا في السنة) الغيبة للطوسي: (ص:144).
ثم ما لبث أن غاب ولم يعلم بأمره ولا غيبته أحد إلا «حكيمة» التي تقول كما تنسب إليها الرواية: إن الحسن أمرها ألّا تفشي هذا الخبر في أمر هذا المولود، حتى ترى اختلاف شيعته بعد وفاته [الغيبة للطوسي (ص:142)].
أما وقت غيبته: فإن الروايات تتضارب عن حكيمة في ذلك: ففي بعضها أنها فقدته بعد ثلاثٍ من مولده، وأخرى بعد سبعة أيام، وأخرى بعد أربعين يومًا، وفي بعضها بعد خمس سنوات.
[انظر الغيبة للطوسي: (142 ،144)، إكمال الدين: (405-406)]
وعن مكان غيبته: تختلف الروايات أيضا في تحديده: ففي أصول الكافي (1/328-340) أنه في المدينة، وعند الطوسي في الغيبة (ص:103) أنه مقيم بجبل يدعى رضوى، وفي تفسير العياشي (2/56)، والبرهان (2/81-82)، وبحار الأنوار: (102/102-103) أنه يختفي في بعض وديان مكة.
وعن مدة الغيبة: تذكر المصادر الشيعية روايات تدل على قرب موعد خروجه من زمن اختفائه، لكنها كلها لم تطابق الواقع، ففي أصول الكافي (1/338): كم تكون الحيرة والغيبة، قال: ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين.
ولذلك فقد نفضت اليد من أخبار التوقيت كلها لتقول: كذب الوقاتون، وهلك المستعجلون، ونجا المسلمون. أصول الكافي (1/368)، الغيبة للطوسي (ص:262).
وعن سبب الغيبة: جاء في الكافي عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله يقول: «إن للقائم عليه السلام غيبة قبل أن يقوم، قلت: ولم؟ قال: إنه يخاف، وأومأ بيده إلى بطنه -يعني القتل-» أصول الكافي (1/338)، الغيبة للنعماني: (ص:118).
يقول شيخ الطائفة الطوسي: (لا علة تمنع من ظهوره إلا خوفه على نفسه من القتل...). [الغيبة للطوسي (ص:199)].
أما عن شريعة المهدي المنتظر بعد خروجه: فالروايات تؤكد على تشريعات جديدة سيأتي بها، فهو ينسخ شريعة الإسلام فيما يتعلق بأحكام الميراث.
يذكر ابن بابويه في الاعتقادات عن الصادق أنه يقول: (إن الله آخى بين الأرواح في الأظلة قبل أن يخلق الأبدان بألفي عام، فلو قد قام قائمنا أهل البيت أورث الأخ الذي آخى بينهما في الأظلة ولم يورث الأخ من الولادة) [الاعتقادات (ص:83)].
وكذلك فيما يتعلق بأخذ الجزية من أهل الكتاب (ولا يقبل صاحب هذا الأمر الجزية كما قبلها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) [بحار الأنوار: (52/349)].
وعن الحكم والقضاء: جاء في الكافي وغيره: (قال أبو عبدالله: إذا قام قائم آل محمد حكم بحكم داود وسليمان ولا يسأل بينة) [أصول الكافي (1/397)].
ومن أخبارهم أيضًا في الحكم (إذا قام القائم قسم بالسوية، وعدل في الرعية، واستخرج التوراة وسائر كتب الله تعالى من غار بأنطاكية، حتى يحكم بين أهل التوراة بالتوراة،و بين أهل الإنجيل بالإنجيل، وبين أهل الزبور بالزبور، وبين أهل القرآن بالقرآن) الغيبة للنعماني (ص:157)، وانظر بحار الأنوار: (52/351)، وأبلغ من ذلك وأشد ما تشير إليه رواية النعماني عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر رضي الله عنه: (يقوم القائم بأمر جديد، وكتاب جديد، وقضاء جديد) [الغيبة (ص:154)، بحار الأنوار (52/354)].
أما سيرة القائم المنتظر: فتنص الروايات على (أن القائم يهدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه، ومسجد الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى أساسه، ويرد البيت إلى موضعه وإقامته على أساسه) [الغيبة للطوسي: (ص:282)، بحار الأنوار (52/338)] وكذلك يتجه إلى قبر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وصاحبيه ويبدأ (بكسر الحائط الذي على القبر... ثم يخرجهما (يعني صاحبي رسول الله) غضين رطبين، فيلعنهما ويتبرأ منهما، ويصلبهما ثم ينزلهما ويحرقهما، ثم يذرهما في الريح) [بحار الأنوار: (5/386)]
رد مع اقتباس