اثار الدنوب والمعصي

[السيف الذهبي]

آثار الذنوب والمعاصي<?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p></o:p>

<o:p></o:p>

((من كانت الدنيا أكبر همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له)) رواه الترمذي. سبحانه وصف أهل السعادة بالإحسان مع القول ووصف الأشقياء بالإساءة مع الأمن ومن تأمل أحوال الصحابة رضي الله عنهم وجدهم في غاية الجد مع غاية الخوف.<o:p></o:p>
وهذا الصديق رضي الله عنه كان يمسك لسانه ويقول " هذا الذي أوردني المهالك " ثم يبكي طويلاً.. وكان إذا قام إلى الصلاة كأنه عود من خشية الله جل وعلا وأما عمر فقد قرأ سورة الطور إلى أن بلغ قوله تعالى (إن عذاب ربك لواقع ماله من دافع) فبكى واشتد بكاؤه حتى مرض وعادوه.. وقال لإبنه وهو في سياق الموت ويحك " ضع خدي على الأرض عساه أن يرحمني ثم قال وإلى أمي إن لم يغفر الله لي "ثم مات رضي الله عنه وأرضاه وكان في وجهه خطان أسودان من البكاء ولما قال له ابن عباس يا "أمير المؤمنين مصر الله بك الأمصار وفتح الفتوح وفعل وفعل.. فقال وددت أني أنجو لا أجر ولا وزر "وقال أبو الدرداء رضي الله " عنه إن أشد ماأخاف على نفسي يوم القيامة أن يقال ياأبا الدرداء لقد علمت فماذا عملت فيما علمت.. قال ابن أبي مليكة رضي الله عنه أدركت ثلاثون من الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه وما منهم أحد يقول أنه على إيمان جبريل وميكائيل..<o:p></o:p>
ألا فاعلم أيها الموفق المشدد أن الذنوب والمعاصي تضر ولاشك أن ضررها في القلوب كضرر السموم في الأبدان وهل في الدنيا والآخرة شرور وداء إلا وسببه الذنوب والمعاصي قال الله جل وعلا ( وكلاً أخدنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخدته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وماكان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون).<o:p></o:p>
يروى أن بعض أنبياء بني اسرائيل نظر إلى مايصنع بختنصر ببني اسرائيل من القتل والتنكيل فقال بما كسبت أيدينا سلطت علينا من لايعرفك ولايرحمنا قال ابن عباس رضي الله عنه "يا صاحب الذنب لا تأمن فتنة الذنب وسوء عاقبته ولتتبعك الذنب أعظم من الذنب إذا عملته وقلة حياءك ممن على اليمين وعلى الشمال وأنت على الذنب أعظم من الذنب وضحكك وأنت لم تدري مالله فاعل بك أعظم من الذنب وفرحك بالذنب إذا ظفرت به أعظم وحزنك على الذنب إذا فاتك أعظم من الذنب وخوفك من الريح إذا حركت ستر بابك وأنت على الذنب و لايضطرب فؤادك من نظر الله إليك بك أعظم من الذنب."<o:p></o:p>
كتبت عائشة أم المؤمنين إلى معاوية كاتب الوحي تقول أما بعد فإن العبد إذا عمل بمعصية الله عاد حامده من الناس داماً.. وعن سالم بن جعفر أن أبا الدرداء رضي الله عنه قال ليحذر امرؤ أن تلعنه قلوب المؤمنين من حيث لايشعر ثم قال أتدري مما هذا إن العبد يخلو بمعاصي الله فيلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لايشعر.. <o:p></o:p>
ذكر عبد الله ابن الإمام أحمد في كتاب الزهد لأبيه عن محمد ابن سيرين أنه لما ركبه الدين اغتم لذلك فقال إني لأعرف هذا الغم بذنب أصبته من أربعين سنة.<o:p></o:p>
قال يحي بن معاد عجبت من ذي عقل يقول في دعائه الله لاتشمت بي الأعداء وهو يشمت بنفسه كل عدو..قيل وكيف ذلك فقال يعصي الله فيشمت به عدوه اللهم احفضنا ياأرحم الراحمين.<o:p></o:p>
معاشر المؤمنين للمعاصي والذنوب من الآثار والذنوب المذمومة والمضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة مالايحصيه إلا الله جل وعلا فمنها حرمان العلم فإن العلم نور يقذفه الله في القلب والمعصية تطفئ ذلك النور لما جلس الشافعي بين يدي الإمام مالك وقرأ عليه أعجبه مارأى منه لفطنته وتوقد ذكائه وكمال فهمه فقال إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعصية ومن أثار الذنوب والمعاصي وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله لايوازيها ولايقارنها لذة أصلاً ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لن تفي بتلك الوحشة وهدا أمر لايحس به إلا من في قلبه حياة.. ومالجرح بميت إيلام.. ومنها الوحشة التي تحصل بينه وبين الناس ولاسيما بينه وبين أهل الخير منهم فإنه يجد وحشة بينه وبينهم وكلما قويت تلك الوحشة ابتعد عنهم وعن مجالستهم وحرم بركة الإنتفاع بهم وقرب من حزب الشيطان بقدر مابعد عن حزب الرحمن وتقوى هذه الوحشة حتى تستحكم بينه وبين امرأته وولده وأقاربه وبينه وبين نفسه فتراه مستوحشاً من نفسه.. قال بعض السلف إني لأعصي الله وأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي ومن آثار الذنوب والمعاصي تعسير الأمور فلا يتوجه لأمر إلا ويجده مغلقاً دونه أو متعسراً عليه هذا كما أن من اتقى الله جعل له من كل أمر فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً وجعل له من أمره يسراً.. ومن عطل التقوى جعل الله من أمره عسراً ويالله العجب كيف يجد العبد أبواب الخير والمصالح مسدودة عنه متعسرة عليه وهو لايعلم من أين اوتي فتذكر في حالك يامسكين ودع مايضرك في الدنيا والآخرة.<o:p></o:p>
ومن أثار الذنوب والمعاصي ظلمة يجدها في قلبه حقيقة يحس بها كما يحس بظلمة اليل البهيم إذا ادلهم وتصير ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره فإن الطاعة نور والمعصية ظلمة وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته حتى يقع في البدع والضلالات والحزبيات والتبرك بالدين والأمور المهلكة وهو لايشعر كأعمى خرج في ظلمة اليل يمشي وحده وتقوى هذه الوحشة حتى تظهر في العين ثم تقوى حتى تعم الوجه وتصير سواداً في الوجه يراه كل أحد.. قال ابن عباس رضي الله عنه إن للحسنة ضياء في الوجه ونوراً في القلب وسعة في الروزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الخلق وإن للسيئة سواداً في الوجه وضلمة في القلب ووهناً في البدن ونقص في الرزق وبغضة في قلوب الخلق اللهم إنا نتوب إليك ونستغفرك ربنا ضلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.<o:p></o:p>
الحمد لله رب العالمين ولاعدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن اقتفى أثره واستن بسنته.. <o:p></o:p>
أما بعد فمن أثار وعقوبة الذنوب أنه ينسلخ من القلب استقباح المعصية وتصير له عادة ولايستقبح من نفسه رؤية الناس له ولاكلامه فيه وهذا عند أرباب الفسوق هو غاية التفكه و تمام اللذة حتى يفتخر أحدهم بالمعصية ويحدث بها من لم يكن يعلم أنه عملها فيقول يافلان عملت كذا وكذا وهذا الضرب من الناس لايعافون وتسد عليهم طريق التوبة وتغلق عنهم أبوابها في الغالب كما في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كل أمتي معافى إلا المجاهرون ومنها أن المعصية تورث الذل ولابد فإن العز كل العز في طاعة رب العالمين قال الله جل وعلا( من كان يريد العزة فلله العزةجميعاً) أي فليطلبها بطاعة الله.. الله أكبر. أبى الله إلا أن يذل من عصاه.<o:p></o:p>
ومن أثار الذنوب والمعاصي أنها تحدث في الأرض أنواعاً من الفساد في المياه والهواء والزروع والثمار والمساكن قال الله جل وعلا(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) قال الإمام ابن القيم رحمه الله الظاهر والله أعلم أن الفساد المراد به الذنوب والمعاصي وموجباتها فيدل عليه قوله تعالى(ليذيقهم بعض الذي عملوا) فهذا حالنا إنما أذاقنا الشئ اليسير من أعمالنا فلو أذاقنا كل أعمالنا لما ترك على ظهرها دابة انتهى كلامه رحمه الله وغفر له.<o:p></o:p>
ومن أثار الذنوب والمعاصي حرمان الطاعة فلو لم يكن للذنب عقوبة إلا أنه يصد عن طاعة تكون بدلاً ويقطع طريق طاعة أخرى فينقطع عليه طريق ثالثة ثم رابعة وهلم جرا فينقطع عليه بالذنب طاعات كثيرة كل واحدة منها خير له من الدنيا وماعليها ومنها أن المعصية تزرع أمثالها ويولد بعضها بعضاً حتى يصعب على العبد مفارقتها والخروج منها كما قال بعض السلف أن عقوبة السيئة السيئة بعدها وأن ثواب الحسنة الحسنة بعدها فلو عطل المحسن الطاعة لضاقت عليه نفسه وضاقت عليه الأرض بما رحبت وأحس من نفسه بأنه كالحوت إذا فارق الماء حتى يعاودها فتسكن نفسه وتقر عينه ولو عطل المسئ المعصية وأقبل على الطاعة لضاقت عليه نفسه وضاق صدره وأعيت عليه مذاهبه حتى يعاود المعصية حتى إن كثيراً من الفساق ليواقع المعصية من غير لذة يجدها ولاداعية إليها إلا لما يجد من الألم لمفارقتها كما قال بعضهم وكأس شربت على لذة ..وأخرى تداويت منها بها<o:p></o:p>
ومن عقوبة المعاصي وهو من أخوفها على العبد أن الذنوب تضعف القلب عن إرادته فتقوى فيه إرادة المعصية وتضعف إرادة التوبة شيئاً فشيئاً إلى أن تنسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية فلو ما تنصه لما تاب إلى الله جل وعلا وقد يأتي بالإستغفار والندم وتوبة الكذابين باللسان لكن قلبه متعلق بالمعصية مصر عليها عازم على مواقعتها متى أمكنه وهذا من أعظم الأمراض وأقربها إلى الهلاك نسأل الله السلامة والعافية ومن عقوباتها أنها تضعف في القلب تعظيم الرب جل جلاله وتضعف وقاره في قلب العبد ولابد شاء ذلك أم أبا ولو تمكن وقار الله وعظمته في قلب العبد لما تجرأ على معاصيه وربما اغتر المغتر وقال إنما يحملني على المعاصي حسن الرجاء وطمعي في عفوه لاضعف عظمته في قلبي وهذا من مغالطة النفس فإن عظمة الله جل وعلا وإجلاله في قلب العبد يقتصي تعظيم حرماته وتعظيم حرماته يحول بينه وبين الذنوب والمتجرؤون على معاصيه ماقدروه حق قدره كيف يقدره حق قدره أو يعظمه أو يرجو وقاره ويجله من يهون عليه أمره ونهيه إن هذا لمن أبين الباطل وكفا بالعاصي عقوبة أن يضمحل من قلبه تعظيم الله جل جلاله وتعظيم حرماته ويهون عليه حقه ومن عقوبة هذا أن يرفع الله مهابته من قلوب الخلق فيهون عليهم ويستخفون به كما هان عليه أمر الله واستخف به فعلى قدر محبة العبد لله يحبه الناس وعلى قدر خوفه من الجبار يخافه الناس وعلى قدر تعظيمه لربه وحرماته يعظم الناس حرماته الله أكبر كيف ينتهك عبد عن حرمات الله ويطمع على أن لاينتهك الناس حرماته أم كيف يستخف بمعاصي الله و لايستخف به الخلق ومن عقوباتها أنها تضعف سير القلب إلى الله والدار الآخرة وتعوقه وتوقفه عن السير فلاتدعه يخطو إلى الله خطوة هذا إن لم ترده عن وجهته إلى وراءه والذنب يحجب الواصل ويقطع السائل والقلب إنما يسير إلى الله بقوته فإذا مرض بالذنوب ضعفت تلك القوة التي تسيره فإن زالت بالكلية انقطع عن الله انقطاعاً يبعد تداركه والله المستعان.<o:p></o:p>
ومن عقوبة الذنوب والمعاصي أنها تزيل النعم وتحل النقم ومازالت عن العبد نعمة إلا بسبب ذنب ولاحلت به نقمة إلا بذنب كما قال على رضي الله عنه مانزل بلاء إلا بذنب ولارفع إلا بتوبة قال الله جل وعلا (ذلك بأن الله لم يكن مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا مابأنفسهم) .<o:p></o:p>
ألا فاعلموا أننا في نعمة عظيمة نعمة التوحيد والسنة والإجتماع وظهور الدعوة السلفية دعوة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب فلاتبدلوا نعمة الله كفراً ولاتغرنكم الأفكار المستوردة المشبوهة وإن زخرفها المبطلون وإنكم على دين قيم وصراط مستقيم واحذروا المعاصي فإنها تجرؤا أهل البدع علينا فإنا لله وإنا إليه راجعون...<o:p></o:p>
اللهم ياحي ياقيوم ياذا الجلال والإكرام ..اللهم إنا نسألك الهدي والتقى والعفاف والغنى ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ..اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك المشركين..ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.. اللهم آمنا في دورنا واصلح أإمتنا ووولاة أمورنا واجعل ولايتنا لمن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين .. الهم انصرنا علىالقوم الكافرين ...اللهم انصرنا على القوم الكافرين... اللهم انصرنا على القوم الكافرين... اللهم عليك باليهود والنصارى فإنهم لايعجزونك..الهم انجي المستضعفين من المؤمنين في فلسطين.. اللهم كن لهم عوناًونصيراً.. اللهم اجمع كلمتهم على التوحيد والسنة ياأرحم الراحمين ..اللهم عليك باليهود ومن ناصرهم ومن أعانهم على أهل الإسلام..اللهم مزق ملكه..اللهم اجعله عبرة للمعتبرين.. الهم أخرجهم من بلادنا أذلة صاغرين..ربنا آتنا في الدنيا حسنةوفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار...اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد..وعلى آله وصحبه أجمعين. <o:p></o:p>
<o:p></o:p>