جديد المواضيع |
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب |
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك |
|
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
التشيع (عقيدة دينية ؟ ام عقدة نفسية)
التشـيـــع
عقيدة دينية ؟ أم عقدة نفسية الدكتور طه حامد الدليمي الإهــــداء إلى.. النخبة العاملة في الأمة.. من العلماء والدعاة والقيادات السياسية والعسكرية والثقافية والعشائرية وغيرها الذين أدركوا حقيقة خطر الشيعة ويسعون جدياً في مواجهة هذا الخطر لا تبددوا طاقاتكم في تجربة المجرَّب والسعي وراء ما لا طائل تحته من.. الأفكار التقليدية.. والأساليب القديمة غير المجدية أيها العاملون ..! وحتى أختصر لكم الطريق فقد قمت بتشخيص الداء.. وتوصيف الدواء المقدمــة الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين. وعلى آله.. أصحابه وأتباعه أجمعين. وبعد.. ففي زمن الزيف..والضغط الاجتماعي.. والإرهاب الجسدي والفكري..حين تلتمس الدنيا بعمل الآخرة.. ويبيع المرء دينه بعرض من الدنيا قليل - تقلب الحقائق.. وتغير المعاني.. وتبدل المفاهيم.. ويمسي الحق غريباً توضع على وجهه المشرق الجميل البراقع والحجب؛ فلا تكاد تتعرف عليه إلا بعد جهد جهيد.. وبحث وتنقيب، كمن يتطلب جوهرة ثمينة من خلل الغبار، ويتحسسها من بين الأوساخ والأتربة! فلا يرجع بها حتى ينعق الناعقون.. يصيحون به من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله يقولون: إنه لمجنون!.. وما هو بمجنون. ولكن الذين هانوا على ربهم يكذبون. لا سيما مع شيوع (الثقافة المنبرية). ذلك أن أغلب ركاب المنابر (قصاصون) كان أسلافنا الأوائل يطردونهم من المساجد، وكانوا يحذرون منهم أشد التحذير. ولكن طال علينا الأمد، وكثر الدخان والدخن؛ فصعب التمييز على عامة الناس، لا سيما مع كون الساحة تكاد تخلو ممن يحاول السباحة ضد التيار، أو يرفع صوته، أو يحرك يده مشيراً إلى الانحراف الحاصل عن الاتجاه الصحيح. فمن ذا الذي يصبر على مثل هذا ؟!وكيف؟! ومتى يدرك الناس الحقيقة وسط هذا المحيط ؟! في مثل هذه الأجواء الموبوءة.. لا بد لطلاب الحقيقة من أن يعيدوا دراسة القضايا - أو المشاكل الكبرى - بعقلية الناقد المتشكك الذي لا يأخذ الأمور على ظواهرها، أو كما يسمعها أو يقرأها مهما كان مصدرها – سوى قواطع الوحي وثوابت الدين- وأن يُخضعوا (المسلمات) الاجتماعية إلى الفحص وإعادة النظر من جديد.. وإلا استمر الخطأ يتكرر، والتأريخ يعيد علينا دورته - ويعيد نفسه - في كل جيل. لا بد من قراءة جديدة للتأريخ والمجتمع. ومعايشة الواقع معايشة تقوم على الرصد والتحليل والتقييم ومراجعة المعلومات باستمرار.إضافة إلى إثارة الموضوعات الحية ومناقشتها مع ذوي الشأن والخبرة. كل ذلك في ضوء الكتاب والسنة، والاطلاع على التجارب السابقة والمعاصرة، وما سطره الحكماء من العلماء العاملين، وليس الجامدين القابعين في بروجهم الذين يريدون من الله سبحانه (أن يضرب لهم الظالمين بالظالمين ويخرجهم من بينهم سالمين)1!. أقول: لا بد من هذا للخروج بخلاصة صحيحة -أو أصح - تصلح لعلاج المشاكل الكبيرة، أو – على الأقل - تصلح لتفسيرها تفسيراً علمياً واقعياً بعيداً عن أوهام المخبولين، وخبالات الواهمين. لقد كنت أقلب البصر في أنحاء هذا الواقع وأنا أفتش عن السر الكامن وراء ذلك الحقد الطائفي والممارسات المتخلفة المؤذية، والوقاحة الصفيقة في التعامل مع (الآخر)، مع انعدام الإحساس بقيمته وقيمه ومشاعره، وإسقاط النواقص الذاتية عليه؟ لماذا هذا العداء الوحشي الذي يلبس لبوس الدين؟ ومصادرة حق الآخر في العيش أو التعايش؟ والسعي الحثيث في محاولة تهميشه وإلغائه من الوجود بشتى الطرق: اتهامه والوقيعة به، أو مطاردته واعتقاله وتعذيبه إلى حدود - وبأساليب - لا يبلغها العقل الإنساني!أو اغتياله وتصفيته جسدياً بكل الوسائل الممكنة...؟ لماذا هذه اللعنات التي تصب على تاريخنا ورموزنا علناً وعلى رؤوس الأشهاد؟! لماذا هذا التخريب والحركات الغوغائية المدمرة للذات وللغير؟ والعمالة المتكررة للغازي الأجنبي؟ ما هذا الفساد الخلقي الذي يمارس باسم الدين أو بلا اسم، والذي يتركز ويزداد كلما اقتربت من الحوزات والمؤسسات أو المعالم والرموز الدينية؟ ما هذا الكذب السمج والنفاق والتظاهر بغير الباطن بلا مبرر من إكراه ونحوه؟ وهذا اللؤم وإنكار الجميل وتوجيه الأذى للمحسن أولاً وقبل غيره؟ ما هذه الرايات السود التي تواصل التقدم من الشرق وبلا انقطاع منذ فجر التاريخ في أور سومر وإلى بغداد الأمس واليوم؟ وهذه الحروب التي لا تنتهي؟ ما هذا اللطم والنواح والتطبير وجلد الذات؟ وهذه الذلة والمسكنة والتباكي ودعوى الاضطهاد والمظلومية والمحرومية: أهي محرومية حقيقية؟ أم هي محرومية نفس جدباء لا تنبت كلأً ولا تمسك مطراً ؟ وأتلفت حولي وأنا أسأل وأتساءل، وأبحث وأبحث.. وشيئاً فشيئاً صارت تتكشف لي الحقيقة. ومع الرصد والتنقيب والتحليل، وتخزين الملاحظات وتسجيلها، وفحصها واختبارها، وتجميع النتائج وتركيبها لاستخلاص القواعد والأسس وتطبيقها على المفردات والجزئيات - ظهرت لي الحقيقة جلية.فإذا أنا أكتشف أن (التشيع عقدة وليس عقيدة). وما كان أعجب تلك اللحظة التي اكتشفت فيها هذه الحقيقة!وقد جاءتني عفواً على لسان أحد الأصدقاء، فكدت أصيح لحظتها قائلاً: وجدتها..! وجدتها..! هذه هي الحقيقة المفقودة..! وهذا هو التشخيص المطلوب..! وإن هذا التشخيص ضروري كل الضرورة لعلاج المشكلة، وغيابه عن ذاكرة المهتمين بها هو السبب وراء فشل جميع المحاولات العلاجية، أو تأخرها في إحداث الأثر المطلوب، بصرف النظر عن درجة الفشل: أهي قريبة من الصفر؟ أم تحوم تحت عتبة النجاح. كتبت أول ما كتبت في أمراض أو نفسية الشيعي عام 2002م. فكان أحد أبواب كتاب (لا بد من لعن الظلام) أسميته: (التشيع الفارسي بين الأمراض والعقد النفسية والانحرافات الفكرية والسلوكية). ثم رأيت بعد فترة قليلة أنه لا بد من التوسع في البحث، وإقامته على أسس أكثر علمية. لكن الشواغل حالت بيني وبين ذلك.منها ظروف الاحتلال وكثرة التنقل وعدم الاستقرار. وحين طالت المدة قررت – بالرغم من كل شيء – أن أجرد القلم وأبدأ البحث. لكنني ووجهت بقلة المصادر وشحة معلوماتها المطلوبة، ووجدت أفضل ما وقع في يدي منها هو كتاب (التخلف الاجتماعي.. سيكولوجية الإنسان المقهور) للدكتور مصطفى حجازي؛ فهو أقربها إلى موضوع البحث من حيث أن حجر الزاوية في (العقد الفارسية) – التي تسللت بالحث والعدوى الجمعية إلى الشيعة - هو الشعور العميق بالقهر والحرمان والعجز والاضطهاد إزاء قوى الطبيعة والمحيط الذي يعيش فيه. وهي معان متقاربة تشترك في تكوين أهم عقدة لدى (الفارسي) - والتي تشكل أساس كل عقده النفسية التي يعاني منها - ألا وهي (عقدة النقص). وهو ما دارت عليه موضوعات الكتاب؛ فاتخذته مرجعاً أساسياً من مراجع البحث1. كتبت الكتاب - أو البحث - بمنهاج المصلح الديني، الذي يبغي الإصلاح الاجتماعي، ويحاول وصف العلاج الناجع من خلال النظر في كتاب الله المسطور: القرآن الكريم - ومعه السنة النبوية المطهرة - وكتابه المنظور: الأنفس والآفاق، أو الواقع المشهود. ولقد ساءني جداً، وآذاني كثيراً ما وجدته في الساحة الدعوية من سطحية في التفكير، وغثائية وجمود في الطرح، وذهول عن القرآن والسنة والسيرة النبوية، وبُعدٍ منقطع عن الواقع، وغفلة حمقاء عن تجارب الأمم، وجهل معيب للتاريخ، وفقر مدقع في معرفة سنن الله في التغيير. لذا فإني أتناول هذا كله بالحديث، ولا أقتصر به على البحث العلمي الذي يتناول المسألة من جوانبها الموضوعية فقط. علماً أنك ستجد موضوعات منقولة عن كتاب (لا بد من لعن الظلام) بنصها أو بتصرف بسبب طبيعة البحث إذ هو عبارة عن امتداد للباب الأخير من الكتاب المذكور، اقتضت أهمية الموضوع وأصالته مني أن أتوسع فيه وأدرسه بعمق أكثر مما كان عليه. إن هذا الكتاب محاولة أولية لدراسة هذا الموضوع الساخن جداً، والمهم جداً. ولا أدّعي أنني صاحب اختصاص في علم النفس ولا في الطب النفسي، وإن كنت قد درست هذه المادة في الكلية الطبية قبل عشرين عاماً. ولكن كانت دراسة أولية عامة فتحت لنا الطريق ولم تصل بنا إلى نهايته. حسبي أنني فتحت باب الموضوع، وكنت – ما علمت - أول من يلج دهليزه الشائك. والعارفون يعلمون أن صعوبات التأسيس غير صعوبات البناء (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا) (الحشر:10). على أن لي ولعاً قديماً جداً بقراءة كتب علم النفس والتاريخ والاجتماع.ربما ساعدني ذلك كله على أن أتجرأ فأكتب هذه الدراسة مع دعوتي أهل الاختصاص أن يتبنوا هذا الموضوع، ويقولوا كلمتهم فيه.بشرط أن يكونوا ممن عاشوا الواقع واكتووا بناره وتقلبوا على مداه وأشواكه، لا ممن أتعبهم القعود على المكاتب المكيفة صيفاً وشتاء وهم يلهثون وراء الكتب يبحثون في طياتها عن الحقيقة بعيداً عن الواقع والأحداث. |
#2
|
|||
|
|||
بين يدي الكتاب من المشاكل الكبرى التي واجهت – وتواجه - سير ديننا ومسيرة مجتمعنا: مشكلة الشيعة والتشيع. كم قال لنا (الحكماء) يوصوننا به قبل السفر ومعه وبعده: عليكم بالرفق فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه. إياكم ومسائل الخلاف وحديث الاختلاف. بينوا للناس الحق وإياكم وذكرَ الباطل لئلا تُنَفروهم فتخسروهم، وبدل أن تلعن الظلام أشعل شمعة! قولوا لهم: إن عمر هو زوج أم كلثوم بنت علي، واذكروا لهم العلاقة الطيبة بين علي والصحابة إلخ...إلخ؟! وحزمنا حقائبنا محشوة بهذه الوصايا، ورحنا ننفق منها بلا حساب، وزدنا عليها بما جادت به قرائحنا. بل صرنا (فقهاء) نُنَظِّر لهذا (الفقه) فنأتي منه بكل عجيب!. لكننا كنا نقرأ القرآن فتقفنا منه آيات بينات، ونصطدم بالواقع فنعرف وننكر! وشيئاً فشيئاً صار بعض الوصايا لدينا في موضع الشك، وبدأنا نراجع الحساب لنرى من أين أُتينا فرأس المال يكاد يطير! واكتشفنا - بعد سلسلة من التجارب الفاشلة والناجحة التي مارسنا من خلالها دورنا في الرصد وتسجيل الملاحظات وتجميعها وتحليلها، ومتابعة الخطوات الناجحة من الفاشلة، ومحاولة إرجاع كل إلى أسبابه - اكتشفنا أن تلك (الوصفة) غير مكتملة العناصر من جهة، وأنها - من جهة أخرى - غير ناجعة في أغلب الحالات؛ لا بسبب عدم اكتمالها فحسب، وإنما لكونها مستوردة من محيط يختلف كثيراً عن المحيط الآخر الذي يراد لها أن تطبق فيه دون مراعاة لجوانب الاختلاف. بل أستطيع أن أقول: إن أهم سبب وراء استمرار المرض وتفاقمه وانتشاره هو أن الدواء يجرب على مريضين يختلفان في أصل الداء، وإن بدت الأعراض في ظاهرها بينهما متشابهة. الوصفة غير مكتملة العناصر [LIST][*]أما عدم اكتمال عناصر (الوصفة) فأول دليل عليه أن دين الله قام علـى فضح الباطل وأهله والتنديد بهم وبيان سبيلهم وأساليبهم وأضاليلهم جنباً إلى جنب مع بيان الحق ومدح أهله والدعوة إليه. بل إن بيان الحق لا يتم إلا ببيان الباطل، وإن الثاني يتقدم على الأول في أصل القاعدة الصحيحة، وفي الذكر في مواضع كثيرة من القرآن الكريم. ويكفينا في ذلك قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) (الفاتحة:7،6)، وقوله: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) (الأنعام:55)، وقوله: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) (البقرة:256). فالقول بأن قضية كبيرة ومشكلة خطيرة كقضية (التشيع) يمكن علاجها بالإشارة والإيماء، دون وضعها على طاولة التشريح وعرض خباياها على الملأ لا يمكن أن يكون تعبيراً عن دعوة جادة محترمة لها هدف بعيد وبرنامج مدروس. إنما هو مجرد أحلام لا تليق إلا بمجموعة من البسطاء (الطيبين).[/LIST] الدواء مستورد [LIST][*]وأما السبب الأكبر القائم على كون الدواء مستورداً من محيط إلى محيط آخر مختلف فهو يجرب على مريضين مختلفين في أصل العلة أو الداء فهذا أعني به أمرين:[/LIST] أولهما: أن هذه الأساليب تنفع في برنامج الدعوة الفردية، ولا تصلح أن تكون خطاباً مؤثراً في برنامج دعوة الإسلام الجماعية، التي تخاطب المجتمع كمجموع، وليس كأفراد منعزلين في دوائر ضيقة يعالجون بهذه الأساليب التي يمكن أن تؤتي ثمارها فيبدأ بالتغير بها بعض الأفراد يقلون أو يكثرون، دون أن يكتمل هذا التغيير في نهاية المطاف ببيان الحق من الباطل، ودون أن يؤثر ذلك ليحدث انعطافة في مسيرة المجتمع. إنما الذي يمكن أن يحدث هذه الانعطافة هو الخطاب الذي يتوجه إلى المجتمع ككل. وأُولى فقرات هذا الخطاب أن يكون صريحاً واضحاً في بيانه للحق وللباطل. وهكذا كانت دعوة الأنبياء عليهم السلام، بل كل الدعوات الناجحة على مر التأريخ. المشكلة أن الكثيرين لا يدركون الفرق بين برنامج الدعوة الفردية، وبرنامج الدعوة الجماعية. فيقعون في مطب المراوحة فوق موضع الخطوة الأولى، وفي الوقت نفسه تخدعهم بعض النجاحات المحدودة على المستوى الفردي، أو نجاحات أخرى كانت نتاج أساليب اقتربت عفوياً من الأسلوب الجماعي، فيخلطون هذا بذاك ويجعلونه كلاً دليلاً على صحة ما يذهبون إليه. وهذا يؤدي بهم إلى الفشل في نهاية المطاف؛ لنقلهم مضامين وأساليب المعالجة الفردية التي لا يجيدون سواها – هذا في أحسن الأحوال - إلى غير مجالها وهو المجال الجماعي. ولا شك أن العقلية الجمعية للمجتمع - وكذلك نفسيته وثقافته كمجموع - تختلف في كل ذلك عن أي فرد من أفراد المجتمع كلاً على حدة. وهذا يستدعي – بلا شك عند كل عاقل أدرك هذا الفرق الدقيق - اختلافاً في المؤثرات التغييرية سواء في الأسلوب أو المضمون. وقد شرحت ذلك مفصلاً في كتاب: (لا بد من لعن الظلام) في الفصل الأخير منه. وثانيهما: تبين لنا بعد تلك التجارب الطويلة الفاحصة أن أدواء المجتمعات الشيعية تختلف في طبيعتها عن أدواء المجتمعات السنية. وهذا هو موضوع كتابـي هذا، الذي هو أحد أبواب الكتاب المذكور آنفاً استللته من هناك وأفردته هنا بتصرف أوسع، ودراسة أعمق. إن (التشيع) عبارة عن مجموعة عقد وأمراض نفسية قبل أن يكون مشكلة عقيدية أو فكرية. إنه عقد نفسية أفرزت مشاكل عقيدية وسلوكية. أو هو مشاكل عقيدية وسلوكية كان لا بد لها أن تكون عن قصد وعمد بسبب انحرافات وعقد نفسية. ولهذا كان من الصعب علاجه علاجاً فكرياً مجرداً عن إدخال العنصر النفسي في معادلة العلاج. إنه دين يشبه دين اليهود تماماً! هل تستطيع أن تقول لي: لماذا لم يهتد اليهود وعلى يد أعظم الحكماء والحلماء r؟ ألخلل في البيان القرآني أو النبوي؟ كلا. فالله تعالى يقول عنهم: (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) (البقرة:145 إنها معاندة مع سبق الإصرار على المخالفة. فالمخالفة عندهم غاية. والسبب أمراض وعقد نفسية: (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ). ما خالف العامة ففيه الرشاد...؟! وكذلك الحال مع الشيعة!. وإلا بم تفسر منهاجهم الذي يسيرون عليه في تعاملهم مع أهل السنة الذي لخصته الرواية التالية التي افتروها على سيدنا الإمام جعفر الصادق رحمه الله : (ما خالف العامة ففيه الرشاد)1؟!. وأبسط وأوضح تطبيق له عندهم مخالفتهم الدائمة لنا في صومهم وفطرهم وعيدهم. سألني صديق: لماذا لا يعجلون فيسبقونا بيوم؟ قلت: خشيةً من احتمال أن نوافقهم! فهم لا يعلنون عن توقيتهم حتى يطمئنوا إلى إمكانية المخالفة. حتى غدا الأمر مما يتندر به وتحاك حوله الطرائف والنكت!. قيل: إن بعثياً شيعياً احتفل في يوم 8 نيسان بمناسبة مولد الحزب ، فقال له رفاقه: لقد تأخرت يوماً! فأجابهم: ألا تدرون أنني شيعي؟!. وقد حاول الرئيس العراقي السابق أحمد حسن البكر أن يضع علاجاً لهذا الاختلاف في الصيام والأعياد بأن طرح حلاً واقعياً على المرجع الشيعي أبي القاسم الخوئي قال له: سنوافقكم نحن في توقيتكم فلا نعلن عن صيام أو عيد حتى تخبرونا أنتم أولاً ! فرفض الخوئي هذا المقترح! بماذا تفسر هذا الإصرار على المخالفة؟! وصدق الله تعالى إذ يقول: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لا يَعْقِلُونَ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لا يُبْصِرُونَ) (يونس:42،43). مرضى الوهم وهكذا هم في جل مخالفاتهم ينطلقون من موقف نفسي يفرض عليهم خلافاً فكرياً أو فقهياً أو سياسياً إلخ...خذ مثلاً هذا الاعتقاد الراسخ والشائع لدى الشيعة بأن أهل السنة يكرهون (أهل البيت) ويسبونهم ويتنقصون منهم. هل هناك شاهد واحد وعلى مر العصور يؤيده ؟ حينما كنا صغاراً نلعب في الحارة كان من المعتاد أن نسمع أحياناً بعض الأطفال الشيعة - إذا انتابه الغضب لسبب أو لآخر - يصب جام غضبه فيسب الحسين أو العباس، هذا مع سب الرحمان جل وعلا! وكنا نقابل ذلك بالاستغفار، حتى إننا لنقول لذلك الطفل مستنكرين:لماذا (تكفر بالعباس …). لكنني لا أذكر – ولو مرة واحدة -أنني سمعت طفلاً سنياً يسب أحداً من (أهل البيت)y . ولا شك أن هذا راجع إلى التربية البيتية؛ فإن تصرفات الطفل وتصريحاته في الحارة أو الشارع تعكس ما يدور في بيته. وهذا يعني أن ذلك الطفل يرى أمه أو أباه إذا غضب تناول تلك الأسماء بلسانه. وفي الوقت نفسه يتعبد جمهور الشيعة ببغض الصحابة وسبهم على اعتبار أنهم اغتصبوا الخلافة، واضطهدوا علياً وفاطمة إلخ... فإذا واجهتهم بهذه الحقيقة جحدوا بها رغم استيقان أنفسهم لها! أحمد الوائلي لم يتردد ولم يتلعثم وهو يقول ويصرح على الملأ في لقاء على إحدى القنوات الفضائية بالنفي المطلق لكون الشيعة يسبون الصحابة! وتحدى بكل صفاقة أن يأتيه أحد بدليل واحد عن عالم معتبر ، نال منهم في كتاب من كتبه! (والله يشهد إنهم لكاذبون * اتخذوا أيمانهم جنة) !. من أين جاء هذا الاعتقاد الوهمي والأمر على هذه الحال؟! فلا توجد أية مقدمة يمكن أن يُستند إليها للوصول إلى هذه التهمة الباطلة! التي يُحَمَّل أهل السنة مسؤوليتها صغاراً وكباراً، ولم تنفع محاولات العلماء والكتاب والخطباء - وهم يكيلون المدح كيلاً - في دفع التهمة أو التخفيف من آثارها. فتجد الواحد منا إذا ذكر علياً فلا أقل من أن يترضى عنه كما يفعل مع أبي بكر وعمر وبقية الصحابة، على أن البعض يضيف معها أو يستبدل بها عبارة (كرم الله وجهه) وهي عبارة اختص بها أهل السنة علياً دون باقي الصحابة. والبعض الآخر يستبدل بها كلمة: (عليه السلام) ولم يضفها أحد منا لأحد من الصحابة سوى علي. فضلاً عن تلقيبه بـ(الإمام) دون بقية الأصحاب. ناهيك عن التحدث بفضائله حتى خرجوا إلى الغلو! ومع كل هذا وغيره لا تزال التهمة تلاحقنا كالظل! لو كان السبب شبهة فكرية لانحل الإشكال بالبيان، ولكنه علل وعقد نفسية تجعل أصحابها يصرون على التهمة مهما كانت فاقدة لأدلة الإثبات! يسبوننا.. ويتهموننا..! تأمّل هذه.. في صيف عام 1995 - وكنت آنذاك في الحلة - كنت يوماً في زيارة إلى مدينتي (المحمودية) فأخبرني بعض الأخوة أن بعض الحسينيات في المحمودية صارت تطعن في بعض الصحابة ومن خلال مكبرات الصوت، كذلك صاروا يسمعون هذا الطعن من قبل بعض المتحدثين الذين يقومون بما يسمى شعبياً بـ(ختم الفاتحة) أي مجلس العزاء أو المأتم الذي يقام بمناسبة وفاة أحدهم. وأن أحداً من أهل السنة لم يتحرك لا من المشايخ ولا من غيرهم. ذهبت إلى أحد شيوخ المساجد فلم تفلح محاولاتي معه في عمل أي شيء، وراحت جهودي أدراج الرياح ولم أستفد منه شيئاً. كان يضع أمامنا العقبات والمعوقات، ثم لا يفكر في كيفية تجاوزها. لكن – للأمانة - حمّلني كيساً من (الوصايا) و(الحكم) و(الآداب) خرجت من عنده أنوء بحمله حتى إذا صادفتني أقرب (بالوعة) لتصريف المياه القذرة ألقيته فيها ومضيت أتنفس الصعداء! دخلت بعدها أحد المساجد فألقيت محاضرة عن فضل الصحابة والعلاقة الطيبة بينهم وبين علي و(أهل البيت)عموماً. وتطرقت إلى بعض البدع والمخالفات التي ترتكب باسم (أهل البيت)، وهم منها برءاء مثل سب الصحابة. ومثل دعائهم والاستغاثة بهم. ونبهت على أن هذا ليس دفاعاً عن الصحابة فحسب وإنما هو دفاع عن أهل البيت أيضاً الذين نحبهم ونجلهم. وكان أن قلت من ضمن ما قلت: لو أتاني أحدهم الساعة بحذاء علي لوضعته على رأسي وجعلته تاجاً أباهي به! لكن هناك بعض صور الحب - إضافة إلى حرمتها شرعاً - تسيء إلى علي tنفسه: ما معنى أن تستغيث امرأة في حالة طلَق وتصيح قائلة: يا علي! يا علي؟! كيف يحضر علي امرأة متكشفة؟! أليس في هذا إساءة له؟ وتجد امرأة تنتفض وتصيح: أنا المهدي! وأخرى تصيح: أنا العباس، أنا العباس! … والناس يقولون: حضر (الإمام)! ويعتقدون أنه يتلبس جسد المرأة! كيف يعقل أم يجوز مثل هذا الهذيان؟! الإمام في حياته لا يستحل مس يد امرأة، فكيف بعد مماته يتلبسها؟! ورجعت بعد بضعة أيام ليخبرني المؤذن أن مدير (الأمن) – بناء على تقارير كتبت إليه من الشيعة المحيطين بالمسجد - استدعاه ليحقق معه في شأن تهجم وطعن بـ(الإمام علي) صدر من خلال مكبرات المسجد! ولم يكتف المدير بقول المؤذن حتى أبلغه بوجوب حضوري أنا شخصياً إلى دائرة الأمن بتهمة التهجم على (الإمام علي). واستأت كثيراً لهذا، قلت: حقاً لقد هزلت! يستدعى أهل السنة بمثل هذه التهمة التافهة، بينما يُسب الصحابة على رؤوس المآذن ولا من ساكن يتحرك ولا (مسكون)!. الحرب التي أوقد نارها أصحاب النار في إيران ومرت بي مئات المواقف المشابهة، لم يكن أولها الحرب التي أشعلت نارها إيران: لقد أصر مُوقِدها (لع) على عدم إيقافها رغم كل الجهود والوساطات التي بذلها العراق! وكانوا يذبحون الأسرى في بعض ميادين المعارك ذبح الخراف! أما معاناة الأسير داخل أقفاص الأسر في إيران فقد فاقت الخيال! بعض الأسرى ربط كل طرف من أطرافه إلى سيارة انطلقت إلى جهة غير جهة السيارة الأخرى ومزقوه على هذه الصورة الوحشية البشعة! كما كان يفعل جدهم المجوسي (سابور) بالعرب حتى لقِّب بـ(سابور ذي الأكتاف)! ولم يكن هذا أبشع ما تعرض له الأسير العراقي في إيران (الإسلامية)! الاحتلال الأمريكي للعراق وكان آخر هذه المواقف التي مرت بي – والحبل على يد الجرار– ما رأيناه ولمسناه وذقنا الويلات منه على أرض الواقع بعد الاحتلال الأمريكي لبلدنا. لقد استقبل الشيعة في كل مكان في العراق قوات المحتل بالتهليل والترحيب. في حي الجزائر من مدينتنا المحمودية – مثلاً - خرجت نساؤهم إلى الشارع العام يزغردن وينثرن الحلوى على رؤوس الجنود الأمريكان! لقد كان الاحتلال هو العيد الأكبر الذي احتفلوا به كما لم يحتفلوا على مر التأريخ إلا على عهد غزو هولاكو لبغداد! وراحوا يعبرون عن فرحهم بنهب الدوائر والممتلكات العامة وحرقها وتدميرها، كما فعلوا في حركتهم الغوغائية الخائبة على هامش الغزو الأمريكي للمنطقة سنة 1991 بعد انسحاب الجيش العراقي من الكويت، فتوهموا أن الحكومة قد سقطت، وأن الأمر قد قضي؛ فانطلقت غرائزهم وعقدهم النفسية من عُقُلها لتنعكس على الواقع سلباً ونهباً وتقتيلاً، وهدماً وتخريباً وتدميراً! وهكذا كان ما كان في يوم الأربعاء الأسود 9/4/2003 الذي جعلوه يوم (عيد وطني) لهم! ومن أول يوم من أيام الاحتلال بدأوا حملتهم في اغتصاب مساجد أهل السنة حتى إنهم استولوا على ثلاثة مساجد لأهل السنة في مدينة بلد وهي مدينة شيعية صغيرة تكاد تضيع في وسط محافظة صلاح الدين (تكريت) ذات الأغلبية السنية الكاسحة!!! إضافة إلى بعدها الشاسع عن المناطق الشيعية، فتصور الصفاقة والاجتراء على أهل السنة وسماحتهم وسمو أخلاقهم! ثم راحوا – في الوقت نفسه - يشنون حملة تطهير عرقي ابتدأوها في محافظة البصرة في (أبي الخصيب) وغيرها من مدنها، امتدت إلى محافظة الحلة المجاورة للعاصمة بغداد! ورافق ذلك حملة تقتيل للشخصيات السنية المؤثرة، وإزاحة علنية سافرة عن المواقع المهمة في المجتمع، مع استهتار متخلف سمج بإعلان الشعائر الدينية الخاصة المصحوبة بالسب العلني لكبار الصحابة ورموز التأريخ العربي والإسلامي كالسلطان صلاح الدين الأيوبي الذي بدأوا حملتهم ضده من الأيام الأولى للاحتلال بالعبث بتمثاله الواقع قرب بوابة بغداد، في الساحة المقابلة للشارع المؤدي إلى مدينة الشعلة. وراحوا يغيرون أسماء الشوارع والساحات والمدارس والمستشفيات، ويرفعون عليها صور مراجعهم وخونتهم كالعميل الإيراني الأمريكي المزدوج المقبور محمد باقر الهكيم، دون أدنى اعتبار لوجود (الآخَر) ومشاعره!حتى لكأنه لا وجود له عندهم، أو أنه – على أحسن تقدير – لا يستحق الوجود. ما هذا ؟!!! ولماذا ؟!!! ومن أين ؟!!! أهل السنة لا يتحركون..! (الفتنة نائمة...)؟!!! كل هذا وأهل السنة لا يحركون ساكناً! ولا يردون بالمثل. بل هم مشغولون بلملمة الجراح، والتفكير بكيفية التعامل مع المحتل ومواجهته دون إعطاء مساحة مناسبة للتفكير في موضوع الخطر الداخلي المتمثل بالشيعة! لقد كان الجميع – إلا من رحم – يعزف على وتر متهدل لربابة قديمة، أو ينقر على جلد متهرئ لدف مكسور: لا نريد أن نثير حرباً طائفية. لا فرق بين سني وشيعي. الكل إخوة : الدين واحد والعقيدة واحدة! الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها. |
#3
|
|||
|
|||
هذا والفتنة مستيقظة (على آخِر حبة) تنظر ببصر حديد، وتصول وتجول بمخالب وأنياب من حديد. وكنا نقول يومها ونحن نعيش هذه المهازل، ونسمع هذا الهذر، والأسى يملأ قلوبنا، والغصة تأخذ بحلاقيمنا: ما أشبه حالة أهل السنة بحال من قال الله تعالى فيهم: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) (التوبة:49)!!. حتى بلغ السيل الزبى! ولم يعد في القوس منزع، ولا للحوادث من سبيل للتهرب والتأويل.
هذا.. وكنا نرى نشاطهم الإعلامي الدؤوب في التزوير ، وقلب الحقائق – والقناة اللاعراقية مثل سافر – ليُظهروا الجلاد في صورة الضحية، والضحية في صورة الجلاد! وهم يصرخون: مظلومون.. مضطهدون.. نُقتل على الهوية.. ماذا فعلنا؟ ماذا جنينا؟ حتى جعلوا من (اللطيفية) قضية! ووحشاً مرعباً.. ما خرج واحد من دعاة الشيعة إلا شكى واشتكى، وحن وبكى، وأبكى من حوله وقال:اللطيفية! اللطيفية! إنهم يقتلوننا على الهوية! من أجل أن يجعلوا من هذه الأسطورة حقيقة راسخة لا تقبل النقاش في أذهان عامة الناس. متبعين في ذلك حيلة نفسية معروفة لدى كل أساطين السياسة تقوم على أساس أن العقل الجمعي للمجتمع يتشرب بمرور الزمن كل مقولة تكرر على مسامعه باستمرار مهما كانت باطلة، أو مجافية للعقل ومنطق الأشياء والأحداث! كما قال المسؤول الإعلامي لهتلر: اكذب اكذب حتى يصدقك الناس. المشكلة أن أهل السنة ساكتون ، وإذا تكلموا فأكثرهم لا يجيد الرد ، ويلتزم وسيلة الدفاع لا الهجوم وإلقاء الجمرة في حضن الخصم، كما أنه يجهل تلك القاعدة النفسية لدى العقل الجمعي ليستثمرها الاستثمار الإيجابي الصحيح: اصدق اصدق حتى يصدقك الناس. وإلا فإن الحقيقة الصارخة أن القتل على الهوية هو الذي يمارسه الشيعة ضد أهل السنة على أوسع نطاق! بل الجهاز الحكومي الشعوبي بكل ثقله ودوائره يقوم بذلك على أكمل وجه. وما عداه فهي ردود أفعال لا توازي ما يقوم به الشعوبيون وذيول إيران في الجهاز الحاكم ومن ساندهم من الأحزاب الشيعية والدوائر الملتفة حول المراجع. بل لكل منهم – بلا استثناء - نصيبه من التقتيل والاغتيال على الهوية. تكفيريون حتى العظم يتهمون الغير بالتكفير ثم تعال معي لنفكر معاً في هذه الرغبة المحمومة، والإصرار العجيب على إلصاق تهمة التكفير والإرهاب بأهل السنة والجماعة؟! متخذين من اسم (الوهابية) ستاراً للوقيعة بالجميع. هل هناك ملة واقعة في مستنقع التكفير والإرهاب بكل أشكاله مثل الشيعة الاثني عشرية؟!! إنهم لا يكفرون منكر مبدأ (الإمامة) فقط ، وإنما يكفرون حتى الشيعة الإمامية الذين يختلفون معهم في (إمامة) البعض دون - أو مع - البعض! ويستبيحون دم المخالف من هؤلاء جميعاً بلا تفريق ويجعلون ذلك من أعظم القربات إلى الله!فما لهؤلاء التكفيريين الإرهابيين حتى العظم واتهام الآخرين بالتكفير والإرهاب؟! كل هذا (الواقع بمتناقضاته وعلاقاته المتداخلة، حرب إيران 1980-1988، معاملة إيران للأسير العراقي، الحركة الغوغائية الطائفية 1991، التجربة الذاتية في الدعوة والتغيير، الاحتلال الأمريكي 2003 وتداعياته، وغيره وغيره كحال أهل السنة في إيران، ومعاناة إخواننا المأساوية في الأحواز) دفعني إلى أن أقوم بمراجعة شاملة للحساب، وأسترجع الحوادث، وأنظر إلى الواقع نظرة جديدة، وأقرأ التأريخ بإمعان. لأخلص إلى هذه النتيجة التي أفصحت عنها آنفاً وهي: أن (التشيع) عقدة قبل أن يكون عقيدة، وانحراف نفسي قبل أن يكون انحرافاً فكرياً أو سلوكياً. فمن لم يأخذ هذا بالاعتبار والحسبان ذهبت جهوده سدى وهو يحاول العلاج، بل لن يجني في النهاية إلا الشوك والتعب والخسارة الفادحة. وهذا ما نحن فيه! فهل من معتبر؟ صعوبات البحث ومعوقاته هذا.. وقد واجهت أثناء البحث صعوبات جمة. أكبر هذه الصعوبات أن كتب الطب النفسي وكتب علم النفس عموماً – على الأقل تلك التي اطلعت عليها - تركز على الأمراض النفسية الفردية، ولا تعطي اهتماماً كبيراً للأمراض الجماعية، التي هي – ربما – أخطر أثراً، وأشد فتكاً. حتى الكليات الطبية: فقد درست في كلية الطب/جامعة بغداد الأمراض النفسية التي تتعلق بالأفراد، من حيث هم أفراد، ولم يكن هناك أدنى إشارة إلى الأمراض التي تتعلق بالمجموع، من حيث هو مجموع. وقد يكون السبب أن الطبيب في الواقع يتعامل مع أفراد وليس مع مجتمع أو مجموعٍ مريضٍ، إنما هذا من شأن علماء الاجتماع. وقد بحثت في المكتبات فلم أجد ما يروي الغليل أو يشفي العليل. ولا بد لي من إعادة القول بأنني لست من المتخصصين في علم النفس، أو الطب النفسي، ولا علم الاجتماع. وإنما أنا مجرد قارئ لهذه العلوم من باب الثقافة العامة. هذا مع قلة المصادر التي تيسرت لي. وهذه إشكالية أرهقت كاهلي وأتعبتني في سيري وأنا أخوض عباب بحث وجدت نفسي ملزماً به، ولا بد لي من مواصلته حتى النهاية. يحق للقارئ هنا أن يقول لي: ما دام الأمر على هذه الصورة، فما وجه هذا اللزوم؟ وما الذي أقحمك في هذا الموضوع؟ ومن الذي أباح لك الخوض في شأن ليس من اختصاصك؟ وأقول مجيباً: لو كان الباعث لذلك هو البحث العلمي المجرد لما كان لي من جواب.ولكن الأمر كما يقول المثل: (لا يحملك على المر إلا ما هو أكثر مرارة منه)! الواقع المر الذي نتجرع كؤوسه يوماً بيوم وساعة بساعة هو الذي أقحمني فيما أقحمني فيه. ولم أجد أحداً قد خاض غمار بحث هذا الموضوع الخطير من قبل، ولا أرى أن أحداً سيخوضه في المستقبل المنظور. ولذا وجدت نفسي ملجأً إلى أن أخوضه بنفسي رغم قلة الزاد ووحشة السفر. فأنا حين قمت بكتابة هذا الموضوع قمت به قيام المضطر، الذي كان عليه أن يتقدم لسد فراغ وجب أن يسد، وأداء واجب نكل عنه الآخرون الذين ما كان لهم أن ينكلوا عنه. بيد أنني أطمع أن أكون قد أشرت إلى موضع هذا الداء الدوي، وعسى أن أكون قد فتحت الطريق أمام باحثين متخصصين مخلصين، يخرجون من رحم الواقع والمعاناة - وليس من بين الجدران الصماء، والمكاتب الخرساء - يوسعون البحث ويضيفون إليه، ويصححون ما يجدون فيه من خطأ، ويقوِّمون ما فيه من عوج في ظلال قوله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (الحشر:10). |
#4
|
|||
|
|||
الفصل الأول منشأ الأمراض والعقد النفسية أرى من المناسب هنا أن أتوقف قليلاً عند موضوع كيفية نشوء الأمراض النفسية. مبدأ استعادة التوازن (Homeostasis) من المبادئ المقررة في علم الفسلجة (أو علم وظائف الأعضاء) أن كل كائن حي يميل إلى الاحتفاظ بتوازنه الداخلي فيزيائياً وكيميائياً من تلقاء نفسه. فإن حدث ما يخل بهذا التوازن قام الجسم من تلقاء نفسه وبطريقة آلية بالعمليات اللازمة لاستعادة توازنه. من ذلك أن الجسم إذا ارتفعت حرارته زاد إفراز العرق، وإن زاد مقدار غاز ثاني أوكسيد الكاربون في الدم زادت سرعة التنفس للتخلص من الزيادة الضارة. فإن لم يفلح الكائن في إصلاح ما اعتراه من اضطراب، أو التعويض عما أصابه من نقص، أي فشل في استعادة توازنه العضوي مرض أو هلك إن مبدأ استعادة التوازن – كما يرى كثير من العلماء – لا يقتصر على تفسير السلوك الصادر عن دوافع وحاجات فسيولوجية، بل يصدق أيضاً على تفسير السلوك الصادر عن دوافع وحاجات نفسية اجتماعية. فإذا عزم الإنسان على إلقاء خطاب هام أمام الجمهور ظل متوتراً حتى يلقيه فيهدأ، وإن أهانه أحد لا تهدأ ثائرته حتى يرد على هذه الإهانة. كذلك الشخص الذي يشعر بالوحشة فإن التوتر الناشئ عن إحباط دافعه الاجتماعي يدفعه إلى التماس صحبة صديق. والذي يعاني شعوراً بالنقص يلجأ إلى التباهي والتفاخر تعويضاً عن نقصه. والطفل المحروم أو المضطهد أو المنبوذ يندفع إلى اللعب بطريقة خاصة تخفف عنه ما يكابده من توتر وقلق. فالطفل الذي يكره أباه أو أخاه يختار من لعبه دمية يفقأ عينها أو يلقيها على الأرض أو يحطمها أو يدفنها في التراب أو يغرقها في الماء. فوظيفة السلوك وغايته أياً كان نوع الدافع إليه هي الاحتفاظ بتوازن الفرد، أو استعادة هذا التوازن حين يختل بالعمل على إزالة التوترات أو خفضها، بغض النظر عن الطريقة التي تتم بها سوية كانت أم شاذة. وحين تكون الوسائل شاذة قد يؤدي ذلك بمرور الزمن إلى الإصابة بالأمراض والعقد النفسية، حين لا تؤدي تلك الوسائل إلى استعادة التوازن النفسي. وفي هذا يقول د. مصطفى حجازي: إن (وجود الإنسـان المتخلف يتلخص في وضعية مأزقية، يحاول في سلوكه وتوجهاته وقيمه ومواقفه مجابهتها، والسيطرة عليها بشكل يحفظ له بعض التوازن النفسي الذي لا يمكن الاستمرار في العيش بدونه. ولا يقف الإنسان المقهور مكتوف اليدين إزاء هذه الوضعية عسيرة الاحتمال؛ نظراً لكونها تزلزل التوازن الوجودي، بل يحاول أن يجابهها بأساليب دفاعية جديدة متعارضة جدلياً، أو متكاملة في تعارضها... والكثير من معتقدات الإنسان المتخلف وانتماءاته وممارساته تبدو في النهاية كمحاولات دفاعية للسيطرة على وضعيته المأزقية، وإيجاد حلول معينة لها). التوافق وسوء التوافق التوافق حالة من التواؤم والانسجام بين الفرد وبيئته تبدو في قدرته على إرضاء أغلب حاجاته، وتصرفه تصرفاً يرضيه إزاء مطالب البيئة المادية والاجتماعية. ويتضمن قدرة الفرد على تغيير سلوكه وعاداته عندما يواجه موقفاً جديداً أو مشكلة مادية أو اجتماعية أو خلقية أو صراعاً نفسياً تغييراً يناسب الظروف الجديدة. أقول: وهذا يستلزم أن يتحقق التوافق من خلال الاتجاهين: الخارجي والداخلي. الخارجي بالتواؤم مع البيئة، والداخلي بالتواؤم مع النفس الذي يحقق للفرد احترامه لذاته ، ورضاه عنها حين يكون التواؤم مع المجتمع منسجماً مع القيم التي يؤمن بها. فإن عجز الفرد عن إقامة هذا التواؤم والانسجام بينه وبين بيئته بالشكل المطلوب قيل: إنه ((سيء التوافق)). ويبدو سوء التوافق في عجز الفرد عن حل مشكلاته اليومية على اختلافها عجزاً يزيد على ما ينتظره الغير منه، أو ينتظره هو من نفسه. إن هذا يولد توتراً داخلياً يعرض التوازن النفسي إلى الخلل، ويوقع الفرد في ما يسمى بـ((الأزمة النفسية)). الأزمات النفسية ينشأ المرض النفسي عندما يصاب الفرد بأزمات نفسية جراء تعرضه إلى صعوبات وعقبات مادية ومعنوية تعوق سير دوافعه نحو أهدافها. فإن عجز عن التغلب عليها بطريقة سريعة مجدية، وإلا صار يعاني من ((أزمة نفسية)). وهي حالة انفعالية مؤلمة تنشأ من الإحباط الموصول لدافع أو أكثر من الدوافع القوية. وتقترن الأزمة عادة بحالة من التردد والحيرة والتوتر والقلق، إضافة إلى ما يترتب على إحباط الدوافع من شعور أليم بالنقص والخيبة والعجز، أو الشعور بالذنب والخجل والخزي والاشمئزاز، أو الشعور بالظلم والرثاء للذات، أو الشعور بالوحدة والاغتراب، أو شعور الفرد بفقد احترامه لنفسه. يختلف سلوك الناس حيال ما يعترضهم من صعوبات وعقبات ومشاكل اختلافاً كثيراً: 1. فمنهم من يمضي في التفكير والتقدير وبذل الجهد للخروج من المأزق، حتى وإن كان في حالة من التوتر الشديد. 2. ومنهم من يسارع إلى الاستسلام والتخاذل على الفور. 3. ومنهم من يضطرب ويختل ميزانه بعد محاولات تطول أو تقصر فإذا به قد أصبح نهباً للغضب أو الذعر أو الخزي وغير ذلك من المشاعر التي تنجم عن الفشل والإخفاق. وبدل أن يتجه بجهوده إلى حل المشكلة بأساليب واقعية سوية، إذا به يلجأ إلى أساليب وطرق معوجة أو ملتوية أو متطرفة في سبيل أن تنقذه مما يكابده من توتر وتأزم نفسي. فالشخص السوي إن فقد عمله جد في البحث عن عمل آخر، لكن غيره قد يثور على النظام الاقتصادي، أو ينسب فقد عمله إلى مؤامرات دبرت ضده، أو يعتقد أنه مضطهد، أو يأخذ في استجداء العون واستدرار العطف من غيره. أو يظل دون حراك يجتر أفكار الظلم. أو ينهار فيصاب بمرض نفسي أو عقلي. وصيد الإحباط هو قدرة الفرد على احتمال الإحباط دون أن يلجأ إلى أساليب ملتوية لحل مشاكله، أي لاستعادة توازنه النفسي. فمن كان وصيد إحباطه مرتفعاً استطاع تحمل الإحباط والحرمان، واستطاع الصمود أكثر من غيره. والوصيد المرتفع من أهم علامات الصحة النفسية السليمة وقوة الأنا (وهي قدرة الفرد على مواجهة مشكلات الحياة ومتاعبها دون يأس أو فقدان للاتزان الانفعالي، أو في الثقة بالنفس، أو استغراق في المشكلة دون العمل على حلها). ويتوقف وصيد الإحباط على وراثة الفرد إلى حد كبير، كما يتوقف أيضاً على ما يفرغه الفرد على الموقف من دلالة وأهمية نتيجة لخبراته السابقة، خاصة خبرات الطفولة. فالرئيس المستبد قد يكون مصدراً للضيق عند مرؤوسيه، لكنه يكون شيئاً لا يطاق في نظر مرؤوس كان أبوه يستبد به في طفولته. أي ليس المهم الموقف، بل كيفية إدراك الفرد للموقف. ولكل إنسان حد معين لتحمل الإحباط والصدمات لا يلبث أن ينهار بعده مهما بلغ اتزانه النفسي. يعرف هذا الحد بـ((نقطة الانهيار))وعلى هذا الأساس تقوم عملية ((غسل المخ))أو غسل الدماغ. الحيل الدفاعية إن لم يوفق الفرد إلى حل المشكلة التي تواجهه بطرق إيجابية واقعية، ظل في حالة من التوتر الانفعالي الموصول، ما يجعله يلجأ إلى أساليب ملتوية سلبية خادعة تخفف عنه بعض ما يكابده من تأزم نفسي، وتقيه مشاعر القلق والعجز والفشل والخجل والرثاء للذات وغيرها من المشاعر التي تنشأ عن إحباط دوافعه. فإذا به يتجاهل المشكلة أو يتناساها أو ينكرها أو يستصغرها أو يموه عليها أو يتنصل منها بإلقاء اللوم على غيره لا على نفسه. كل ذلك للخلاص مما يعانيه من القلق بدلاً من مواجهته. لذا تسمى هذه الأساليب الملتوية بالحيل الدفاعية؛ لأنها تدفع عن الفرد غائلة القلق، وتهبه شيئاً من الراحة الوقتية، وإن تكن راحة وهمية حتى لا يختل توازنه النفسي. وهذه الأساليب في حدودها المقبولة يلجأ إليها الجميع صغاراً وكباراً، الأسوياء وغير الأسوياء للتخفف من أزماتهم النفسية المستعصية، وفي حل مشكلاتهم اليومية العابرة الطارئة. وهي تعمل غالباً على مستوى لا شعوري، أي أن الفرد لا يكتسبها عن قصد، ولا يستطيع ضبطها وكفها بإرادته. لكن حين تزيد هذه الأساليب عن حدودها المقبولة، وينطبع عليها الفرد تؤدي به إلى الوقوع في الأمراض النفسية أو العقلية، أو تتحول هي إلى مرض في ذاتها. أهم هذه الأساليب أو الحيل النفسية الدفاعية، كالتعويض الزائد والكبت والإسقاط والتماهي والنكوص والعدوان إلخ... يقول د. راجح: يتضح لنا مما تقدم أن الأمراض النفسية والأمراض العقلية ما هي إلا وسائل شاذة للتخلص من أعباء وأزمات نفسية لا سبيل إلى التخفف منها إلا بالتورط في هذه الأمراض. الدوافع اللاشعورية وحتى نزيد الأمر وضوحاً نتوقف قليلاً عند ما يسمى في علم النفس بـ(الدوافع اللاشعورية)، لنرى من خلالها كيف تترسب المؤثـرات المحيطية في أعماق النفس البعيدة، وتتحول بمرور الزمن إلى قوى خفية قابعة في تلك الأعماق تتحكم في انفعالات الفرد وسلوكه وتصرفاته دون شعور منه، أو قدرة على تفسير ما يصدر منه بحيث يستطيع أن يربط بينه وبين تلك الدوافع أو القوى الخفية. يقول د. أحمد عزت راجح: لا يشعر الإنسان دائماً بما يحفزه من دوافع شعوراً واضحاً صريحاً، أو يقوم بأعمال لا يعرف لماذا قام بها؟ فهو يستيقظ في الصباح على صوت الساعة الرنانة فيغسل وجهه وينظف أسنانه ويحلق ذقنه ويتناول الإفطار ويقرأ جريدة الصباح، كل أولئك وهو لا يفطن إلى طبيعة الدوافع التي تقوم وراء أعماله هذه، إذ لا سلوك بدون دافع. ومن الناس من يكتب خطاباً لكنه ينسى أن يلقيه في صندوق البريد فيظل الخطاب في جيبه أو على مكتبه أياماً. وقد يزل لسان الفرد وهو يتكلم فينطق بكلمة أو عبارة لم يقصد إليها، بل قد تكون عكس ما يريد؛ فتسبب له من الحرج الشيء الكثير. وقد ينسب هذه الزلة إلى السهو أو الغفلة أو التعب أو الانفعال إلى غير تلك من الأسباب التي يبعد أن تكون الأسباب الحقيقية لزلته. ومن الناس من يخاف عبور الشوارع أو رؤية الدم أو المكث في مكان مقفل أو من حيوان غير ضار كالفأر أو الصرصار، وهو لا يعرف لذلك دافعاً أو سبباً. ومنهم من يسرف في غسل يديه كلما صافح شخصاً أو فتح باباً أو لمس كتاباً. التنويم المغناطيسي Hypnosis من أوضح الشواهد التي تدل على الدوافع اللاشعورية ظاهـرة التنويم أو النوم المغناطيسي. وهو – كما يقول د. راجح – نوم صناعي يحدث عن طريق الاسترخاء الجسمي، وتركيز الانتباه في مجال ضيق من الأشياء أو الأفكار بإيحاء من المنوم... مما يتميز به تضخم قابلية النائم لإيحاء المنوم تضخماً شديداً: فإن وضع المنوم في يد النائم عود ثقاب وأوحى إليه أن وزن العود يزداد رويداً رويداً تخاذلت يد النائم حتى لا يستطيع حمل عود الثقاب، بل لو أوحى إليه بأنه كلب قام النائم فمشى على أربع وأخذ في النباح. من خصائص هذا النوم أيضاً أن ينفذ النائم بدقة بعد استيقاظه ما أوحى إليه المنوم به، فلو كلفه المنوم القيام بعمل معين بعد استيقاظه بوقت محدد ككتابة خطاب إلى شخص معين، أو الذهاب إلى حجرة معينة أو ملء ساعة الحائط فإنه ينفذ هذا العمل المحدد دون أن تكون لديه عند استيقاظه أية ذكرى عما أوحى إليه به. من ذلك أنه أوحي إلى شخص أثناء نومه أن يقوم بالأعمال الآتية بعد مرور خمسة عشر يوماً: يخرج إلى الشارع ومعه مظلة يفتحها ويسير بها في الطريق مهما كان نوع الطقس، ثم يشتري شيئاً معيناً تافهاً لا حاجة له به. فلما كان اليوم المحدد والساعة المحددة شعر الشخص بشيء من الضيق وبدافع ملح إلى أداء ما أوحي إليه به ثم قام بتنفيذه. فلما سئل عن السبب في قيامه بهذه الأعمال؟ قال: أنه لا يعرف. وكل ما في الأمر أنه في الساعة المحددة من اليوم المعين طرأت على ذهنه فكرة القيام بهذه الأعمال، لكنه حين رأى أنها أعمال سخيفة عزم على أن لا ينفذها، غير أنه لم يستطع أن يقاوم الفكرة، وشعر أنه لو قام بأدائها تخفف مما يعانيه من ضيق وتوتر. أمثال هذه الظاهرة تكفي وحدها للتدليل على وجود دوافع لا شعورية، بل تدل فوق ذلك على ما لهذه الدوافع من أثر جبري لا يقاوم. دوافع خفية (لا شعورية) تحكم الفرد الميزة الأساسية في هذه الدوافع أن الفرد لا يشعر بها مع أنها تحكم وتوجه مشاعره وسلوكه! ولذلك أسباب عديدة منها: أن طرق إرضائنا لدوافعنا الفطرية والمكتسبة ثبتت وأصبحت عادات نقوم بها دون أن ننتبه أو نفكر فيما يقوم وراءها من دوافع. فنحن نراعي العرف، ونحترم القوانين، وننتمي إلى جماعة، ونعبر عن آرائنا، ونتعاون مع الناس أو ننافسهم، ونعقد الصداقات.. كل أولئك دون شعور صريح بالدوافع التي تحملنا على هذه الأوجه المختلفة من النشاط. ومنها: أن أصول هذه الدوافع ذات تاريخ قديم لفه النسيان من عهد الطفولة فغطى على تلك الأصول. ومنها أن يكون الدافع ثقيلاً على نفس الفرد يجلب له القلق أو الخزي أو الذعر، أو يمس كرامته إن بدا له الدافع واضحاً في بؤرة شعوره؛ لذا فهو يعمى عن رؤيته، بل وينكره إنكاراً إن انكشف له. فمن العسير أو المحال أن تكاشف أُماً تسرف في العناية بطفلها بأن الدافع الحقيقي لإسرافها هذا هو كراهية تحملها في أعماق نفسها لطفلها، وهي كراهية لا تشعر بها. ومن العسير أو المحال أيضاً أن نفاتح أحد الزهاد المسرفين بما يحمله في أعماق نفسه من دوافع شهوية خفية هي أساس إسرافه هذا. وكم من معتدٍ أثيم لا يفطن إلى أن ما يدفعه إلى العدوان شعور عميق بالنقص. وللدكتور علي الوردي في هذا الموضوع كلام أراه مناسباً لأن أضيفه هنا إذ يقول: إن الأبحاث النفسية الأخيرة تكاد تشير إلى أن الإنسان مسير في أغلب أعماله لا مخير، ففي أعماق النفس البشرية من العوامل الكامنة ما يكاد يشبه تلك الآلات المتنوعة المخفية في باطن الطيارة. ولعلنا لا نغالي إذا قبلنا بأن العلماء اليوم يميلون إلى القول بـ((الجبر))في موضوع الشخصية البشرية. ولكن مما يجدر ذكره بهذه المناسبة أن مفهوم الجبر الذي يقولون به يختلف عن ذلك المفهوم الذي اصطلح عليه علماء الكلام في الإسلام. فهو ليس جبراً ميتافيزيقياً أو غيبياً. إنما هو بالأحرى جبر لا شعوري، قد انبعثت أسبابه من أعماق العقل الباطن. إن الإنسان يسير بوحي العقل الباطن أولاً، ثم يأتي العقل الظاهر أخيراً لكي يبرر ما فعل، ويبهرجه ويطليه؛ فيظهر أمام الناس بالمظهر المقبول. وقد يجوز لنا القول بأن الإنسان يعمل ثم يفكر. وهذا عكس ما كان القدماء يظنون به. فهو يندفع نحو شيء ثم يفكر به بعدئذ، كمثل ذلك الأعشى الذي داس على كلب من غير أن يراه، ثم قال: إني أريد أن أقتله. لقد كان القدماء يعتقدون بأن الإنسان حيوان عاقل. والواقع أنه حيوان متحذلق. فهو متعاقل لا عاقل. يتظاهر بالتعقل، وهو في الحقيقة مجنون.. على وجه من الوجوه. ويضرب د. الوردي مثالاً على ذلك فيقول: إذا أهانك رجل أو اعتدى عليك بحيث لم تستطع لظروف خاصة أن ترد الإهانة عليه، دخلت رغبة الانتقام آنذاك في عقلك الباطن، وبقيت هنالك كامنة تحاول الظهور والتنفيس عن ذاتها بشتى الصور والأساليب. فأنت تصبح إذن مسير من حيث لا تشعر برغبة مدفونة في أعماق نفسك. ولعلك قد تنسى حادثة الاعتداء؛ إذ هي ربما جرت في أيام صباك، وسحبت عليها الأيام ذيول النسيان. ولكنك تبقى رغم ذلك متأثراً بها تأثراً لا شعورياً. فلا تكاد ترى رجلاً آخر له شبه بذلك الذي أهانك أو اعتدى عليك حتى تشعر بكراهته والميل إلى الانتقام منه. فإذا سئلت عن سبب كراهتك له من دون معرفة سابقة له ربما كان جوابك: ((إنك تكرهه من الله)). إنك بذلك تنسب إلى الله ظلماً تقوم به أنت بتأثير عقلك الباطن الدفين عملية الكبت ودورها في إخفاء الدوافع نعود إلى د. راجح ليقول: الكبت بمعناه العام هو استبعاد دافع أو فكرة أو صدمة انفعالية أو حادثة أليمة من حيز الشعور. وكبت الحوادث والصدمات يعني نسيانها. أما كبت الدافع فيعني إنكار وجوده، والعزوف عن التحدث عنه أو تذكره أو التفكير فيه، والرغبة في عدم مواجهته، ورفض الاعتراف به إن أصبح واضحاً في شعورنا. فمن الدوافع ما يؤذي نفوسنا أو يجرح كبريائنا واحترامنا لأنفسنا، ويسبب لنا القلق والألم والضيق إن ظل ماثلاً في شعورنا، كشعورنا بالنقص من عيب فينا، أو شعورنا بالذنب من جرم أتيناه، أو رغبتنا من الانتقام من صديق، أو كراهية الطفل لأبيه الذي يقسو عليه، أو خوفنا من الفشل، أو ارتيابنا من شخص نثق فيه، أو غيرتنا من منافس، أو ميلنا الجنسي إلى بعض محارمنا.. كل هذه دوافع نستبعدها من شعورنا، أي ننكر الاعتراف بوجودها حتى لا تكون مصدر إزعاج لنا. من خصائص الدوافع المكبوتة 1. إنها قوى ليست خامدة، بل هي قوى فعالة وإن كانت كامنة، فهي تتحين الفرص للظهور. وقد تبدو سافرة صريحة في انفجارات الغضب، أو تبدو في صورة رمزية كفلتات اللسان وزلات القلم وغيرها من الهفوات. وتتضح صفتها الرمزية بوجه خاص في أحلام النوم وأعراض الأمراض النفسية. وقف أستاذ جامعي يثني على سلفه فإذا به يقول أمام الحفل: (لا يسعني إلا أن أُهنئه على ((جموده))في البحث)، بدل أن يقول: على ((جهوده)). وقال رجل لزوجته: إذا مات أحدنا قبل الآخر فسأتخذ الاسكندرية مقاماً لي). ومن زلات القلم ما كتبه رجل لآخر: (لقد كان لقاؤنا ((أنحس))مناسبة لعقد الصفقة)، بدل أن يقول: ((أحسن)). ويصرح علماء التحليل النفسي بأن كثيراً من الفتيات اللاتي يُضعن خاتم الخطبة ينتهي زواجهن بالطلاق أو الشقاق.. فضياع الخاتم رمز إلى رغبة مستخفية في عدم إتمام الزواج. يحدثنا فرويد أن مكتبه كان يزخر بكثير من التحف الفنية القابلة للكسر، لكن لم يتفق له أن كسر شيئاً منها. وذات يوم إذا بحركة طائشة من ذراعه تطيح بالغطاء المرمري لمحبرة المكتب فتلقيه كساراً. يقول فرويد: إنه كان قبل الهفوة بقليل يطلع أخته على مجموعته الفنية الثمينة، فأُعجبت بها إلا هذه المحبرة التي قالت: إنها لا تنسجم مع سائر مع على المكتب. وما كاد يعود من نزهة له حتى نفذ ((القضاء))في هذه المحبرة بعينها دون غيرها من التحف. ويعلق فرويد على ذلك: بأن حركة يده لم تكن طائشة كما وصفها، بل كانت حركة ماهرة مقصودة – لا شعورياً – إذ أنها حققت غرضاً في نفسه. والدليل على ذلك أنها تجنبت جميع الأشياء الثمينة المحيطة بالمحبرة والطفل الذي يحمل لأبيه كراهية لا شعورية إن أُتيحت له الفرصة أن يلعب بدمى وشخوص وأشياء مختلفة قد يختار واحدة منها يخال أنها الأب فيفقأ عينها، أو يلقيها على الأرض، أو يدفنها في التراب. إنه يعبر بلغة رمزية عن مشكلته حين عجز عن التعبير عنها بلغة صريحة. وهذا طفل في منتصف الثانية من عمره كانت أُمه تتركه وحده فترات طويلة، فكانت لعبته المفضلة التي يكررها مرات ومرات هي أن يمسك ببكرة عليها قطعة من الخيط فيقذف بها تحت السرير حتى تختفي، وهنا يصيح منزعجاً، ثم يجذبها إليه، وما إن يراها حتى يصيح فرحاً بعودتها مرحباً بظهورها. فالطفل في لعبته هذه يمثل بصورة رمزية مأساة يكابدها، ويجسم خبرة مؤلمة يعانيها، هي مأساة اختفاء المحبوب وعودته. وبذا يتخفف مؤقتاً من حالة القلق التي تسيطر عليه. وشاب يعاني من حالة سخيفة لا يستطيع مقاومتها: سرقة اللعب والدمى والأشياء الصغيرة الخاصة بالأطفال الصغار مع أنه لا يحتاج إليها! وقد دل التحليل النفسي على أن هذا الشاب ينحدر من عائلة فقيرة، وكان محروماً في طفولته، بينما كان له جيران أغنياء كان أطفالهم يتمتعون باللعب بمختلف اللُّعب والدمى وهو ينظر إليهم بحسرة، ولا يستطيع مشاركتهم فيها. 2. إنها أقوى أثراً وأصعب ردعاً من الدوافع الشعورية؛ ذلك أنها دوافع مجهولة فلا تسمح للفرد بإرضائها إرضاءاً ملائماً، أو إرجاء إرضائها، أو توجيهها وجهة مناسبة، أو التحكم فيها وضبطها بالإرادة. فمن عرف دوافعه استطاع أن يتحكم فيها، ومن جهلها تحكمت هي فيه. هذا زوج كان يثور ويغضب كلما عاونته زوجته على ارتداء ملابسه وهو يستعد للخروج. وكان يُدهش لثورته هذه من شيء تافه كهذا! وقد دل التحليل على أن سلوك زوجته هذا يذكره بسلوك أمه نحوه وهو صغير. فقد كانت أُماً صارمة تتدخل في شؤونه أكثر مما يجب؛ لذا كان يكرهها كرهاً شديداً. ومن هنا يتضح أن السلوك الصادر عن الكبت غالباً ما يكون سلوكاً غريباً أو شاذاً أو سخيفاً. 3.إن عملت الظروف على استفزاز هذه الدوافع واستثارتها بصورة موصولة زادت شدة وضراوة وعنفاً بما يجعل الفرد عاجزاً عن ضبط سلوكه حتى إن أدرك أنه يتصرف تصرفاً غريباً؛ لذا يكون السلوك الصادر عنها قسرياً بالرغم من إرادة الفرد. وبهذه الطريقة تحكم ((العقدة))سلوك صاحبها. إنها – كما أسلفنا – استعداد مكبوت يقسر الفرد على ضروب شاذة من السلوك الظاهر والشعور والتفكي |
#5
|
|||
|
|||
الفصل الثاني الأمراض النفسية الجماعية أقصد بالأمراض النفسية الجماعية الأمراض النفسية التي تشيع بين جماعة من الناس، يعيشون في محيط مشترك، وليست مقتصرة على فرد من الأفراد. قد تكون هذه الجماعة شعباً من الشعوب أو أمة من الأمم، أو تجمعاً أو طائفة يرتبط أفرادها برباط معين مشترك أو صفة أو وظيفة تميزهم عن غيرهم. وأرى أن بعض العوامل المثيرة للمرض – كالجغرافيا والفقر والحرب والإشاعة - لها تأثير يتعدى الفرد إلى الجماعة، ومن هنا ينشأ المرض النفسي الجماعي. وكما أن للفرد شخصية مستقلة تمتاز بعقلية ونفسية خاصة، فكذلك المجتمع أو المجموع له شخصيته المستقلة التي تمتاز بعقليتها ونفسيتها الجمعية الخاصة، والتي تختلف عن شخصية الأفراد الذين يتكون منهم ذلك المجموع. وعلى هذا تختلف الشعوب في كثير من الصفات: في وجودها وعدمها، أو في درجة تمثلها. فهذا شعب ينزع إلى العقلانية وذاك ينزع إلى الخرافة، وهذا شعب كريم وذلك بخيل، وهذا يميل إلى العفو والسماحة، وهذا إلى الحقد والثأر والانتقام، وهذا نشط مثابر، وهذا خامل كسول إلخ... وقد تكون هذه الصفات مطلقة أو نسبية تظهر عند المقارنة. التشخيص أساس العلاج إن التعامل مع أي شخص لا يستقيم دون معرفة تامة بعقليته ونفسيتهوأخلاقهوما الذي يثيره ويجذبه أو يزعجه وينفره؟ وهل هناك من فرصة أو مجال لعلاجه وكسبه؟ أم على قلوب أقفالها؟ ومن هنا قال الأطباء: التشخيص أساس العلاج. كثير منالدعاةوالمتحدثينيقعفي تعميمات ساذجة ويطلق الأحكام ويعتمد القياس دون النظر إلى نواحي الاختلاف أو الفارق بين هذا المجتمع وتلك الطائفة وذلك الفرد وهذه الجماعة وغيرها من المجتمعات والطوائف والأفراد والجماعات الخ... أو دراسة شاملة عميقة لها من أجل الوصول إلى التشخيص الصحيح كي يكون تعامله أو علاجه قائماً على أساس علمي صالح للاعتماد. مثلهم كمثل طبيب يعالج مرضاً مستعصياً دون تركيز ودراسة معمقة لتأريخ سير المرض وتطوره، أو إجراء الفحوصات السريرية والمختبرية؛ فتفوته أمور في غاية الأهمية لا بد منها للوصول إلى التشخيص الضروري لتوصيف العلاج. من ذلك أن بعض الأمراض التي تبدو (عضوية) المنشأ إنما هي فيحقيقتهانفسيةالأسباب،كأنتكون(هستيرية)، أي ليست حقيقية وإنما هيأعراض لمرض نفسي يتستر بتلك الأعراض لخوف المريض اللاشعوري من الإفصاحعنالسببالحقيقي،وإنكانهذاالخوفمترسباً في اللاوعي، أي كامناً في الأعماق بحيث لا يشعر به المريضنفسه.مثاله:شخصيتهربمنمسؤوليةعائلته.هو يخاف من الإفصاحعنهذهالرغبةأو مواجهتها. فكيف يوفق بين تنفيذ رغبته في التهرب من المسؤولية وبين عدم الإفصاح عنها؟ هنا يكون المرض الهستيري هو الحل أو الحيلة النفسية التي تحقق لهذا الشخص التوفيق المطلوبوتوجدله العذر المقبول للتنصل من المسؤولية العائلية فيغدو مريضاً يشكو من أعراض عضوية لكنها وهمية لا وجود لها. إن هذا المريض لا يمكن أن يشفى من هذه الأعراض أو المرض الهستيري مهما بذل له الطبيب من مجهود أو، وصف له من علاج. لماذا؟! لأن العلاج خارج دائرة المرض بسبب الخطأ في التشخيص. فالمرض نفسي والعلاج عضوي. أي إن العلاج وجميع المحاولات الطبية لن تكون أكثر من قفز في فراغ. وإن طبيباً لا ينظر إلى المريض نظرة شمولية لا يمكن أن ينجح في توصيف العلاج مهما بذل من محاولات. إن الساحة الدعوية أو الدينية تعج بمثل هذا الطبيب ممن يجيد الكلام عـن كثير من الموضوعات الفكرية والفقهية والروحية، لكنه لا يمتلك النظرة الشمولية، وليس عنده معرفة بالنفسية الإنسانية أفراداً وجماعات وشعوباً وقبائل وطوائف ومذاهب، ولا قابلية على تحويل هذه المعرفة إلى فعل إيجابي مؤثر، ولا خبرة ميدانية تجعله قادراً على توظيف ما عنده من مفاهيم ومعرفة في محلها المناسب. الفصل الثالث دراسات في الشخصية الفارسية تمتاز الشخصية (الفارسية) بخصائص نفسية معينة، اتفق علىملاحظتها وذكرها الخاص والعام ممنتعاملمع الإيرانيين، وخبر حياتهم وأخلاقهم، وكيف أعدت، أو تعدت هذه الأخلاق إلى المتأثرين بهم والمتشيعين لهم، سوى أن العالِم يختلف عن غيره في عمق النظرة والقدرة على الرصد والتحليل، وربط الأسباب بالمسببات والنتائج بالمقدمات. قام بدراسة هذه الشخصية عدد من العلماء، وثبتوا ملاحظاتهم العلمية في بحوث ميدانية، مدعومة بالأدلة الاستبيانية والشواهد التجريبية. ذكرت بعض هذه الدراسات في كتابي (لا بد من لعن الظلام)؛ فلن أذكرها هنا تفصيلاً مرة أخرى، تجنباً للإطالة والتكرار. من هذه الدراسات: [LIST=1][*](الشخصية الإيرانية ومكوناتها) للأمريكي جاك ميلوك(1)ضمن كتاب (الثورة الإيرانية والتمدن الحديث). استخلصها – كما جاء في الدراسة - من: [LIST=1][*]بحث تجريبي قام به الأستاذ (البروفسور) مارفن زونيس طبقه على ثلاثمائة شخصية إيرانية تمثل النخبة السياسية الممتازة في إيران، بغض النظر عن كون تلك الشخصيات داخل الحكم أو خارجه. من أجل التأكيد على صحة بعض الانطباعات الخاصة، وذلك بواسطة استبيانات أعدت بعناية لذلك الغرض.[*] ودراسة مفصلة في سنة 1964 قام بها (معهد الإيمان والدراسات الاجتماعية) في جامعة طهران.[/LIST] [/LIST] وجد الأستاذ زونيس – كما ذكر ميلوك - أن هناك أربع خصائص متميزة تنتصب قائمة كعلامات خاصة دالة على الشخصية الإيرانية والسلوك الإيراني. وهي: أ. الإيمان بأن السلوك البشري تهيمن عليه المصالح الذاتية وحدها. ب. سوء الظن أو الارتياب. ج. القلق وعدم الاستقرار. د. الاستغلال الشخصي للأفراد بعضهم البعض. ونقل انطباع شاه إيران نفسه عن الشخصية الإيرانية بأنها مولعة بالنفاق والمراءاة، وبعدم الرغبة في العمل الجماعي، وبعدم الإحساس بوجود الآخرين. وتتمتع بضعف المبادئ. [LIST=1][*]بحثللفرنسي أدور سابيليه2بعنوان (إيران من الجانب الآخر) في كتابه (إيران مستودع البارود).[*]بحث قام به المؤرخ العراقي الأستاذ (البروفسور) عماد عبد السلام رؤوف، في مقدمة كتاب (الصراع العراقي الفارسي)، لنخبة من المؤرخين.[/LIST] أهم الخصائص النفسية التي تميز الشخصية الفارسية لقد تطرق هؤلاء العلماء إلى جملة من الخصائص النفسية، التي تميز الشخصية الإيرانية، أهمها: [LIST][*]الغدر:بسبب شكوك الإيراني وعدم ثقته بالآخرين فليس لديه القدرة على الامتزاج. انه يبحث عن الأمان في الانعزالية عن الناس، أو بواسطة توجيه ضربته الأولى.[*]الشك والارتياب وسوء الظن:فالشعور بعدم الأمان مغروس عميقا عند الإيرانيين. إن هذا الشعور بالارتياب يجعل الإيراني يعتقد بأنه ليس هناك شيء بنفس البساطة والاستفادة التي ربما يظهر عليها، وأنه لا يمكن قبول الأمور على أساس قيمتها السطحية أو الظاهرية.[*]الوقاحة:فيقطعةأدبيةمشهورة في الأدب الفارسي ينصح أحد الحكام الإيرانيين [/LIST] من ذوي العقل الراجح ابنه حول الكيفية التي يتوجب على الابن اتباعها من أجل أن يكسب حياته في إيران قائلاً: (لا تتخوف من سوء استعمالك للحق أو السلطة ولا من الإذلال أو تشويه السمعة والافتراء… وعندما يجري طردك خارج أحد الأبواب تعال وادخل بابتسامة من باب آخر… كن وقحاً ومتغطرسا وغبياً، لأنه من الضروري في بعض الأحيان التظاهر بالغباوة لأن في ذلك فائدة. حاول أن تقيم علاقات مع أولئك الذين يتبوأون مناصب عالية. اتفق في الرأي مع أي شخص بغض النظر عن ماهية رأيه، وذلك من أجل أن تجتذب تأييد عطفه الأكبر). [LIST][*]الشعور بالتفوق أو الاستثنائية:الفذة التي لا مثيل لها. يصبح هذا الشعور مثل درع يحتمي وراءه الفرد ويخفي نفسه أثناء فترة التطور الثقافي السريع. وهذا يجعل الهوية الإيرانية قادرة على البقاء بالرغم من تعرضها لموجات مختلفة من الغزوات، وقادرة على امتصاص مؤثرات ثقافية كانت تواجهها بدون أن تغوص الهوية الإيرانية الذاتية إلى القعر. وعلى خلاف الشعوب الأخرى لم يمتزج الفرس بوشائج الصلة الوثيقة مع العرب حملة الراية الإسلامية، بل حافظ الفرس على شخصيتهم الذاتية حتى في ظل الإسلام. ففي مقابل المذهب السني الشائع بين العرب اخترعوا المذهب الشيعي. وعندما كان مجموع المسلمين يخضعون لسلطان الخليفة فان الإيرانيين اتخذوا من المذهب الشيعي ذريعة لمناهضة شرعية الخلافة باعتبار عدم جواز الإمامة إلا حصراً بسلالة علي. واستعان الفرس بالتكتل الشيعي لتحقيق مآربهم. إن الفرس مسلمون، ولكنهم يختلفون عن المسلمين الآخرين. ومن هذا المنطلق استطاعوا الاستمرار على تحصين أنفسهم ضد الانصهار.[*]الكذب:إن المعنيين بدراسة إيران وشؤونها متفقون عموماً على الاستنتاج القائل بأن الارتياب وعدم الاطمئنان والتخفي الديني تحت مظهر كاذب هي مميزات الإيرانيين. حتى إن محمد رضا بهلوي قد ذكر هذه المميزات بصورة فظة وذلك بقوله: (ان الفرس يكذبون). وقد اشتكى الشاه السابق أيضاً من أن الكذب ذاته يجري تمجيده على أساس أنه فضيلة، مقتبساً في شكواه ما جاء في كتاب الشاعر الفارسي سعدي:[/LIST] (إن الكلمات التي تخدعك وتضللك، ولكنها تسعد قلبك هي أغلى من الصدق.وتزيد في قيمتها عن الشيء الذي يجعلك حزينا ويعكر مزاجك). إن المثل القائل:(احجب عن العيون ذهابك وذهبك ومذهبك) هو واحد من عدد كبير من تحذيرات شرعية مماثلة موجودة في الجعبة التجارية الفارسية. [LIST][*]الملق والتلون والمداهنة:إن الملق والمداهنة والغش يجب أن تكون جميعا الأدوات التي يحتاجها الفرد لأجل أن يتقدم ويصعد إلى أعلى. لقد قال زعيم إيراني: إن الإيرانيين هم مثل الحرباء. إنهم يغيرون ألوانهم كل يوم وتتلون سياساتهم بما يتناسب مع ألوانهم المتغيرة. إن استعمال تعبيرات مثل:(إنني عبدك المطيع)أو (إنني التراب الذي تطأه قدماك) أو (دعني أقبل رجليك ألف مرة) هي جزء صغير من مفردات قياسية للغة اليومية التحادثية.[/LIST] [LIST][*]المراوغة والخداع والباطنية: يرى الأجنبي في الفارسي مسلماً يمارس شعائر الدين غير أنه لا يمكن له أن يجزم بأنه من المؤمنين. وقد تعلم الناس أن لا يظهروا معتقداتهم بصورة علنية. وكانوا عند الضرورة لا يترددون في التظاهر بإنكارها ويلجأون إلى التحايل والمراوغات لخداع خصومهم. ولا يزال يوجد حتى الآن فئات يمكن اعتبارها مسلمة من الناحية الرسمية غير أن أفراد عوائلها يمارسون الطقوس الزرادشتية المتوارثة.[*]الازدواجية: الثنائية عند الفارسي هي صفته المميزة ففي أعماق نفسه حماس منقطع النظير، ومشاعر أشبه ما تكون بالأعراض المرضية، أما في الظاهر فهو متحلل من كل ارتباطاته بالقيم والأعراف والتقاليد. متصوف في قرارة نفسه، مخاتل وماكر في تصرفاته الظاهرية.[*]الطبيعة الإيحائية: يتأثر الفارسي كثيراً بالأساليب الإيحائية كالصور والتمثيل ، [/LIST] ويندمج تماماً فيها، بحيث يبدو وكأنه يعيش ذاتياً الحالة المعروضة أمامه. في ليلة صافية الأديم وفي قرية صغيرة تقع جوار رضائية عرضت إحدى السينمات المتجولة فلماً غربياً على شاشة نصبت في الهواء الطلق. وعندما اختطف أحد أفراد العصابة بطلة الفلم بوحشية وأردفها على جواده سارع الحاضرون إلى امتطاء خيولهم واندفعوا لمطاردة الخاطف! [LIST][*]الغطرسة واحتقار الغير إن الفارسي إنسان متغطرس، وأكثر ميلاً من غيره لاحتقار الغريب فيما إذا اعتقد بأنه يحاول إخضاعه وإذلاله، أو أنه يتحاشاه عند الاقتضاء. والفارسي بطبيعته المتغطرسة لا يتردد في إظهار إعجابه بنفسه. وعندما يحس الفارسي بالسعادة يتظاهر دائماً بالمرارة والألم![/LIST] نظرة تحليلية في جذور الأمراض النفسية الفارسية أما الأستاذ الدكتور عماد عبد السلام رؤوف فقد رصد صفات مرضية أخرى في الشخصية الفارسية. لكنه لم يكتف بالعرض أو التوصيف الخارجي، إنما غاص وراء الأسباب الكامنة لها، ووضع أيدينا على الجذور الضاربة في أعماق النفس (الفارسية). سيأتي لاحقاً تلخيص ما قاله بهذا الصدد. إلا أني سأقف قليلاً عند أهم ما رصده من صفات: [LIST][*]الفرس أقل عدداً وأدنى حضارة:الفرس هم الوحيدون – من بين القوميات الفارسية الأخرى - الذين ليست لهم إمتدادات قومية خارج إيران. لقد كانوا فعليا مجرد قومية وسط قوميات متعددة لكل منها تراثها وحضارتها ووطنها. ولم يكن الفرس على مستوى حضاري مكافئ للحضارات الموجودة إلى الغرب منهم، لذا فقد اخذوا موقعهم كـ(متلق) للحضارة لا صانع لها فالديانة الزرادشتية لم تكن فارسية وإنما ميدية… بل إن اللغة الفارسية لم تكتب قط بأحرف فارسية وإنما بالمسمارية العراقية فالآرامية والعربية. وامتد تأثير الحضارات العربية منذ قبل الإسلام وبعده إلى معظم مناحي الحياة الاجتماعية الفارسية وتركت آثارها واضحة في مجالات الفنون والعمارة فضلاً عن الإدارة والقوانين حتى عد الباحثون - ومنهم أكثر تعصبا للفرس - دولهم القديمة بأنها مجرد استمرار للدول الرافدينية.[LIST][*][LIST][*][LIST][*]العدوانيةوالتوجسوالشك:لقد أدرك الفرس أن تحقيق سيطرتهم على عدد كبير من القوميات يفوقهم بعضها عددا وحضارة ، لا يكون إلا بإخضاعها إلى ضغط تحد خارجي، وإثارة شعور التوجس لديها من خطر ما يأتي من الخارج. وكان التحدي الحقيقي أمام الفرس هو ذلك التحدي القادم من غرب إيران أي من الوطن العربي. [*]مركبالشعوربالنقص:إنإحسـاسالفرسبتخلفهمتجاهالفعلالحضاري الآتي [/LIST] [/LIST] [/LIST] [/LIST] من الغرب يتخذ وضعا حادا ينعكس على شكل رد فعل غير حضاري نحوه يستهدف تدمير الحضارة فيه، أو مكافأة تأثيره على الأقل، ولكن بالفعل العسكري وحده. [LIST][*][LIST][*][LIST][*][LIST][*](الفارسية) عقدة وعقيدة توسعية:وهكذا تحولت (الفارسية) من كونها إحدى قوميات (إيران) إلى عقيدة توسعية تعبر عن جيوبولوتيكية لا تحقق أغراضها إلا بالتوسع المستمر أكثر من تعبيرها عن إرادة أمة قومية بذاتها. وهذا ما يفسر ظهور سلالات حاكمة في إيران من غير الفرس التزمت بسياسة الفرس نفسها.[*]عقيدة وعقدة عداء ضد العرب:لقد تحول مركب النقص الحضاري هذا على مر العصور إلى عقيدة راسخة معادية لكل الحضارات العربية أو التي وجدت في الأرض العربية. بل انه تحول في اللاوعي الفارسي إلى نزعة عدوانية مدمرة لكل فكرة بل قيمة تأتي من هذا الاتجاه. [*]اللؤم ونكران الجميل:ولما لم يكن هذا الغرب يمثل إلا مصدر إشعاع للحضارة، لا خطرا ماديا حقيقيا فإن العقلية الفارسية تعودت أن تنظر إلى هذه الحضارة بعين واحدة. إنها تتأثر بها لأنها مضطرة إلى ذلك لنقص في مستواها الحضاري، وتعاديها في الوقت نفسه لأنها تمثل خطراً يهدد سيطرتها على القوميات العديدة التي تحيط بها، فلقد اعتنق الفرس الإسلام كسائر شعوب المشرق لكنهم حاربوه من داخله، وتعلموا الآداب العربية لكنهم حاربوها بما تعلموه منها، وكتبوا بالحرف العربي لكنهم شنوا حرباً على اللغة العربية نفسها1.[/LIST] [/LIST] [/LIST] [/LIST] 11 حدثني أحد الدارسين في النجف، قال: كنا في حوزة النجف سنة 2002 نحضر درساً في جامع الراس. سأل واحد منا الشيخ يوماً: إن مادة درس العربية صعبة جداً؟ مشيراً إلى كتاب (قطر الندى). فأجابه: إن هذه العلوم قد ألفها أبناء العامة؛ لذلك تراها صعبة معقدة مثلهم. قال: ألا يوجد عندنا علماء يؤلفون لنا مصنفات أسهل؟ فقال الشيخ متحسراً: مع كل الأسف لم يخرج فينا نحن الشيعة إلى الآن أحد يصنف لنا كتاباً في اللغة العربية!.علماً أن الكتب المعتمدة لتدريس اللغة في مدارس الحوزة هي: التحفة السنية، قطر الندى، شرح ابن عقيل. [LIST][*][LIST][*][LIST][*][LIST][*]المسكنة والشعور بالاضطهاد :إن التاريخ لم يسجل أية أعمال عدائية قام بها [/LIST] [/LIST] [/LIST] [/LIST] العرب ضد إيران بل العكس دائماً. وعلى الرغم من ذلك فان الفرس كانوا يصورون أي عدوان يقومون هم به على الأمة العربية بأنه (دفاع عن النفس) ، حتى اصبح هذا قانوناً ثابتاً في السياسة الخارجية الفارسية في مختلف مراحل التاريخ. ومعنى هذا أنهم إن لم يجدوا خطرا حقيقياً يهدد بلادهم من الغرب فإن عليهم أن يوحوا إلى شعوبهم بمثل هذا الخطر |
#6
|
|||
|
|||
الفصل الرابع الأمراض والعقد النفسية في الشخصية الشيعية أو الفارسية من خلال هذه البحوث والتحليلات العلمية، ومن خلال المعرفة الذاتية، والخبرة الميدانية المكتسبة من المعاملة الطويلة الأمد مع (الشخصية الفارسية) متمثلةً بكل شعوبي أو رافضي أو متشيع بتشيع الفرس - وإن كان في أصله عربياً هاشمياً - يمكن استخلاص جملة من الأمراض والعقد النفسية المكونة لتلك الشخصية التي نطلق عليها اسم (الشخصية الفارسية). سأتناول في هذا الفصل أهم هذه الأمراض والعقد، بمزيد من التحليل وضرب الأمثلة الواقعية، لمعرفة أصلها ومنشئها وعلاقتها ببعضها. وأرجو أن لا يفوتن القارئ اللبيب أني لا أقصد أن هذه الأمراض - منفردةً - مقتصرةٌ على الشخصية الفارسية أصلاً، فلا يمكن أن يصاب ببعضها غير (الفارسي) أو المتشيع فارسياً، فرداً كان أم جماعة.فقد تجد شخصاً – وهذا كثير – مصاباً بعقدة النقص أو عقدة الاضطهاد أو غيرها من العقد، بل قد تجد مجتمعات تعاني من مثلها. إنما أقصد أن المجتمع (الفارسي) كمجموع مصاب بهذه العقد مجتمعة. فهذه العقد من مميزات (الشخصية الفارسية) وحدها، التي تطبع المجتمع الإيراني في عمومه بطابعها، وسائر المجتمعات الشيعية التي تأثرت به دون غيرها من الشعوب والمجتمعات الأخرى، على الأقل القريبة منها. وقد تجد شخصاً فارسي الأصل لا يعاني – كفرد - من واحدة من هذه العقد، لكنه حين يكون في موقف يعبر به عن المجموع - أو يكون حقيقة مع هذا المجموع - فإنه يتصرف تصرفاً آخر يتوافق مع التركيبة النفسية الجمعية المعقدة. أي يتصرف طبقاً لنفسية الجمهور، وليس النفسية الفردية التي هو عليها وحده منعزلاً عن ذلك الجمهور الذي ينتمي إليه. وهذا كما يتصرف شخص يعاني فردياً من عقدة الهزيمة ضمن مجموع لا يعاني من هذه العقدة، فإن شخصيته تذوب في ذلك المجموع، وتختفي تصرفاته المريضة وتستبدل بها تصرفات أخرى لا تمت إلى عناصر شخصيته الأصلية بصلة. والعكس صحيح. العلاقة بين النفسية (الفارسية) والشيعية إن الرفض أو التشيع الفارسي دين اخترعه الفرس للتنفيس عن أحقادهم وعقدهم أولاً، وتحقيق أغراضهم ومطامعهم ثانياً. لكنهم ستروا سوأته برقاعة (التشيع) ليروج على الناس، ويجد له بينهم آذاناً صاغية. ومن الطبيعي أن كل فكرة أو مبدأ ينتشر - حين ينتشر - وهو يحمل معه أخلاق أصحابه وعقليتهم ونفسيتهم، ومناهج تفكيرهم، وطرائق سلوكهم وتعبيرهم. ولا يمكن أن ينتشر مجرداً عن ذلك. فالعرب حين خرجوا إلى العالم بدينهم حملوا معهم أخلاقهم وروحهم ومناهجهم وطرائقهم. ولم يقتصر تأثر العالم بهم على دينهم فقط، بل تجاوزه إلى لغتهم وأساليب معيشتهم وأزيائهم وآداب مائدتهم. فانتشر الإسلام، وانتشر معه الوفاء بالوعد، والالتزام بالعهد، والعفو، والسماحة، والصدق، والعدل، وحرية التعبير عن الرأي، والعقلية المنضبطة بالدليل، البعيدة عن الخرافة، القائمة على العلم المؤسس على التجربة، والمتحرر من الفلسفة. الشيء نفسه حصل حينما اندفع الفرس بدينهم المحرف (التشيع الفارسي).فإنهم نشروا معه أخلاقهم وأفكارهم، أو عقائدهم المسبقة، وعقليتهم الخرافية، ونفسيتهم المعقدة، بل وألسنتهم المعوجة، وأزياءهم، وطعامهم، وعاداتهم، وتقاليدهم، وتواريخهم، ومشاعرهم، وشعائرهم، وطقوسهم، وفلكلورهم؛ فتجد جمهور المتدينين بدينهم مصاباً بالعقد والأمراض، ومتصفاً بالأخلاق، ومتمتعا بالعقلية الفارسية نفسها، على تفاوت في درجات الإصابة وظهور الأعراض شدةً وضعفاً. حتى إنها قد تزيد عند البعض من غير الفرس عنها في الفارسي المصاب بها أصلاً ! مثلهم كمثل المسيحية حين خرجت من أرض العرب ووصلت إلى روما، ارتدت إلينا صليبية تحمل أحقاد الرومانيين وعقدهم وخرافاتهم وعقائدهم، وأخلاق الأوربيين ورذائلهم منسوبة زوراً إلى المسيح و(العذراء). وهكذا تحول جمهور المسيحيين - دون أن يشعروا - إلى صليبيين، أو متدينين بدين آخر غير الذي خرج منهم أولاً، وهم يحسبون أنهم لا زالوا على دين المسيح. إن الأوربي حين صار مصدر الديانة وانتقلت عاصمة المسيحية إلـى (رومـا) و(القسطنطينية) صار يصدر إلينا أخلاقه وعقائده وعقليته ونفسيته هو باسم (المسيحية). الشيء نفسه حصل للإسلام حين خرج من أرض العرب إلى بلاد فارس، ثم صار يصدر إلينا من (قم) و(مشهد) باسم (التشيع لأهل البيت) . فانتقلت معه أخلاقه وعقائده وعقليته ونفسيته تحت هذا المسمى. فكل من تشيع بتشيع الفرس ينبغي أن ننظر إليه على أنه يحمل تلك العناصر، وأنه مصاب بالأمراض الفارسية نفسها. فإذا أردنا أن نصف له علاجاً فمن خلال هذه النظرة لنصل إلى التشخيص السليم الذي على أساسه يمكن توصيف العلاج الناجع له. أما التشخيص الذي نقطع به نحن - والذي أنا في صدد بيانه وتحليل جذوره ووضع الوصفة المناسبة له في هذا الكتاب- فهو أن الرفض أو التشيع الحالي عبارة عن أمراض وعقد نفسية، قبل أن يكون انحرافات عقيدية أو فكرية وسلوكية، وأن التعامل الناجح مع المتشيعين بهذا التشيع – وهم جمهور الشيعة وعامتهم - ينبغي أن ينبني على هذا التشخيص أو الأساس مهما بدا سوداوياً أو تشاؤمياً - كما قد يحلو للبعض أن يسميه - لكنه الواقع والحقيقة التي يجب علينا أن نعترف بها ونواجهها بشجاعة مهما كانت مرة أو كريهة المنظر، وإلا أخطأنا في توصيف العلاج. (الفارسية) ظاهرة وليست عرقاً من الحقائق المهم ذكرها أن النفسية الفارسية المعقدة، والسلوك المنحرف المنعكس عنها ليس مختصا بالفرس حصراً، فلا يمكن أن يصاب بها غير الفارسي أصلاً. إنما هي عقدة مرضية تصيب كل من تأثر بها، وظاهرة اجتماعية توجد في كل مجتمع تقبَّل جراثيمها، وإن لم يكن فارسياً في عنصره، أو إيرانيا في بيئته ومنشئه. (الفارسية) وباء يمكن أن ينتقل بالحث والعدوى، فيصيب أجناساً أخرى عاشرت الفرس وتأثرت بهم. أو أفراداً عاشوا بينهم، لا سيما من وصل منهم إلى رأس السلطة في إيران؛ لأنه يجد نفسه مضطراً إلى أن تتمثل فيه جميع الأمراض والعقد النفسية الفارسية، وإلا لن يتمكن من ضم تلك الأشتات المختلفة من العناصر والشعوب التي تقطن الهضبة الإيرانية تحت جناحيه. عقدة النقص وعقدة الاضطهاد وأثرهما في تكوين النفسية الفارسية أو الشيعية يستطيع الدارس للشخصية الفارسية أن يرصد عقدتين كبيرتين، هما الأساس في كل الانحرافات النفسية التي تعاني منها تلك الشخصية. هاتان العقدتان هما: 1. أحداهما (عقدة النقص) التي تمثل الأصل والمنبع والأساس. 2. والثانية (عقدة الاضطهاد)التي نتجت عن العقدة الأولى، وساندتها في ولادة العقد الأخرى، وصبغت النفسية الفارسية بصبغتها، حتى صارت طابعاً لها، ونقطة دالة تجعلك لا تخطئ أبداً في تشخيصها ومعرفتها. فعقدة النقص هي الأصل الكامن، وعقدة الاضطهاد هي اللون والعلامة الظاهرة. إن الشعور المزمن بالنقص ينعكس عند الشخص الفارسي - وسليله الشيعي -رد فعل سلبي مؤذٍ ومخرب، يتجه إلى البيئة التي تحيط به بعنصريها: الطبيعة والإنسان. فهو خائف متوجس يشعر بالغربة والقهر من الطبيعة المحيطة، والشعور نفسه ينعكس باتجاه البشر المحيطين به. وهذا معنى قول الخبير الأمريكي جاك ميلوك السالف الذكر: (إن الشعور بعدم الأمان مغروس عميقا عند الإيرانيين. وأكثر من ذلك فإنه لا يمكن الوثوق من الطبيعة ولا الاعتماد على المخلوق البشري. إن هناك توقعات بحصول التضليل والخداع في مكان ما. وهكذا يجد الفرد الإيراني نفسه داخل دائرة مليئة بالمرارة). وعلى هذا الأساس - إذا أردنا أن نفهم نفسية الشيعي -علينا أن ندرس نفسية الإنسان الاضطهادي أو المقهور. إن (عقدة النقص) في أعماق النفس تنعكس في الخارج على شكل شعور طافح بالقهر والحرمان، ودعوى عريضة بالظلم والاضطهاد. وقد وجدت خير من قام بهذه الدراسة – كما نوهت سابقاً – هو الدكتور مصطفى حجازي في كتابه (التخلف الاجتماعي.. مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور). علماً أنه يستعمل أحياناً مصطلح (التخلف) و(الإنسان المتخلف)، بدل (القهر) و(الإنسان المقهور) من حيث أن الشعور بالقهر أو الاضطهاد ينعكس تخلفاً في الفعل والممارسة. وفي ذلك يقول: (إن سيكولوجية التخلف من الناحية الإنسانية تبدو لنا على أنها أساساً سيكولوجية الإنسان المقهور)1. حيلة (الإسقاط) وأثرها في التركيبة النفسية الشيعية الإسقاط – كما عرفه العلماء - عملية نفسية ينسب الشخص من خلالها - ويحوِّل إلى غيره - صفاته هو أو مشاعره أو رغباته أو نزواته أو أفكاره التي لا يرغبها ويخجل من الوعي بكونها جزءاً من ذاته. فهو يتهرب لا شعورياً منها بطردها عن نفسه أولاً، ثم إلصاقها بالغير، أو اتهامه بها ثانياً، كنوع من تبرئة الذات أو الدفاع السلبي عنها. إنه عبارة عن تخلص من كل ما هو سيء في الذات باتهام الآخرين به. فهي عملية أو حيلة نفسية دفاعية مزدوجة.وتتخذ مظهرين: 1. نسبة النقص الذاتي إلى الغير 2. لوم الغير على ما نلقاه من صعوبات وفشل، وما نقع فيه من أخطاء. يلعب الإسقاط دوراً كبيراً في حياة الشيعي النفسية. وهو عميق الأثر فيها إلى حد (العقدة)! ولا أراني مخطئاً علمياً إذا أطلقت عليه عندهم مصطلح (عقدة الإسقاط). لم أر أحداً أو جماعة بنيت حياتهم على (الإسقاط) كالشيعة! فهم أكثر الناس اتهاماً للآخرين بعيوبهم وذنوبهم، كما أنهم أكثرهم إلقاء بتبعة أخطائهم وجرائمهم، وما يحصل لهم من مصائب ومصاعب على غيرهم! خذ مثلاً سب الصحابة وتكفيرهم، كيف ينعكس لدى الشيعة اتهاماً لنا بكره (أهل البيت)؟! والتهمة ثابتة في حقهم ثبوتاً قطعياً مطلقاً. أما نحن فبريئون منها إلى حد الصفر المطلق. ومع ذلك فالأمر عندهم على العكس! أحد معارفي داهمت بيته دورية للحرس الوطني، فأخرج لهم هويات الأحوال المدنية الخاصة بأولاده الأربعة: علي وحسن وحسين وحمزة. فكان مصيره الضرب والشتم والإهانة. - لماذا؟! - لأنك سميتك أولادك بهذه الأسماء كرهاً لأهل البيت! - كيف؟! - سميتهم كذلك من أجل أن تسبهم وتبصق عليهم وتضربهم، تشفياً بأهل البيت! انظر إلى أحدهم – وهو من أكثر الشيعة اعتدالاً كما يقال – كيف تنقلب في رأسه الأمور ليقول: (يحدث المأزق الكبير في دوائر الدولة والأحزاب والمؤسسات العسكرية، حيث يلتقي المتعلمون من الطائفتين.. الشيعي الذي انسلخ عن طائفيته بسبب تعلمه، والسني الذي اتصل بالطائفية بسبب صلته بالسلطة. وهنا تبدو الفروق مكشوفة في ممارسة كل منهما لعمله في الدولة. إن الشيعي لا يفكر في أن يحجز وظيفة لشيعي آخر. وقد لا يفهم معادلة كهذه على الأغلب. أما السني فإنه متحفز ومهيأ للعب دور كامل مستمد من تمذهب الدولة. قد يضاف سبب آخر.فبعض الشيعة ممن ينتبهون إلى فعل الطرف الآخر في مؤسسات الدولة قد يحاولون فعل شيء مماثل. لكنهم سيصطدمون بتقاليد الدولة، وبالاضطهاد الرسمي. أو إنهم يقعون فريسة الخوف من أن يتهموا بالطائفية. إن العلماني الشيعي يتقبل أية تهمة سوى هذه. قد يتفاخر بخروجه على الإسلام، وبإلحاده وارتكاب المعاصي. قد يفاخر بماركسيته ووجوديته ونازيته وبعثيته، وبشذوذه وغرامياته، لكنه عند التهمة الطائفية يقف مذعوراً. وقد يتحول إلى الضد لإثبات الضد)1. وأنا أقف هادئاً - لا مذعوراً – أمام هذه العقلية الإسقاطية، التي قلبت الأمور كلها إلى الضد لإثبات الضد؛ لأني أعرف على أي وتر تعزف. ولك – حتى تعود الأمور إلى نصابها – أن تقلبها مرة أخرى. وعندها تتبين الحقيقة. هذا والكاتب صاحب النص السابق كان السكرتير الصحفي لصدام، ويعرف – قبل غيره – أن أغلب الصحفيين المقربين من الرئيس الراحل – إن لم يكونوا كلهم – من الشيعة. وسيأتي توضيح مختصر بهذا، ومن فم الكاتب لا غيره. وقف مقتدى عند المقام الموهوم بـ(السيدة زينب) في دمشق في شباط 2006 ليذم المقاومة، ويقول دون حياء: (الإرهابيين حبيبي فجروا لهم دبابة دبابتين وصاروا مقاومة. كذابين. عملاء). واقلب تعدل! وهكذا وفيما يلي أهم الأمراض والعقد النفسية في (الشخصية الفارسية): عقدة النقص ثمة فرق بين ((الشعور بالنقص))و((عقدة النقص)). (فالشعور بالنقص حالة نفسية يدركها الفرد إدراكاً مباشراً ويعترف بها. وليس من الضروري أن يكون بالفرد نقص كي يتملكه هذا الشعور... ويرى ((آدلر Adler))مؤسس مدرسة علم النفس الفردي أن الشعور بالنقص من أقوى الدوافع لدى الإنسان لأن غريزة السيطرة هي أقوى الغرائز. كما يرى أن الفرد يحاول أول الأمر التعويض عن نقصه، فإن فشل التعويض الناجح لجأ إلى التعويض الوهمي، كأن يهرب من مواجهة نقصه إلى أحلام اليقظة، يعوض في خيالاتها عما به من نقص كما يشاء، أو يصاب بمرض نفسي يتخذه عذراً وجيهاً عن عجزه ونقصه، لأنه لو لم يكن مريضاً لم يعرف العجز إليه سبيلاً، بل لتفوق على غيره. وهكذا يعفيه الاحتماء بالمرض من لوم الناس ولوم نفسه. أما عقدة النقص فاستعداد لا شعوري مكبوت، أي لا يفطن الفرد إلى وجوده، وينشأ من تعرض الفرد لمواقف كثيرة متكررة تشعره بالعجز والفشل، وقلة الحيلة. ومتى اشتدت وطأة هذا الشعور على الفرد مال إلى كبته أي إلى إنكار وجوده، بل وإلى عدم الاعتراف بما لديه من عيوب فعلية. غير أن كل ما يذكّره بالنقص يحمله على الفور وبطريق تلقائية على الدفاع عن نفسه بأن يستجيب بعنف. والسلوك الصادر عن عقدة النقص يتسم بما يتسم به كل سلوك صادر عن الكبت، فغالباً ما يكون سلوكاً غريباً غير مفهوم، هذا إلى طابعه القسري. من ذلك العدوان والاستعلاء والزهو الشديد والتظاهر بالشجاعة والإسراف في تقدير الذات. وقد يبدو في صور متكلفة سخيفة كمحاولة استرعاء الاهتمام والانتباه بالتفاخر الكاذب والتباهي الزائف والاختلاق والكذب أو التأنق غير المحتشم في الملبس أو التحذلق في الكلام أو التطرف في كل ما يقول ويفعل). منشأ عقدة النقص عند الفرس لقد وضع الدكتور عماد عبد السلام رؤوف يده على أصل العلة في النسيج النفسي للشخصية الفارسية حين قال متسائلاً : (فما هي إذن الأسباب الثابتة لهذا الصراع الطويل عبر المراحل التاريخية المتعاقبة؟) ثم أجاب بقوله: (إن الإجابة على هذا السؤال تكمن في وضع إيران الجغرافي - السياسي نفسه). ويمكن تلخيص ما قاله البروفسور عماد عن هذا الوضع بثلاث نقاط رئيسة هي: [LIST=1][*]الفرس لا يشكلون سوى أقلية بالنسبة لمجموع الأقليات القومية الأخرى التي تستوطن الهضبة الإيرانية (عامل جغرافي).[*]إن لهذه القوميات جميعاً - باستثناء الفرس- امتدادات واسعة خارج حدود إيران نفسها (عامل جغرافي).[*] الرغبة في السيطرة على بقية القوميات المتباينة، وشدها باتجاه الدولة المركزية في الداخل (عامل سياسي).[/LIST] ولكنهم كانوا أقل عدداً وأدنى حضارة من أن يستطيعوا ممارسة دورهم هذا في شد هذه القوميات وتجميعها تحت سيطرتهم. لذا فقد كان الفعل السياسي والعسكري الفارسي على الدوام أكبر من حجمهم الحقيقي. إن الرغبة في السيطرة - من قبل الفرس في قلتهم العددية وتدنيهم الحضاري - على شعوب تفوقهم عددا وحضارة، ولها امتدادات خارجية، هو الذي أنتج عندهم ذلك الشعور العميق بالنقص، والذي ترسخ بمرور الزمن وتراكم المعاناة حتى صار عقدة لا تفارقهم. مثلهم كمثل شخص جاءت به ظروف الحياة ليقود فريقاً من الرجال يفوقونه في تحضرهم وتحصيلهم العلمي وقوتهم ووجاهتهم، فإذا لم يكن متماسكاً نفسياً تولد عنده شعور بالنقص تجاههم. فإذا تكرر الموقف نفسه - بصورة أو بأخرى - نشأت عنده عقدة النقص. وبما أن تحقيق رغبة الفارسي في هذه السيطرة بالوسائل الطبيعية غير ممكن، فإن ذلك جعله يجنح دوماً إلـى أساليب ملتوية وحيل غير مألوفة يوازن بها هذا الفرق في التفوق، ويصل بها إلى هدفه من السيطرة. لقد ترسخت هذه الأساليب الملتوية والحيل الشاذة على مر الدهور وكر العصور حتى صارت جزءا من شخصيته وسمة أو طابعا يدمغ تلك الشخصية. أي تحولت إلى عقد نفسية متأصلة، ممتدة الجذور عميقاً عميقاً في نفس الفارسي. عقدة الدخالة أما من صار على رأس السلطة في إيران فلا بد أن يتقمص تلك الشخصية ويصاب بتلك العقدة النفسية، وإن لم يكن فارسياً في أصله وعنصره؛ وإلا فقد زمام السيطرة على دفة الحكم. وكما أن رجلاً جاءت به الأقدار ليكون حاكماً أو شيخاً لقبيلة غير قبيلته لا يمكن له أن يقود القبيلة بتقاليد وأعراف غير تقاليدها وأعرافها، وإنما عليه - لكي يستمر في قيادتها - أن يتقمص روحها وشخصيتها، ويتمثل سلوكها، ويعبر عن أمالها وتطلعاتها، وإلا رفضته وفقد السيطرة على قيادها. بل إن هذا الحاكم أو الشيخ عادة ما يكون متطرفاً في كل ذلك إلى الحد الذي يتفوق فيه على ابن القبيلة الأصيل؛ لأن عقدة الشعور بالغربة أو الدخالة كثيراً ما تدفع الدخلاء إلى هذا التطرف أو التصرف ليغطوا به على هذا الشعور الذي لن يشفوا منه مهما تطرفوا، وكيف تصرفوا ! كذلك فعل كل حاكم إيراني من أصل غير فارسي. إنه يحكم إيران بروحية الفرس ونفسيتهم وأعرافهم وتقاليدهم، وقد يتطرف في سلوكه وعدوانيته فيتفوق على مثيله الفارسي على قاعدة (ملكي أكثر من الملك). كما فعل الصفويون ومن لف لفهم. وإلى هذا المعنى أشار البروفسور عماد عبد السلام رؤوف بقوله: (ومع أن سلالات غير فارسية حكمت إيران في بعض العهود إلا أن سياستها لم تكن لتختلف عن السياسة الفارسية التقليدية التي ذكرنا. فالافشاريون والزنديون والقاجاريون مثلا وهم ليسوا فرساً لم يكونوا ليصبحوا (شاهات)لإيران لو لم يلتزموا (بالعقدة الفارسية) فيحذون حذو أسلافهم في معاداة الأمة العربية1. وعلى هذا الأساس فإن (الفارسية) قد تتمثل في شخص عربي في أصله؛ فيكـون بلاءاً أكثر من الفارسي نفسه. وهنا يمسي التفريق بين عالم أو فقيه أو عربي وآخر فارسي -يحمل كلاهما العقيدة والعقدة نفسها -بلاهة وحمقاً. العجمي والمستعجم إن هذا يدعونا إلى الحذر من العربي أو العراقي المصاب بـ(العقدة الفارسية) أكثر من الفارسي أو الإيراني نفسه ؛ لأن الأول يزيد على الثاني بكونه يعاني من عقدة (الدخالة) التي تجعل من عدوانيته وحقده أكثر تطرفاً وحدة. بل قد نجد فارسياً بريئاً من هذا المرض إلى الحد الذي نعتبره فيه عربيا في لغته وروحه وديانته، فمن أحب العرب وتكلم بلسانهم فهو عربي. خلاصة القول: أن العجمي والمستعجم طينة واحدة. هذا إن لم يكن المستعجم أكثر شراً وأضل عن سواء السبيل. ومن هنا قال من قال: (إذا استعجم العربي فاقتلوه)؛ لأن العربي المستعجم شر من العجمي نسباً وأصلاً ! عقدة النقص أصل كل العقد النفسية في الشخصية الشيعية هذه العقدة الخبيثة هي أصل كل العقد في نفسية الفارسي، أو الشيعي الذي انخلع من أصله وصار متشيعاً تشيعاً فارسياً يحمل عقائد الفرس وعقدهم، ويسعى – شاء أم أبى - في خدمة أغراضهم، وتحقيق أهدافهم. فتجد أن عقدة النقص هي وراء (عقدة الشك) والتوجس والخوف الدائم من خطر ما يأتي من الخارج. ووراء (عقدة الغدر) تلك السجية الملازمة للفارسي وأخيه الشيعي؛ لأن الضعيف لا يتوقع سنوح الفرصة ثانية فهو يضرب ضربته عند أول فرصة. ووراء (عقدة الخداع) والمراوغة ؛ لأن عقدة الشك توحي إليه بأن الكل يريد خداعه؛ فهو يقوم بمخادعتهم مقابلة بالمثل. ووراء (عقدة الكذب) والدجل (الشعار القومي للفرس)، فهو دائم الادعاء بأن جيرانه يبيتون الاعتداء عليه، وأن خطراً ما قادماً من هذا الاتجاه وذاك من أجل إثارة الخوف لدى الآخرين وتجميعهم حوله. وهذا أنتج – إضافةً إلى ذلك – (عقدة العدوان) ، و(عقدة الاضطهاد) والمظلومية . فهو يعتدي وفي الوقت نفسه يدّعي أنه معتدى عليه. وفي المقابل تجد (عقدة الاستخذاء) والتذلل والمسكنة، قد نتجت عن عقدة النقص والشعور بالدونية، التي تجعله - في حال ضعفه - ذليلاً متملقاً متمسكناً. و(عقدة الحقد) الفارسي المجوسي نابعة من عقدة النقص. إن الحقد هو القوة الضاغطة التي لا يستطيع بدونها تجميع عناصره المشتتة، وسوقها باتجاه واحد. وهكذا تتسلسل النتائج فتظهر لنا (عقدة الانتقام) والرغبة الجامحة في الثأر. ومن عقدة الحقد والعدوان والاضطهاد والرغبة في الثأر والانتقام نتجت (عقدة التخريب). كما أنها منبع (عقدة التحلل الخلقي) والفساد الاجتماعي؛ فالناقص الدوني لا يتماسك أمام المغريات أو الشهوات. وهذا كله تسبب في وجود (عقدة الذنب). وبسبب الاعتياد على إتيان النقائص ترسخت عنده (عقدة الصفاقة). ولنقصه تراه شديد الالتصاق بطائفته، متعصباً لها أشد التعصب (عقدة التعصب). والحاجة إلى تعويض النقص تلجئ صاحبها إلى المبالغة في تصوير كل ما يتعلق بالذات من قوة وملكية وأماني وأحلام ورموز وتاريخ وقصص وأساطير حتى ينطبع الذهن بطابع الخرافة، ويصير صاحبه خرافياً (العقلية الخرافية). والحاكم الناقص يتأله على شعبه، والشعب المتخلف يطيع حاكمه إلى حد التأليه (تأليه الحاكم). وعقدة النقص هي السبب في نشوء (عقدة السيد) أو عقدة الاستكبار والتعالي. فهو يتظاهر بالقوة الفارغة، ويزيد من مظاهرها كي يغطي على نقصه (عقدة الاستعراض). ومثاله كبر عمامة السيد (مقوار المخنث). وكذلك (عقدة اللؤم) ونكران الجميل : فلنقصه ، وشعوره بالحاجة يقبل الإحسان من الغير، لكنه للسبب نفسه يتنكر لإحسانه، بل يتوجه بالأذى إلـى المحسن كي لا يذكره بنقصه وحاجته. إن الدونية أو عقدة الشعور بالنقص تجعل صاحبها يستجيب سلبياً أو عكسياً تجاه المؤثرات الخارجية الإيجابية، ويتعامل بلؤم مع من يحسن إليه؛ لأنه يرى فيه شبحاً مزعجا يذكره بـ(دونيته) ونقصه. فـ(الدوني) شخص متناقض: فهو يقبل الإحسان لحاجته إليه، لكنه يشعر بالكراهية تجاه من يحسن إليه ، وينـزعج من رؤيته ويتمنى الخلاص منه، بل يسعى في الكيد له وإزاحته من أمامه. وما لم نفهم هذه العقدة عند العجمي والمستعجم فإن إحساننا يذهب هباء، ولا يصل بنا إلى النتيجة الطبيعية المتوقعة لتلك المقدمة. بل لا نجني من ورائه إلا المتاعب. لقد كان هذا نصيب العرب على مر التاريخ جزاء إحسانهم إلى الفرس الذي تمثل بدينهم ورسالتهم التي حملوها إليهم – وهو أعظم إحسان- وبحضارتهم العظيمة. لكن العقلية (الفارسية) تعودت أن تنظر إلى هذه الحضارة بعين واحدة. إنها تتأثر بهـا لاضطرارها إلى ذلك؛ بسبب النقص الذي تعاني منه في مستواها الحضاري، وتعاديها في الوقت نفسه؛ لأنها تمثل خطراً يهدد سيطرتها وكيانها. كل الشعوب التي اعتنقت الإسلام تحتفظ بالجميل للعرب وتحترمهم وتقدمهم. إلا العجم فمع ادعائهم الإسلام يشعرون بالحقد والكراهية تجاه من حمله إليهم لا سيما الصحابة وخصوصاً الفاروق عمر رضي الله عنه الذي كان أول ضحية لحقدهم ودونيتهم وغدرهم. وهكذا.. فما من عقدة يعاني منها الشيعة إلا وترجع في أصلها وتكونها إلى عقدة النقص، التي تولدت جراء الوضع الجغرافي – السياسي الذي ذكرناه من قبل. عقدة الحقد كان للخميني -عندما كان في النجف - جار عراقي. وفي يوم من الأيام - وبينما كان الأولاد يلعبون في الزقاق - ضرب ابن الجار العراقي ابناً لخميني كان يلعب معه. فحصلت مشكلة كبيرة. وأراد العراقي أن يرضي خميني بكل وسيلة فلم يفلح! وظل خميني مقاطعاً جاره رغم الوساطات العديدة للصلح بينهما، حتى خرج من العراق! ويتحدث الدكتور موسى الموسوي عن الخميني فيقول: (وإن من أهم الصفات السيئة التي يحملها هو حقده الدفين على كل من أساء إليه، ولو قبل نصف قرن، فهو لا ينسى الإساءة. ولا بد أن ينتقم لها عندما تسنح له الظروف. ولذلك نرى أنه أمر بإعدام علامة الوحيدي والدكتور جمشيد أعلم، وهما عضوان من أعضاء مجلس الشيوخ الإيراني في عهد الشاه من بين 60 عضواً آخر؛ لأنهما تطاولا في الكلام عليه في المجلس عندما كان يعارض حكم الشاه. أما سائر أعضاء مجلس الأعيان فلهم مطلق الحرية يسرحون ويمرحون في إيران). نعم..! الحقد داء، وعقدة متأصلة في نفسية الفارسي، لا يمكن لكيانه أن يقوم، ولا لوجوده أن يدوم من دونها! إنها القوة الضاغطة التي يستطيع بها تجميع عناصره المشتتة، ويسوقها باتجاه واحد. (الفارسي) غير قادر على جعل الحب قاعدة لانطلاقه في تعامله مع الآخرين؛ لأنه بذلك يفقد القابلية على تجميع تلك العناصر المشتتة في قبضة واحدة. يقول د. عماد عبد السلام: (لقد أدرك الفرس أن تحقيق سيطرتهم على عدد كبير من القوميات يفوقهم بعضها عددا وحضارة لا يكون إلا بإخضاعها إلى ضغط تحد خارجي، وإثارة شعور التوجس لديها من خلال خطر مـا يأتي من الخارج). لهذا أمسى الحقد ضرورة لبقاء الفارسي على قمة الهرم في الهضبة الإيرانية، التي لا يتربع عليها إلا من سلك السلوك نفسه، واعتمد إثارة كل أمر يؤدي بشعوب الهضبة المتناثرة إلى أن تخاف وتحقد على الدوام حفاظاً على تماسكها تحت قاعدة الهرم. وما اللعن والطعن إلا تعبير عن هذه العقدة التي يغذونها برواية كل قبيح مخترع وإلصاقه بتاريخ الأمة ورموزها. ومن ذلك اختراع المآسي التي تعرض لها (أهل البيت) وتضخيمها، وإقامة مجالس التعزية والنواح على أولئك (المظلومين). وتأمل التناسب بين نفسية الفارسي المدمرة الحاقدة، وبين النار التي اشتهر بعبادتها من دون بقية قوى الطبيعة! وعن طريق الحث والعدوى انتقلت هذه العقدة من المجتمع الإيراني إلى المجتمع الشيعي أينما كان: أفراداً وجماعات. حقد مختص بالعرب وإذا كان الفارسي وسليله الشيعي حاقداً بطبعه، فإن هذا الحقد يتوجه عنده تلقائياً - وبلا مقدمات - إلى العرب عامة، وإلى العراقيين منهم خاصة. ولذلك أسبابه الدافعة.أهمها أن عقدة النقص إنما تستثار – أشد ما تستثار – باتجاه العرب؛ لأنهم – في قوتهم الذاتية وتحضرهم العريق وتراثهم النبيل - يمثلون في خافيَّة أو لا شعور الفارسي النقيض التام المقابل للفرس في كل ذلك. ولأن العرب أكثر الأقوام فضلاً على الفرس، فإن عقدة نكران الجميل تكون أكثر انفعالاً وأثراً في انعكاسها بما يتناسب ودرجة الفضل السابق من العرب إليهم.من هنا نفهم عمق كلام د. عماد عبد السلام حين قال: (لقد تحول مركب النقص الحضاري هذا على مر العصور إلى عقيدة راسخة معادية لكل الحضارات العربية أو التي وجدت في الأرض العربية. بل انه تحول في اللاوعي الفارسي إلى نزعة عدوانية مدمرة لكل فكرة بل قيمة تأتي من هذا الاتجاه). انظر ما يقول محمد الطوسي في (غيبته) ومحمد المجلسي في (بحاره) منسوباً زوراً إلى جعفر الصادق: (اتق العرب فإن لهم خبر سوء، أمَا إنه لم يخرج مع القائم منهم واحد)(1). وفي رواية للكليني: (ويل لطغاة العرب من أمر قد اقترب. قلت جعلت فداك كم مع القائم من العرب؟ قال: نفر يسير. قلت: والله إن من يصف هذا الأمر منهم لكثير. قال لا بد للناس أن يمحصوا ويغربلـوا ويستخرج مع الغربال خلق كثير)(). وانظر إلى شعوبية الكليني ذلك الحاقد الفارسي كيف يفتري على سيدنا جعفر بن محمد رحمه الله أنه يكفر أهل خيرة بقاع الأرض (مكة والمدينة والشام) فيقول: أهل الشام شر من أهل الروم وأهل المدينة شر من أهل مكة وأهل مكة يكفرون بالله جهرة. وعن أحدهما (ع) قال: إن أهل مكة ليكفرون بالله جهرة ، وان أهل المدينة أخبث من أهل مكة، أخبث منهم سبعين ضعف ويفتري على محمد بن علي (الباقر) أنه قد كفر جميع الصحابة والتابعين وهم خيرة العرب فيقول: ارتد الناس إلا ثلاثة نفر: سلمان وأبو ذر والمقداد. وأناب الناس بعد: كان أول من أناب أبو ساسان وعمار وأبو عروة وشتيرة، فكانوا سبعة فلم يعرف حق أمير المؤمنين إلا هؤلاء السبعة. وتأمل ما قاله ميرزا حسن الإحقاقي:(إن الصدمات التي واجهها كل من شعبي إيران والروم الكبيرين نتيجة لحملات المسلمين والمعاملة التي تلقوها من الأعراب البدائيين الذين لا علم لهم بروح الإسلام العظيمة, أورثت في نفوسهم نزعة صدود عن العرب, وشريعة العرب, فطبيعة سكان البادية الأوباش الخشنة، وذلك الخراب والدمار اللذين ألحقوهما بالمدن الجميلة, والأراضي العامرة في الشرق والغرب, وغارات عباد الشهوات العطاشى إلى عفة وناموس الدولتين الملكية والامبراطورية). وفي فلم شيعي عن معركة صفين مدموغاً بعلامة (شبكة أنصار الحسين)يظهر عمرو وتحته مكتوب: (عمرو بن العاص لعنه الله)! أما عندما يظهر علي فمكتوب تحته: (السلام عليك يا قاتل صناديد العرب)!!! واستمر هذا الحقد الفارسي ضد العرب يتأجج على مر العصور، لم تزده الأيام إلا عمقاً ورسوخاً! ومن أكثر الناس شعوراً بوجود وآثار هذا الحقد وإدراكاً لجذوره أشقاؤنا العرب الأحوازيون. وذلك بسبب معاناتهم الطويلة تحت الاحتلال الفارسي منذ أكثر من ثمانين سنة. يروي لي أحدهم فيقول: كنا من جنسيات متعددة نعمل في موانئ الكويت، منا العربي ومنا الفلبيني والهندي والباكستاني وغيرهم من الشعوب. وكان معنا إيرانيون أيضاً. فحين يحصل شجار بين إيراني وآخر من قومية أخرى، يتساءل العمال الإيرانيون؟ فإذا وجدوا الشجار حاصلاً مع هندي أو فلبيني، أو مع شخص من أي قوم كانوا سوى العرب، فإنهم لا يأبهون للأمر كثيراً. فإذا ما قيل: إن الشجار مع عربي تركوا كل شيء بأيديهم، وهبوا بالعشرات ينصرون صاحبهم الإيراني ضد العربي!وهم يتصايحون:(أرَب أرب)! - بترقيق الباء - أي عرب عرب. وتأمل هذا النص المقتطع من كتاب (روضات الجنات) لأحد كبار دجاجلة علماء الشيعة وهو الخوانساري: كيف يتفجر حقداً على بغداد عاصمة الخلافة العربية الإسلامية. قال هذا الدجال الشيعي الحاقد في معرض ترجمته للّعين الخواجة نصير الطوسي: (ومن جملة أمره المشهور المعروف المنقول حكاية استيزاره للسلطان المحتشم في محروسة إيران هولاكو خان بن تولي خان بن جنكيز خان من عظماء سلاطين التاتارية وأتراك المغول، ومجيئه في موكب السلطان المؤيد مع كمال الاستعداد إلى دار السلام بغداد لإرشاد العباد وإصلاح البلاد، وقطع دابر سلسلة البغي والفساد، وإخماد نائرة الجور والإلباس، بإبادة دائرة ملك بني العباس، وإيقاع القتل العام من أتباع أولئك الطغام، إلى أن أسال من دمائهم الأقذار كأمثال الأنهار ، فانهار بها في ماء دجلة، ومنها إلى نار جهنم، دار البوار، ومحل الأشقياء والأشرار). ويروي أخونا العربي الأحوازي أنه حين دخل الجيش الإيراني كان يتدرب في معسكر (كرمان)، وكان الهدف الذي يدربونهم على الرماية من خلاله هو العقال واليشماغ العربي! يقول: وهذا التقليد المعبر بعمق عن الحقد الفارسي تجاه العرب يجري في كل معسكرات التدريب الإيرانية. وأما معاملتهم العنصرية لعرب الأحواز فشيء لا مثيل له في أكثر بلدان العالم تخلفاً ووحشية! إن أحدهم يتلقى يومياً عشرات الإهانات لا لشيء إلا لأنه عربي!. كما أن لبس العقال واليشماغ مستنكر عليهم في الأحواز، ويتلقون بسببه التضييق والتحقير وأنواع الأذى، لا سيما في الأسواق، وعند مراجعة الدوائر الرسمية،. وممنوع رسمياً تدريس المواد الدراسية باللغة العربية، فليس في الأحواز العربية مدرسة عربية واحدة! ولا يسمحون حتى بفتح مدرسة قرآنية! ولا يوجد في الأحواز كلها – ومساحتها تقرب من مساحة سوريا - مسجد خاص بأهل السنة، إما يهدمونه إذا بني، أو يحولونه إلى دائرة أخرى!إلا واحداً في عبادان، وأغلقوه أخيراً، واعتقلوا إمامه الشيخ عبد الحميد الدوسري. يقول صاحبي الأحوازي: في سنة 1995 شرعنا في بناء مسجد لنا في منطقة (كوت عبد الله)، وهي قرية نائية بعيدة عن مركز المدينة، واتبعنا في بنائه أسلوب التورية والتخفي على اعتبار أنه مسجد شيعي، ومر علينا في ذلك خمسة وأربعون يوماً، وفي صبيحة أحد الأيام أتينا إليه فلم نجد في المكان طابوقة واحدة! لقد جرفوه في منتصف الليل وأزالوه من وجه الأرض بالكامل!ولربما عرفوا هويته من وجود المحراب ومنارة واحدة لا اثنتين، وهذا يكفي – عندهم - لهدمه وإزالته من الوجود.كما أن جامعاً لأهل السنة في عبادان حولته الحكومة (الإسلامية) إلى نادي لرياضة البنات!. كنت في زيارة لمكتب (هيئة علماء المسلمين) في دمشق، فحدثني أحد المشائخ الثقات ممن أعرفهم، فقال: زارنا شيخ سوري فاضل، ودار بيننا حديث عن إيران، وعلاقتها بالعراق، كنت ممن شارك في الحديث، وكان حديثي منصباً على عدائها المستحكم للعرب، ومؤامرتها الدائرة في العراق. لم يرق للشيخ ما سمعه مني. وصار يعاكسني ويدافع عن إيران. ثم جاء بعد مدة يسأل عني بالخصوص. لكنه لم يجدني فقال لمن استقبله من الإخوة الموجودين في المكتب: جئت لأخبر فلاناً بأن كل الذي قاله عن إيران صحيح و.. زيادة. ثم التقيته بعد ذلك، فقص علي ما رآه من عجائب حين ذهب إلى هناك لحضور مؤتمر إسلامي في رمضان الماضي/1427. من ذلك الذي رآه: أن الإيرانيين أخذوهم مساء أحد الأيام ليفطروا في مكان ما لم يخبروهم عنه. قال: وظلت السيارات تسير حتى دخلنا مقبرة كبيرة، مدت الموائد في وسطها. لم ندرك لماذا جاءوا بنا إلى هذا المكان الغريب، حتى أشار أحدهم إلى القبور الممتدة على طول مسرح النظر فقال: (أترون هذه القبور؟! هؤلاء هم الذين قتلهم العرب في العراق). انظر كيف أنه لم يعط للقاتل سوى وصف (العرب)! ثم أردف قائلاً بلا أدنى تردد، أو حياء: (لا بد أن نمحوهم من الوجود، ونثأر لكل واحد منا بعشرة منهم. ولن نتوقف حتى نحقق ما نريد)!. إسقاط حقدهم على خصومهم تأمل كيف يسقطون حقدهم هذا على خصومهم: معمم كبير العمامة عظيم الهامة اسمه محمد تقي بور المدرسي ظهر على شاشة إحدى الفضائيات يتباكى من ظلم صدام حسين وكيف أن مدينة الثورة (يسميها – هو وأمثاله - الصدر) التي يقطنها ثلاثة ملايين ونصف المليون كان صدام يمنع بناء الحسينيات فيها حتى إن ثلة من أهلها تجرأوا فبنوا حسينية لكن الحكومة هدمتها على رؤوسهم وقامت بإعدامهم. ويعلم الله أن هذا محض افتراء وكذب لا يستحي (الفارسي) منه. أما مدينة الثورة فلا يبلغ عدد سكانها – بما فيهم من سنة ونسبتهم في حدود 15٪ - تسعمائة ألف. وأما الحسينيات فتعج بها تلك المدينة الخربة في عهد صدام وغيره. ومن المعروف جداً أن أغلب الحسينيات في العراق تبنى من دون موافقة وزارة الأوقاف، بينما يستحيل أن يسمح لأهل السنة ببناء مسجد دون موافقة رسمية أصولية. أما الذي يهدم المساجد على رؤوس أهلها ويقوم بإعدامهم فهم الإيرانيون. وحادثة إعدام خمسة من أهل السنة تقدموا بطلب بناء مسجد لأهل السنة في العاصمة طهران معروفة لأهل الشأن. ومن المعلوم أن مركز العاصمة الإيرانية لا يوجد فيها مسجد لأهل السنة، بينما لا تخلو من معابد لليهود والمجوس! يرضعون الحقد لأطفالهم إن هذا الحقد الغريب يلقنه الشيعة لأولادهم، ويرضعونهم إياه مع الحليب. حدثنا أخ أحوازي آخر أنه كان مسافراً في قطار من الأحواز إلى مدينة إيرانية، وكان بالقرب منه امرأة فارسية معها ابنها الصغير فقالت هذه المرأة: ابني يقول: أريد الذهاب إلى طهران لأشرب البيبسي هناك، لا أريد أن أشرب من بيبسي الأحواز؛ إن فيه رائحة العرب. يذكرني هذا بشاب من أهل مدينة (بلد) هداه الله فتحول من دين الرفض إلى دين الحق. قص على صاحب لي كيف أنه عندما كان غلاماً صغيراً جاء أهله بخروف كان يلهو به ويلعب معه حتى إذا تعلق به وصار لا يستطيع عنه فكاكاً استيقظ صباح أحد الأيام فهاله رؤية الخروف الحبيب قريباً من وسادته مذبوحاً ملطخاً بدمه! يقول: فصرت أصرخ فزعاً حزيناً وأقول: من فعل هذا؟ فأخبروني: إنه عمر! يقول: ومن ذلك اليوم حقدت على عمر بن الخطاب حقداً ما بعده حقد! وفي بعض مناطق الجنوب العراقي يأتون للطفل بصندوق فيه فتحتان: واحدة لعلي، إذا مدّ الطفل يده أخرج منها قطعة حلوى. وواحدة لعمر، إذا مدّ يده أصابتها شوكة أو جمرة أو ما يشبه! ومن أبيات الشعر الفارسي المتداولة عند الفرس: عرب دربيابان ملخ مي خورد وسـﮓ أصفهان أب يخ مي خورد أي:العربي في الصحراء يأكل الجراد، بينما الكلب في أصفهان يشرب الماء البارد. يغذون الحقد لشعوبهم ذهب أحد الأصدقاء إلى إيران في مايس 2006، فشاهد العديد من العجائب. منها ما حدثني عنه فقال: وجدت على طول الطريق من مهران إلى أيلام، وكذلك من مهران إلى دهليران، ومن اندم شك إلى الأهواز إلى عبادان صوراً (مرسومة باليد) لقتلى العسكريين الإيرانيين معلقة على الجانبين، مكتوباً عليها (شهداء جمهوري إسلامي) مع كلمات معناها أن صدام وجيشه هم من قتلوهم. فتذكرت أين شهدائنا من الضباط والجنود؟ حيث لا ذكرى ولا صورة ولا من يترحم عليهم! وشاهدت أمراً آخر عجباً! دبابات عراقية مدمرة، على جانبي طريق إيلام – مهران وعلى مسافة (80 كم)، مرفوعة على منصات حجرية مرصوصة ومبنية بإحكام مكتوب عليها: (دبابات صدام). فشعرت أنهم يعيروني فبكيت في داخلي من المرارة. حقد شعوبي وأبو القاسم الفردوسي صاحب (الشاهنامة) يسب القدر ويبصق عليه في بيت من الشعر في شاهنامته تلك قائلاً: (تفّ تفّ لك أيها الفلك الدوار؛ العرب الحفاة العراة آكلو الضباب يدوسون أرض إيران الجميلة)! حدثني بهذا المرحوم الفريق كامل الساﭽت رحمه الله يقول: ذهبت في زمن الشاه في بعثة عسكرية إلى إيران فدخلت أحد المتاحف العسكرية هناك فرأيت ديوان (الشاهنامة) مكتوباً على جلد موضوعاً على طاولة كبيرة ومفتوحاً على البيت المذكور الذي ظهر واضحاً وباللغة العربية!!! أما بهشتي فيقصر وصف (الجاهلية) الوارد في القرآن على العرب فقط دون بقية الأُمم!ويقول عنهم: لم يكن لدى العرب قبل الإسلام من شيء سوى الشعر. وقد بلغ بهم الحقد حداً بحيث لو سألت فارسياً فقلت مثلاً: أي يوم من أيام الأسبوع غداً؟ فإذا كان اليوم يوم جمعة عبّر فقال: بعد غد هو يوم السبت، ولا يذكر الجمعة لأنها ترمز إلى يوم مقدس في (دين العرب). ويحتج الفرس على العرب في الأحواز بحديث باطل ينسبونه للرسول وضعوه تنفيساً عن شعوبيتهم نصه: (أنا عربي وليس العرب مني). وفي مقبرة الخفاجية الواقعة بعد مدينة البسيتين توجد لافتة كبيرة على حائط كبير مكتوب عليها: (تعلموا الفارسية لأنها لغة الله ولغة أهل الجنة)! ويسمون مقابر العرب (لعنة آباد) ومقابر الفرس (جنة آباد)! وفي المنهج الدراسي للصف الأول الابتدائي قصيدة يقول أحد أبياتها: (كلنا أرقى من العربي أكال الجراد). ويحيي الإيرانيون ذكرى شاعر اسمه أهبان، له ديوان شعر اسمه (فصل الشتاء) يمجد فيه عبادة النار بقوله: (النار مظهر الطهارة، جاء العرب فوضعوا ماءاً نجساً عليها ليطفئوا تلك الطهارة). تعذيب أسرانا ومن أبرز صور الحقد الفارسي ما فعلته إيران بأسرانا ، الذين أذاقتهم صنوف العذاب الخارجة عن كل معقول. ولا زالت تحتفظ ببعضهم منذ أكثر من ربع قرن!. وأما الحديث عن صور التعذيب فلا يحيط به مجلدات ومجلدات! وليس هذا موضعه. ولكن لا بأس من إيراد لمحة خاطفة عنه، هي من مشاهدات أخينا الأحوازي سابق الذكر.يقول: كان الضباط الإيرانيون يوصوننا نحن الجنود: "إذا أمسكتم بأسير فاقتلوه، ولا تأتونا به". ورأيت بعيني كيف جاء الحرس الثوري الإيراني بمائة وثلاثة وأربعين أسيراً عراقياً، كانوا في حالة مزرية، والكثير منهم مصاب بحروق وجروح بالغة، حفاة ممزقي الملابس، يتلاوبون من العطش، يستسقون الماء فلا يسقون، والمسؤولون عنهم ينادون: "الماء محرم في حق هؤلاء"! وعلى جسر الخفاجية رأيتهم كيف قتلوهم وهم على هذه الحال! وأفرغوا في كل واحد منهم شاجوراً كاملاً وهم يقولون: قربان قربان! فما هذا الحقد الذي صار به قتل العرب عند العجم قرباناً يتوسلون به إلى الله؟! وصدق من قال: (ما حن عجمي على عربي قط ورب الكعبة)! |
#7
|
|||
|
|||
عقدة الثأر والانتقام مر بنا كيف ترسخت عقدة النقص في النفسية الفارسية، وكيف أنتجت هذه العقدة عقدة أخرى مدمرة هي عقدة القهر أو الاضطهاد. والمقهور بسبب عدم قدرته على تنفيس شحنته بمقابلة الأذى بالأذى، والرد بالمثل على من أساء إليه، يضطر إلى كبت هذه الشحنة، فإذا طال الزمن تراكمت الشحنات بعضها على بعض، وتغلغلت في (اللاشعور)، لتتولد عنها عقدة أخرى أكثر خطورة وتدميراً متى ما وجدت لها طريقاً للتنفيس أو الانفجار، هي عقدة الثأر والانتقام، الممتزجة بعقدة الحقد التي تولدت بالآلية نفسها، وتؤدي وظيفتها كالوقود الذي يغذي نار الثأر ودوافع الانتقام دون انقطاع. هذه هي نفسية (الفارسي) التي انتقلت بالحث والعدوى إلى المتشيع بتشيعه: نفسية ثأرية لا تهدأ أبداً، ولا تقر ما لم تنتقم ممن ترى أنه تسبب لها بالأذى أو الإهانة. تغريدة الشيعة ولأن الأمر متعلق بعقدة، والعقدة لا يمكن علاجها بالانسياق وراء نزواتها أو متطلباتها؛ لذلك لا ترى (الفارسي) تهدأ نفسه مهما لبى نداء عقدته فانتقم وأغرق في الانتقام! وهكذا تجد كلمة (الثأر) كثيرة التداول في قاموس الشيعة. انظر إلى شعاراتهم الأسطورية الخارجة عن العقل والشرع: خذ مثلاً شعار (يا لثارات الحسين!)الذي يرددونه في مسيراتهم، ويعلقونه على راياتهم، وينصبونه في المواسم فوق دورهم، ويترجمونه في ممارساتهم، التي ظهرت سافرة بعد الاحتلال. وقد أسسوا في العراق منظمةأسموها(ثأرالله).وهيإحدىمنظماتهمالحاقدةالتيتمارس القتل ضدأهلالسنة،والشيعةالمتحولين،وتتابعالضباط والطيارين العراقيين الذين حاربوا إيران ودفعوها عن وطنهم، بعد أن اعتقلت الآلاف من هؤلاء، مستغلة الانفلات الأمني الذي حصل بعد الاحتلال مباشرة، وجلبتهم إلى إيران.وهناك في الأحواز سجن كبير تبلغ مساحته (5000 م2) وضعفيههؤلاءالمختطفون،الذين يتعرضون بشكل دوريإلىتصفيات وإعدامات بالعشرات. ويجري هذا بصمت مطبق من جميع العالم، الذي ربما لا يعلم شيئاً عما يجري من جرائم وحشية بحق هؤلاء الأبرياء! أما السفاح موسى الصدر مؤسس منظمة (أمل) فقد أعلن في يوم (18/2/1974) أنهم "جماعة الانتقام"! وهكذا تجد هذه الكلمة هاجساً يراود نفوسهم، وتغريدة تتردد على ألسنتهم، في كل زمان ومكان. الغليان والتعبئة النفسية الدائمة مما يفسر هذه النفسية الثأرية قول الدكتور مصطفى حجازي: (الإنسان المقهور في حالة تعبئة نفسية دائمة استعداداً للصراع. نلاحظ ذلك في حالة التوتر العام الذي يبدو جلياً على محياه وفي حركاته. فلأقل الأسباب نجد العدوانية اللفظية تنفجر في سيل من الشتائم والسباب. كما أن الخطاب اللفظي سرعان ما يتدهور إلى المهاترة والتحدي والوعيد. فالانفعالية العاطفية تطغى على الحوار والعلاقة. والعقلانية سرعان ما تطمس، مما يقود إلى انهيار التفكير المنطقي ويحجب وضوح الرؤية ويشل القدرة على تفهم الآخرين، أو على تقدير الواقع بالموضوعية الضرورية. تطغى الانفعالات دونحدود تقيدها، طامسة ملَكة النقد. وهكذا لا يتمكن الإنسان المقهور من الاستمرار في جدل هادئ. زمن المنطق والعقلانية قصير جداً في تفاعله مع الآخرين. سرعان ما يحس بانعدام إمكانية التفاهم فتغشى بصيرته موجة من الانفعال. من الكلام يتدهور الحوار إلى السباب, ثم إلى التهديد, ثم يمر بسرعة إلى الاشتباك الذي يلغي كل تمييز. وتأخذ الأمور شكلاً قطعياً (إما شر كلها, أو خير كلها). وأحياناً ينفذ التهديد، باستخدام العضلات أو السلاح، بسهولة مذهلة (في فورة غضب). وذلك أن هناك إحساساً دفيناً بانعدام فعالية اللغة اللفظية وأسلوب الإقناع، فيتحول الأمر بسرعة إلى الحسم السحري (العضلي أو الناري) من خلال الإخضاع). عقيدة المهدي المنتظر تأمل عقائدهم كيف تعبر عن عقدهم وأمراضهم! من العقائد التي اخترعها الفرس تعبيراً وتنفيساً عن عقدة الحقد والثأر والانتقام عقيدة (المهدي المنتظر) ذات الطبعة والطبيعة الفارسية. اقرأ مثلاً هذه الروايات وتأمل كيف يتوجه هذا الحقد ضد العرب! وكيف أن (المهدي) الشيعي في حقيقته ماهو إلا فارس أحلام يلاعب أخيلة الفرس، يأتيهم في يوم من الأيام لينتقم لهم من العرب: يروي النعماني عن محمد الباقر (ع) أنه قال: (لو يعلم الناس مـا يصنع القائم إذا خرجلأحبأكثرهمأنلايروهممايقتلمنالناس. أماإنه لا يبدأ إلا بقريش فلا يقبل منها إلا السيف ولا يعطيها إلا السيف حتى يقول كثير من الناس ليس هذا من آل محمد، لو كان من آل محمد لرحم). ويروي محمد حسن الطوسي ومحمد باقر المجلسي أن المهدي إذا خرج (يبهرج سبعين قبيلة من قبائل العرب). ويرويالمجلسيعنجعفر الصادق (ع) أنه قال: قال لي أبي: (لكأني أنظر إليه بين الركن والمقام يبايع الناس على كتاب جديد على العرب شديد وقال: ويل لطغاة العرب من شر قد اقترب)). ويروي النعماني وغيره عن أبي جعفر (ع) أنه قال: (يقوم القائم بأمر جديد وكتاب جديد وقضاء جديد على العرب شديد ليس شأنه إلا السيف لا يستتيب أحدا، ولا تأخذه في الله لومة لائم)). وعن أبي عبد الله (ع): (ما بقي بيننا وبين العرب إلا الذبح وأومأ بيده إلى حلقه)). وعن أبي جعفر (ع)قال : (يذبحهم والذي نفسي بيده كما يذبح القصاب شاته، وأومأ بيده إلى حلقه). حدثني صديق لي طبيب كان ضابطاً مجنداً في جبهة القتال أيام الحرب مع إيران، عن مجموعة من الأسرى العراقيين الذين شاهدهم مذبوحين بالحراب ذبح الخراف، والمنظر البشع الذي انطبع في ذهنه عن وجوههم التي تجمدت على قسماتها تعابير الرعب التي ارتسمت عليها جراء تلك الطريقة الوحشية في القتل والانتقام! وصدق والي خراسان الأمير الأموي نصر بن سيار رحمه الله تعالى حين قال في أسلافهم الذين كانوا على عهده: قومٌ يدينون ديناً ما سمعتُ بِهِ عن الرسولِ ولا جاءت به الكتبُ إن كنتَ تسألُني عن أصلِ دينِهمُ فإنّ دينَهمُ أن تقتلَ العربُ وقد أفاض شيخ معاصر من شيوخ الفرس هو الشيخ القمي علي الكوراني في كتابه (عصر الظهور) الحديث عن المجازر التي سيقوم بها مهدي المجوس عند ظهوره خصوصاً في العراق الذي سيتخذ منه قاعدة لانطلاقه وعاصمة لملكه كما كان من قبل، ويلحقه من جديد بدولة فارس وإمبراطوريتها القادمة في أوهامهم! واستشهد لكلامه بروايات عديدة، فيقول: عن الإمام الباقر عليه السلام قال " إن رسول الله صلى الله عليه وآله سار في أمته باللين، كان يتألف الناس. والقائم يسير بالقتل. بذلك أمر في الكتاب الذي معه، أن يسير بالقتل ولا يستتيب أحدا. ويل لمن ناواه " البحار ج 52 ص 353 . والكتاب الذي معه هو العهد المعهود إليه من رسول الله بإملائه صلى الله عليه وآله وخط علي (ع) وفيه كما ورد " اقتل ، ثم اقتل ، ولا تستتيبن أحدا ". وعن الباقر عليه السلام قال " يقوم القائم بأمر جديد، وقضاء جديد، على العرب شديد. ليس شأنه إلا السيف. ولا يستتيب أحدا، ولا تأخذه في الله لومة لائم " البحار ج 52 ص 354 ، والأمر الجديد هو الإسلام الذي يكون قد دثره الجبابرة وابتعد عنه المسلمون، فيحييه المهدي عليه السلام ويحيي القرآن، فيكون ذلك شديدا على العرب الذين يطيعون حكامهم وطغاتهم ويعادونه ويحاربونه عليه السلام .. وتذكر بعض الأحاديث أن الأمر يصل أحيانا إلى إبادة فئة بكاملها. وعن الإمام الصادق عليه السلام قال " ثم يتوجه إلى الكوفة فينزل بها، ويبهرج دماء سبعين قبيلة من قبائل العرب " غيبة الطوسي ص 284، أي يهدر دماء من التحق من هذه القبائل بأعدائه والخوارج عليه… ويذكر بعض الروايات، البحار ج 52 ص 377 ، نوعا آخر من عمليات التصفية الكبيرة هذه (والرواية فيها إبادة مدينة في العراق بكاملها يقول الكوراني عنها) ولا بد أن تكون تلك المدينة كلها من الكافرين أو المنافقين المعادين له عليه السلام حتى يأمر بقتل رجالها. ولا بد أن تثير هذه التصفيات الواسعة موجة رعب في داخل العراق وفي العالم ، وموجة تشكيك أيضا... بل ورد أن بعض أصحابه الخاصين عليه السلام يدخلهم الشك والريب من كثرة ما يرون من تقتيله لمناوئيه، فيفقد أحدهم أعصابه ويعترض على المهدي عليه السلام، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال " يقبل القائم حتى يبلغ السوق، فيقول له رجل من ولد أبيه: إنك لتجفل الناس إجفال النعم، فبعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله أو بماذا ؟ قال وليس في الناس رجل أشد منه بأسا، فيقوم إليه رجل من الموالي فيقول له: لتسكتن أو لأضربن عنقك. فعند ذلك يخرج القائم عليه السلام عهدا من رسول الله صلى الله عليه وآله " البحار ج 52 ص 387. ومعنى من ولد أبيه أنه علوي النسب بعد الاحتلال (الصليبي – المجوسي) للعراق وقد تجسمت عقدة الثأر والانتقام جلية لكل ناظر بعد الاحتلال الثلاثي (الصليبي- اليهودي- الفارسي) للعراق، وخصوصاً حين استلمت قائمة السيستياني الحكم في العراق، التي أفتى بدخول النار في حق كل من لا ينتخبها. لقد ارتكبت من المجازر، ومارست من التعذيب السادي الوحشي ما تقشعر له الأبدان! وقد حازت هذه الحكومة الشعوبية بامتياز براءة اختراع القتل بالمثقاب الكهربائي المعروف بـ(الدْرَيل) حتى أطلق عليها البعض اسم (حكومة الدريل)! وإليكم لقطة مصغرة جداً لا ترى إلا بالمجهر الضوئي عن أساليب الشيعة الوحشية في القتل، وقد ارتكبوا مثلها وما هو أبشع منها عشرات الآلاف من الجرائم التي تعبر أصدق تعبير عن عقدة الثأر والانتقام المتأصلة في نفوسهم الخربة: في حي أبو دشير في الدورة، وفي يوم (11/12/2005) الساعة العاشرة مساءاً، قامت قوة تابعة لوزارة الداخلية الصولاغية) باعتقال أحد عشر شاباً من أهل السنة. وفي صباح اليوم التالي – وبعد مضي 8 ساعات فقط ! - عثر على جثث أربعة منهم وقد أذاقوهم - قبل أن تفيض أرواحهم البريئة وهي تشكو إلى باريها ظلم العباد وخراب البلاد - صنوف العذاب والتنكيل، ومثلوا بهم تمثيلاً بشعاً. وها هي صورهم البشعة المشوهة بالجروح والملطخة بالدماء أمامي منشورة في جريدة البصائر التي تصدرها هيئة علماء المسلمين. لقد ثقبت وجوههم ورؤوسهم بالدريل، وقلعت عين واحد منهم، وآثار الضرب المبرح على أجسادهم، وقد تم كيّ بعضهم بالمكواة الكهربائية، واستخدمت الحبال لتعليقهم بالسقف وشنقهم، ثم أنهوا هذا المشهد (الترفيهي) بإطلاق الرصاص على رؤوسهم. وألقوا بجثثهم في مكان ليس بعيداً من دورهم، بالقرب من المقر الذي تتخذه تلك المليشيات وكراً لها ، وتركوا معها كتابات تنضح بالتشفـي والشهوة المحمومة بالانتقام: (هذا مصير كل سني قذر) عقدة الاعتداء(العدوانية) سأقف عند هذه العقدة أكثر من غيرها لحاجتها المتشعبة إلى البحث، ولأهميتها القصوى؛ فهي أكثر العقد الفارسية خطراً ومساساً بالغير. العامل الجيو - سياسي (الفارسي) – كاليهودي - عدائي مخرب بطبعه! وللأسباب الجيوسياسية التي سبق الحديث عنها نجد أن الاعتداء على الغير - مع الادعاء، في الوقت نفسه، أن الغير هو المعتدي - هو الأساس الذي بنى عليه الفارسي كيانه ووجوده. إن ذلك يهيئ له حجة جاهزة، ووسيلة فعالة مناسبة يحشد بها شتات الشعوب المتنافرة تحت سيطرته ويوجه أنظارهم نحو الخارج، وإلا تفككت البنية السياسية للدولة وخرجت عن قبضته؛ لأن تلك الشعوب ستتوجه أنظارها إليه، وتنشغل به عن الآخرين؛ ما يؤدي إلى سقوطه حتما لوجود خلل حقيقي في ميزان القوى لديه هو غير قادر على تجنبه أو تلافيه. وإلى هذه الحقيقة أشار البروفسور عماد عبد السلام – وقد سبقت إشارته - حين قال: (لقد أدرك الفرس أن تحقيق سيطرتهم على عدد كبير من القوميات يفوقهم بعضها عددا وحضارة لا يكون إلا بإخضاعها إلى ضغط تحد خارجي وإثارة شعور التوجس لديها من خطر ما يأتي من الخارج) (وعليه فقد وظف الفرس التحديات المختلفة في المنطقة لصالح تأكيد هيمنتهم على قوميات ما عرف بإيران). اعتداء منهجي مقصود والاعتداء عند الفارسي يصدر عن سابق قصد وخطة مدروسة. وقد لا يتورعون عن التصريح بها! نشرت صحيفة كيهان الإيرانية الرسمية نص خطاب قائد قوات الحرس محسن رضائي أمام المؤتمر الوطني للطلاب في 3/11/1985م ، جاء فيه: (في كثير من المواقع نحن نعمل هذه الأيام من خلال الإرهاب بدلاً من النهج الثوري والثقافة السياسية. لقد نشرنا إرهاباً مكننا من التحكم في المعارضين. وإذا ما رفع هذا الإرهاب فإنهم سيستعيدون حيويتهم، ويبدأون في تهديدنا. ويجب أن نلتمس الأسباب لرد الفعل هذا، وأن نقرر الحلول. يجب أن نعرف كيف نبني دولة إسلامية)!!! العلاقة مع بقية العقد الفارسي إذن لا يكون إلا عدائياً. لقد ترسخت الصفة، وأمست لازماً من لوازم وجود الموصوف. فولدت العقدة. ولا بد للعقدة أو الصفة الراسخة من صفات أخرى تغذيها وتنميها وتمنحها مشروعية التعبير، ولو بصورة مبطنة. مثل الكذب الذي يكون ضرورياً في تصوير المعتدى عليه في صورة المعتدي، والمعتدي في صورة المظلوم المضطهد. وعقدة الشعور بالاضطهاد التي لا بد منها لإسناد الكذب نفسيا ومعنويا من أجل شرعنة الرد على الاعتداء المفترض وتبريره. وعقدة الدون التي تجعلهم يحسون بتخلفهم الحضاري والمادي تجاه من يتفوق عليهم (ويتخذ ذلك وضعا حادا ينعكس على شكل رد فعل غير حضاري يستهدف تدمير الحضارة فيه).. وهكذا تتلاقح العقد فيما بينها وتتزاوج، وتبيت محضنا لتفريخ عقد أخرى (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا) (الشورى:40). الإحباط أمام الاجتياح الحضاري العربي الإسلامي بعد مجيء الإسلام (تعرض العقل الفارسي القديم إلى إحباط عنيف أدى إلى إعادة تغيير منظومة الروابط والبنى العقلية لإنتاج سلوك خاص . ولم تكن هذه الاستجابـات الإحباطية بموجبها لغرض امتصاص الحضارة العربية والعقيدة الإسلامية والانتماء الصادق إليها، بل لغرض الوقاية منها والابتعاد عن تأثيرها كلما أمكن ذلك… ومن الاستجابات الأولية أمام الإحباط هي العدائية. ولما كان العدوان المادي والحربي قد فشل بعد الفتوحات الإسلامية فإن العقل الإيراني راح يبحث عن وسائل الهدم والتحطيم والعنف لتهديد الكيان العربي – الإسلامي وقد وجد لذلك عدة طرق شعورية ولا شعورية. فالشعورية منها كانت مخططة مدبرة… واللاشعورية منها كانت انفعالية نزقة هوائية). الإحباط الناتج عن عقدة النقص وعقدة الاضطهاد أفاض د.مصطفى حجازي في تحليل هذه العقدة، وتفسير كيفية نشوئها وتكونها. فبين أن هذه العقدة ترجع إلى عدة جذور عقدوية: أولها (عقدة النقص) التي يتولد عنها الشعور بانعدام القيمة، والفشل في تحقيق الذات. وحتى يهرب صاحب هذه العقدة من أن يتوجه باللوم والعقاب إلى نفسه، يكون الحل بالبحث عن ضحية (يُسقِط) عليها مشاعر الإدانة الذاتية والشعور بالذنب، يتهمها بما في ذاته؛ فيكون الاعتداء عليها مبرراً ومشروعاً. أما الحقيقة فإنه يحارب الصورة غير المقبولة عن ذاته. ليؤكد هذه الذات عن طريق الشعور بالقدرة على إيقاع الأذى بالآخر. وهكذا يصبح العدوان جزءاً من الشخصية، ويتحول إلى عقدة. والشعور بالإحباط بسبب (عقدة النقص) و(عقدة الاضطهاد) من أقوى الأسباب التي تنشأ عنها (العدوانية). يقول د. حجازي: (كل توتر عدواني ينتج عن الإحباط . شدة العدوانية تتناسب مع شدة الإحباط من ناحية، وقوة الحاجة المحبَطة من ناحية ثانية. تزداد العدوانية مع نمو عناصر الإحباط. صد العدوانية (إحباطها) يولد عدوانية لاحقة، بينما يخفف تفريجها من شدتها بشكل مؤقت أو دائم. صد أفعال العدوانية الموجهة يشكل إحباطاً جديداً ينتج عدوانية موجهة لمصدر الإحباط، يزيد قوة الدفع نحو أشكال أخرى من العدوانية التي تنتشر عندها لتنبث في مختلف النشاط وأوضاع الوجود). الطبيعة السادو- مازوشية تكلم د. مصطفى حجازي كثيراً عن عقدة الاعتداء، ووقف عندها طويلاً وهو يدور حولها من زاوية إلى زاوية. إنها عميقة الغور في النفسية الاضطهادية، ومتعددة الجوانب. تتلخص علاقة هذا الصنف بغيرهم في كونها علاقة عدم أو وجود. ليس هناك من وسطية أبداً. لا يعرف الواحد من هؤلاء أن يسير في طريق جنباً إلى جنب مع الآخرين. فإما أن يركب على أعناقهم، وإما أن يركبوا على عنقه. في تحليل عميق لنفسية الدوني ، والأسباب الكامنة وراء ميله الشديد إلى الاعتداء وممارسة العنف البالغ القسوة تجاه الآخر. والذي من خلاله نفهم سر العدوانية العنيفة، واللهفة الساديّة التي تجتاح القوى الشيعية ومليشياتها المتخفية وراء القانون، والاندفاع الجامح لسفك دماء أهل السنة ، ومحاولة استئصالهم من العراق اليوم ، بدلاً من توجيه القوة والعدوان تجاه الهدف الصحيح، ألا وهو المحتل الصليبي وظهيره المجوسي.يقول د. حجازي: (نظام التسلط والقهر يأخذ على مستوى اللاواعي شكل العلاقة السادو- ماسوشية. هناك من ناحية طرف قاسٍ، ظالم، مستبد، ينزل الأذى والعذاب بضحيته، لا يستطيع أن يحس بالوجود إلا من خلال تبخيسها، وتسبب الآلام لها. لا يحس بالقوة إلا من خلال التحقق من ضعف الضحية الذي كان هو سببه. هذا الطرف المتسلط لا يستقر له توازن إلا حين يدفع بذلك المقهور إلى موقع الرضوخ العاجز المستسلم، إلى الموقع المازوشي. جوهر السادية ولبها هما علاقة سطوة، لا يستطيع المتسلط السادي أن يكون إلا من خلال التعزيز الدائم لسطوته. وهذه لا تتعزز إلا بمقدار إضعاف الطرف الآخر في العلاقة، تحطيمه والاستحواذ الكلي عليه. وتصل غايتها عندما يعترف هذا الطرف المازوشي بسطوة السادي، ويقر بعجزه إزاءه. الرباط الإنساني يأخذ في هذه الحالة منحى العنف والعدوانية عوضاً عن الحب ، ويأخذ منحى سيادة الأنوية بدل توازن التعاطف والاعتراف المتبادل. السادية في الأصل عدوان قبل أن تكون جنساً. والمازوشية معاناة مادية وجسدية ومعنوية قبل أن تكون تلذذا جنسياً بالألم كما كان يشيع من آراء. وأهم من المازوشية المادية، المازوشية المعنوية، أي وضعية الرضوخ والاستسلام للمهانة والتسليم بالضعف الذاتي وبسطوة السادي. ويرتبط السادي والمازوشي معاً في علاقة موقعية تحدد لكل منهما مكانته. وتستمد كل من السادية والمازوشية زخمها الحيويين من نزوة الموت، بما تتخذه من أشكال العنف والعدوان، فمصدرها النزوي واحد دائماً. العنف والعدوانية يتوجهان إلى الخارج، منزلين الأذى بالضحية عند السادي، بينما يرتدان إلى الذات التي ترضخ للأذى، إذا لم تستنزله عند المازوشي. وكل من هاتين الوضعيتين دفاع ضد الأخرى. فالسادي يعنف ويقسو هرباً من مازوشيته الداخلية، من مشاعر الذنب التي تقض أعماق وجوده. وكلما زادت قسوته دل ذلك على شدة ذعره من أن ترتد عدوانيته إلى ذاته فتدمرها. السادي يتنكر لمازوشيته من خلال إلحاق كل الأذى بضحيته التي تجسد ما يخشاه من نفسه، وما يتنكر له من خلال صد قلق ساديته التي يخشى توجهها إلى الخارج، وإفلاتها من سيطرته بشكل يدمر الآخر وبالتالي يدمر الذات معه. المازوشي هو إنسان يعجز عن تحمل نتائج ساديته. ومن هنا تبدو له الأخطار الخارجية مضخمة، وتبدو له سطوة التسلط دون حدود، ولا وهن يمكن التصدي لها من خلاله. ويتناسب عجزه ومهانته بمقدار تضخم هذه الأخطار. المازوشي يمكن أن ينقلب عدوانياً، والراضخ يمكن أن يتحول إلى متمرد، يحطم سطوة المتسلط حين يتجرأ على تحمل تبعات عدوانيته البحث عن الذات: أنت تتألم؛ إذن أنا موجود ويقول في موضع آخر: (يكمن جوهر السادية في البحث اليائس عن الأنا، في الحاجة إلى توكيد الذات, في دفع الآخر للاستجابة إلى حقيقتك الذاتية: هذا أنا , أنا هنا، يقول السادي: يجب أن تلاحظ وجودي، إذا لم تلاحظه بمحبتي فعليك أن تدركه من خلال ألمك، إني أنا من يجعلك تتألم. بألمك تعترف بوجودي الذي يصبح أكثر واقعية بمقدار ما تكبر معاناتك... ما يود السادي الوصول إليه هو إذن نشوة الجبروت من خلال مسح وجود الآخر. بذلك فحسب يطمئن إلى قوته غير الواثق منها، ويخفف من حدة قلقه)1. من أوضح الأمثلة على الطبيعة السادو - مازوشية الممارسات الوحشية للقوى الشيعية المستقوية بالمحتل ضد أبناء السنة والمجاهدين منهم على الخصوص. إن هذا يكشف عن أحد أهم الدوافع وأعمقها في النفسية الشيعية الاضطهادية، التي تجعل أصحابها يمارسون هذا العنف الوحشي الخالي من الإنسانية ضد المواطنين المخلصين في وطنيتهم، والمدافعين عنها بأرواحهم. إن الشعور الساديّ عند الشيعي لا يتوجه إلى المحتل خوفاً من العواقب، بل ينقلب إلى خضوع إلى حد المازوشية؛ إخفاءً لمشاعره التي يخشى انطلاقها ضده حتى لا تحطمه إذا اصطدم بالمحتل الذي يخشاه خشية مضخمة، وفي الوقت نفسه يحول عنفه وساديته ضد الآخر الذي يستضعفه مستقوياً بالمحتل لا بقوته الذاتية. وفي هذا تصريف لمشاعر القلق من مواجهة الذات بالحقيقة المرة وهي خوفه وانهزامه المشين من العدو الحقيقي. وفيه بالإضافة إلى ذلك نوع من الشعور بالكبرياء والتعالي، من خلال صب العار على الضحية. وفيه أيضاً إسقاط لمشاعر الذنب الذاتية التي لا بد أن تصاحب الإحساس بالفشل والمهانة عند الإنسان المقهور، والتي تظل عادة مكبوتة، على العنصر المتمرد: هو المذنب وهو الذي يستحق العقاب. التوحد بالمعتدي تتولد (العدوانية) كذلك من خلال (عقدة الاضطهاد) ، ودور حيلة (التماهي - أو الذوبان والتوحد – بالمعتدي ، أو المضطهِد) التي يمارسها الإنسان الاضطهادي. وهنا (يتخلص الإنسان المقهور من مأزقه من خلال قلب الأدوار. يلعب دور القوي المعتدي، ويسقط كل ضعفه وعجزه على الضحايا الأضعف منه. الآخر الشبيه به هو المذنب, وهو المقصر, وهو بالتالي يستحق الإدانة والتحطيم. من خلال التماهي بالمعتدي يستعيد الإنسان المقهور بعض اعتباره الذاتي، أو على وجه الدقة يصل إلى شيء من وهم الاعتبار الذاتي . كما أنه يتمكن من خلال هذه الأوالية من تصريف عدوانيته المتراكمة والتي كانت تتوجه إلى ذاته, فتنخر كيانه وتحطم وجوده. هذا التصريف للعدوانية بصبها على الخارج من خلال مختلف التبريرات التي تجعل العنف ممكناً تجاه الضحية, يفتح السبيل أمام عودة مشاعر الوفاق مع الذات, شرط التوازن الوجودي.وتشتد الحاجة للضحايا بمقدار ازدياد العدوانية وتوجهها نحو الخارج، ومقدار النقص في الوفاق مع الذات)1. أما التحليل الآتي فيمثل تفسيراً نفسياً، يمكن على ضوئه أن نفهم هذا الدافع الشاذ من الدوافع المشتركة في تكوين الشخصية العدوانية لدى الجمهور الشيعي. ولماذا برز هذا العنصر العدواني الفاشستي بعد الاحتلال الصليبي المجوسي للعراق، وانتماء الشيعة إلى القوى المحتمية به، وتقليدها له حتى في مظهره بدءاً بالنظارة التي توضع على العينين، وانتهاءاً بالبسطال في الرجلين. ولماذا كان أفراد القوة المسماة بـ(الحرس الوطني)، وقوى الأمن الداخلي أشد قسوة على أهل السنة من أفراد المحتل الأمريكي نفسه؟ حتى صار الأمريكان يهددون من يستعصي عليهم بإيكال أمره وتحويل مصيره إلى (الحرس الوطني)2! يقول د. حجازي: (في كل حالات التماهي بالمعتدي يحدث قلب في الأدوار تتحول الضحية إلى معتد من خلال نقل دور الضحية أو وضعيتها إلى شخص آخر يفرض عليه الدور المزعج، ويصبح موضوعاً للتشفي من ناحية، وللتنكر من المخاوف الذاتية من ناحية ثانية: أنا لا أخاف، أنا أخيف. هو يخاف، أنا أخيفه. هذه الوضعية الذاتية تؤدي إلى التخلص من كل المخاوف ومشاعر الضعف الداخلية أو كل مشاعر الذنب الذاتية. فليس أكثر قسوة من المعلم الظالم إلا التلميذ الذي يوكل إليه هذا المعلم حفظ النظام في الصف. وليس أكثر شططا من الأم المتشددة إلا الطفل الذي يعاني مشاعر الذنب ويصبها على أخ أصغر، بينما يلعب هو دور الأم التي تحاسب وتعاقب. وسنرى كيف ملاحظة مهمة/ كتبت ما سبق أيام حكومة الجعفري، واليوم نحن في عهد حكومة صاحبه نوري المالكي. اليوم نحن نترحم على عهد الحكومة السابقة!! ولا يأتي عليهم زمان إلا والذي بعده شر منه! أن أزلام المتسلط وأدواته، هم في أغلب الأحيان أشد قسوة وتطرفا في تعاملهم مع الإنسان الضحية الذي فرض عليه دور المقهور). من مظاهر التوحد بالمعتدي أو المتسلط يقول د. حجازي: (مظاهر التماهي بعدوان المتسلط متعددة ومجالاته متنوعة، نجدها لدى من سنحت له الظروف كي يمارس سلطة على أناس دونه أو أضعف منه. كما نجدها عند من يلتمس حظوة من خلال التقرب من المتسلط . وهي في أبسط مظاهرها تبدأ بذلك التعالي الذي يظهره الفقير تجاه الأفقر منه, والبائس تجاه من هو أشد بؤساً منه. في ذلك التعالي يحاول أن ينكر مهانته الذاتية بصبها على الآخر. ومن مظاهرها أيضاً كل التصرفات الاستعراضية للقوة, أو لرموز القوة أو حتى لوهم القوة, سواء من خلال حمل السلاح واستعراضه دونما حاجة فعلية إليه, أو من خلال استعراض العضلات. وقد لا تتجاوز حد المباهاة والتعالي من خلال التخريف والادعاءات المتفاوتة بقوة أو منعة. في كل هذه الحالات ينخرط الإنسان المقهور في حرب ضد خطر الإحساس بضعفه الذاتي والموقعي, وفي محاولات دائبة لطمس هذا الضعف. إلا أن هذه المحاولات ليست خطيرة عموماً في نتائجها وآثارها. هناك حالات يبرز فيها التماهي بعدوان المتسلط صارخاً مكوناً نوعاً من الآفة الاجتماعية والمأساة العلائقية, سنتحدث عن ثلاث منها. الحالة الأولى ذات الانتشار المحدود نراها في ظاهرة تسلط بعض (القبضايات) على الأفراد والمؤسسات لفرض الخوّة من خلال الابتزاز والتهديد. الواحد من هؤلاء يغطي ضعفه وهوانه الاجتماعي من خلال لبس جلد التمساح والاحتماء وراء مظاهر القوة العضلية والمسلحة يتخذها لنفسه ويهدد بها من حوله... أما الحالة الثانية للتماهي بعدوان المتسلط ، فهي أكثر انتشاراً وشيوعاً ، نجدهـا خصوصاً في الأجهزة التي تشكل أدوات السلطة، سواء في الإدارة أو في أجهزة الشرطة والأمن. إن العلاقة بين المواطن وبين من يعملون في هذه الأجهزة على اختلاف رتبهم ومكاتبهم تشكو في البلد المتخلف من ظاهرة التماهي بعدوان المتسلط ... هناك حالة ثالثة من التماهي بالمتسلط ، نجدها في الممارسات السياسية والمسلحة التي تفتقر إلى هدى تنظيم وتأطير ثوريين حقيقيين. ما حدث على الساحة اللبنانية يعطينا نماذج واضحة عن تلك الممارسات. المقاتل الذي يحمل السلاح نجده في بعض تصرفاته لا يقف موقفاً نضالياً، بل هو يتصرف تبعاً لنموذج المتسلط الذي عانى منه سابقاً. بدل أن يعامل الجماهير برقة وروح أخوية نراه يتعالى عليها معطياً لنفسه مكانة مفضلة، ومقدماً ذاته على الآخرين. لقد تحول من خلال حمل السلاح من إنسان مقهور إلى آخر متفوق، يلعب دور المتسلط الصغير أو الكبير. كما أن الكثير من العلاقات المرتبية بينه وبين رؤسائه ومرؤوسيه تأخذ شكل العلاقة بين المتسلط والتابع: تعالٍ من ناحية ورضوخ من ناحية ثانية. وأما التصرفات الاستعراضية فهي في هذا المجال أكثر من أن تعد. نجد الواحد من هؤلاء يتباهى مختالاً باستعراض قوته المستجدة متمسكاً بالمظاهر بشكل يتنافى مع الروح النضالية الحقة التي تتصف بالكثير من التواضع تجاه الجماهير...الإنسان المقهور من هذه الناحية كائن مزيف فقد هويته وأضاع أصالته ووجد نفسه عارياً أمام غربته عن نفسه. وهو يحاول بشتى الأساليب ومن خلال مختلف الأقنعة أن يجد هوية بديلة، وأن يحصل على وهم الوجاهة. التزييف الوجودي وما يقابله من أقنعة يمس كل شيء في حياته والنماذج عليه لا حصر لها). شرعنة الاعتداء يقول د. حجازي : (على النقيض من الحب والخير والقيمة المطلقة التي تكتسبها الجماعة, تبخس الجماعات الخارجية (المختلفة قومياً أو عرقياً أو طائفياً) من خلال إسقاط كل العدوانية عليها. وهكذا تصبح جماعة غريبة, ومصدر كل سوء, صورة الشر بعينه, منبع كل تهديد للجماعة النرجسية. الجماعة الغريبة من خلال تجذير الاختلاف بينها وبين الجماعة الأولى المتعصبة, تصبح العقبة الوجودية الأساسية التي تقف في سبيل وصول هذه الأخيرة إلى أهدافها في الرفعة والمنعة وتحقيق الذات. إنها تحمل كل الآثام والأوزار, في حالة من تفريغ كل المسؤولية الذاتية وكل السوء والشرور عليها 1هذه ملاحظة مهمة يمكن أن نفهم من خلالها بعض التصرفات غير السوية لدى بعض الأفراد المنتسبين للمقاومة، ممن لم ينضجوا بعد، أو لم يتربوا التربية الإسلامية الصحيحة. وتستدعي عناية خاصة من قادة الجهاد والمقاومة لإرشاد أتباعهم إلى السلوك السليم وتغيير مفاهيمهم وعوائدهم التي درجوا عليها، واكتسبوها من خلال التفاعل المتبادل القديم مع المجتمع الاضطهادي التسلطي، حتى لا تنحرف المقاومة وهي لا تشعر، أو تضل عن أهدافها المرسومة، فتمارس الدور – حين تؤول إليها الأمور، كلياً أو جزئياً - بالأسلوب نفسه الذي كان يمارسه المتسلط القديم. يقول د. حجازي (ص141) بعد كلام طويل: يخلق التماهي بالمعتدي آيدلوجية مضادة للتغيير الاجتماعي الجذري. تلكم إحدى أبرز مشكلات البلدان النامية وأكثرها خطورة. فالعديد منها تمكن من اجتياز مرحلة التحرر الوطني، ولكن معظمها يتخبط أمام مهمات التغيير الاجتماعي الفعلي، ويعاني من الفشل الذريع فيه، مما يجعلنا الآن نتابع مشهداً بائساً على امتداد العالم الثالث. فقد اتضح أن القدرة على التحرر الوطني لا تتضمن بالضرورة ولا تقود حتماً إلى عملية التغيير الاجتماعي المبتغاة. وليس هناك من مجال للدهشة بهذا الخصوص، فالسبب، أو أحد الأسباب الأساسية في نظرنا، وإذا ما وضعنا مصالح الفئة الحاكمة جانباً، يكمن في تغلغل التماهي بالمتسلط بمختلف صوره ودرجاته في نفوس معظم القادة وغالبية المسؤولين، والقطاع الأوسع من الجمهور. عند هذا الحد تنهار علاقة التعاطف والمشاركة في المواطنية. وتفتح الطريق عريضة أمام صب كل العنف على الجماعة الغريبة دون قيد أو ضابط . تحدث استباحة لها, ولكيان أفرادها, الذين يتحولون إلى مجرد أساطير للسوء والشر يجب القضاء عليها بإبادتها دون هوادة. ويفتح باب المجازر الدموية على مصراعيه وبشكل مذهل . فالجماعة المتعصبة فيما تقدم عليه من مجازر لا ترتكب إثما بحق إنسان لهم كيانهم, بل إنها تقوم بواجب الدفاع المشروع عن النفس. وأكثر من هذا تقوم بواجب القضاء على الأوبئة التي تقف في سبيل تقدم البشرية. مجازر الدم والإبادة, تتحول إلى عمل نبيل في وهم وقناعات أعضاء الجماعة المتعصبة. فالأمر لا يعدو مجرد قضاء على رموز مجسدة في أناس من الجماعة الغريبة, التي تحاط بمجموعة من الأساطير, تنتزع منها انسانيتها). إن هذا يفسر الصورة الشاذة التي عليها القوى الشيعية اليوم، التي أمسكت بزمام الحكم في العراق من خلال مليشياتها، ومن خلال قوى الأمن والشرطة والجيش! كيف يمارسون تعذيبهم الوحشي لأهل السنة وهم في حالة من التلذذ السادي والنشوة الغريبة! وكيف يقيدون الأبرياء الذين يعتقلونهم (على الهوية) بل (على الاسم)! ويضعونهم في السيارات وهم يطلقون الهتافات و(الهوسات) الشعبية معلنين نصرهم على (الإرهاب)، وأحياناً يصرحون باسم أهل السنة، أو يغلفونه بلفظ (الوهابية)! وكيف يهجمون على المدن السنية بملابس (الحرس الوطني) أو الجيش يرددون الهتافات نفسها وكـأنهم لا يقتلون أبناء بلدهم، وإنما يطاردون عصابات الغازي الأجنبي، وفلوله الكافرة، أو هم في يوم الانتصار على اليهود وتحرير بيت المقدس الذي لا يخطر لشيعي متمجس على بال! وفي الوقت نفسه (يُسقطون) سلوكهم ومقاصدهم المنحرفة على أهل السنة كذباً وتزويراً ليقولوا: إن الوهابيين والتكفيريين يقتلون الشيعة (على الهوية)! تشييء الآخر ويواصل د. حجازي قوله: (يقابل هذه التطورات الذاتية تغير حثيث في إدراك الآخر, من خلال مجموعة من الأساطير التحقيرية. فالاتجاه الإنصافي لا يستمر إلا من خلال التحقير الثابت للضحية. يصف (اينار) بشكل رائع عملية التحقير هذه ((في الجريمة يتحول الآخر إلى أُسطورة (أسطورة الخيانة , السوء , الحسد , الاضطهاد , انعدام القيمة, الخ ...) الشخص الحقيقي المقصور ينمحي تدريجيا في حالة من التعامي الموجه والموافق عليه عن إنسانيته )). يفقد الآخر حقيقته كشبيه إنساني (في عيني القاتل) متحولاً إلى أسطورة لا واقعية تبرر بتصرفاتها أو خصائصها الاعتداء عليها، يتحول إلى أسطورة العقبة الوجودية، أو السوء، أو انعدام القيمة. هذه الأسطورة تؤدي إلى تغيير شخصية القاتل وتبرر له اتجاهه الانصافي. وبمقدار ما تحقر الضحية ، وتتحول إلى أسطورة ، يزداد تسلط حق القاتل في القتل. تصل عملية التحقير هذه حداً بعيداً فتُحمّل الضحية المقبلة كل الأوزار والصفات المنحطة, يعبر عنها أولاً بالسباب والشتائم، ثم بالنعوت المتصاعدة في تبخيسها. وقد يعمم الأمر من المستوى الفردي إلى مستوى كوني : الضحية كائن خطر على الجميع ويجب القضاء عليها . ولذلك يبدو القتل عندها في نظر القاتل كشيء طبيعي ، تفرضه الظروف وله ما يبرره دون أن يثير أي إحساس بالندم. في هذه الكارثة العلائقية تتحول الضحية أسطورياً باختزال عادي في ذهن المعتدي لا إلى مستوى الشيء فحسب, ولكن إلى مستوى الشيء حامل اللعنة الذي يجب تحطيمه, الآخر المحقر, يحتل في ذهن المعتدي دلالة العقبة الوجودية التي تسرق له حقه في السعادة, حقه في الاستقلال, حقه في الحرية الخ... ولذلك يصبح فعل القتل, لا فقط بريئاً من الإثم ومبرراً فحسب, بل مطلوباً كواجب نبيل هو الدفاع عن الذات وكرامتها وقدسيتها، أو الدفاع عن الجماعة وقيمها. أو حتى الدفاع عن الحضارة والإنسانية من العناصر المخربة الهدامة. وهكذا يبدو العنف التدميري كضرورة مبررة لا بد منها لإعادة الأمور إلى نصابها كواجب على المرء النهوض به من اجل بدء وجود جديد لا تسممه ولا تعرقله الضحية – العقبة الوجودية). دور حيلة (الإسقاط) النفسية ثم يربط الموضوع كله بحيلة (الإسقاط) ، ويبين دورها في تأجيج عقدة العدوانية وترسيخها، وكيف توجه إلى الآخر فيقول: (الإسقاط منتشر جداً في العلاقات بين الناس (خصوصاً المهنيـة والحزبية) فيما يتعلق بمصدر السوء والشر والعدوانية: الآخرون هم المخطئون. في الإسقاط تحول النزوة العدوانية إلى الخارج, وفي مرحلة تالية نتخذ من هذا الخارج هدفاً لصب عدوانيتنا المتبقية. في اتهام الآخرين نجد راحة مزدوجة: تصريف العدوان بصبه عليهم (الانتقاد) وإثبات البراءة الذاتية (نفي تهمة العدوان عن الذات), ذلك ما يحدث في التعصب الديني والطائفي والسياسي. ليست العدوانية وحدها التي تسقط على الخارج, بل أيضاً مشاعر الذنب (الآخر هو المذنب وهو الذي يستحق العقاب) , ومن هنا تصبح العدوانية الذاتية مشروعة ومبررة, إنها إحقاق الحق من خلال قصاص الآخر... التنكر للعدوانية الذاتية, ولمشاعر الإثم الذاتية , وإيجاد موضوع ضحية يجسدها ويعبر عنها في الخارج, والتهجم عليه لدرجة إبادته, وكذلك انشطار العواطف إلى الميول السيئة والحسنة, والإحساس بأننا ومن نحب, وكذلك من يحالفنا, مثال البراءة والارتقاء، وإسقاط كل الشر والخطر والعدوان على الأعداء1. يبقى هذا الإسقاط للعدوانية ولمشاعر الإثم أوالية فاعلة في حياتنا اليومية وفي كل صراعاتنا العلائقية. ولذلك نجد الكثير من العلماء قد قالوا به. يقول (انطونيني) بهذا الصدد: (إن هناك في كل الحالات تقريباً جهداً لإزاحة العدوانية خارج الذات, بشكل يمكننا من نفيها, من عدم رؤيتها في ذاتنا, يمكننا من التعامي عنها, فاكتشاف الحقد الكامن فينا ظاهرة مولدة للقلق. أما اكتشاف الشر عند الآخرين فيمنعنا من رؤية الشر الذي فينا). يتمسكن حتى يتمكن ثم يقول: (الإنسان في المجتمع المتخلف عدواني، متوتر، يفتقر إلى العقلانية، ويعجز عن الحوار المنطقي؛ لأنه يعيش في حالة مزمنة من الاحباط الاعتباطي, ومن الإهمال. إنه متروك لنفسه كي يتدبر أمره كما يستطيع. ليس هناك ما يضمن له حقه أسوة بغيره. عليه هو أن يحفظ هذا الحق كما تمكنه ظروفه (الاحتيال, التقرب من السلطان وذوي النفوذ, التودد, أو العنف والصراع من أجل الغلبة). عالم الإنسان المقهور هو أشبه ما يكون بغابة ذئاب, عليه أن يعبـئ نفسه ويظل يقظاً طوال الوقت لمجابهة أخطارها). عدم التعايش مع الآخر يواصل د. حجازي تحليله القيم فيقول: (وعندما يحس كل واحد... إحساساً من هذا القبيل، فإن علاقات التعاطف والتفاهم تنهار لا محالة، لتحل محلها علاقات اضطهادية. الآخر هو الخصم الذي يتهدد المصير الذاتي، ويهدد بالاستيلاء على الحقوق الذاتية. إنه بالتالي العقبة الوجودية في وجه تأمين المصلحة الذاتية.ولذلك فلا بد من إعلان الحرب عليه، أو الاحتياط للحرب التي قد يعلنها علينا . يتحول الآخر إلى مصدر تهديد وخطر على الذات أو مصدر عرقلة لمصالحها, ومنذ تلك اللحظة يصبح كل عدوان عليه, كل تغليب مطلق للمصلحة الذاتية دون مراعاة للآخر, النمط المشروع من الدفاع عن النفس. الاحتمال البديل هو الرضوخ والاستسلام, أو التجنب والانسحاب, وبالتالي فقدان فرصة الحصول على الحق الذاتي). الدوني إذا تمكن إذا تمكن هذا الصنف المقهور من الناس وتحول فجأة – في بعض الظروف السانحة – من خاضع مقهور إلى (سيد) يمتلك القوة ويتصرف بها، يتحول إلى وحش كاسر لا تعرف الإنسانية إلى شعوره سبيلاً ! وتنقلب صفاته إلى الضد مما كان عليه (فبدل عقدة النقص تبرز عقدة التفوق والاستعلاء، وبدل العجز والاستسلام تبرز عقدة الجبروت، وبدل انعدام المكانة تبرز عقدة الاستثناء... يعوض عن نقصه بنوع من التفوق والاستعلاء على من حوله. يحس بشيء من الجبروت، بأنه وجماعته المسلحة فئة لا تقهر، تنهار أمامها الحواجز والصعاب. يحس بنوع من الاستثناء، فكل شيء مسموح له، وكل التجاوزات. ولذلك فهو يزدري كل القيم السابقة، ويشعر بالحاجة إلى كسر كل القواعد التي حكمت حياته. ويحدث في أغلب الأحوال نوع من التركز حول الذات، فكأن العالم كله يجب أن ينتظم انطلاقاً منه هو وتبعاً لوضعه. هناك تضخم ذاتي يقابله انحسار في قيمة وأهمية المحيط ، على العكس تماماً من مرحلة الرضوخ. هذا التضخم يؤدي إلى سيطرة مزاج نفاجي على الإنسان. نوع من الإحساس بالامتداد والعظمة... وتظهر التصرفات الاهتياجية بما فيها من تسرع وطنين وصخب، ويبدو كل شيء في متناوله، يطغى نوع من الحبور على الحالة المزاجية ويصطبغ المستقبل بالتفاؤل المفرط والمبالغ فيه دون سند كاف). خير مثال على هذا ما رأيناه ولمسناه من ممارسات لقوات (الحرس الوطني) والجيش والشرطة والأمن الداخلي الشيعي، التي تعيث في أرض العراق فساداً، بعد أن خدمتها الظروف لتقفز إلى ناصية القوة، التي لن تستمر بأيديهم بعون الله طويلاً. وكل من شاهد الحال في الشارع العراقي اليوم، وكيف تتصرف هذه القوات مع المواطنين، وتطلق النار عشوائياً فوق رؤوسهم - وعليهم أحياناً – وتمسك بالأبرياء بكل فظاظة وقسوة، وهي تردد الشعارات الحماسية والهوسات الشعبية وكأنها في عرس أو انتصار، أو كأنها حررت البلد من المحتل، أو تطارد فلوله، وليست هي تمارس العدوان على إخوانها ومواطنيها وأبناء بلدها، كل من شاهد ذلك يدرك المعنى الحقيقي لحالة الدوني إذا تمكن!. تساوي المثقف والعامي في التخلف النفسي يرفض د. حجازي التفريق بين الفئات العامية أو الجاهلة، وبين الفئات المثقفة أو المنظمة والمؤطرة، التي لديها تاريخ من الممارسة السياسية، وتصور أن الأخيرة قد تخلصت فعلاً من قيود التخلف ذهنياً وانفعالياً وعلائقياً. وفي ذلك يقول: (العكس هو الصحيح في معظم الأحيان، إذ يلاحظ تداخل بين أعلى درجات التنظير الفكري وأشد أشكال التخلف في الممارسة... إن الفئة التي تتمتع بقدر من الحظ وتقترب من مواقع السيطرة على هذا السلم لا تخلو بدورها من التخلف على جميع الصعد. الواقع أنها تتصف بالخصائص نفسها وإن اتخذ الأمر طابعاً مخففاً أو خفياً في غالب الأحيان. إنها متسترة بقناع من التقدم يكفي تمزيقه حتى نتحقق من أن سلوكها تحكمه القوى والمعايير نفسها والنظرة إلى الحياة التي تميز الإنسان المقهور... فبينما يتماهى الفلاح بسيده ويشعر بالدونية تجاهه، نرى السيد يتماهى بدوره بالمستعمر أو الرأسمالي الأوربي ويشعر بالدونية نفسها تجاهه). وهذا ما صرح به مؤسس علم نفس الجماهير غوستاف لوبون عندما قال: (والبشر الأكثر اختلافاً وتمايزاً من حيث الذكاء لهم غرائز وانفعالات وعواطف متماثلة أحياناً. والرجال الأكثر عظمة وتفوقاً لا يتجاوزون إلا نادراً مستوى الناس العاديين في كل ما يخص مسائل العاطفة: من دين وسياسة وأخلاق وتعاطف وتباغض، إلخ... فمثلاً يمكن أن توجد هوة سحيقة بين عالم رياضيات شهير وصانع أحذيته على المستوى الفكري، ولكن من وجهة نظر المزاج والعقائد الإيمانية فإن الاختلاف معدوم غالباً، أو قل: إنه ضعيف جداً. وهذه الصفات العامة للطبع، التي يتحكم بها اللاوعي، والتي يمتلكها معظم الأفراد الطبيعيين لعرق ما بنفس الدرجة تقريباً هي بالضبط تلك التي نجدها مستنفرة لدى الجماهير. فالكفاءات العقلية للبشر، وبالتالي فرادتهم الذاتية تمَّحي وتذوب في الروح الجماعية. وهكذا يذوب المختلف في المؤتلف وتسيطر الصفات اللاواعية). لا علاج للنفسية المقهورة إذا تمكنت إلا القوة يقول د. حجازي حديثه: (ما عدا القمع الخارجي والخوف, تبقى عدوانية الإنسان المقهور دون توازن داخلي من قوة مضادة تكبح جماحها وتلطفه وفي هذا إشارة إلى قانون اجتماعي لا يقبل التغيير، وحكم ثابت لا يقبل النقض، هو أن الشيعة - بنفسيتهم الناقصة المقهورة - لا يفهمون إلا لغة القوة بكل معانيها: قوة الخطاب - إذا كان المقام مقام كلام - وقوة السلاح إذا استدعى الأمر. عقدة الاضطهاد عن أبي عثمان الجاحظ قال: أخبرني يحيى بن جعفر قال: كان لي جار من أهل فارس وكان بلحية ما رأيت أطول منها قط وكان طول الليل يبكي فأنبهني ذات ليلة بكاؤه ونحيبه وهو يشهق ويضرب على رأسه وصدره ويردد آية من كتاب الله تعالى فلما رأيت ما نزل به قلت لأسمعن هذه الآية التي قتلت هذا وأذهب نومي فتسمعت عليه فإذا الآية: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى تشكل عقدة الاضطهاد عاملاً مكملاً لعقدة الاعتداء، وضرورة من ضرورات وجودها ودوامها؛ إنها كالغذاء الذي لا بد منه لبقائها، وكالوقود اللازم لاستمرارها. فكما أن الاعتداء ضرورة من ضرورات البقاء عند (الفارسي)، فكذلك الادعاء بأن الغير هو المعتدي ضرورة لتبرير ذلك الاعتداء، وإعطائه زخماً من الفاعلية والتجدد. ومن هنا نشأت عند الشيعي عقدة الشعور بالاضطهاد والمظلومية. فهو – على الدوام - محروم.. مظلوم بسبب أو بدون سبب، وقع عليه ظلم أم لم يقع، معتديا كان أم عتدى عليه. كأن الله سبحانه خلقه ليعتدي ويؤذي دون أن يكون للآخرين حق في رد اعتدائه وأذاه! فالاعتداء والأذى واجب من واجباته، وسكوت المعتدى عليه حق من حقوقه! فإن قام بالرد بالمثل جزاءً أو دفاعاً عن النفس فان (الفارسي) لا ينظر إليه إلا بعين واحدة، تلك التي ترى الفعل المرتد، دون الفعل المسبب له. الشعور بالظلم والحرمان حالة يربى عليها الشيعي قصداً منذ ولادته، ويكبر، فتكبر معه. ولهم في تغذية أبنائهم بهذا الشعور أساليب شتى! ولشدة انطباع النفسية الشيعية بهذا الشعور انعكست هذه النفسية عند الشيعة بطريقة لا شعورية على (أئمتهم)، فراحوا يتخيلونهم ويرسمون لهم في مخيلتهم صورة هي مثال المحرومية والاضطهاد والمعاناة منذ أن خلقهم الله تعالى حتى توفاهم. يروي (الصدوق) – وهو الكذوب – عن أمير المؤمنين ع قال: (ما زلت مظلوماً منذ ولدتني أمي. حتى إن كان عقيل ليصيبه رمد فيقول: لا تذروني حتى تذروا علياً، فيذروني وما بي من رمد). والحقيقة أن هذه النفسية الشيعية المفعمة بالشعور بالظلم والاضطهاد إلى حد الاختناق، أسقطت - بتلك الطريقة اللاشعورية المسماة في علم النفس بطريقة (التماهي الإسقاطي Projective identification) – على (الإمام) فصار كما تخيلوه، أو كما ينبغي أن يكون عليه طبقاً لما توحي به تلك النفسية. كان الشيعة يشكلون أكثر من (65 %) من منتسبي حزب البعث الحاكم في العراق والنسبة نفسها في جهاز المخابرات وجهاز الأمن. وهي أقوى الأجهزة التي كان يقوم عليها وجود النظام السابق. ومن المفارقات الطريفة أن (36) شخصاً من قائمة المطلوبين للأمريكان من مسؤولي الحكومة السابقة كانوا من الشيعة. علماً أن العدد الكلي للمطلوبين في القائمة هو (55)! من ضمنهم رئيس الدولة وولداه وأقاربه. أي إن عدد العرب السنة في القائمة – إذا استثنينا طارق عزيز المسيحي، وطه رمضان الكردي، ولربما فاتني آخرون ليسوا من السنة – يساوي (17) فقط من مجموع (55)! وإذا حذفنا الرئيس وأقاربه – ولديه وإخوته الثلاثة وابن عمه، لتكون المقارنة عادلة، حين تكون بين الأشخاص من غير العائلة الحاكمة – فإن عدد أهل السنة سينخفض إلى حوالي (10) فقط !! أي أقل من ثلث عدد الشيعة!!! ومع هذا يدّعي الشيعة أنهم كانوا محرومين من المشاركة السياسية العادلة، وأن النظام السابق كان طائفياً يميز بين أهل السنة والشيعة، فيؤثر أولئك بالمناصب والمزايا، ويختص هؤلاء بالتهميش والاضطهاد. وما ذاك إلا بسبب ترسخ هذه العقدة في نفوسهم إلى حد الخروج إلى عالم الوهم ودائرة الهذيان! ومما يشير بصراحة إلى رسوخ هذه العقدة في النفسية الشيعية، ما صرح به وزير المحافظات في حكومة الجعفري وائل عبد اللطيف حين قال: (ونحن في قمة السلطة نشعر بالمظلومية)! هذاء الاضطهاد وحين يترسخ هذا المرض يصل إلى حد (الهُذاء) ، والتوهم المرضي أن جهة مـا معينة تضطهده، وتتهدده، وتعتدي عليه. بينما قد يكون العكس هو الواقع. خصوصاً في دائرة الأفكار والمشاعر. لكن المريض يقوم باستعمال حيلة (الإسقاط) ليعكس الأمر. وهو ما يطلق عليه علمياً اسم (البارانويا paranoia). يقول عنه سيجموند فرويد: (إنه مرض عقلي يتميز بوجود نسق منظم من الأفكار الهاذية، وسلسلة منطقية من النتائج المستنبطة من مقدمة خاطئة خطأً مطلقاً، يؤمن بها المريض إيماناً مطلقاً لا يمكن زعزعته أو تعديله أو التشكيك فيه. ومن حيث المضمون نجد أن فكرة الاضطهاد والريبة من نوايا الغير وأفعالهم تقوم بدور رئيس في هذا المرض. أما من حيث الشكل فإن المريض يستخدم عملية "الإسقاط" استخداماً متصلاً فينسب إلى الغير أفكاره ومشاعره، ولا يفتأ يؤَوِّل حركات الآخرين وسكناتهم بما يتفق واعتقاده المرضي بحيث يتحول الصراع الداخلي – في النهاية - إلى صراع خارجي بين المريض والآخرين منقطع الصلة - بالنسبة للخبرة الشعورية - بأصله الذاتي). الحقيقة – كما يقول المختصون – أن المصابين بهذا الوهم أو المرض، هم دوماً في حالة دفاع مرضي عن النفس، يتوهمون أنهم في حالة حصار من قبل أعداء لا عدّ لهم ولا حصر. كما يقول المختصون: أن خطر المصابين بالشيزوفرينيا أو انفصام الشخصية هو الانتحار، أمّا خطر المصابين بالبارانويا فهو القتل. إن المجتمع الشيعي مصاب بالبارانويا؛ وهذه من العقد الكبرى في طريق الحل أو العلاج. ومن هنا – ولأسباب أخرى – أفضل أنا استعمال كلمة (مواجهة) بدلاً من كلمة (حل) أو (علاج). يجلبون المآسي على أنفسهم والشيعة في ذلك كاليهود، يجلبون على أنفسهم المآسي بسبب سوء أعمالهم، لكن مرض البارانويا يمنعهم من مراجعة أساليبهم الخاطئة بصورة موضوعية.فلا يملكون إلا الإصرار على الموقف؛ فينتهي الأمر بذبحهم. إن تكرار المذابح اليهودية عبر التاريخ لم يكن من قبيل الصدفة.وهو السبب نفسه الذي يجلب المآسي إلى الشيعة، ويوقعهم في مآزق التناحر مع السلطة، أو مع مواطنيهم. وهو السبب الخفي لما يحدث اليوم في العراق من مآسي وتصفيات متبادلة. الطقوس والشعائر الشيعية إن عقدة الاضطهاد وراء الشعائر والطقوس التي عزلت المتشيع فارسياً عن محيطه ومجتمعه، في شعوره وسلوكه وولائه وانتمائه. بل جعلته آلة تخريب بيد الأجنبي العجمي الذي يلوح له بأنه مضطهد مظلوم وانه يسعى لإنقاذه، ويبادله الشعور بالظلم والاضطهاد إلى حد النواح والبكاء ولطم الصدور والخدود، وشق الثياب السود، حزنا وأسى. وهي التي تجعله يتلذذ بمجالس النياحة وحلقات اللطم والبكاء تحت ذريعة مظلمة (أهل البيت) دون ملل مهما تكرر الحديث أو كان أسطوريا أو خارجا عن الذوق أو منطق العقل والشرع والتاريخ! بل يتفاعل معه إلى حد البكاء والعويل بل لطم الخدود والصدور و(تطبير) الرؤوس وجلد الظهور بالسياط و(الزناجيل) وأذى الجسد بأنواع الأذى إلى حد فقدان الوعي أو الموت! وهو تعبير وتنفيس عن عقدة أخرى هي عقدة الذنب، تلك العقدة التي تكونت وتراكمت بسبب الجرائم والاعتداءات والآثام التي يرتكبونها بحق غيرهم وحق أنفسهم، وبسبب خذلانهم المتكرر للخارجين من أهل البيت العلوي على مر التاريخ. إن الحديث عن الحسين و(مقتله)، و(مصيبة أهل البيت) ما هو في حقيقته إلا حديث عن النفس ومصائبها. إنه (مظلوم) كما (ظلم الحسين)، و(مضطهد) كما (اضطهد). ويتحول الحسين إلى رمز لـ(المظلومين) و( المضطهدين). فمهما حاولت أن تستثير عقلة ليفكر تفكيراً منطقياً فيقتنع بأن الحسين t لم يضطهده أحد. بل عاش عيشة الأمراء، ومات ميتة الكرماء. أما أنه قتل، فقد قتل في ميدان معركة سعى إليها بقدمه، كما قتل ويقتل الملايين. ومنهم من هو أشنع قِتلة واكثر عذابا وألما. أقول: مهما حاولت فربما لا تفلح معه لأن نداء عاطفته المعقدة أقوى من منبهات عقله المخدر المقيد بقيود لن يستطيع معها أن يكتشف حتى الموت أن (المقتل) أسطورة أصلها صفحة واحدة كثّرها المتاجرون حتى صارت رواية تقرأ! و.. مسرحية تمثل! أسطورة اضطهاد (الأئمة) وبسبب هذه العقدة يعتقد الرافضي أن (أئمته) جميعا عاشوا مضطهدين، وماتوا جميعا ميتة ليست طبيعية ما بين مسموم ومقتول ومخنوق وهارب من وجه العدالة مختف في الكهوف والسراديب! مع أن الحقيقة الواقعة والمسيرة التاريخية غير ذلك! لقد عاش علي t حياته وزيرا ومات خليفة وأميراً. وكذلك سيدنا الحسن t . ولطالما ذهب هو وأخوه سيدنا الحسين إلى دمشق معززين مكرمين ورجعا إلى المدينة بالهدايا والهبات. أما ان الحسين قتل فقد قتل – كما قلت - بسبب خروجه على خليفة المسلمين في معركة سعى إليها بنفسه. وتلك نهاية طبيعية لكل خارج لم يُعِدَّ للأمر عدته. وكل سلطان لا يرضى من أحد منازعته مهما كانت منزلته. وليس في ذلك اضطهاد، فما كل قتيل مضطهد. وأما السبي فأسطورة مختلقة. وليس بين المسلمين سبي، إنما ذلك للكافرين. وعاش علي بن الحسين في المدينة بحرية تامة، وكان أحد فقهائها الذين يتحلق حولهم طلبة العلم دون تضييق. وكذلك كان ابنه محمد وحفيده جعفر الذي لقبه الخليفة أبو جعفر المنصور بـ(الصادق) حين وشي به إليه فاستقدمه فأنكر فقال له: أنت (الصادق) وهم الكاذبون. ثم أكرمه ورده معززا مكرما. وما يحصل من المتابعة والمساءلة والاستقدام فأمر طبيعي لا ينكر وقوعه؛ لأنه يحصل بأسباب موضوعية ليست خاصة ولا مقصودة. إذ الزمان زمان فتنة وخروج متكرر بسبب العجم الذين يبحثون لهم عن رموز علوية أو هاشمية للتمرد والثورة وكثيراً ما يفلحون في استزلال هذه الرموز كما حصل مع زيد بن علي وابنه يحيى وعبد الله بن الحسن وأبنائه الأربعة. وغيرهم كثير. ومن الطبيعي أن يثير هذا توجساً دائمياً لدى الخليفة لا سيما من الرموز العلوية التي كثر الخروج من أوساطها. ويحدث أحيانا أن يرسل إلى من تحوم حوله الشبهة منهم وتكتب عنه التقارير ليحقق معه ثم يفرج عنه بعد أن تثبت براءته، أو يأخذ العهد عليه بعدم الخروج وإثارة الفتنة. وقد تكون التقارير مزورة أو مضخمة أو صحيحة. كما حصل لموسى بن جعفر وقد كاد له البرامكة منذ زمن المهدي والد الرشيد فلم يفلحوا، واكثروا من الوشاية به حتى إنهم استطاعوا أن يستعملوا ابن أخيه محمد بن إسماعيل – حسب رواية الأصفهاني - في التجسس عليه فكتب عنه تقريراً مفصلاً مفاده أن لموسى اتباعا يكاتبهم ويكاتبونه ويجبون إليه الأموال من الآفاق فاعتقله الرشيد تحوطا وأوصى به إلى الفضل بن يحيى البرمكي وأوصاه بالإحسان إليه لكنه استغل غياب الرشيد وسفره إلى الشام فدس إليه الفارسي السندي بن شاهك فاغتاله). وليس في الأمر - كما ترى - اضطهاد. وما حدث لموسى يحدث لغيره كثيراً. هذا هو الاستثناء الوحيد وهذه ملابساته! وأما البقية فلم يحدث لهم ما يسوءهم ، أو ينغص عليهم رغد عيشهم. لقد كان علي بن موسى – كما يحدثنا التاريخ - وأحفاده من بعده على وفاق تام مع البيت العباسي الحاكم. فلقد اسند إليه المأمون ولاية العهد، وزوجه ابنته، وعاش معه عيشه الوزراء حتى مات بقدر الله على فراشه فقال المعقدون: مات مسموما بيد المأمون! وتزوج ابنه محمد ابنة المأمون الأخرى؛ فهو صهر الخليفة ! هل هناك أنعم وأهدأ بالاً من صهر الخليفة؟! فأين هو الاضطهاد ! قوم يعيشون في قصور الخلفاء وينكحون بناتهم ويتقلبون في نعمتهم ظهرا لبطن، وبطناً لظهر قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم! اللهم نسألك (اضطهاداً) كهذا (الاضطهاد)! واستمرت العلاقة حسنة بين البيتين حتى مات الحسن العسكري الذي عاش في سامراء مترفا تحوطه الجواري، وتطوف عليه السراري وتجبى إليه الأموال في أحسن حال وأنعم بال وأوفر نوال. ولما كان الحسن عقيما فلم يخلف عقبا وورثه أمه وأخوه اخترع له المعقدون ولداً وللولد اسماً وقصة! تقول العصفورة: إن (محمد) بن الحسن الطفل الصغير اختفى في سرداب في سامراء خوفا على نفسه من الخليفة! ولا بد لك من أن تصدق أن الخليفة قد خاف طفلا؛ فهو يسعى في طلبه وقتله. بينما هو يترك أباه الرجل القوي الغني الرمز يسرح ويمرح لم يتعرض له بسوء قط! وإلا فإنك من (أعداء أهل البيت وظالميهم). مقارنة مع الأئمة الأربعة لو أجرينا مقارنة سريعة بين (الأئمة الأحد عشر) ، والأئمة الأربعة لوجدنا الفارق كبيرا بينهما من حيث التعرض للأذى والمضايقات، أو ما يمكن أن يطلق عليه اسم (الاضطهاد). لقد تعرض الأئمة الأربعة لمضايقات كثيرة وحبس بعضهم وضرب واختفى وضربت عليه الإقامة الجبرية.كل ذلك لأسباب موضوعية لا علاقة لها كثيراً بالاضطهاد: فالإمام أبو حنيفة حبس مرات حتى قيل إنه مات في الحبس! والإمام مالك ضرب حتى قيل: سقطت أو خلعت يداه! والإمام الشافعي جيء به مكبلاً من اليمن إلى بغداد. وأما الإمام ابن حنبل فمحنته أشهر من أن تذكر! ولقد ضيق عليه وحرم من الاتصال بالناس قرابة ثلاثين عاماً! هذا عدا ما تعرض له غير الأئمة الأربعة من حيف واضطهاد. كالإمام البخاري. والتفتازاني. وشيخ الإسلام ابن تيمية الذي طورد وشرد ونفي وأوذي وسجن مرات حتى مات أخيراً في السجن! ناهيك عن المتأخرين منهم كسيد قطب وغيره من قوافل المعتقلين وشهداء الدعوة الإسلامية وأبطالها الذين عذبوا وأُذوا في سبيل الله وقتلوا وهم على ذلك. فإذا كان الرافضة و(أئمتهم) مضطهدين، فماذا نقول نحن؟! لا نقول شيئاً! لأننا – ولله الحمد - رزقنا السلامة من أمراض الفرس وعقدهم. الشيعي كاليهودي مخرب أينما حل إن هذه العقدة وراء الشخصية العدائية والتخريبية أو الانتقامية لدى الشيعي. فهو يسرق ويؤذي ويخرج على القانون إلى حد القتل والاغتيال والتفجير. فإذا عوقب طبقا إلى القانون ضج بالعويل والصراخ: أنا مظلوم أنا مضطهد! ومهما خرب وآذى واعتدى فهو بذلك ينتقم لنفسه (المضطهدة) ويسترد بعض حقها المسلوب حتى صار الخروج على القانون حقا من حقوق الشعوبي أو الرافضي. يدعم هذا ويسنده نفسيته المعقدة المريضة والمصابة بعقد أخرى مثل عقدة (السيد). فالسيد لا يشعر بظلمه أو اعتدائه على عبده لأنه مُلك له يفعل به ما يشاء. لهذا فمهما أحسنت الدولة أو الآخرون إليهم فلن يعتبروه إحسانا، وإنما واجبا يؤدى تجاههم بلا جزاء ولا شكور. وللأسباب نفسها يسبون رموزنا وصحابة نبينا rويبغضونهم ثم يرمون بالتهمة علينا يقولون: إنكم تبغضون علياً وذريته! في الوقت الذي يشرّحون فيه أئمتنا وعلماءنا تشريحا منكراً دون أن يحسوا بأنهم يسيئون إلينا بذلك! وفي المقابل يتحسسون تحسساً شديداً من الإشارة إلى أن علياً – مثلاً - أخطأ في كذا، وإن شفع القائل قوله بعبارة (رضي الله عنه) أو (كرم الله وجهه) أو حتى (عليه السلام). إن هذه اللواحق لن تحسب لقائلها ولا تصلح دليلاً على صدقه في حبه لعلي لأن عقدة الشك تصور مبعثها بصورة الملق والنقاق. وعقدة الاستعلاء والسيد تجعلها واجباً لا شكر عليه. وعقدة الاضطهاد والكراهية وبقية العقد ستمسح كل أثر لها ثم تكر على تلك الكلمة (أخطأ علي) فتضخمها لتجعل منها كفرا وجحودا وحقدا واضطهاداً لأهل البيت يجب أن يواجه بما يناسبه بل يزيد عليه من الاعتداء والانتقام! كان أحد هؤلاء المعقدين يتحدثون في مجلس عن كرامات جـذع نخلة في الحلة ، وكيف أن الشفلات وآلات القطع والقلع عجزت عن اجتثاثه أو قطعه فتركوه على حاله وحولوا الطريق إلى جانبه! فقال له صديق لي: أجرة الشفل واللوري عليَّ والدلالة عليك وأنا أتعهد لك بقلعه من جذوره ومن هذه اللحظة! يقول صديقي: فالتفت إلي مبهوتا ثم دقق النظر محدقاً في وجهي.. وبعد برهة قال باشمئزاز: إلا تخبروني ما هو سر عداوتكم لأهل البيت؟!! |
#8
|
|||
|
|||
ملحق في المشاركة الشيعية في الأجهزة الرسمية لدولة البعث تحت عنوان ( الدور الشيعي في حكومة حزب البعث) كتب محمد البغدادي على موقع "الرابطة العراقية" بتاريخ 25 – 3 - 2005 ما يلي: [LIST][*]اول وزير دفاع شيعي في العراق تم في زمن البعث هو الفريق أول الركن سعدي طعمة الجبوري.[*]تعيين أول رئيس اركان للجيش العراقي من الشيعة تم في زمن البعث هو الفريق الركن عبد الواحد شنان آل رباط. [*]أطول مدة قضاها في المنصب كوزير خارجية للعراق كان من الشيعة، وقد تم ذلك في زمن البعث وهو الدكتور سعدون حمادي، ثم تولى الوزارة طيلة التسعينات محمد سعيد الصحاف، وهو شيعي ايضا. [*]أطول مدة قضاها في المنصب كوزير نفط في زمن البعث في العراق كان من الشيعة وهو الدكتور سعدون حمادي.[*]أول مرة في تاريخ العراق يستحود الشيعة على منصب وزير النفط ويتناوبون عليه وكان ذلك في زمن البعث والوزراء هم الدكتور سعدون حمادي و قاسم احمد تقي وعصام الجلبي (ابن عم احمد الجلبي)، وبذلك يعتبر الوزراء الشيعة هم اكثر من شغل هذا المنصب في تاريخ العراق وفي زمن البعث وليس غيره.[*]أكثر فترة تولى فيها الشيعة منصب محافظ البنك المركزي العراقي كان ذلك في زمن البعث وهم الدكتور عبد الحسن زلزلة وطارق التكمه جي وهذا ما لم يحصل في اي عهد سابق. [*]لاول مرة في تاريخ دولة العراق يتولى فيها شخص شيعي منصب مدير الامن العامة وهي في زمن البعث وكان ذلك الشخص هو ناظم كزار وكان معاونه هو علي رضا باوة (شيعي فيلي).[*]المسؤول الاول عن التحقيقات الجنائية للمنتمين الى حزب الدعوة كان من الشيعة وهو عقيد الامن علي الخاقاني، وهو من اهالي النجف. [*]تولى رئاسة محمكة الثورة التي اختصت بالنظر في قضايا التآمر، شيعيان هما هادي علي وتوت ومسلم الجبوري.[*]لاول مرة في تاريخ العراق تناوب اثنان من الشيعة على رئاسة الوزارة وذلك في زمن البعث هما الدكتور سعدون حمادي ومحمد حمزة الزبيدي.[*]أطول فترة قضاها رئيسا للمجلس الوطني العراقي كان من الشيعة وهو الدكتور سعدون حمادي. [*]شركة النفط الوطنية المسؤولة عن انتاج وتصدير النفط العراقي ترأسها اربعة من الشيعة ولاطول مدة وهم عبدالامير الانباري وفاضل الجلبي (ابن عم احمد الجلبي) ورمزي سلمان. [*]أكثر من 60 بالمائة من المدراء العامين في هيئة التصنيع العسكري كانوا من الشيعة واكثر من سبعين في المائة من الكادر الهندسي والفني المتقدم فيها هم من الشيعة.[*]معظم خبراء وعلماء منظمة الطاقة الذرية كانوا من الشيعة من بينهم جعفر ضياء جعفر وحسين اسماعيل البهادلي وحسين الشهرستاني.[*]نائب رئيس هيئة التصنيع العسكري للشؤون الفنية هو الدكتور نزار القصير وهو اهم شخص في هذه الهيئة كونه المسؤول عن كل مشاريع تطويرالانتاج فيها، وكان من الشيعة أيضاً.[*]أكثر من ستين بالمائة من المدراء العاميين في الدولة العراقية وكوادرها الفنية والتقنية والعلمية الذين يشغلون المناصب والمسؤوليات المتقدمة فيها هم من الشيعة.[*]أطول فترة قضى فيها شخص عراقي في منصب مدير عام في الدولة العراقية منذ تأسيها وحتى الغزو كان من الشيعة هو مدحت الهاشمي مدير عام الشركة العامة للسيارت.[*]جميع المدراء العاميين لدوائر التربية في المحافظات العراقية في وسط وجنوب العراق كانوا من الشيعة طيلة فترة حكم البعث.[*]إن اكثر من ستين بالمائة من البعثيين هم من الشيعة وكان الكادر الوسطي في البعث يتألف من اكثر من سبعين بالمائة من الشيعة وهم اساس بنية الحزب التنظيمية والتكوينة وهم من تولى العمل الجماهيري والتتنظيمي فيه.[*]إبان الحرب العراقية الايرانية ، كان قائد صنف المدفعية هو اللواء الركن حامد [/LIST] الورد ـ شيعي ، وقائد صنف الدروع هو اللواء الركن صبيح عمران الطرفة ـ شيعي، وامين السر العام لوزارة الدفاع (اي الشخص الثاني بعد وزير الدفاع) هو اللواء الركن سعد المالكي، شيعي، ثم لاحقا اللواء الركن جياد الامارة ـ شيعي، وقائد الفيلق الثالث هو الفريق الركن سعدي طعمة الجبوري، شيعي، ومدير دائرة التوجية السياسي عبد الجبار محسن اللامي، شيعي، ناهيك عن عدد كبير من قادة الفيالق وامراء الالوية وكبار ضبط الجيش والمستشارين العسكريين هم من الشيعة. [LIST][*]المندوبون الدائميون للعراق في الامم المتحدة خلال حكم البعث كان عددهم عشرة اشخاص توالوا على هذا المنصب منهم اربعة شيعة هم:[/LIST] 1. طالب شبيب 2. عبدالامير الانباري وقد امضى اطول مدة في المنصب وتولاه مرتين 3. محمد صادق المشاط 4. سعيد الموسوي كما تولى المنصب شخص واحد كردي هو عصمت كتاني، وكذلك شخص واحد فيلي هو عبد الكريم الشيخلي. اما السنه الذين تولوا هذا المنصب فهم: 1. عدنان الباجه جي 2. صلاح عمر العلي 3. نزار حمدون 4. محمد الدوري [LIST][*]مندوبو العراق في اليونسكو هما اثنان من الشيعة:[/LIST] 1. عزيز الحاج شيعي فيلي 2. عبدلامير الانباري شيعي [LIST][*]آخررئيس تحرير لجريدة الثورة الناطقة بحزب البعث هو سامي مهدي ، شيعي من تبعية ايرانية. [*]المستشار الاعلامي لصدام حسين، شيعي وهو عبد الجبار محسن.[*]مستشار صدام للشؤون الحزبية شيعي وهو محسن راضي سلمان.[*]مرافق صدام طيلة فترة السبعينات والثمانينيات وحتى بداية التسعينيات هو صباح [/LIST] مرزة محمود وهو كردي فيلي وشيعي. [LIST][*]غالبية المطربين والملحنين وشعراء الاغنية الذين تغنوا للبعث وبحب صدام في زمن البعث كانوا من الشيعة. [*]غالبية الشعراء الشعبيين الذين كتبوا قصائدا للبعث ولصدام في زمن البعث كانوا من الشيعة.[/LIST] ومن البعثيين الذين تعاونوا مع اجهزة المخابرات الاميركية في الحرب على العراق ما يلي: [LIST][*]اياد علاوي، شيعي ـ عضو شعبة[*]طاهر البكاء، شيعي ـ عضو شعبة [*]راسم العوادي، شيعي ـ عضو فرع[*]حازم الشعلان، شيعي ـ عضو قاعدة [*]داود البصري، شيعي، يكتب في الصحافة، كان نصير متقدم في منظمة السفارة العراقية في الكويت. [*]زهير كاظم عبود، شيعي ـ عضو فرقة• منذر الفضل، شيعي ـ عضو فرقة[*]العميد سعد العبيدي، شيعي ـ عضو شعبة[*]العميد توفيق الياسري، شيعي ـ عضو شعبة[*]فالح حسون الدراجي، شيعي ـ مؤلف اغاني ، عضو عامل[*]هاشم العقابي، شاعر، شيعي ـ عضو عامل في تنظيمات فرع صدام[*]حسن العلوي، صحفي، شيعي ـ عضو فرقة (قلت: كان العلوي السكرتير الصحفي المرافق لصدام حسين، ومدير تحرير مجلة "ألف باء" الرسمية. وقد صرح في يوم 10/9/2006 من خلال قناة "الحرة ـ العراق" فقال: (المحيطون بصدام من الصحفيين كلهم شيعة. لم يكن صدام يفكر بمسألة سنة وشيعة). [*]أمير الحلو صحفي ومدير عام في وزارة الاعلام ، عضو فرقة (فرقة المثنى ـ منطقة زيونة في بغداد)[*]عبد الكريم المحمداوي، رئيس عرفاء هارب من الخدمة في الجيش العراقي، شيعي، نصير متقدم في تنظيمات شعبة الرافدين العسكرية فرع ذي قار العسكري.[/LIST] وعلى الموقع نفسه - وبتأريخ 7/1/2007 - أضاف الكاتب نفسه أن كبار رجال الدين الشيعة في بغداد وكربلاء والنجف والبصرة – ومن بينهم السيستاني، ومحمد صادق الصدر - وسدنة مراقد علي والحسين والعباس والكاظم، كانوا يمنحون – أسوة بالوزراء والمدراء العامين وكبار المسؤولين في الدولة – سيارات شخصية راقية من الدولة، وذلك كل سنتين. كما كانوا يستلمون المخصصات المالية الخاصة نفسها التي تمنح للمسؤولين لتعزيز قدراتهم على الإنفاق. ويقول: سأبقى شاهداً ما حييت على إصدار أوامر منح سيارات المرسيدس من السرية النقلية للقصر الجمهوري للكثير منهم. كما ذكر بعضاً من أعضاء القيادة القطرية الشيعة – ولم يذكر الكل – وهم: [LIST][*]جعفر قاسم حمود[*]عدنان حسين الحمداني[*]نعيم حداد[*]حمد حمزة الزبيدي[*]حسن علي العامري[*]سعدون شاكر[*]عزيز صالح النومان[*]مزبان خضر هادي... وآخرون.[/LIST] ومع كل هذا يتباكى الشيعة، ويولولون مرددين: (مظلومين.. مضطهدين..)!! ولك أن تقارن هذا الانسياح الكبير في أجهزة الدولة السابقة، مع ما فعلوه بأهل السنة من تهميش وإقصاء، وإخلاء لهم من جميع دوائر الدولة، ومرافقها الحيوية. وبكل الأساليب الممكنة: القانونية وغير القانونية! عقدة التخريب جرت العادة، عندما يموت الملك في فارس في العصور القديمة، أن يترك الناس خمسة أيام بغير ملك، وبغير قانون، بحيث تعم الفوضى والاضطراب جميع أنحاء البلاد. وكان الهدف من وراء ذلك هو أنه بنهاية هذه الأيام الخمسة، وبعد أن يصل السلب والنهب والاغتصاب إلى أقصى مدى، فإن من يبقى منهم على قيد الحياة، بعد هذه الفوضى الطاحنة، سوف يكون لديهم ولاء حقيقي وصادق للملك الجديد؛ إذ تكون التجربة قد علمتهم مدى رعب الحالة التي يكون عليها المجتمع إذا غابت السلطة السياسية1. ولقد أتقن القوم التجربة بكل أبعادها، ومنها السلب والنهب والاغتصاب والحرق والتخريب والتدمير. في يوم سقوط بغداد كنت في بعقوبة، ورأيت بعيني فلول الشيعة – وأغلبهم من مدينة الثورة كانوا نازحين إلى هناك بسبب القصف على بغداد – كيف عاثوا في المدينة وممتلكاتها، ورأيت كيف أن الحالة قد انتهت بعد ما يقرب من ساعتين فقط، بفضل عشائر أهل السنة الذين نزلوا إلى الشوارع بأسلحتهم، وصاروا يطاردون أولئك السفهاء، ويستخلصون منهم ما نهبوه ليعيدوه إلى مكانه. وقد امتلأت المساجد بالمسروقات التي استعيدت عنوة من المفسدين. وأما ما حصل في بغداد وغيرها من المدن فشيء يفوق الوصف. وغالب ما حصل كان بأيدي الشيعة الذين كانوا متهيئين للأمر سلفاً نفسياً ودينياً! التخريب دين إن تخريب الممتلكات العامة، وسرقة أموال الدولة سلوك شيعي شائع، تسنده الفتوى الدينية المشرعنة - كما هو ثابت في كتب الفقه الشيعي - التي تربي فيهم - في نهاية الشوط - قابلية الخيانة والخيانة العظمى. وهي إحدى الخصال التي يلتقون فيها مع اليهود. والملاحظ في الجنوب – مقارنة بغيرها – كثرة أسماء أعداء الأمة بينهم من المحتلين والغزاة المعتدين: لجمن، كوكس، بهمن، رستم... إلخ! قبل سنوات كنت في زيارة لقائممقام قضاء المحمودية، فقال بمرارة وهو يشكو من تفلت الكادر الوظيفي وضعف أدائه، وميله إلى المعاكسة والتخريب: كيف أستطيع أن أُصلح وأبني إذا كان العاملون معي يتقربون إلى الله بالتخريب؟! وفي السنة الأولى لمجيء الخميني كنت أسمع من إذاعة طهران توجيهات علنية إلى جماهير الشيعة في العراق ترشدهم إلى ممارسة تخريب الممتلكات العامة بغية إنهاك الحكومة. يقولون لهم: لقد كان هذا ديدننا على عهد الشاه، فقد كنا نعلم أطفالنا ذلك حتى صار جزءاً من تساليهم ولعبهم، ينادي أحدهم على الآخر: هيا بنا نلعب لعبة التخريب!ولمن يصعب عليه تصديق مثل هذا الاتهام أسوق هذه الفتاوى: يقول الخوئي: يجوز أخذ مال الناصب أينما وجد، والأحوط وجوباً وجوب الخمس فيه من باب الغنيمة1. علماً أن لفظ الناصب تعبير مخفف يكنون به عن السني، الذي يحب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وإن أحب علياً رضي الله عنه معهما2. ويقول الشيخ يوسف البحراني تحت عنوان : حل دم الناصب وماله : أعلم أنه قد استفاضت الأخبار عنهم - سلام الله عليهم - بحل دماء أولئك المخالفين وحل أموالهم.. فروى الشيخ (أي الطوسي) في الصحيح عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع)قال: خذ مال الناصب حيثما وجدته وادفع إلينا الخمس (تهذيب الأحكام 4: 122). وهي نص فتوى الخوئي الآنفة الذكر. وروى الصدوق في كتاب العلل الصحيح عن داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد الله (ع): ما تقول في قتل الناصب؟ قال: حلال الدم3. وإذا سألت: لماذا يفتي الفقيه الشيعي الفارسي بمثل هذه الفتاوى الفاجرة؟! فلعل في التحليل الآتي جواباً على هذا السؤال، وعلى السر الذي يجعل الشيعي خارجاً دائمياً على القانون، ومخرباً أينما حل: عدوانية موجهة إلى الخارج يقول د. حجازي في معرض كلامه عن (العدوانية الموجهة إلى الخارج) وكيف تأخذ صوراً شتى منها الخفية، كالكسل أو التكاسل الذي يمسي ظاهرة في المجتمع المقهور لأسباب متعددة منها الانتقام الخفي من رب العمل المتسلط : (بالإضافة إلى الكسل هناك عدوانية أكثر صراحة من حيث توجهها ضد المتسلط , وهي ظاهرة تخريب الممتلكات العامة التي تلاحظ في ظروف الفوران في المجتمع, يُقبل المواطنون (خصوصاً الشبان منهم) على تخريب وإتلاف التجهيزات العامة في الطرق (كسر إشارات الضوء, اقتلاع شجيرات الزينة, اقتلاع الحواجز على الأرصفة الخ ...) مع أن الفائدة المباشرة منها تعود عليهم قبل غيرهم.إنهم في عملهم هذا يهاجمون رموز المتسلط ؛ لإحساسهم بأن ما هو عام ليس ملكهم. والواقع أن الإنسان المقهور في المجتمع المتخلف يحس بالغربة في بلده, يحس بأنه لا يملك شيئاً, حتى المرافق العامة يحس أنها ملك للسلطة, وليست مسألة تسهيلات حياتية له هو. ذلك أن الهوة كبيرة جداً بينه وبينها، وأن ما يستحقه من خدمات وتقديمات, تقدم له (إذا قدمت) كمنة أو فضل. لا كواجب مستحق له.عندما يخرب المرافق العامة فهو, أولاً وقبل كل شيء, يعبر عن عدوانيته جاه المتسلط . يبدو هذا الأمر جلياً حين يرزح المجتمع تحت وطأة تسلط أجنبي استعماري. ويقرب من ذلك الميل إلى إتلاف الملكية الخاصة بشكل خفي, كتعبير عن الحقد الذي يصاحب الإحباط في هذا السلوك انتقام من ذوي الحظوة المقربين من المتسلط عموماً عقدة التعصب Prejudice من علماء الشيعة الذين ينظر إليهم كمصلحين داخل المذهب الشيعي، بعيداً عن التعصب والطائفية اللبناني محمد حسين فضل الله. تأمّل هذه الواقعة عن هذا الرجل الموصوف بالتسامح، وأنه يسعى في سبيل الجمع بين أهل السنة والشيعة، والذي صّدق كثير من أهل السنة مثل هذه الأساطير عن هذا الرجل وأمثاله: كتب أحد المشايخ الشيعة هو "طالب السنجري" كتاباً أسماه (التشيع كما أفهمه)، أكد فيه أن الرجوع إلى الخليفة عمر بن الخطاب كما الرجوع إلى الإمام علي بن أبى طالب رضي الله عنهما؛ لكون الاثنين يستقيان علمهما من منبع واحد، وهو القرآن والسنة. فكانت هذه الكلمة كفيلة لكي يقوم المرجع الشيعي محمد حسين فضل الله بطرده من حوزته الكائنة في منطقة السيدة زينب في سوريا، حيث كان الشيخ طالب السنجري أستاذًا للفقه فيها. وقد حورب السنجري على رأيه هذا وحوصر من جميع الجهات، الأمر الذي دفعه للقيام بفتح محل لبيع الأحذية، بعد أن أغلقت جميع الحوزات الشيعية أبوابها في وجهه، وقطعت جميع مكاتب المرجعيات الشيعية رواتبها التي كانت تقدمها لطلبة وأساتذة الحوزات عنه. وهو اليوم يعمل الآن إمامًا لأحد المراكز الإسلامية في مدينة فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية. يقول د. حامد عبد السلام زهران: (التعصب هو اتجاه نفسي جامد مشحون انفعالياً، أو عقيدة أو حكم مسبق مع أو ضد جماعة أو شيء أو موضوع، ولا يقوم على سند منطقي أو معرفة كافية أو حقيقة علمية، بل ربما يستند إلى أساطير وخرافات.. وهو يجعل الإنسان يرى ما يحب أن يراه فقط ، ولا يرى ما لا يحب أن يراه؛ فهو يعمى ويصم ويشوه إدراك الواقع، ويعد الفرد أو الجماعة للشعور والتفكير والإدراك والسلوك بطرق تتفق مع اتجاه التعصب. سمات المتعصب وقد وجد أن الشخص المتعصب يفضل استخدام العقاب الجسمي، والانضمام إلى الأحزاب المتطرفة الأقرب إلى الفاشيةويميل إلى صلابة الرأي والمحافظة والتسلطية، ويتصف بجمود الفكر وجمود الاتجاهات وعدم المرونة، ويهتم بالمكانة الاجتماعية والقوة، ويتأثر بسهولة بأصحاب مراكز السلطة، ويميل إلى العدوان والقلق، إلا أنه قد يكبته، ويظهر مؤدباً هادئاً، ويسقط عدوانه وقلقه على الجماعات التي يتعصب ضدها. الدوافع النفسية للتعصب يرى علماء التحليل النفسي أن التعصب يؤدي وظيفة نفسية خاصة تتلخص في التنفيس عما يعتلج في النفس من توتر وكراهية وعدوان مكبوت، وذلك عن طريق عمليتي الإزاحة والإبدال دفاعاً عن الذات وعمن تحبه.. وقد يكون التعصب عبارة عن إسقاط نقائص الفرد ومشاعر الذنب لديه على الآخرين الذين يعتبرون ((كبش فداء))أو ((ضحايا)). ومن ثم يعتبر التعصب إحدى حيل الدفاع. وتقول نظرية ((كبش الفداء)): إن الإحباط يسبب العدوان، ويكون هناك محاولة لكف العدوان ضد المصدر الحقيقي للإحباط، وقد يغيب أو لا يعرف مصدر الإحباط. وهذا يسبب إزاحة العدوان على جماعة أخرى.. ويؤكد البعض أن التعصب معناه حب الذات أو عشق الذات أو النرجسية.. ويقول البعض:إن الفرد يكتسب التعصب من مجتمعه من باب الموافقة أو المطابقة أو المسايرة. ويعتبر بمثابة ((تذكرة دخول اجتماعي))تساعد الفرد على التفاعل الاجتماعي ومسايرة النمط الثقافي السائد في مجتمعه. ويرى كريتش وكروتشفيلد (1948) أن التعصب لا يوجد في الغالب إلا بين الشخصيات التي تعاني من السادية ومشاعر العدوان والإحباط والهُذاء (البارانويا). وأوضحت بحوث فرينكل – برونزويك (1949) أن التفكير الجامد النمطي يسهل نمو التعصب. فقد وجدت أن الأفراد الذين يتصفون بالتفكير النمطي الجامد يميلون أيضاً إلى أن يتصفوا بالتعصب والتسلطية، وعدم التسامح بالنسبة للسلالات أو الأجناس أو الجماعات الأخرى. وهذا غالباً يرجع إلى عدم الأمن الذي يطغى على تكوين الشخصية لديهم التعصب إذن مرض اجتماعي خطير يعبر عن طفولية حضارية، وبدائية فكرية، وبدوية عنصرية، يؤدي بصاحبه إلى أن لا يستجيب لشواهد الحق مهما وضحت، ولا أسباب الرفق والإحسان مهما تنوعت وكثرت! إنه ينظر إلى الأشياء والحقائق بمنظار واحد، هو منظار الطائفة التي ينتمي إليها: فالحق ما وافق طائفته، والباطل ما خالفها! إن مثل المتعصب في النظر إلى طائفته – كما يقول الدكتور علي الوردي في أحد كتبه - كمثل البدوي في النظر إلى قبيلته. إن الحق لا يعنيه في أي جانب يكون بقدر ما يعنيه موقف القبيلة! وهي صفة متأصلة في اليهود الذين (إِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُمْ)(البقرة:91). فالحق (ما أنزل عليهم) لا (ما أنزل) مطلقاً. فما نزل على غيرهم هو الباطل، لسبب بسيط هو أنه أنزل على غيرهم! على من خالفهم. من فمك أدينك ولهذا يجمع علماء الشيعة ليس على تكفير أهل السنة فحسب، بل تكفير كل المخالفين، ولو كانوا من الشيعة. يقول الخوئي : (المراد من المؤمن هنا من آمن بالله وبرسوله وبالمعاد وبالأئمة الاثني عشر (ع) أولهم علي بن أبي طالب (ع) وآخرهم القائم الحجة المنتظر. ومن أنكر واحداً منهم جازت غيبته لوجوه: الوجه الأول: أنَّه ثبت في الروايات والأدعية والزيارات جواز لعن المخالفين، ووجوب البراءة منهم، وإكثار السب عليهم، واتهامهم، والوقيعة فيهم أي غيبتهم لأنهم من أهل البدع والريب،بل لا شبهة في كفرهم. لأن إنكار الولاية والأئمة حتى الواحد منهم والاعتقاد بخلافة غيرهم يوجب الكفر والزندقة، وتدل عليه الأخبار المتواترة الظاهرة في كفر منكر الولاية ، وكفر المعتقد بالعقائد المذكورة، وما يشبهها من الضلالات)1. هل هناك تعصب أشد من هذا؟!!! وقد لاحظ الشيخ محمد طه الكرمي (وهو شيعي محترق) هذه الصفة المقيتة في الفرس حين قال: (والفرس طائفيون أكثر من غيرهم. فهم لو أعطاهم المجال من نفسه فسحة ذات مدى، لما عرفوا للعالَم ديّاراً يليق به من كافة شؤونه، حيوية أم اجتماعية، إلا أنفسهم! ويزرون على كل أحد، وخصوصاً إذا جمعتهم المحافل في صميم ديارهم. في حال أنهم أمة تقصر عن سائر الأمم بكثير في كثير من الأمور، إن في العدة وإن في العدد وإن في الشؤون الأُخر. فهؤلاء الترك – ونحن قد مارسناهم ودرسنا روحياتهم – لا يقرظون أنفسهم ولا بمعشار ما يقرظ الفارسي نفسه! على أنهم أمة ذات عدد وشوكة، وأخذت الشوط البعيد في الحياة حاكمة لأكثر المعمور. ولها اليوم كيان رفيع في مستوى الجامعة)2. الشعور بالتهديد الخارجي وإذا عرفنا أن الشخصية الدونية الاضطهادية - فرداً أو جماعة - تمتاز بالخوف والشعور بالتوجس من الآخر؛ ما يؤدي بها إلى الانغلاق الانكماش على الذات، فإننا نجد في كلام د. حجازي الآتي خير تفسير لجذور التعصب والانغلاق عند عامة الشيعة، وتمسكهم البدائي بالطائفة، وحاجتهم الطفولية للمرجع والمرجعية: (الجماعات المغلقة من الظواهر التي حللها جيدا علم النفس الاجتماعي . إنها وليدة الإحساس بالتهديد الخارجي، أكان مصدره بشريا أم طبيعيا. ينقسم العالم في هذه الحالة إلى عالمين متناقضين تماماً: الخارج والداخل. أما الخارج فهو العدو ومصدر الخطر والشر، العلاقة معه عدائية اضطهادية، والموقف منه إما انسحابي تجنبي، أو تهجمي تدميري. وأما الداخل فهو الخير كله, وهو مصدر الأمن والشعور بالانتماء، مصدر الهوية الذاتية، وهو بالتالي المرجع والملاذ. ويحدث في هذه الحالة نوع من الانشطار العاطفي بشكل يجعل المواقف قطعية: كل الشر والخطر والسوء, كل العقبات والموانع الذاتية والموضوعية، كل العدوانية الذاتية المقموعة والمتراكمة، تسقط على الخارج؛ مما يؤدي إلى تبخيسه تماماً. وهكذا يتحول الخارج إلى مجرد أسطورة مخيفة يجب الحذر منها. وليس من موقف اتجاهها إلا العنف والتدمير. وأما العواطف الإيجابية فتتوجه إلى الداخل، إلى النموذج الذي يجب أن يحتذى. كل منهم يتحول إلى مرآة تعكس للآخرين ذواتهم الإيجابية. ويحدث هنا إفراط في إعطاء القيمة للجماعة الداخلية على حساب الإفراط في تبخيس الجماعات الخارجية. وتشتد الأواصر ضمن الجماعة المغلقة بقدر حاجتها لتجنب قلق الانفصال. إنها تشتد بقدر الحاجة لإنكار الصراعات والتناقضات الداخلية, وما يرافقها بالضرورة من مشاعر عدوانية. ويذهب الدفاع ضد هذه التناقضات حد الذوبان الكلي في الجماعة لدرجة يفقد معها الفرد استقلاليته وهويته الذاتية, ولا يعود له من هوية سوى الهوية الجماعية. وتغلق الحدود النفسية بين الجماعة وغيرها من الجماعات. يقتصر التفاعل والتواصل على الحد الأدنى الضروري, أو يتوقف عند حدود الاضطهاد المتبادل. وبالطبع بمقدار انغلاق الجماعة، ترتفع درجة النرجسية ضمنها وبين أفرادها؛ نظراً لأن كلاً منهم يكون مرآة ذات الآخر. تضخم قيمة الجماعة وبارتفاع النرجسية تتضخم قيمة الجماعة حتى تصبح القيمة المطلقة أو الوحيدة. وتتضخم معها وبنفس الدرجة قيمة الفرد. ويأخذ الأمر على هذا المستوى نوعاً من الشعور بالامتلاء والاعتزاز بالانتماء، وحالة من الإحساس بالمنعة. وترتفع درجة الذوبان في الجماعة على المستوى الفردي، بما يتناسب مع مستوى الإحساس بالضعف والعجز وانعدام القيمة. أكثر الأفراد ذوباناً في الجماعة وتعصباً لها هم، في معظم الأحوال، أشدهم عجزاً عن الاستقلال والوصول إلى مكانة فردية, وإلى قيمة ذاتية تنبع من شخصيتهم. العلاقة الدمجية، أو الذوبانية داخل الجماعة المغلقة تتصف بالاتكال الشديد على رموز القوة في هذه الجماعة، وعلى عناصر السلطة المادية والنفسية فيها. هذه العناصر تتضخم بدورها بشكل لا واقعي بمقدار الحاجة إلى الإحساس بالأمن والمحبة. كما أن هذه العلاقة نكوصية أساساً. بمعنى أن الفرد من هؤلاء يبحث، بشكل لا واع، عن العودة إلى العلاقات الدمجية بالأم, مصدر الحب والدفء والحنان والغذاء, ومصدر السلوى، وعامل إبعاد المنغصات الحياتية. الجماعة المغلقة ذات الدلالة الإيجابية ومرجع تعريف الذات وتوكيدها, هي الأُم بعينها, الأُم المعطاء التي يجب أن تستقطب كل الولاء. ومن هنا التعصب المفرط لتقاليد الجماعة ومعاييرها، وردود الفعل العنيفة ضد كل من يحاول خرقها من الداخل, أو الاعتداء عليها من الخارج. هذه الظاهرة تشيع كثيراً في المجتمعات المتخلفة، حيث نجد أينما حللنا جماعات متفاوتة في كبرها، مغلقة على ذاتها، تشد أفرادها إليها بقوة لا تقاوم، وتقوم بينها وبين الجماعات المتجاورة علاقات صراع وعداء وحذر واضطهاد. كل التناقضات الداخلية توجه إلى الجماعات الأخرى التي تستباح عادة إذا سنحت الفرصة في أملاكها وأموالها وأرواحها وهكذا تجد أتباع التشيع منغلقين على أنفسهم، ومتعصبين إلى حد العقدة، والعقدة الشائكة المركبة المتشابكة الأسباب والجذور. إنها عقدة وعقيدة وولاء وتقليد وتاريخ وجغرافيا وعنصر وهوية! لا يرون الحق إلا في جانبهم مهما كانت أفكارهم باطلة وخارجة عن العقل أو العرف والمألوف. ويكفرون غيرهم طبقا إلى هذه الأفكار السمجة، ويلمزونهم بشتى الألقاب والنعوت مثل (أبناء العامة) و(الوهابية) و(النواصب). وكلها نعوت مكفرة عندهم. يغذي هذه العقدة حقد (مجوسي فارسي) عميق ضد الإسلام، وضد العرب أولئك القوم الذين أزاحوا الفارسي وأطفأوا ناره وكبتوا أهله ودمروا عرشه وحطموا تاجه. |
#9
|
|||
|
|||
عقدة السيد عقدة النقص أو الدون هي الدافع تتنازع (الفارسي) عقد تبدو في ظاهرها متناقضة، ولكنها في حقيقتها تنبع من مصدر واحد وتتفاعل فيما بينها بتناسق وتساند. فهو من ناحية يعاني من عقدة الشعور بالنقص، ومن ناحية أخرى يحيط نفسه بمظاهر الفخفخة والكبرياء، ويتصرف بغطرسة واستعلاء. والحقيقة أن هذه من تلك! يقول د. علي الوردي: (يقول جعفر بن محمد: ((ما من رجل تكبر أو تجبر إلا لذلة وجدها في نفسه)). وهو قول يصدق في حالات كثيرة. فلقد ذهب بعض الباحثين إلى أن الكبرياء تستعمل أحياناً كستار للتغطية لدى بعض الأفراد: فإن الذي يملك مزية حقيقية تميزه عن غيره من الناس لا يحس بحاجة إلى هذا الستار . فهو يدخل بين الناس على طبيعته من غير تكلف أو تكبر أو رياء. أماالذي يشعر بأنه دون الناس، أو مثلهم على الأقل، فهو يحاول أن يضع بينه وبين الناس حجاباً من الكبرياء؛ لئلا تنكشف حقيقته العادية بينهم. ويلجأ إلى وضع هذا الحجاب في الغالب أولئك الذين صعد بهم القدر إلى مناصب ليسوا هم في الحقيقة أهلاً لها. إنهم مضطرون في مثل هذه الحالة أن يتخذوا لهم سلوكاً خاصاً بهم لكي يتميزوا به عما سواهم من الناس. وبعبارة أخرى: إنهم يخلقون لأنفسهم مظاهر التميز، ويتصنعون بها تصنعاً لكي يعوضوا بذلك عما فقدوه من حقيقة التميز الطبيعي. إن الفوارق الاصطناعية التي يلتزمها الناقصون ويتعصبون لها تشبع فيهم رغبة لا شعورية للتفوق والاستعلاء والتباهي فالاستعلاء والكبرياء إذن ما هو إلا غلاف يحيط به نفسه لستر شعوره بالنقص إزاء الآخرين! وذلك كما فعل إبليس مع آدم uحين فضله الله تعالى عليه فـ(أبى واستكبر) و(قال أنا خير منه). وكما فعل اليهود من بعد حين ادعوا انهم (شعب الله المختار) و(قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه). ثلاثة حين عجزوا عن حيازة الأفضلية بالفعل، وشعروا بالدون جنحوا إلى التبجح بالعنصر: (إبليس واليهود والفرس) حتى تحول ذلك فيهم إلى (عقدة)! بل.. عقيدة!!. إنهم - من ناحية - أفسد خلق الله تعالى فعلاً ، و - من ناحية – أكثرهم تبجحاً واغترارا بالطين والعنصر؟ ولهذا قال الخبراء – كما مر بنا من قبل - (الفارسي إنسان متغطرس وأكثر ميلاً إلى احتقار الغريب فيما إذا اعتقد بأنه يحاول إخضاعه وإذلاله). وهو دائما يعتقد هذا في الغريب لإصابته بـ(عقدة الشك) (ومركب الخوف من كل ما هو أجنبي وغريب ويثير لديهم غلوا في التعصب لوطنهم وتفاخرا عميقا بجميع الأشياء الفارسية ويتنامى عندهم شعور بالاستثنائية الفذة التي لا مثيل لها). عقدة الاضطهاد وعلاقتها بعقدة السيد ولـ(عقدة الاضطهاد) المغروسة عميقاً في نفسية (الفارسي) علاقة وثيقة بـ(عقدة السيد). يقول د. محمد احمد النابلسي (استاذ الطب النفسي وأمين عام الاتحاد العربي للعلوم النفسية): (ان مشاعر الاضطهاد تشكل عنصر الدعم الأساسي لمشاعر العظمة والتفوق. وهذا ما تثبته الوقائع العيادية- النفسية. حيث يترافق جنون العظمة (البارانويا) دائما مع مشاعر الظلم والاضطهاد. مما يجعل من هذه الأخيرة ضرورية للشعور بالأهمية والعظمة والتفوق)1. تأمل اسم أول دولة لهم في التاريخ عيلام : Hal-tampt ! ان معناه (بلاد السيد) فـ(Hal) تعني(بلاد) و(tampt) (سيد) . بل أطلقوا على أنفسهم اسم (السادة) و(الأحرار) حتى صار هذا الاسم علما على الفرس! فإذا قيل (السادة) أو (الأحرار) فإنما يعني بِهِ القائل (الفرس) لا غير . وبهذا يظهر أن لقب (السيد) علماً على (رجال الدين) فارسي المصدر، لا سيما إذا استحضرت أنهم لا يفرقون بين (رجل الدين) ورجل المُلك، وعلمت أن الدين والملك عندهم محصور في بيت واحد. احتقار الأمم لا سيما العرب وظل الفرس يسمون أنفسهم كذلك تعصباً لعنصرهم، واحتقارا لغيرهم من الشعوب لا سيما العرب؛ لأنهم يشعرون تجاههم بـ (عقدة الدون). ومن شواهد ذلك ما روى لنا التاريخ من أن الملك الوحيد الذي مزق كتاب النبي من بين الملوك الذين راسلهم النبي بكل عنجهية وكبرياء هو كسرى حتى قال الخبيث (لع): كيف يتجرأ فيذكر اسمه قبل اسمي وهو عبد من عبيدي؟! ثم ماذا فعل بعدها؟ انظر إلى هذا التصرف الذي لا ينم إلا عن عقدة مريضة: أرسل إلى نائبه على اليمن أن ابعث رجلين من قبلك إلى هذا الذي يزعم أنه نبي وليأتياني به مقيداً !!! ومن طريف ما يذكر في هذا الصدد أن أحد علماء السنة المعروفين في شيراز على عهد الشاه إسماعيل الصفوي وهو شمس الدين الخفري حين تقدم بين يدي الشاه من أجل امتحانه في سب الخلفاء الثلاثة انبرى يلعنهم لعناً شنيعا فنجى بذلك من الذبح، ولما خرج من عند الشاه عاتبه أصحابه وقالوا له: كيف ارتددت عن دينك ولعنت أئمتك الثلاثة؟! فأجابهم: لأجل هؤلاء الأعراب الثلاثة أقتل أنا مع ما أنا عليه من الفضل والكمال!(1). انظر كيف عبر عذره عن (عقدته) الكامنة في نفسه - عقدة (السيد)! شاهد أو مشهد مثير تأمل هذا المشهد، الذي لا يمكن أن يخطر ببال أحد، إلا في أفلام الخيال – ربما – والذي يمثل نموذجاً صارخاً للتعبير عن هذه العقدة لدى الفارسي أو المتشيع بتشيعه: عنجهية ما بعدها عنجهية، واستكبار فارغ لا ينم إلا عن مرض خبيث متأصل في نفسية مريضة لا أمل في شفائها! لشخص مجرد من كل قوة في بلد غريب عنه يعامل وزيراً في بلده جاءه مبلغاً رسالة من رئيس دولته، يعامله بهذه الطريقة: (كان الشاعر والأديب الذي تقلد منصب وزير الإعلام والثقافة، شفيق الكمالي، قد كلف بإبلاغ خميني برسالة صدام التي فحواها أن استمرار بقاء آية الله في النجف من شأنه أن يصبح خطراً على أمن العراق ومصلحته القومية، وأنه بالنظر إلى الحالة غير المستقرة والمتوترة في إيران، وحفاظاً على العلاقة بين البلدين عليه أن يرحل. دخل شفيق الكمالي ومعه وفد كبير شقة الخميني. وقبل أن يسمح لهم بالدخول على الخميني ظهر سكرتيره الخاص وأخبرهم أن آية الله الخميني لا يرغب في مصافحة أحد، وأن عليهم أن يكتفوا بتحية الإسلام المعروفة ((السلام عليكم)). وعندما دخلوا الحجرة التي يستقبل فيها الخميني ضيوفه، كان الخميني يجلس مع المترجم على الأرض. قال الكمالي: ((السلام عليكم))، لكن آية الله رد السلام ببرود ولم ينهض أيضاً، فكان على أعضاء الوفد العراقي أن يجلسوا هم أيضاً على الأرض ، قبل أن يصـرح وزير الإعلام والثقافة برغبة صدام. كان الخميني يحملق في سقف الغرفة أو في مترجمه أو سكرتيره بشكل ملفت للانتباه، فلم يكن لينعم على وزير الإعلام أو أي من المبعوثين من بغداد بنظرة واحدة. كان يجيب على الأسئلة بكل عنجهية وكبرياء هو كسرى حتى قال الخبيث (لع): كيف يتجرأ فيذكر اسمه قبل اسمي وهو عبد من عبيدي؟! ثم ماذا فعل بعدها؟ انظر إلى هذا التصرف الذي لا ينم إلا عن عقدة مريضة: أرسل إلى نائبه على اليمن أن ابعث رجلين من قبلك إلى هذا الذي يزعم أنه نبي وليأتياني به مقيداً !!! ومن طريف ما يذكر في هذا الصدد أن أحد علماء السنة المعروفين في شيراز على عهد الشاه إسماعيل الصفوي وهو شمس الدين الخفري حين تقدم بين يدي الشاه من أجل امتحانه في سب الخلفاء الثلاثة انبرى يلعنهم لعناً شنيعا فنجى بذلك من الذبح، ولما خرج من عند الشاه عاتبه أصحابه وقالوا له: كيف ارتددت عن دينك ولعنت أئمتك الثلاثة؟! فأجابهم: لأجل هؤلاء الأعراب الثلاثة أقتل أنا مع ما أنا عليه من الفضل والكمال!(1). انظر كيف عبر عذره عن (عقدته) الكامنة في نفسه - عقدة (السيد)! شاهد أو مشهد مثير تأمل هذا المشهد، الذي لا يمكن أن يخطر ببال أحد، إلا في أفلام الخيال – ربما – والذي يمثل نموذجاً صارخاً للتعبير عن هذه العقدة لدى الفارسي أو المتشيع بتشيعه: عنجهية ما بعدها عنجهية، واستكبار فارغ لا ينم إلا عن مرض خبيث متأصل في نفسية مريضة لا أمل في شفائها! لشخص مجرد من كل قوة في بلد غريب عنه يعامل وزيراً في بلده جاءه مبلغاً رسالة من رئيس دولته، يعامله بهذه الطريقة: (كان الشاعر والأديب الذي تقلد منصب وزير الإعلام والثقافة، شفيق الكمالي، قد كلف بإبلاغ خميني برسالة صدام التي فحواها أن استمرار بقاء آية الله في النجف من شأنه أن يصبح خطراً على أمن العراق ومصلحته القومية، وأنه بالنظر إلى الحالة غير المستقرة والمتوترة في إيران، وحفاظاً على العلاقة بين البلدين عليه أن يرحل. دخل شفيق الكمالي ومعه وفد كبير شقة الخميني. وقبل أن يسمح لهم بالدخول على الخميني ظهر سكرتيره الخاص وأخبرهم أن آية الله الخميني لا يرغب في مصافحة أحد، وأن عليهم أن يكتفوا بتحية الإسلام المعروفة ((السلام عليكم)). وعندما دخلوا الحجرة التي يستقبل فيها الخميني ضيوفه، كان الخميني يجلس مع المترجم على الأرض. قال الكمالي: ((السلام عليكم))، لكن آية الله رد السلام ببرود ولم ينهض أيضاً، فكان على أعضاء الوفد العراقي أن يجلسوا هم أيضاً على الأرض ، قبل أن يصـرح وزير الإعلام والثقافة برغبة صدام. كان الخميني يحملق في سقف الغرفة أو في مترجمه أو سكرتيره بشكل ملفت للانتباه، فلم يكن لينعم على وزير الإعلام أو أي من المبعوثين من بغداد بنظرة واحدة. كان يجيب على الأسئلة بنعم أو بلا، أو يترك مهمة الإجابة عنها لسكرتيره الخاص. ولم ينظر الخميني إلى الرسل القادمين من بغداد إلا بعد أن انتهى الحديث الذي لم يدع فيه الكمالي مجالاً للشك أنه لا يوجد حل آخر سوى أن يغادر الخميني العراق في أقرب وقت ممكن. ((كان ينظر إلينا الواحد تلو الآخر دون أن ينبس بكلمة، كان له حضور قوي. كنت أشعر كما لو كنت أقف في مهب محرك نفاث عندما يصوب عينيه نحوي. بدأت أرتعد))، ذلك ما رواه لي الكمالي فيما بعد مضيفاً: ((كان لدينا جميعاً نفس الشعور عندما خرجنا من عنده)). يقول مدير صحة محافظة البصرة آنذاك، نزار شاهبندر، الذي كان عضواً في لجنة مهمتها الإشراف على كل شيء يخص فترة إقامة الخميني والاعتناء به أثناء المرور من هناك والتوجه إلى الكويت: ((كان الخميني غاضباً وثائراً بشكل جنوني))2. غاضباً من أي ؟ وثائراً على من ؟ أيها الحاقد المعقد ! أكثر من عشر سنين وأنت تتنعم بخيرات العراق، وتتقلب في نعمه. من أنت؟ ومن أين أتتك كل هذه الكبرياء الجنونية؟ وهذا الحقد الذي يأكل كبدك كالجرب بحيث لا تتحمل أن تنظر في وجوه قوم طالما أحسنوا إليك! ما سوء الأدب هذا؟! وزير وحاشية تتجشم عناء المجيء إليك من بغداد، احتراماً لشيبتك وصفتك طبقاً لأخلاق العرب، من أجل أن يبلغوك أمراً كان يمكنهم بكل بساطة أن يستدعوك إلى أقرب مركز شرطة ليبلغوك إياه، أو يرسلوا إليك شرطياً يقوم بالمهمة، أو يشد وثاقك ليرميك خلف الحدود، أو يسلمك إلى الشاه يفعل بك ما يشاء، وينهي قصتك. لكنهم لم يفعلوا بك ذلك كله – وهم قادرون لو أرادوا – واعتبروك ضيفاً، أو (دخيلاً) يلزمهم الخلق العربي أن يعاملوه معاملة خاصة. وفوق ذلك أولوك – بلا معنى – احتراماً لا تستحقه، وتأبى عليك نفسيتك المعقدة أن تفهمه كما يفهمه الأسوياء؛ فأرسلوا إليك وزيراً ! فتستكثر على وزير احترمك ووقرك وقطع إليك كل تلك المسافة، أن تستقبله وتصافحه وتكرمه كما يوجب عليك الدين الذي تنتسب إليه، أو الخلق الإنساني على الأقل ؟! ولكنها العقد الفارسية: عقدة السيد وعقدة الصفاقة وعقدة اللؤم ونكران الجميل و.. و… . ليس الذنب ذنبك، إنما ذنب أولئك الذين احترموك. ألم يكن فيهم رجل رشيد يقوم إليك في تلك اللحظة ليمرغ أنفك بالحذاء، ويخرج تلك الشمخرة من ذلك الأنف الخبيث؟ ثم يرميك على حدود إيران؟ عفواً أيها(السيد) ! المشكلة فينا، وليست فيكم. ولعل الكثيرين لا يعلمون أنك من أرباب السوابق الذين سجلت في حقهم دعوى في شرطة النجف أيام كنت طالباً في الحوزة وقد ضبطت مع عريف في الجيش متلبساً بالجرم الذي لا يكاد يسلم منه معمم فارسي! من هنا خرجت تلك العنجهية، وتلك الكبرياء الفارسية الفارغة. من هنا شحنت بذلك الحقد وتلبست بتلك الغطرسة! هل عرفت نفسك؟! وشهد شاهد منهم على مثله يقول شيعي محترق، لكنه عليم بحال الفرس، خبير بهم لطول معاشرته إياهم هو محمد طه الكرمي: (والفرس بطبيعتهم أنانيون يتطلبون مساقط العنوان، ومهابط الفخفخة، بكل ما يتمكنون، وبأي طريق يحصل لهم ذلك. ولذا كثرت فيهم المذاهب، وتفتقت شعب الدين؛ لأن هذه الاختلافات من مظان الترقي وشهرة الاسم. ففيهم كثرة الصوفية والأقطاب. وفيهم الشيخية، وفيهم البابية والبهائية. وفيهم المجوسية لحالهم الحاضر. وفيهم الكسروية واللامبدئية بصورة فاشية، إلى غير ذلك من مشارب ومذاهب... وزعيم الشيخية، الذي منهم وعندهم، آية في التجبر والتنفس والتعنون والتنعم والثروة. وهكذا نوع طبقاتهم الشاخصين ، إن باسم الدنيا، وإن باسم الدين. ولم يحدثنا التاريخ ، فيما سبق لنا من سلف ، أنهم يستأجرون المأمومين وطلبة العلم لصلاة الجماعة وحضور حلقة الدرس بدراهم ودنانير كما أوقفنا عليه في حاضره هذا، ومن الفرس فقط ومن تأثر بروحياتهم فحسب. وهم أناس متحركون يعرفون كيف يسلكون في تصيد الدنيا والعنوان. فيشتري من يريد منهم الاسم والعنوان، وأنه صار مندوباً في المجلس النيابي في الدورة السادسة عشرة مثلاً الرأي الواحد بمئات الدراهم، بل بآلافها، وإن كان لا يستفيد من الكرسي سوى الاسم فقط! ويهاجر الذي لم يجد منهم في داره حيلة ومناصاً إلى مناطق تغلب عليها البساطة حتى يستطيع التأثير عليها.وإذا به ( آقا خان المحلاتي ) دب لا يعقل سوى الأكل والشرب والبطن المنتفخ، واكتناز الأموال، واحتجاز الغواني في قصره المشيد في الهند ويقول أيضاً: (فالرجل الفارسي إذا حصل في الجامعة أقل عنوان من تمول أو رياسة أو علم، نفخ صدره بما لا حد معه مبدئياً كان أم مادياً. حتى إن العلماء الرامين إلى التدين وترويج الشريعة منهم إذا خولهم الزمان أقل فرصة من فرصه فسادوا واشتهروا لا تحملهم الأرض يمشون عليها من تبخترهم. دع عنك ذواتهم؛ فقد تكون لها قيمة ذاتية، ولكن هلمّ الخطب في خدمهم! فتراه بعد أن كان حمالاً يستأجره أقل الناس لحمل أثقاله بدراهم بخسة، فوفقه الزمان لخدمة هذا الرجل لا يعير التفاتاً لأي أحد، وبالأخص إذا كان من الروحانيين الذين يتقاضون من مخدومه الخبز والدراهم)1. المتسيد لا يحترم إلا من يذله والسيد لا يلتفت إلى إحسان العبد تجاهه؛ لاعتقاده أن ذلك حق من حقوقه. وكل ما يقدمه (العبد) تجاه (السيد) يعتبر خدمة واجبة عليه لا يستحق عليها الشكر. ولا يلتفت السيد إلى رأي العبد كذلك، ولا يسمع لكلامه بل قد لا يسمح له بالكلام في حضرته أصلاً لأنه عبد. إن عقدة (السيد) عند العجمي والمستعجم تبطل مفعول أي إحسان تقدمه إليه من أجل تقريبه وكسبه. وتجعل آذانه في صمم عن سماع كلامك ورأيك ما لم يكن كلام سيد يمتاز بالقوة والجرأة والاستعلاء اللذين يمتاز به كلام السادة مع العبيد. إن هذه العقدة تفرض على من يتعامل مع المصابين بها أحد خيارين: فإما أن يتعامل معهم كـ(سيد)، وإما أن يعاملوه كعبد! وليس من خيار ثالث. إن اللين واللطف وجميع أساليب التقريب ليست أكثر من (مغذ) أو حقنة (فيتامينات) تغذي هذه العقدة عند (الفارسي) وتقويها! فيبتعد أكثر عن (اللينين) الوادعين. ويتصامم عن سماع كلامهم ويحتقرهم ولا يعاملهم باحترام؛ لأن (السيد) لا يحترم إلا سيداً مثله، ولا يعتبر إحسانه إليه. بل يفسر كل مجاملة أو تعامل لطيف على أنه ضعف أو خداع! فإذا أردت منه أن يحترمك ويسمع لكلامك فكن سيداً مثله في خطابك وموقفك وكلمه بلغة السيد ولهجته. وإن علوت أكثر وأشعرته بأنك فوقه وأنه دونك فهذا أجدى. وإلا فإن الطريق الآخر مسدود. والتاريخ - وكذلك الواقع - خير شاهد. ، ما ضعف العراق في التاريخ مرة إلا وغزاه الفرس لقد ثبت تاريخياً أن (الفرس) لا يحترمون إلا القوي، ولا يعترفون إلا به ولا ينصاعون إلا للقوة ولا يفهمون سوى خطابها ولغتها. وما من مرة تولى فيها الحكم في العراق حاكم ضعيف إلا وتحرك العجم باتجاهه يغزونه ويعتدون عليه. وما من حاكم قوي إلا وله معهم موقعة يلقنهم فيها أحكم الدروس وأبلغها. من أوتوحيكال وسرجون إلى حمورابي ونبو خذ نصر إلى آشور بانيبال وسميراميس إلى أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وصولاً إلى صدام حسين. عندها قد يسمعون له وهو يتكلم لهم عن (أسطورة) الجار وحقوقه أو الدين ولوازمه وآدابه. كاليهود تماماً! أخذ الله عليهم الميثاق وهم تحت الطور الذي يكاد ينقض عليهم، ثم ما إن ذهب عنهم الخوف حتى تولوا فكانوا من المعرضين! وعلى هذا الأساس تعامل معهم رسول الله rفنجح أيما نجاح. ولقد أثبتت الوقائع ، والأحداث والواقع ، أن جميع محاولات التقريب لم تجد مـع الشيعة شيئاً، وأن الأفكار التقريبية والدعوات اللينة أو (الهادئة) وكلمات المدح والتزلف تنقلب عندهم - لفساد مزاجهم - إلى سلاح متفجر يحاربوننا به ويفجرونه في وجوهنا كل حين. إن هذا لا يزيدهم إلا عتواً وخبالاً، ولا نكسب منه إلا مزيداً من الأدلة أو الأسلحة التي تستعمل ضدنا بوقاحة وصلف! هل أجدت معهم هذه المقولات الخانعة: (لولا علي لهلك عمر) (لولا السنتان لهلك النعمان) (إن جعفر الصادق هو إمام المذاهب)..الخ؟! على العكس! لقد استعملوها بالمقلوب واعتبروها أدلة على جهل عمر وأبي حنيفة، وأن الأصل هو التشيع وما عداه ففرع وعالة. إن السيد - أيها السادة ! - لا يحترم إلا سيداً مثله أو يزيد عليه |
#10
|
|||
|
|||
عقدة الاستخذاء عقدة النقص هي الأساس تظهر على المتشيع فارسياً صفتان تبدوان - في ظاهرهما – متناقضتين، لكنهما في الحقيقة جد متناسقتين: فهو من ناحية متكبر متغطرس ولكن مع من هو دونه، أو مع من يقوم تجاهه بمراسيم الاحترام، وذلك بسبب عقدة (السيد). وهو متذلل متمسكن يتملق، لكن مع من هو أقوى منه، أو من يذله بسبب عقدة النقص. إن المثل القائل: (يتمسكن حتى يتمكن) ينطبق عليه تمام الانطباق. ولقد رأينا العجم في مجتمعنا – والمستعجمين - يرتقون سلم الوجاهة والنفوذ من تحت سطح البحر خدماً في البيوت والدوائر وفراشين، ويمتهنون مهناً دنيئة و.. ومن هناك يرتقون! وقد عبّر الباحث الأمريكي جاك ميلوك – كما مر بنا سابقاً - عن هذه الصفة عند الفارسي أصدق تعبير حين قال: (إن الملق والمداهنة والكذب والغش يجب أن تكون جميعا الأدوات التي يحتاجها الفرد لأجل أن يتقدم ويصعد إلى أعلى. لقد قال زعيم إيراني: إن الإيرانيين هم مثل الحرباء. إنهم يغيرون ألوانهم كل يوم وتتلون سياساتهم بما يتناسب مع ألوانهم المتغيرة. إن استعمال تعبيرات مثل: (إنني عبدك المطيع) أو مثل (إنني التراب الذي تطأه قدماك) أو (دعني اقبل رجليك ألف مرة)(1) هي جميعها جزء صغير من مفردات قياسية للغة اليومية التحادثية). مثلهم كمثل إخوانهم اليهود الذين (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) (البقرة:61). وفي الوقت نفسه لا يخجلون من قولهم:(نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُه) (المائدة:118). من مظاهر الملق عند المستعجم تقديسهم للعلماء إلى حد التأليه، واتخاذهم أربابا من دون الله يتذللون لهم ويقبلون أيديهم ويمارسون معهم جميع طقوس الخضوع الذليل التي لا تليق بعربي أو مسلم كريم. هذه الخاصية الخلقية الفارسية لها أكثر من جانب يفسرها إضافة إلى النظر إليها من خلال عقدة النقص الأصلية. المضطهد يقدس القوة عقدة الاضطهاد مثلاً لها دور فاعل في تكوينها. المضطهد المغبون يميل إلى عشق القوة، وقد يصل به الأمر إلى حد التقديس، والوله المجرد؛ فهو يقدس القوة كيفما كانت، ومن أي جهة صدرت! فإذا كانت في جانبه أصابه الزهو، وتلبسته الكبرياء، ومضى يذل الآخرين ويستعبدهم يريد منهم أن يعبدوه أداءً لحق القوة المقدسة التي يمتلكها. وإذا كان ضعيفاً لا يملك القوة، توجه بالتقديس والتذلل نحو من يمتلكها، فيعامله بالمذلة والملق والاستخذاء! لقد عبد الفرس النار؛ لأنها رمز القوة المتناغمة مع نفوسهم: النار قوة هوجاء مخربة، والفرس كذلك. ولربما يفسر هذا أساس علاقتهم مع الشيطان المخلوق من نار، وهي كعلاقة إخوانهم المنافقين به. ويسمون القوة العظمى في العالم - التي هي أمريكا - (الشيطان الأكبر)، الذي ما إن قدم إليهم حتى قدموا له فروض الطاعة، وتعاونوا معه. أما عداؤهم له، فادعاء فارغ يقوم على عقدة الاستعراض لا أكثر. وقد تكون في الآيتين الآتيتين أشارة إلى هذا: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْإِنَّمَانَحْنُمُسْتَهْزِئُونَ ...مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ) (البقرة:14،17). اجتياف عملية التبخيس جانب آخر يفسر هذه الخاصية الفارسية هو اجتياف عملية التبخيس والتقزيم التي يغرسها القوي في نفس الضعيف، فيتمثلها بدوره مشاعر قلة ودونية لذاته، وإعجاب وانبهار بالقوي المتسلط ، تنعكس على تصرفاته ملقاً وذلة ومسكنة، كما قال تعالى عن إخوتهم اليهود: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ)(آل عمران:112).انظر إلى الذلة والمسكنة كيف اجتمعت مع التكبر والعصيان والعدوانية إلى حد قتل الأنبياء! يقول د. حجازي:(إن أبرز مظاهر اجتياف التبخيس والعدوانية اللذين يفرضهما عليه المتسلط هو الإعجاب به والاستسلام له في حالة من التبعية الكلية. وبمقدار ما ينهار اعتباره لذاته يتضخم تقديره للمتسلط ويرى فيه نوعاً من الإنسان الفائق الذي له حق شبه إلهي في السيادة والتمتع بكل الامتيازات. تلك علاقة رضوخ ((ماسوشي))من خلال الاعتراف بحق المتسلط بفرض سيادته. ومن هنا تبرز حالات الاستزلام والتزلف والتقرب. ويتحدد الاعتبار الذاتي انطلاقاً من درجة التقرب من المتسلط ... الذي يعود فيزدريه من جديد لرضوخه واستكانته وتبعيته، محملاً إياه كل الوزر، معتبراً دونيته كجزء من لا يتجزأ من طبيعته؛ مما يبرر لنفسه كل أشكال القهر التي يمارسها)1. وهذا ملاحظ بوضوح على المجتمعات الشيعية من خلال علاقتها بالحاكم، وتقربها منه بأنواع القربات، وعلاقتها بالمستعمر كذلك. ومن أوضح الأمثلة علاقتها بالمرجع أو (السيد)، وتقديسها له تقديساً يصل أحياناً إلى حد العبادة، مع استهانته بهم، ومعاملته الفوقية لهم! أذلة على الكافرين أعزة على المؤمنين عقدة الشك (كان معنا في الزنزانة معتقل إيراني الجنسية, لا يكلم أحداً, فهو يفهم العربية ويتكلمها قليلاً. ولكنه لا يكلمنا؛ لأنه يشك بأن أحداً من بين المعتقلين معنا في الزنزانة مدسوس من قبل المخابرات. وزع أغلب وقته في روتين منتظم : إما يصلي أو يدعو ويتوسل إلى ربه. ويأخذ التوسل والدعاء هذان أغلب وقته. قبل الغروب يومياً، أي قبل أن تصبح الزنزانة معتمة, يبدأ بفاصل البكاء الذي يتراوح بين نصف ساعة وأكثر، ويردد كلمات أو جملاً. لا يوجه كلامه إلى أحد بل يكلم نفسه فقط . كان يرافقنا عندما نذهب إلى الحمام، ويكون عادة متهيئاً كالآخرين لدورة الحمام، ولكنه لا ينظر باتجاهنا، ولا يرغب في أن ينظر إليه الآخرون، بل يعيش طوال أيامه معنا في عزلة مطبقة. لم نكن نفهم ما يعني أو يقول, هل هو دعاء أم عتاب أم شكوى إلى الله! لا ندري. ثم يعمد ويمسك قدمه اليمنى ويبكي بصوت خافت وحزين، كالأنين، ويتكرر هذا البكاء والأنين في الصباح التالي. علمت من الذين كانوا أقدم مني في الزنزانة أن هذا الرجل قضى في هذه الزنزانة ما لا يقل عن ثلاث أو أربع سنوات. فهو أصلاً كان راعياً على الحدود العراقية – الإيرانية. ولم يمض على نقلي لهذه الزنزانة أكثر من أسبوعين أو ثلاثة, حتى جاء الحارس ونادى الرقم المعين, وأخذ هذا الإيراني جميع ملابسه وغادر. فرحنا جداً له وقال الجميع: (خلص هذا المسكين). كان هذا كل ما تم من همس بحق هذا الرجل, ولكنه همس لا يعبر إلا عن جزء من شعور كل منا بالظلم في حقه، والقسوة المريرة التي كنا نعيشها ونعاني منها)1. جاء هذا في كتاب لرفعت الجادرجي سجل فيه قصة اعتقاله على أيدي المخابرات العراقية السابقة، كنت أقرأ فيه - ومن باب التنويع والترويح – فلفت انتباهي ما جاء في ثناياه - دون قصد من الكاتب - عن حالة ذلك الشخص الإيراني الذي كان معتقلاً معهم. والصورة تعبر بوضوح عن الشخصية الشكاكة التي يتمتع بها الفارسي. جاء في النصوص الفارسية القديمة: (هل ادعى لك الملك ذات مرة أنك آمن تماماً وأنت في معيته؟ إذن ابدأ منذ تلك اللحظة في الإحساس بعدم الأمان. فإذا ما دأب إنسان على تسمينك، فلا بد أن تتوقع أنه سرعان ما يذبحك)2. (الفارسي) شخص ساكن أو مسكون بالخوف، يتوجس دوماً من تصرفات الآخرين ويشك في نواياهم. إن شعوره الحقيقي بالضعف تجاه المحيطين به، والذي تسبب في إصابته بعقدة النقص، جعله يلتجئ إلى هذه الحيل النفسية عبر التاريخ من أجل حماية نفسه منهم. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى - ولأجل السيطرة عليهم - فإنه يثير لديهم الخوف من كل ما هو أجنبي، وينمي هذه العقدة في نفوسهم ليحقق التفافهم حوله على أنه الملاذ الآمن الوحيد. وإلى هذا أشار د. عماد عبد السلام بقوله: (لقد أدرك الفرس أن تحقيق سيطرتهم على عدد كبير من القوميات يفوقهم بعضها عددا وحضارة لا يكون إلا بإخضاعها إلى ضغط تحد خارجي وإثارة شعور التوجس لديها من خطر ما يأتي من الخارج)1. وبفعل تراكم الزمن وعوامله ترسخ هذا الشعور، حتى غدا عقدة بل صار سجية لا تفارق (الفارسي) أبداً، ومرضا معدياً يصيب الآخرين الذين يثقون به ويتأثرون بفكره وديانته. فتجد أحدهم لا يطمئن أبداً إلى سلامة نية الآخرين تجاهه، ويفسر تصرفاتهم الطبيعية وأعمالهم الطيبة، ويؤوِّلها دائماً، أو يحملها على غير ظاهرها. وهو ما لمسناه واضحا وفاشيا في أوساط المستعجمين أو المتشيعين فارسياً حتى من تغير منهم في فكره، ولكنه ظل مستعجماً في عقله ونفسه وشعوره وخلقه، ويمارس عملية (إسقاط) ما بداخله من عيوب على الآخرين. ولا بأس أن أثبت هنا ما قاله الباحث الأمريكي جاك ميلوك: (إن هذا الشعور بالارتياب يجعل الإيراني يعتقد بأنه ليس هناك شيء بنفس البساطة والاستفادة التي ربما يظهر عليها، وإنه لا يمكن قبول الأمور على أساس قيمتها السطحية أو الظاهرية. قصة الملا ناصر الدين والحمال..! وفي قصة (الملا ناصر الدين والحمال) ، تصوير دقيق لهذه النفسية المفعمة بالشك والتوجس والارتياب من الآخرين.وذلك عندما يطلب ناصر الدين من أحد الحمالين مساعدته في نقل حقيبة إلى داره: - الحمال: فديتك بنفسي يا مولاي وأين دارك؟ - ناصرالدين:(باستغراب)يالك من شخص متوحش وسيء الصيت وربما سارق يجب رفسه! هل تظنني ساذجاً حتى أخبرك موقع داري؟ (!). التوجس من كل شيء يقول الشخص الإيراني العادي: إذا ما كنت نزاعاً إلى الثقـة بالآخرين فسوف يقوم البقية باستغلالي؛ لذلك فإنه من السخف والحماقة أن يكون المرء واثقاً مما حوله. إن المعنيين بدراسة إيران وشؤونها متفقون عموما على الاستنتاج القائل بأن الارتياب وعدم الاطمئنان والتخفي الديني تحت مظهر كاذب هي مميزات الإيرانيين) حتى الكتاب والسنة وأقوال الأئمة تعاملوا معها على هذا الأساس. إن لكل آية أو حديث عندهم باطنا غير ظاهره. وكل قول أو تصرف لعالم أو إمام يمكن أن يفسر تفسيراً يغاير ما يتبادر إلى الذهن منه. من هنا نشأ القول عندهم بـ(التقية). إن ظواهر النصوص والتصرفات ما هي- في تصورهم - إلا أغطية كثيفة لمقاصد بعيدة جداً بعداً يمكن أن يصل إلى حد الانقطاع بين الصلة الظاهرية والباطنية للفظ فلا يعود للغة وضوابطها عندهم أي اعتبار ! يروي الكليني عن موسى بن جعفر أنه سئل عن قوله تعالى:قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ (الأعراف:33) فقال: إن هذا القرآن له ظهر وبطن فجميع ما حرم الله في القرآن هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الجور. وجميع ما أحل الله تعالى في الكتاب هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الحق1. ومن هذا الباب ادعاؤهم أن رسول الله إنما اصطحب أبا بكر في الهجرة حتى لا يشي به أو يدل عليه! تفسير التاريخ وهكذا تعاملوا مع أحداث التاريخ. فهم لا ينظرون إلى الحدث بموضوعية كما هو عليه، بل يفسرونه طبقاً إلى هذه العقدة. بل يصنعونه ثم يروونه كما يحلو لهم ويتمنون أن يكون قد وقع، لا كما وقع بالفعل. فعلي زوّج ابنته أم كلثوم لعمر (تقية) وخوفا واغتصابا! وسمى أولاده باسم أبي بكر وعمر وعثمان ملقا و(تقية) كذلك. والحسن بايع معاوية (تقية) أيضاً. إنهم (يسقطون) ما في نفوسهم المكبوتة على الآخرين. كما يقول د. عزت راجح: (إن الكبت يجعلنا نسقط عيوبنا ومقاصدنا السيئة على غيرنا من الناس فنسيء تأويل سلوكهم. فالمرتاب في نفسه الذي لا يعترف لنفسه بذلك يرى الريبة في غيره. والذي يكبت العداوة للغير يرى العداوة في سلوكهم. والزوج الذي تنطوي نفسه على رغبة مكبوتة في خيانة زوجته يميل إلى اتهامها بالخيانة. والأناني أو البخيل أو المغرور الذي ينكر هذه الخصلة لديه ينسبها إلى الناس، ويغالي في تقديرها لديهم). ومن ذلك أنهم يكابرون منطق الأحداث مكابرة عجيبة ؛ فلا يصدقون – مثلاً - أن أحداً من (الأئمة) مات ميتة طبيعية: فهم بين مسموم ومقتول ومخنوق! حتى (المهدي) المعدوم اختفى خوفاً على نفسه من القتل رغم إجماع المؤرخين على العلاقة الحسنة بين البيت العباسي والبيت العلوي آنذاك! وليس (المهدي) هذا إلا صورة طبق الأصل عن الشخصية الفارسية المأزومة والمصابة حتى النخاع بعقدة الشك!فإنه رغم تغير الأحوال وظهور دول تنادي صباح مساء - حتى بحت أصواتها - بخروجه وفرجه العاجل، إلا أن المسكين لا يصدق كلامهم ولا يثق بأحد منهم! فمن يدري لعلهم نصبوا له كميناً وهذا النداء ما هو إلا خديعة ومكر، أو فخ لاصطياده فهو مستمر بالاختفاء وعدم الظهور، حتى يفاجأ بيوم النشور! وإلا لخرج منذ زمن بعيد. إن هذه النفسية المعقدة المفعمة بالشك لا تستجيب لسياق المنطق. ورواياتهم مليئة بالتناقض لكنهم يتقبلونها رغم تناقضها؛ لأنهم يفكرون بنفوسهم لا بعقولهم. وإذا كان الأمر كذلك فإن النفس المعقدة المعوجة تنتج فكراً معقداً معوجاً متناقضاً. ويمسي العقل في هذه الحال مجرد نقطة عبور خالية من الحرس! تأمل كيف يعتقدون أن الحسن بن علي قد مات مسموماً أيضاً وعلى يد زوجته! إن امرأة تسم زوجها حتى الموت ليست صالحة، وليست أهلاً لأن يتزوجها الصالحون. فكيف تزوجها الحسن وهو - عندهم- معصوم من الخطأ! لكن عقدة الشك والتعصب والحقد وعقداً أخرى تكفي لبلع هذا التناقض وزيادة دون أدنى شعور بِهِ! مع جنوحهم إلى الاحتجاج بالمتشابهات مثل اقتران نوح ولوط كذلك بامرأتين كافرتين مع عصمتهما. وهو نوع من الاحتجاج للخطيئة بالخطأ! فـ(العصمة) التي ألصقوها بالحسن لا تشبه عصمة الأنبياء الثابتة لهم عليهم السلام. (فعصمة الأئمة) مطلقة غير قابلة للخطأ وعصمة الأنبياء ليست كذلك. ثم إن الزواج من امرأة تتآمر على زوجها بسبب شهوتها ورغبتها في رجل آخر إلى حد القيام بسمه يستلزم سوء الاختيار والخطأ الحتمي فيه من قبل الزوج. ولا شك أن سيدنا الحسن حين اختار هذه المرأة إنما اختارها لدينها وخلقها. ولا بد أنه سأل عنها وتثبت من ذلك ثم بعده أقدم على الزواج منها. فما فعلته بعد - مما يقوله الرافضة - يستلزم عدم التثبت، والخطأ في تصور صلاحها وهو يتناقض مع (العصمة) المطلقة أو نضطر إلى القول بأن الحسن تزوجها لغايات دنيوية فقط، وهو ما لا يليق بصغار الصالحين فكيف بكبار المصلحين؟! ثم أن الشيعة يعتقدون أن (الإمام) يعلم الغيب وما كان وما يكون()، فهلا علم الحسن بأن امرأته غير صالحة أو أنها ستسمه فلماذا أقدم على الاقتران بها؟ أفيعمل إنسان على جلب الشر والسوء لنفسه؟! أم لم يقل الله تعالى وهو يخاطب نبيه : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلا مَا شَــاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْــرِ وَمَا مَسَّنِــيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (الأعراف:188)؟! لقد تزوج هذه المرأة (جعدة بنت الأشعث) بعد موت الحسن ابن عمه العباس بن عبد الله بن عباس، ثم تزوجت من يعقوب بن طلحة. أفيغيب عن أبناء عم الحسن أنها سمته ويعلم ذلك الشذاذ المفترون؟ أم أنهم أمنوا على أنفسهم من امرأة تسم زوجها؟ أم ماذا؟! ورغم كل هذا فالأسطورة باقية تقاوم جميع عوامل التعرية! وتستطيع أن تجرب بنفسك وتناقش رافضياً حول هذا الموضوع لترى مكونات الحشوة الدماغية التي ترقد مستقرة في قحفه! وتسمع أن الحسن صار يلفظ قطع كبده من فمه! وأنا لا ادري ما الذي جاء بالكبد إلى المعدة مع أن الكبد في يمين التجويف البطني والمعدة في شماله! ما هذا الأنبوب المجوف الذي يصل بينهما؟ أم أن أحشاء (الأئمة) تختلف تشريحياً عن أحشاء بني آدم؟! من هنا نفهم قول د. موسى الموسوي عن الخميني: (إن الرجل شديد الظن بكل شيء، ومن الصعب عليه أن يسمع كلاماً ويحمله على الصحة أو الإخلاص. ومن هنا جاءت معاملته لكثير من المتعاونين معه سيئة). هل رأيت مدى عمق هذه العقدة (عقدة الشك والتوجس) في النفسية الفارسية؟! عقدة الغـدر وقف الفاروق عمر tيوماً وهو يخاطب جموع العرب المتوجهين لتحرير العراق: (احذروا العجم فإنهم غَدَرة مَكَرة). فالغدر خلق أصيل عرف به العجم منذ القدم. والسبب الأصيل وراء هذا الخلق الذميم هو (عقدة النقص) أو الضعف؛ فإن الضعيف إذا سنحت له الفرصة لا يتركها تفلت من يده لخوفه من فواتها إلى الأبد، وانعدام الثقة بالنفس وقدرتها على اصطناع الفرص عند الحاجة؛ فهو لا يعفو عند المقدرة أبداً. ومن أسباب الغدر عقدة اللؤم التي تجعل صاحبها يتمرد على من يحسن إليه، ويبغضه ويتطير من رؤيته؛ لأنها تشعره بنقصه أمامه. لكنه لا يجد مبرراً لعداوته في العلن فيضطر إلى الكيد به في السر. وهذا هو الغدر ذلك الخلق الفارسي الأصيل. تغذيه عقدة التوجس والارتياب والشك في كل تصرف أو فعل فلا يأخذه على ظاهره، بل لا بد له من تفسير سلبي في الباطن؛ إذن لا بد من التوقي منه بتوجيه الضربة الأولى. ولقد مر بنا سابقاً في الدراسات النفسية قول جاك ميلوك: (إن الفرس يشبهون رجلاً مدفوعاً في حياته بواسطة رغباته الطبيعية التي يتربع على قمتها الخوف. وذلك من أجل الحفاظ على أنفسهم من أخطاء الهجمات. وبسبب شكوكهم ، وعدم ثقتهم بالآخرين فليس لديهم القدرة على الامتزاج. إنهم يبحثون عن الأمان في الانعزالية عن الناس أو بواسطة توجيه ضربتهم الأولى). شواهد التاريخ والشواهد على غدر الفرس لا تحصى. يحدثنا التاريخ أن (الهرمز) قائد الفرس في (ذات السلاسل) لم يخجل أو يتردد من الخروج المخزي على تقاليد الفروسية حين بيت كمينا وطلب من خالد بن الوليد قائد العرب أن يبرز له حتى إذا التقيا خرج الكمين ليقتل خالد!مع أن الشرف العسكري، وأعراف العسكرية تستلزم أن تكون المبارزة واحدا لواحد، أو اثنين لاثنين... وهكذا. ومن شواهد التاريخ ما فعله الشاه أحمد القاجاري بالشيخ خزعل الكعبي أمير المحمرة، حين دبر له مكيدة في نيسان سنة 1925 بمساعدة البريطانيين، قادها الحاكم الإيراني فضل الله زاهدي الذي تظاهر بالانسحاب والعودة مع جنوده إلى طهران إثر معارك بين الجيش الفارسي والقوات العربية في الأحواز، حصل بعدها صلح بين الطرفين، وقد أبدى زاهدي رغبته في توديع الشيخ خزعل، مع ضمانات من القنصل البريطاني بضمان سلامته. وفي حفلة التوديع التي أقيمت على اليخت الخزعلي في شط العرب نفذ الحاكم الفارسي نيته المبيتة فغدر بالشيخ خزعل، وقام جنوده باعتقاله واقتياده إلى طهران، ليموت في معتقله سنة 1936 بعد إحدى عشرة سنة قضاها في الاعتقال1. وهكذا يعيد التاريخ نفسه، لتتكرر المشاهد نفسها بين الفرس والعرب، وما خبر النعمان بن المنذر عن هذا ببعيد. والغبي الغبي من وثق بالفرس وشيعتهم! وهل دمر دولة الإسلام على مر العصور إلا العقدة التاريخية المتكررة: (الوزير الفارسي والخليفة العربي)2؟! وهل كان للخلافة الإسلامية العباسية أن تسقط لولا خيانة ابن العلقمي الوزير الفارسي في دولة الخلافة وغدره بها، الذى راسل التتار، وخفض عدد الجند حتى صار عدد جيش الخلافة المدافع عن بغداد عشرة آلاف جندي فقط ؟! وتتكرر الشواهد ويكرر التاريخ نفسه ليقوم أحفاد ابن العلقمي الجدد (السيستاني وآل الحكيم وآل الخوئى وأحمد الجلبى وأياد علاوي وإبراهيم أشقوري الجعفري) بالدور نفسه. قصة احتلال التتار لبغداد نفسها قد تكررت على أيدي هؤلاء المجرمين مرة أخرى. وغدر السستاني وأبالسته بالعراق الذي يعيشون فيه ويتنعمون بخيراته. والعربي يقول: البئر الذي تشرب منه الماء لا ترم فيه حجراً. فتجد عموم أهل السنة في العراق اليوم يقاومون المحتل الأمريكي، بينما تجد الشيعة – إلا من رحم – قد خانوا دينهم الذي يدّعون الانتساب إليه، وباعوا وطنهم الذي يعيشون فيه، وغدروا بمواطنيهم أشنع الغدر حين اصطفوا مع المحتل الكافر، وصاروا يضربون أهل السنة في ظهورهم، متوهمين أن فرصة تاريخية سنحت لهم، لا بد من استغلالها لإنهاء الوجود السني في العراق. فأي خيانة؟! وأي ختر وغدر؟!!! كما غدر الخميني وجوقته بكل من تحالف معهم ، من أهل السنة وغيرهم ، الذين ضحوا في سبيل إزاحة الشاه، حتى إذا تم له ما أراد انقلب عليهم قتلاً وسجناً وتشريداً. ولا يستثنى من ذلك حلفاؤه من علماء الدين الشيعة داخل إيران وخارجها، مثل حسين علي منتظري رئيس مجلس خبراء الدستور والمرشح السابق لخلافة الخميني، وصبحي الطفيلي الأمين السابق لحزب الله في لبنان، ومحمد حسين فضل الله الأب الروحي للحزب الخ... هذا.. وشعار الفرس: إسقاط ألف صديق أهون من إسقاط عدو واحد! عقدة الخداع والتضليل مر بنا قول الخبراء بـ(أن الشعور بعدم الأمان مغروس عميقا عند الإيرانيين) و(أن الناس في أثناء توقعاتهم بحصول التضليل وحلول الخديعة بهم يقومون بالبحث عن موازنة التحالفات بأخرى معاكسة لها وبهذه الطريقة تتحقق نبوءة كل واحد فيهم بوقوع التضليل). يخدع بعضهم بعضاً أي أن الإيراني يتوقع عادة أن الغير يحاول خداعه وتضليله فيقوم هو من جانبه بخداعه وتضليله حماية لنفسه على قاعدة (أتغدى به قبل أن يتعشى بي). والنتيجة أن الجميع يخدع بعضهم بعضاً!ً بحيث تحول الخداع والتضليل و(التقية) إلى ظاهرة اجتماعية في كل مجتمع مستعجم فضلاً عن المجتمع الإيراني العجمي. وهذا كله ناتج عن ضعف الثقة بالنفس المشتقة أصلاً عن عقدة النقص. الرغبة الخفية بالانتقام ويفتح لنا د. حجازي نافذة أخرى، نطل منها على هذه السمة النفسية عند الشيعي وترسخها من خلال علاقته بالحاكم ونظرته إليه. وذلك حين يبين أن علاقة الإنسان المضطهد (المقهور) بالمتسلط ليست جامدة بحيث لا يصدر عنه على طول الخط إلا الطاعة والخضوع. وإنما يحاول أن ينتقم لنفسه بوسائل شتى كلما وجد إلى ذلك سبيلاً، فيقول: (يحاول الإنسان المقهور الانتقام بأساليب خفية (الكسل، التخريب) أو رمزية (النكات والتشنيعات). وهذا يخلق ازدواجية في العلاقة: رضوخ ظاهري، وعدوانية خفية. أبرز مثل على هذه الازدواجية هو موقف الرياء والخداع والمراوغة والكذب والتضليل... وهكذا يصبح الكذب جزءاً أساسياً من نسيج الوجود المتخلف على مختلف الصعد وفي كل الظروف. ويعمم على كل العلاقات: كذب في الحب والزواج، كذب في الصداقة، كذب في ادعاء القيم السامية، كذب في ادعاء الرجولة، كذب في المعرفة، كذب في الإيمان... معظم العلاقات زائفة، معظم الحوار تضليل وخداع)1. إن هذا - مع التحليلات السابقة عن النفسية العدوانية - يؤكد القول بأن الشيعي لا يعرف الوسطية في علاقته مع الآخر. فهو إما مستخذٍ متمسكن مخادع حين يشعر بالخوف والقوة القاهرة، وإما مستكبر عدواني متسلط حين يشعر بالأمان ويمتلك زمام السيطرة على الآخرين. عقدة الكـذب الكذب هو الشعار القومي لـ(الفرس)!إلا من صهرهم الإيمان، أو بقيت في نفوسهم بقية من عناصر الفطرة الأصيلة تقاوم عوامل التعرية.يقال: إن أكبر دولتين في القدرة أو التفنن في تزوير العملة إيران والكيان الصهيوني! والتزوير أحد أنواع الكذب. وكذلك هم متفوقون في تزوير التاريخ! شاهدان من إيران المحمرة وعبادان والحويزة - وغيرها من مدن قطر الأحواز - هي أسماء عربية، أطلقت عليها منذ نشأتها. وقد غيرها الفرس في عهد رضا خان بهلوي إلى الفارسية، ساعين إلى محو كل ما يوحي إلى العروبة في الأحواز. وحين جاء النظام (الإسلامي) منع تداول هذه الأسماء العربية؛ مدعياً أن حزب البعث في العراق هو الذي غير أسماءها من الفارسية إلى العربية! والعجيب أنك ترى مؤرخين إيرانيين يظهرون على شاشات التلفزيون الإيراني، وهم يؤكدون أن نظام البعث هو الذي فعل ذلك. في مكابرة وقحة لإنكار كل الحقائق التاريخية الصارخة، والوقائع الناطقة بغير ما يقولون ويدّعون! يقول الدكتور موسى الموسوي عن الخميني: (والخميني لا يأبى من الكذب أمام الخاصة والعامة على السواء. وإذا كذب يصر في الكذب ما استطاع إلى الإصرار سبيلا. فقد رأينا كيف أن كل أجهزته عندما اعترفت بشراء الأسلحة من إسرائيل أنكر الخميني ذلك أكثر من مرة. وحينما ثبت ذلك أمام العالم بعد سقوط الطائرة الأرجنتينية، وانكشفت حقيقة النظام الحاكم في إيران، واعترفت إسرائيل بذلك في آخر الأمر. كرر الخميني إنكاره لشراء الأسلحة، وبإصرار وعناد وكأنما الشيخ العجوز يعيش في عالم آخر لا يرى الشمس في رابعة النهار) . شاهدان من العراق لقد أظهرت الانتخابات الأخيرة التي جرت في العراق (15/12/2005) ارتكاب عمليات تزوير من قبل القائمة الشيعية ذات الخمسات الثلاثة الشهيرة (555)، ربما لم يشهدها العالم من قبل، ولا من بعد! وهي القائمة التي يقف وراءها إيران والمرجعية الشيعية بكل ثقلها: ففي الانتخابات السابقة (30/1/2005) حكم السيستاني بالنار على كل من لا ينتخبها، وفي هذه المرة أشار إليها بقوله: انتخبوا القوي الأمين. وشاعت فتاوى أخرى بقوة في الشارع العراقي، لم تفصح بشكل رسمي عن مصدرها، تلجئ الشيعة إلى (اختيار) هذه القائمة، وإلا فإن النار مصير كل مخالف. والتزوير أوضح تصرف عملي على الكذب. وفي صبيحة إعدام الرئيس صدام حسين خرج الشيعي موفق الربيعي مستشار الأمن العراقي على قناة العربية قبل ظهور شريط فيديو الإعدام بقليل ليقول: (إن صدام حسين عند صعوده إلى غرفة الإعدام كان خائفاً ومرتعباً، وشديد الإرتباك، وتلفظ بعبارات غير مفهومة. وتمت معاملته وفق الشرائع الإسلامية أثناء إعدامه، وكذلك أثناء مماته، وبحضور رجل دين من السنة، ولم يمس بأي سوء). ويشاء الله تعالى أن يفضح زيف هذه الادعاءات بعد ظهور شريط الإعدام. الذي يخالف هذه الدعوى حرفاً حرفاً !!! وقد شاهد العالم كله كيف دخل الرجل غرفة الإعدام، بكل ثبات وجرأة وإقدام، شهد له به الأعداء والخصوم قبل المحبين، في موقف جسد عنفوان العراقيين، واختزن تاريخ أنفتهم وزهوهم على مدى العصور. ومات وهو يتلفظ بالشهادتين بكل فصاحة ووضوح، وليس (بعبارات غير مفهومة). بعد أن استهزأ بجلاديه، ورفض أن يضع لثام الموت على وجهه. بل كانوا هم الذين يضعون لثام الجبن والنقص على وجوههم. ولم يكن من أحد من أهل السنة حاضراً لا من علماء الدين ولا غيرهم. حتى إذا سقطت جثته بادروها بالرقص على أوصالها – كما اعترف هذا الدجال نفسه - وأظهرت الصور آثر حز سكين نافذ في نحره. بينما قطعت رقبة أخيه برزان ووضعت على جسده! فعن أي شرائع إسلامية يتحدث هذا العلج المجوسي؟!! قوم يشتكي الكذاب من كذبهم مر بنا في بداية الكتاب قول الشاه محمد رضا بهلوي: (إن الكذب ذاته يجري تمجيده عند الفرس على أساس أنه فضيلة) مقتبسا في شكواه ما جاء في قصيدة الشاعر الفارسي المشهور سعدي من قوله:(إن الكلمات التي تخدعك وتضللك ولكنها تسعد قلبك هي أغلى من الصدق…الخ). فما بالك بقوم يشتكي الكذاب من كذبهم؟! ولا أدل على القابلية المذهلة للكذب من ذلك الركام الهائل من المؤلفات الضخمة التي كتبها كهنة التشيع، القائمة على الكذب والدس والافتراء المحض. أحدهم ألّف كتاباً من أحد عشر مجلداً باسم (الغدير) بناه على كذبة تاريخية اسمها بيعة الغدير! أحد عشر مجلداً من الكذب! أما محمد باقر المجلسي فهو بحق - كما يلقب – مخترع المذهب! لقد ألّف هذا الأفاك كتاباً بلغ حجمه مائة وعشرة مجلدات كلها كذب. وأصل الأصول عند الشيعة هو كتاب (الكافي) لمحمد بن يعقوب الكليني. لقد أوصل الشيعة أنفسهم عدد الروايات المكذوبة فيه - من مجموع ستة عشر ألف رواية - إلى أكثر من تسعة آلاف رواية. ومنهم من جعلها أحد عشر ألف رواية ، أي إن ما يزيد على ثلثيه كذب. هذا بشهادتهم هم! وقس على ذلك. وشواهد الكذب الشيعي الفارسي لا تحصى! وإذا عرف السبب بطل العجب! الجذور أما إذا أردنا البحث في جذور هذه الظاهرة فنقول: يظل السبب الأساسي لهذه العقدة - وكل عقدة - لدى (الفارسي) رغبته في السيطرة على من يفوقه عدداً ومعنى. إن شد القوميات الإيرانية المختلفة باتجاه الداخل وعزلها عن امتداداتها الخارجية تحت القبضة الفارسية لا يتم إلا بالكذب والدعاوى التي تصور لهذه القوميات أن خطراً ما يهددهم من الخارج! فإن لم يكن هناك من خطر حقيقي اختلقوا أسبابا للمشاكل والخصومات الخارجية يدّعون فيها دائماً أنهم مظلومون معتدى عليهم فالكذب بالنسبة لـ(الفارسي) ضرورة من ضرورات الحياة كالطعام والشراب والهواء لا يستطيع المقاومة والبقاء بدونه. وقد عشنا الواقع عياناً وسماعاً، وقرأنا الكتب وتعاملنا مع الرافضة فما رأينا أكذب منهم! حتى تستطيع أن تقول: إن الكذب عند الرافضي مهنة! ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية الذي قال: سبحان من خلق الكذب وجعل تسعة أعشاره في الرافضة. ودخل الإسلام بلاد فارس فما تغير من كذبهـم إلا الاسـم، أمـا المضمون فقد بقي كما هو! كما هو ديدنهم مع كل عنصر من عناصر الدين. يأخذون منها الاسم والمصطلح ليعطوا لكل اسم بعد تطويعه وتحويره ما يناسبه من مضامين فارسية مجوسية. فالزنا والإباحة المجوسية: (متعة). وأكل أموال الناس بالباطل: (خمس) و(حقوق شرعية). وتأليه البشر وعبادة (رجال الدين): (إمامة). والفتن وتحليل دم المسلم والاغتيال السياسي: (جهاد)…وهكذا ! الكذب تسعة أعشار دين الفرس أما الكذب - الشعار القومي للفرس فأطلقوا عليه اسم: (التقية)، وجعلوه تسعة أعشار الدين!وقالوا: جعفر الصادق يقول ذلك()! ولا أدري كيف ينسب للصادق تقديس الكذب إلى هذا الحد! وعن محمد الباقر أنه قال: (التقية من ديني ودين آبائي. ولا إيمان لمن لا تقية له)(2). ولا شك أن هذا هو دين العجم وإيمانهم الذي دفعهم للقيام بأكبر عملية تزوير للدين في التاريخ كتاباً وسنة وأحكاماً. وللتاريخ أيضاً! وليس هو دين الله رب العالمين عقدة اللؤم (نكران الجميل) المتشيع فارسياً شخص لئيم. لا سيما من تمكن منه هذا التشيع فقضى على جميع العناصر الفطرية الطيبة في داخله. فهو لا يعرف الوفاء، والجزاء على الإحسان بالإحسان. إن له ذاكرةً لا تلتقط إلا إساءة من أساء إليه. وإذا ألجئ أحدهم إلى تذكيره بالإحسان بادر إلى إنكاره وجحوده. واللئيم عادة ما يقصد بالإساءة من أحسن إليه. جذور اللؤم تستند هذه العقدة - في نشوئها – على عقدة الشك والتوجس. والمصاب بمرض الشك يفسر كل شيء على غير ما يظهر عليه. إن لكل تصرف ظاهر عنده مقصداً باطناً، ونية مخبوءة، هي التي تحرك المقابل، وتدفعه إلى ما تدفعه إليه. ولهذا - وبسبب عقدة الشك عند (الفارسي)- فإن الإحسان لا يجدي مع الشيعة نفعاً. رغم أن المرء مجبول على حب من أحسن إليه. إلا (الفارسي) لشكه، وتوجسه، ووجود عقد أخرى تتساند فيما بينها - كالدونية وعقدة النقص - فهو لئيم يكره من يحسن إليه، يسيء به الظن، ويعتقد أنه بذلك إنما يريد إذلاله! أو يبتغي به منفعة ذاتية يتخذه وسيلة إليها. فهو كما قال الشاعر: إذا أنتَ أكرمتَ الكريمَ ملكتَهُ وإنْ أنتَ أكرمتَ اللئيمَ تمردا فإذا لنت معهم بالكلام قالوا: ضعيف. وإن أحسنت إليهم قالوا: متملق. وإن أعلنت بالاخوة قالوا: ماكر مخادع. وإن تقربت منهم قالوا: كيد وخطة مدبرة! وهي أخلاقهم (يسقطونها) على الآخرين ! ولا أرى سيدنا علياً عنى غيرهم حين قال: "عجبت لقوم إذا أكرمتهم احتقروك، وإذا احتقرتهم أكرموك"! إنكار الإحسان وانقلاب آثاره وإذا استقرينا التاريخ فقد لا نجد أحدا أحسن إلى الشيعة كما أحسن إليهم الخليفة العباسي المأمون بن الخليفة الرشيد حتى أفضى بولاية العهد إلى العلوي علي بن موسى ولقبه بـ(الرضا) حتى صار علماً عليه، وزوجه ابنته! لقد كلف هذا الأمر - نقل الخلافة من البيت العباسي إلى البيت العلوي - تضحيات جسيمة وخسائر فادحة كادت أن تودي بملكه إذ ثار عليه العرب في بغداد، وبايعوا بدله عمه إبراهيم خليفة للمسلمين ، واستمرت الحروب بينهما سنتين أزهقت فيها آلاف الأنفس! لم يكن المأمون مضطرا إلى هذه المغامرة. فليس من قوة أجبرته على ذلك وجعلته يتحمل في سبيله ما تحمل. وقد كان في استطاعته أن يعزل علياً ويحبط محاولة عمه الذي ثار معه العرب في العراق جميعاً. لكنه ظل وفياً بعهده حتى تغلب عليه واستقرت له الأمور. ويشاء الله تعالى أن يموت ولي العهد وصهر الخليفة وابن عمه علي بن موسى الرضا حتف أنفه. فكيف تعاملت العقلية (الفارسية) المعقدة مع الحدث؟ قالوا: لقد مات مسموماً، والذي سمه المأمون! واخترعوا قصة عنقود العنب المسموم الذي قدمه له المأمون بنفسه. ثم صاروا يجسدون هذه الأسطورة على شكل صورة تجمع بين المأمون وعلي هذا في قصر الخلافة الفاره: المأمون يقدم العنقود لعلي، وعلي ماد يده إليه. والصورة منتشرة جداً، تعلق في البيوت والمقاهي والمطاعم والمحال العامة! ولم يكسب المأمون من عنائه وجهوده التي حرقها في خدمتهم سوى اللعن والطعن وتشويه السمعة! وهذا شأنهم مع كل حاكم من غير ملتهم ، مهما تقرب إليهم ، ومهما تسامح معهم وخدم قضيتهم وعمّر مزاراتهم ومشاهدهم وقام بعمارتها وزيارتها! ماذا كسب صدام حسين من وراء ذلك؟ وماذا جنى ابنه عدي الذي سخّر جريدته (بابل) لنشر ما لم يحلم الشيعة بنشره من عقائدهم وأفكارهم؟ بل نشر لهم على صفحاتها تباعاً كتباً كاملة، واحد منها كتاب المراجعات! حتى قال عنه كثير من المراقبين: إنه تحول إلى مذهب الشيعة، وصار شيعياً ! النتيجة الوحيدة التي خرج بها هي اللعن على رؤوس الملأ، والوصم - أو الطمغة الجاهزة لكل مخالف – بالطائفية. ولم يحصل على كلمة واحدة منصفة - لا أقول: كلمة مدح أو ثناء - من أحد منهم! وقد كانوا هم أنفسهم يكيلون له في حياته من ذلك بالأطنان! بل ولا كلمة رحمة حتى بعد موته قتيلاً على أيدي المحتلين1. بينما كان صدام حسين إذا ذكر عدوه الخميني يترحم عليه، ويقول: نحن العرب من عادتنا الترحم على الميت من أي جنس كان. حسن العلوي كان السكرتير الصحفي لصدام حسين، وهو محسوب على التيار العلماني القومي، وعلى (المعتدلين) من الشيعة. وله كتاب – كما أخبر هو – عن مآثر عمر بن الخطاب. يقول في كتابه (الشيعة والدولة القومية): ظهر في إحصائية مودعة بوزارة التخطيط أواخر السبعينات، أن (80%) من حملة الشهادات العليا في الفروع العلمية، كانوا من أبناء الشيعة. انظر إليه كيف تأبى عليه عقدة اللؤم إلا أن يفسر هذا بما يتناسب مع عقدته الموروثة! يقول: إنها ردة فعل من الشيعة على سياسة التمييز الطائفي1!! هل نسي هذا العلوي أن أغلب – إن لم يكن كل – الصحفيين الذين كانوا يحيطون بصدام هم من الشيعة؟ وكان هو واحداً منهم، بل على رأسهم. وكان مقرباً جداً من الرئيس2. موسى الصدر مؤسس حركة (أمل) الشيعية في لبنان أحد الأمثلة التي لا تخطئ على اللؤم الشيعي الفارسي. لقد استطاع هذا السفاح أن يقيم علاقة وثيقة مع حركة فتح - ذات الخلفية السنية، فقامت بتدريب وإعداد الجناح العسكري لحركة أمل! ودعمها بالسلاح وتقديم الخدمات لها!وقد استفادت الثورة الخمينية من الكوادر التي تدربت في لبنان في ترتيب أوضاعها بعد الانقلاب على الشاه! لكنه ما إن تمكن وصار في غنى عن منظمة التحرير، وبدأت تعلن المصالح المختلفة أساساً عن نفسها حتى بدأ يهاجم – وبصورة شخصية – المنظمة. ولم يتوان عن استعمال أخس الأساليب في محاربتها، ومحاولة اجتثاثها. مثل اتهامه لها بالعمل على قلب الأنظمة العربية الحاكمة وعلى رأسها النظام اللبناني! ودعا الأنظمة إلى مواجهة الخطر الفلسطيني! كما نقلت ذلك وكالة الأنباء الفرنسية في 12/8/1976، ونقلته أيضاً بعض الصحف اللبنانية! ما جعل ممثل منظمة التحرير في القاهرة يصدر تصريحاً يندد فيه بمؤامرة الصدر على الشعب الفلسطيني. كما لم يخجل الصدر من القول: لسنا في حالة حرب مع إسرائيل والعمل الفدائي في الجنوب يحرجنا! ولم يكتف الصدر وشيعته بذلك، وإنما أخذوا يطالبون بوقف العمل الفدائي، وإخراج الفلسطينيين من الجنوب. ومن أجل ذلك وقعت صدامات ونظم الشيعة إضراباً عاماً في صيدا وطالبوا بإخراج المنظمات المسلحة من الجنوب! وكان الصدر أول من طالب بقوات طوارئ دولية تتمركز في الجنوب، زاعما أن لبنان في هدنة مع إسرائيل، ولا يجوز أن يخرقها الفلسطينيون، وعندما جاءت قوات الطوارئ نجح في أن تكون نسبة كبيرة من هذه القوات من إيران. وتعاون معظم زعماء الشيعة في الجنوب مع اليهود وصنيعتهم سعد حداد. كما يفعلون اليوم في بغداد! التاريخ القديم وتاريخ إيران القديم - والحديث - مليء بالشواهد! (1) أعطت الحكومة العراقية الأولوية القصوى بين اللاجئين السياسيين المتواجدين آنذاك في العراق للخميني وحاشيته وسهلت لهم العيش والحياة وزودت كثيرا منهم بالجوازات العراقية بعد أن حرمهم الشاه من هويتهم الإيرانية فسهلت له التنقل بين البلاد والاتصال بالعباد . (2) خصصت وزارة الإعلام للخميني قناة خاصة في القسم الفارسي بإذاعة بغداد كان يبث منها ما يتصل بالخميني ونضاله ضد الشاه. وكان المذيعون فيها جماعته والمنتسبين إليه. وكان يذاع منها برنامج يومي اسمه (النهضة الروحية). (3) كان مصطفى بن الخميني على اتصال وثيق بالحكومة العراقية. وكان يجري الاتصال بأركان الدولة مباشرة، أو عن طريق المرحوم جنرال بختيار. ويطلب المساعدات المختلفة لجماعة أبيه. وكانت طلباته لا ترد. (4) كانت الجهات المعنية بشؤون التدريب العسكري تدرب جماعة الخميني خارج مدينة النجف. وكان ممثل الخميني لدى الحكومة للإشراف على التدريب هو الشيخ يزدي زاده الموجود حاليا في إيران. وكانت الحكومة تعطي لهم المال والسلاح. (5) كان الخميني يستقبل شخصيات كبيرة في الدولة . وكانت أحاديثه معهم هـي التعبير عن الشكر والامتنان للحكومة، مع الدعاء لها بالتوفيق والتسديد. (6) كان الخميني يقدم الرجاء إلى الرئيس العراقي في القضايا المتعلقة به، وكان رجاؤه يقبل حتى في المناسبات الخطيرة. كما جدث ذلك في عام 1970 عندما حكمت محكمة الثورة على السيد حسن الشيرازي بالإعدام لاتهامه بالتجسس لصالح دولة أجنبية. وكان هذا الشخص محسوباً على الخميني، ومن حاشيته. فكتب رسالة بخطه إلى الجنرال تيمور بختيار الموجود آنذاك في بغداد يطلب منه نقل رجائه إلى الرئيس صدام الحسين الذي كان آنذاك نائبا لرئيس مجلس قيادة الثورة، يطلب الرحمة والعفو عن المتهم. فقبل رجاءه وعفى عن الشيرازي. وأطلق سراحه بعد شهرين. الأمر الذي لم يحدث له نظير من قبل . (7) عندما توفى ابنه مصطفى قدم الخميني رجاء إلى الرئيس العراقي يطلب إصدار الأمر بدفن ابنه (بصورة استثنائية) في الروضة الحيدرية، الأمر الذي كان ممنوعا بقرار من مجلس قيادة الثورة. ورفع الخميني هذا الرجاء عن طريقي، فرفعته إلى الرئيس العراقي عن طريق وزير الأوقاف. فقبل الرجاء، ودفن ابنه حيثما أراد الخميني . (8) كان أحمد ابن الخميني يقدم الرجاء إلى الحكومة يطلب حماية أبيه من اغتيال السافاك، فكانت الحكومة تجند لحماية الخميني رجالها، وبالتنسيق مع أحمد. وعندما غادر الخميني العراق إلى الكويت، ولم تسمح له السلطات الكويتية بالدخول إلى أراضيها بقي في الحدود الكويتية حيران لا يدري ماذا يفعل؟ فعلمت حكومة العراق بذلك، فوافقت على عودته إلى العراق. وقيل له عندما وصل إلى بغداد أنه يستطيع العودة إلى النجف والعيش فيها إذا شاء على شرط أن يحترم قوانين العراق. وبعد كل هذا ليت شعري كيف يبرر الخميني والخمينيون حربهم مع العراق؟! وكيف يبررون هذا الموقف العدائي لهذه الدولة التي أكرمتهم؟1 والتاريخ يعيد نفسه. فكذلك فعل كسرى (برويز) من قبل مع (النعمان بن المنذر) الذي احتضن والده (المنذر بن النعمان) جد كسرى المذكور (بهرام بن يزدجرد) فقام بتربيته ورعايته ولما مات أبوه (يزدجرد) أراد عظماء المملكة حجب الملك عنه فجهز (المنذر) عشرة آلاف (وقيل ثلاثين ألف) فارس من فرسان العرب وذوي البأس والنجدة بقيادة ابنه (النعمان) ووجههم إلى (طيسفون) أو (المدائن) مما جعل الفرس يذعنون للأمر ويتوجون (بهرام) ملكاً عليهم . فماذا كان الجزاء ؟ قتل حفيده (برويز) (النعمان بن المنذر) وسلبه ملكه!(2) وفي الوقت الذي يحاول الإيرانيون نكران فضل الحضارة العربية عليهم بشتى الطرق والأساليب ومنها اعتبار بعض الشخصيات العربية المفكرة ذات أصل فارسي نجد الشعب الأسباني – مثلاً - لا يزال إلى اليوم يعترف بفضل الحضارة العربية عليه بصراحة وفخر(3). التاريخ القريب وآخر ما عبرت به هذه الخصلة الذميمة الصيحات الشيعية العالية المتكررة في العراق التي تتهم العرب بلا استثناء بـ(تواطئهم مع النظام السابق، وسكوتهم عن ظلمه للشيعة، وعدم إعانتهم أو الدفاع عنهم). ولكل واحد يسمع هذا أن يقول: كم من دولة عربية شاركت – بالموقف السلبي أو الإيجابي - في العدوان الأخير على العراق، الذي يسميه الشيعة تحريراً لهم؟ وهل كان بالإمكان تحقيق هذا (التحرير) التاريخي للشيعة، والذي أسفر عن وصولهم إلى قمة السلطة، لولا التسهيلات العربية؟ من أين دخلت جيوش (الفتح والتحرير)؟ أليست من أراض عربية؟! وكم دولة عربية آوت مجاميع الخونة الشعوبية الذين أسموا أنفسهم بـ(المعارضة)، وقدمت لهم الدعم المادي والمعنوي؟ كيف يمكن أن ينكر دور سوريا في إيوائهم، وإعانتهم؟! ومن العجيب أن الحكومة الشيعية الحالية في العراق، إذا حدت أمريكا أسنانها على سوريا، حدت تلك الحكومة سكاكينها وحرابها واندفعت أمامها في اتهام سوريا العربية. لكنها تصمت صمت القبور إذا تعلق الأمر بإيران الفارسية!ليس تعلقهم بإيران لأنها ساعدتهم، والعرب لم يساعدوهم. كلا ! الأمر أعمق من هذا. أين ذهبت مئات الملايين الدولارية التي أنفقتها دول الخليج على آل الحكيم وغيرهم من الزمر الشعوبية؟ كل هذا وغيره قدمه (العرب) للشيعة ومع ذلك يتهمونهم بكل وقاحة ولؤم ونكران جميل بأنهم لم يقفوا معهم، بل ساعدوا على ظلمهم!!! يقول د. موسى الموسوي عن الخميني : (إن أحد أقربائه المتصلين به سألني يوماً هل تذكر يوم كنا في بيتك مع الخميني وتغدينا على مائدتك؟ قلت: نعم. إنه كان في عام 1955 وعندما كنت مقيماً في طهران. فأضاف محدثي معلقاً: فإذا كان صحيحاً ما سمعناه عن أيام إقامته في العراق، ومن أنه كان يطلب منك العون في بعض الحالات، فكن على حذر منه؛ فإنه سيقتلك إذا ظفر بك؛ لأن الخميني يحقد على شخصين، ويريد أن يزيحهما من الوجود إذا استطاع : شخص أساء إليه ، وشخص أحسن إليه ؛ لإنهما يذكرانه بأيام ضعفه، وهو لا يريد أن يذكر تلك الأيام، حتى ولو كانت له. وقد ثبت لي صحة هذا الكلام بعد أن قتل الخميني الجواهريان ودستمالجي، وكلاهما من أخلص المخلصين له، وكانا قد قدما له عشرات الملايين لنجاح ثورته عندما كان في العراق وفي باريس... كما أن قتل الشباب المجاهدين الذين على أكتافهم وبنضالهم وصل إلى سدة الحكم، وحربه مع العراق الذي آواه وأسنده وقدم له العون طيلة 15 عاماً خير دليل على سداد رأي الرجل وسداده). هكذا تجد الشيعي – إلا من رحم - في كل مكان هو هو، مهما اختلفت بيئته، وتنوعت ثقافته؛ لأن العقيدة والتربية واحدو. فالمهجرون من الشيعة في جنوب لبنان، حينما آواهم أهل السنة في قراهم رفضوا الدخول إلى أي مدرسة أو مسجد يحمل اسمًا لصحابي جليل أو زوجة من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، ورفضوا أيضًا قبول المساعدات التي تحمل اسمًا أو شعارًا لأهل السنة، لا سيسما من المملكة العربية السعودية. ومن قبلها منهم تحت وطأة الاضطرار مزق الاسم والشعار معلناً أن مال المملكة مال خبيث! بيت العنكبوت ومن مظاهر اللؤم وعدم الوفاء تآمر البيت العجمي على نفسه. البنت تكيد لأمها، والولد لأبيه كي يحُل محَله. فحين يكبر الولد في إيران كثيراً ما يبذل قصارى جهده كي يثبت قانوناً أن أباه خرف، أو مريض عقلياً؛ ليطبق في حقه قانون الحجر على أموال السفيه، فيتسلمها ولده من بعده، ويكون مصير الوالد دار العجزة أو مستشفى الأمراض العقلية. وهذا التصرف اللئيم مقتصر على العجم حصراً؛ ولهذا لا تجد في دار العجزة التي في الأحواز عربياً واحداً؛ فليس اللؤم من شيمة العرب. شواهد من واقع المجتمع المستعجم وقد صادفتنا في تعاملنا مع المجتمع الشيعي المستعجم حالات غريبة جداً للؤم ونكران الجميل! في إحدى نواحي محافظة بابل كان لي صديق يشغل وظيفة إمام وخطيب المسجد السني الوحيد في الناحية. انعقدت علاقة بينه وبين شاب من جيران المسجد، لا زال يدرس في إحدى الكليات، فقير الحال، ترك له والده مسؤولية العائلة وفارق الحياة. وقد أرهق كاهله الجمع بين الدراسة والقيام على شأن العائلة. فكان صديقي الشيخ كثيراً ما يعينه، ويشكو حاله عند أهل الخير ليجمع له بعض المال ليواصل المسير. ويخبرني الشيخ يوماً أن لصوصاً سرقوا بيت الشاب، فلم يتركوا له غير الجدران! وقد تبرأ منه أعمامه وأقاربه، ولا يدري ماذا يفعل؟ وفكرت طويلاً حتى هداني الله فذهبت إلى أخوال لي في إحدى قرى اللطيفية، وشرحت لهم الحال فتأثروا لما قلت. وعدوني خيراً، وأمهلوني عدة أيام. وحين رجعت إليهم في الموعد المضروب وجدتهم قد جمعوا له أثاثاً كاملاً كانت السيارة التويوتا البيكب تنوء بحمله، ويفيض عنها، ليس في بيت أحد منا أثاث مثله! وذهب معي في سيارته أحد أخوالي وهو وجه قومه، إلى تلك الناحية التي تبعد عن بيته أكثر من مائة كيلومتر. وكان بيده ينزل الأغراض إلى داخل الحجرات! كذلك كان الشيخ وأنا معهم. كان موقفاً مؤثراً سالت له دموع والدة الشاب الذي كان ساعتها ينظر متعجباً ومبهوتاً مما يرى! ومرت بضع سنوات ليعتقل الشيخ في ليلة ظلماء. وبعد البحث والتنقيب توصلنا إلى أنه معتقل لدى جهاز المخابرات في بغداد في البناية المعروفة بـ(الحاكمية). قضى الشيخ في المعتقل تسعة أشهر في تهمة كاد أن يدفع لها حياته، لولا أن منّ الله تعالى عليه ببعض الخيرين من ضباط الجهاز الذين تفهموا موقفه ولملموا القضية لينقذوه من حكمها. هل تعلم من الذي وشى به وكتب التقرير الأصفر إلى الجهة المذكورة مع الوثيقة الدامغة بخط الشيخ؟ هل تصدق إذا قلت لك: إنه ذلك الشاب الذي كان الشيخ يحسن إليه سنين عدداً !!! وقد رأينا من خلال التجربة في المناطق الجنوبية أن الشك وسوء الظن ، كثيراً ما يفسد العلاقة بين المعطي المحسن وبين المعطى إليه. مثلاً طالب العلم يرسله الشيخ للدراسة في مدرسة من المدارس الدينية أو غير الدينية. ومن باب عمل المعروف ولحاجة الناس يقوم الشيخ على شؤون الطالب المادية. ويبذل في ذلك ماء وجهه وهو يدور على هذا وذاك يستجدي إحسانهم من أجل هذا الطالب وغيره من أمثاله. لكن الطالب هذا يتوهم في نفسه – وكذلك أهله – أن الشيخ مرتبط بجهة ما في هذا الكوكب تزوده بالمال حسب عدد الطلاب، وأنه يتقاضى منها راتباً لقاء جهده هذا، وأنه لولا انتفاعه لما فعل ما فعل. ولا بد أن له مقاصد الله أعلم بها من وراء حرصه هذا غير المفهوم وسعيه المحموم وراء الطلاب وتجميعهم والصرف عليهم. وهكذا تنقلب الأمور ويمسي الطالب هو المحسن، والشيخ متلقٍّ لإحسانه. لا بد أنه كنز ثمين فعليه أن يحرص عليه، وإلا تركه إلى سواه! لقد تولد عنده شعور خطير ألا وهو أن هذا المال حق من حقوقه يجب عليك أداؤه له، وأنك ملزم بذلك تجاهه فيكون الأساس الإيماني قد انتفى وحل محله شعور بأنك تشتري - وهو يبيع - ولاءه لك بهذا المال. ويشعر كذلك بأنه يعطيك مقابل ما يأخذ، حتى لو كان هذا المقابل وهماً أو شيئا مبهما لا يستطيع التعبير عنه، وأن هذا العطاء المتبادل شخصي لا ديني: فأنت تعطيه مالاً يستفيد منه مقابل شيء تستفيد منه أنت يحققه هو لك، أقله أنه صار من أتباعك! فإذا قصرت أو قطعت ما كان موصولاً لأي ظرف أو سبب شمخ بأنفه وثنى بعطفه! ثم استطال لسانه ليدخله فيما لا يحل! وساءت الظنون وبدأت الطعون، وعدت مذموماً مخذولاً ! وهكذا تسهم عقدة الشك في تنمية وتغذية عقدة اللؤم ونكران الجميل. شاهد من عصر التغول الشيعي في العراق على موقع (الرابطة العراقية) وفي يوم (11/4/2007) كتب أحد المنكوبين باللؤم الشيعي يروي قائلاً: (في صباح يوم مشؤوم استيقظنا على صوت عيارات نارية قريبة منا! نزلت من الطابق العلوي، وإذا بي أسمع أن جارنا (م) قد اغتيل أثناء ذهابه إلى عمله بالقرب من محلتنا. وجدت أن أخي أحمد (العريس الذي زف إلى عروسه قبل أربعة أيام فقط) قد خرج إلى الشارع الرئيس مع بعض الجيران، وهم يحاولون إنقاذ جارنا، ونقله إلى المستشفى. لكنه سرعان ما فارق الحياة. رجع أخي أحمد إلى البيت وكان متأثر جداً، وذهب إلى أمي - التي ما تزال نائمة - ليخبرها بنبأ مقتل جارنا ويقول لها بكل بساطة: (لأن جارنا السيد م رجل طيب فقد قُتل). فنهضت أمي مسرعة وذهبت إلى بيت جارنا. وبدأت بالضرب على رأسها والنواح والبكاء. وتجمع أقارب جارنا وإخوته، وانقلبت الدنيا لمقتله وقامت ولم تقعد. لم تتأخر الجنازة كثيراً في المستشفى؛ لأن أخا المقتول يعمل في وزارة الصحة؛ لذلك ما إن وصلت الجثة إلى المستشفى حتى تسلموا تصريح الدفن، ورجعوا بالجنازة إلى البيت. وكان الجميع بانتظارهم، ومنهم أخواي (أحمد ومصطفى). وعندما خرجوا بالجنازة من البيت كان إخوتي يحملونها مع الآخرين على أكتافهم، حتى أوصلوها إلى الشارع، ليضعوها على السيارة. وقد امتلأ الشارع بالمسلحين والسيارات نوع مونيكا. بدأ المسلحون بإطلاق العيارات النارية على الناس عشوائياً؛ ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص. ثم أخذوا يرمون الرصاص باتجاه الأرض ليفرقوا الناس. وإذا بسيارتين مظللتين جاءتا مسرعتين وقد كانتا متوقفتين أمام بيت جارنا. ونزل منها شباب مسلحون، سألوا: من منكم سني؟ فأشار شخص - وهو أحد جيراننا الشيعة، وصديق لإخوتي - على أخي أحمد الذي كان واقفاً جانباً بعد أن أوصل الجنازة إلى السيارة. فهجم المسلحون على أخي وقاموا بضربه بقوة وأصعدوه إلى السيارة. لقد تبين أن هؤلاء المسلحين من فيلق بدر، كم تبين أن جارنا (الطيب)!! هو أحد قياديي الفيلق!! في أثناء خطف أخي أحمد كان أخي الأصغر مصطفى قد عاد إلى البيت، وتركه هناك مع المشيعين. وعندما سمع بما جرى لأخيه جن جنونه، وأغمي عليه! لكنه أفاق بعد لحظات، ليأخذ مفاتيح السيارة العائدة لأخي أحمد. لم تنفع توسلات أمي ولا توسلات زوجته، في منعه من اللحاق به. وكذلك حاول بعض الحضور، لكنه أفلت من بين أيديهم وذهب بالسيارة مسرعاً ولحق بالخاطفين عند حسينية (الأئمة) المشهورة في حي العامل. لم يدر أن المجرمين كانوا بانتظاره؛ لقد علموا عن طريق الموبايل من جواسيس منطقتنا بأن مصطفى قد لحق بهم، وما إن وصل إليهم حتى قاموا بالهجوم على السيارة وأنزلوه إلى داخل الحسينية. لم يحرك جيراننا أهل المقتول ساكناً، ولم يتدخلوا لانقاذ أحمد ومصطفى، ولم يقولوا لهم: إن هؤلاء جيراننا، ولا ذنب لهم فيما جرى. بل تواطأوا معهم بسكوتهم على الجريمة. ولم يكتفوا بواحد، وإنما قتلوا أخويَّ كليهما! وقد قاموا بتعذيبهما بواسطة المثقب الحديدي (الدريل) والمنشار الكهربائي (الكوسرة). ثم أطلقوا عليهما الرصاص. ورموهما فوق جنازة جارنا القيادي في فيلق بدر. ثم قاموا بخطف أربعة شباب من السنة أيضاً - وذلك قبل أن تتحرك الجنازة – وقتلوهم، ورموهم فوق الجنازة. ثم تحركوا بعدها. لقد وقف أخوتي إلى جانبهم، وشاركوهم مصيبتهم، وحملوا الجنازة معهم على أكتافهم. وفضل أخوتي من قبل عليهم لا يعلمه إلا الله! فنحن نطبق حديث نبينا محمد وهو يوصينا بالجار ولكن ماذا كان الجزاء من جارنا؟! ملاحظة/ لم يكتف جيراننا بقتل أخوتي دونما ذنب، وإنما كتبوا على دارنا - بعد خروجنا منها – (الدار لا يباع ولا يؤجر) |
#11
|
|||
|
|||
عقدة التحلل اشتهرت شعوب كثيرة بالفساد الخلقي والإباحية، لكن الشعب الوحيد - على ما يبدو- الذي أطّر فساده بالدين، وأعطاه مشروعية دينية هو الشعب الإيراني، ومنذ أقدم عصور التاريخ. فالزرادشتية تبيح زواج الابن بأمه والأب بابنته والأخ بأخته!(). والمزدكية تقول باشتراك الناس في الأموال والنساء وأصبحت دين الدولة الرسمي في عهد الملك قباذ الأول عام 488م. يقول ابن النديم: (وصاحبهم القديم مزدك أمرهم بتناول اللذات والانعكاف على بلوغ الشهوات والأكل والشرب والاختلاط وترك الاستبداد بعضهم على بعض ولهم مشاركة في الحرم والأهل لا يمتنع الواحد منهم عن حرمة الآخر ولا يمنعه)(). والخرمية - وهي ديانة متطورة عن المزدكية، وتعني بالعربية دين الفرح - تمتاز بالإباحية العامة(). ولعل هذا ما جعل هؤلاء يأتون هذه الرذائل دون أن يدركوا – ربما – أنهم يقترفون منكراً من الفعل، أو يرتكبون منهياً في حكم الشرع أو الخلق العام، كما قال تعالى في أمثالهم: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ*أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ) (البقرة:12،11). ومن هنا يمكن إطلاق وصف (العقدة) على هذا المرض الخلقي الوبيل. الرذيلة هي العلامة الفارقة تسللت هذه الرذائل متسترة بالدين إلى جميع الفرق الباطنية التي انتسبت للتشيع. مثل الواقفة الذين وقفوا بالإمامة على موسى بن جعفر. وهم اتباع محمد بن بشير وقد قالوا بإباحة المحارم والفروج والغلمان وترك الفرائض(). والخطابية أتباع أبي الخطاب الأسدي بالولاء الذين يبيحون المحارم من الزنا واللواطة والسرقة وشرب الخمر وشهادة الزور وترك الفرائض(). والمنصورية اتباع أبي منصور العجلي بالولاء ، وقد استحلوا المحارم ونكاح الأمهات والبنات() . والنصيرية أتباع محمد بن نصير النميري بالولاء الذي قال بألوهية الحسن العسكري وادعى النبوة وحلل المحارم ونكاح الرجال. ويروي بعضهم أنه رآه وغلام على ظهره() . إن التشيع أو التشيع الفارسي ليس إلا حالة متطورة لهذه الفرق التي كان أحد أسباب اندثارها، وعدم قدرتها على الصمود والاستمرار، وضوحها وعلنيتها؛ بسبب قلة خبرتها في ذلك الزمن وتخبطها في تجاربها. استبطان التشيع الاثني عشري لرذائل الفرق الباطنية كلها يخطئ من يتصور أن هذه الفرق بادت وانتهت حقيقة. كلا فإن كل الذي حصل هو أنها صارت تستفيد من التجارب والأخطاء لتكون أكثر باطنية. وتغلف مقاصدها لتظهر باسم التشيع لأهل البيت أو الأمامية أو الاثني عشرية. وهو ما نطلق عليه اسم الرفض أو التشيع- وقديسمىبالتشيع الفارسي-الذي يعتبر حالة متطورة جداً عن تلك الحالات البدائية الأولية. إنإباحيةالجنسوالمالفيالديانةالمزدكيةوالخرميةوغيرهامن الديانات الفارسية القديمة ظهرت عندالإماميةبشكلمقبول مؤطر باسم شرعي، ويمكن ربطه ببعض الألفاظ القرآنية. أما إباحية المالفظهرتباسم(الخمس)و(الحقوقالشرعية)وماشابه.وأما الإباحية الجنسية فظهرت باسم (المتعة) التي تغني صاحبها وتعوضه عن أشد حالات التحلل والفساد الجنسي. والتي هي تقليد زرادشتي قديم. تقول د. شهلا حائري وهي حفيدة المرجع الديني الإيراني آية الله حائري: (عند الزرادشتيين يحق للزوج أو رب العائلة إعطاء زوجته أو ابنته من خلال إجراءات رسمية رداً على طلب رسمي الى أي رجل من قومه ، يطلبها كزوجة مؤقتة لفترةمحددة. وفيهذهالحالة تبقى المرأة زوجة دائمة لزوجها الأصلي وفي الوقت نفسه تصبح زوجة مؤقتة لرجل آخر. وأي طفل يولد خلال فترة الزواج المؤقت يعود إلى الزوج الدائم أو لوالد المرأة وفقاً للحالة أما أخبار المراجع فحدث ولا حرج ! وأن المرجع الفلاني أهديت إليه شابة لكنه لكبر سنه وتقدم شيخوخته غير قادر على تلبية فطرتها، فتولى ابنه الشاب المهمة عنه فشيء عادي وعلى كل لسان ! ولا من مشكلة!وشهد بذلك شاهد من أهلها المعمم عباس الخوئي بن المرجع الشيعي المشهور أبي القاسم الخوئي. لقد تحدث عن فضائح أخلاقية حصلت في بيت الخوئي نفسه ومن قبل أقاربه الأدنَين. من ذلك السبب الذي جعل أباه يطلق زوجته والدة محمد تقي وعبد المجيد الذي قتله أتباع مقتدى عشية دخوله النجف مع (الإخوة) المحتلين. والتفاصيل موجودة في قرص ليزري.وقد ذكر فيه حكايات عن علمائهم ومراجعهم يخجل القلم من تقييدها. إتيان الذكور وللقوم ولع خاص بالشذوذ ونكاح الذكر أو الغلام. ولعل هذا هو السبب وراء انتشار اسم (غلام) بينهم. وقد تحدث عباس الخوئي عن تفشي اللواطة بين علمائهم! ثم عقب قائلاً : المشكلة ليست في هذا، المشكلة حين يصير الملوط به مرجعاً، وقد حصل!!! التقيت بعض الأحوازيين فإذا هم يحدثوننا الحديث نفسه! حدثونا عن حي في مدينة أصفهان اسمه (سَي وسَه ﭙُل)، هو عبارة عن مركز دعارة علني متخصص بمارسة اللواطة!وذلك تحت سمع وبصر حكومة دولة إيران (الإسلامية) دون أي تضييق أو محاسبة!! ومن المعتاد أن يسأل سائق التاكسي أثناء الطريق من يستأجره إلى ذلك الحي: كم تريد عمر الغلام: 10 سنوات،11،12؟! كما أن كثيراً من مدرسي الحوزات لا يتزوجون قبل الأربعين، فإذا سألت أحدهم كيف لك أن تعيش من دون زواج؟ يضحك ويجيب: "عايشين على... وعلى الطلاب" (كبرت كلمة تخرج من أفواههم وحدثني أحد الأقارب – كان يسكن الديوانية في الجنوب العراقي – له جار يدرس في إحدى مدارس الحوزة النجفية. يقول: لفت نظري أن جاري هذا يذهب إلى النجف صباحاً ويعود مساء كل يوم. فسألته: لماذا لا تبيت في القسم الداخلي للطلبة؟ فأجابني: لاأدريماذا أقول لك؟! هل تصدق أن ثلاثة أرباع الطلبة يمارسون اللواطة مع بعضهم بعد انتهاء الدوام؟! وإليكهذه العجيبة – وهيمفردةيومية من مفردات حياة كثير من معممي الشيعة –حدثني من لا أتهمه، قريب وصديق لي يعمل في استيراد السيارات. يقول: رأيت شاباً شيعياً من أهل مدينة العمارة في الجنوب العراقي، كان يبحث عن عمل في (المنطقة الحرة) في (عدرا) بسوريا. اتجه بنا الحديث إلى أن قال هذا الشاب: لي صاحب يسكن قريباً مني في حي السيدة زينب، وكنا نبحث عن عمل فلا نجد. مرت الأيام سريعة، فلاحظت تغيراً على صاحبي في ملبسه ومأكله، وجيبه! قلت له: يظهر أنك وجدت عملاً؟! قال: نعم. قلت: ألا يمكن أن تشركني فيه؟ قال: لا ينفعك، ولا تقدر عليه. قلت: أخبرني عن هذا العمل؟ ما طبيعته؟ قال: دعه، لا تسل عنه (!). وألححت عليه، وكان بيني وبينه علاقة حميمة وميانة. فقال بعد تلكؤ وتردد: تعرفت في هذه المنطقة على معممين شيعيين اثنين مأبونين، أزور كلاً منهما مرة في الأسبوع... وأحصل من ورائهما على مبالغ محترمة. وقد انسحب هذا الولع على علاقتهم الزوجية فتاوى أجمعوا بها على جواز ممارسةالأسلوب نفسه مع الزوجة. على أن بعضهم يغلف فتواه بالكراهة التي هي مجرد كلمة لا أثر لها عند الفعل. ويشيع في الوسط الإيراني نكاح المحارم الذي انتقل بالحث والعدوى إلى جميع المجتمعات التي تدين بالتشيع. إن أشد المجتمعات تديناً بالتشيع، أشدها ابتلاء باللواط ونكاح المحارم والشذوذ الجنسي. والنجف مثال! وقد كان في سجن أبي غريب على عهد النظام السابق، ومن مدينة الثورة فقط معقل (جيش المهدي)، التي صارت تسمى مدينة الصدر (8000) سجين بجريمة زنا المحارم. وقد روى لي الثقات أن أحد المحكومين بجريمة الشذوذ الجنسي شاب من مدينة العمارة الشيعية وعده أبوه بأن يزوجه من الفتاة التي يحبها إن هو رجع إلى الخدمة العسكرية. وحين رجع إلى بيته في الإجازة الدورية وجد أباه قد تزوج تلك الفتاة! فما كان منه إلا أن أمسك، ثم عراه من ملابسه، وربطه بقضبان الشباك، ثم قام بنكحه!!! هل سمعتم بمثل هذه الجرائم الجنسية، وتخيلتم صور شذوذها؟!!! وما كثرة الحديث عن هذه القاذورات في (الرسائل العملية) للفقهاء إلا انعكاس للواقع الاجتماعي الفاسد. فتاوى الفقهاء والعجيب أن الفقيه لا يهمه من جريمة مثل نكاح والد الزوجة وعمها وأخيها وأمها سوى صحة العقد من فساده، والسؤال عما إذا كان الفعل وقع قبل العقد أم بعده!! مع أنه يلقب نفسه بـ (الحاكم الشرعي) اللقب الذي يخوله حق التصرف بالأموال والأنفس والأعراض !. انظر مثلاً إلى ما يفتي به فقيه كبير لدى الشيعة كالخوئي: إذا تزوج امرأة ثم لاط بأبيها أو أخيها أو ابنها لم تحرم عليه كماأنعملية جنسية شاذة مقرفة لا يفعلها إلا شياطين، ينفذها ثلاثة مع بعضهم في وقت واحد (ذكر وأنثى وخنثى) لا تثير لدى الأخ الخوئي انتباهاً إلى شيء سوى التفكير في مسألة الغسل وعلى من يجب ؟! يقول الخوئي: لو أدخلت الخنثى في الرجل أو الأنثى مع عدم الإنزال لا يجب الغسل على الواطئ ولا على الموطوء! وإذا أدخل الرجل بالخنثى وتلك الخنثى بالأنثى وجب الغسل على الخنثى دون الرجل والأنثى!(). هذا في كتاب اسمه (منهاج الصالحين) ! ولا أدري ماذا يتضمن كتاب أكثر من هذا حتى يسمى عندهم بـ(منهاج الفاسدين) ؟!إن ن قوماً يجعلون شر أنواع الفساد ، وأكثره شذوذاً منهاجاً للصـلاح وسبيلاً للصالحين هم أفسد خلق الله، وأضلهم عن سواء السبيل. ولإدمان ذوات هؤلاء، وتطبعها بهذه الرذائل والنجاسات حتى صارت جزءاً لا يتجزأ منها، ومفرداتيوميةيتعاملون بهادونأن تثيرلديهم أدنىتحسس تجاهها تجدهم يتهمون، وبلا تردد، أشرف الخلق بمثلها. بدءاً بالصحابة الأخيار والذين تبوءوا الدار والإيمان، وشهد الله تعالى لهم بصدق النية وحسن الخلق ! حتى وصلوا بتهمهم إلى أطهر بيت على وجه الأرض - بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فاخترقوا حجابه ولاكوا بألسنتهم القذرة سمعة أزواجه أمهات المؤمنين، وهم يعوون كالكلاب ويطوفون كالذباب. إنها رذائلهم (يسقطونها) على غيرهم ولا يتصورون مدى وقع هذا الفعل على الطيبين الطاهرين حين تتهم رموزهم الطاهرة الزكية بهذه التهم الفارسية المزدكية التي لم يعرفها المجتمع العربي قبل ظهور التشيع، حتى قال أمير المؤمنين عبد الملكبنمروانرحمهالله: لولاماقصه الله علينا من أمر قوم لوط لما خطر في بالي أن ذكراً ينزو على ذكر!. من هذا الباب كثر ذكر المسائل الجنسية في كتبهم ورسائلهم العملية، وبأحط الألفاظ والأوصاف المرذولة. تذكر هذه الرسائل أعمالاً شنيعة يهتز لها العرش لا لشيء إلا لذكر الحيل والمخارج (الشرعية) للتحلل من إثمها! فتحس أن هذه الجرائم والرذائل ممارسات عادية قد أدمن الناس على فعلها ويمكن إتيانها أو ارتكابها بلا نكير لا من العلماء، ولا من غيرهم!. كل الذي يشغل الفقيه من جريمة، مثل اللواطة ، هو هل إن السؤال:أنا فتاة أبلغ من العمر 15 عام أبي متدين جدا وأنا ألبس الحجاب الكامل خارج المنزل والحمد لله ولكن أبي يقبلني كثيراً بين ثديي أو في فمي أو يأتي من خلفي ويحتضنني ويقبلني في نحري فأقول له أليست هذه الأفعال حرام فيقول لي إنها حرام إذا كانت بشهوة لكن أنا أفعل معك ذلك بعاطفة الأبوة وان الرسول محمد كان يقبل ابنته السيدة فاطمة في نحرها وبين ثدييها وفي فمها ويمص لسانها فهل الرسول كان يفحش في ابنته لا وإذا الرسول فعل ذلك فهذه رخصة لأي أب أن يفعل مع ابنته ذلك ويقول لي إنني لا ألمس العورة وهي القبل والدبر وكل ما ليس بعورة مصرح برؤيته أو لمسه أو تقبيله وأنه يفعل هذا من خوفه علي من إغراءات الشباب فالفتاة التي تسلم نفسها لأي شاب تكون مفتقدة لمشاعر الحب والحنان داخل المنزل. فهل ما يفعله أبي حلال أم حرام وإذا كان حرام كيف كان الرسول يفعل هذا مع ابنته السيدة فاطمة الزهراء وشكرا على هذا الموقع المفيد. الجواب:وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته إن فعل والدك جائز بالشرط الذي هو يقوله وذلك في قلبه ولا تظني به السوء. أهلا بكم. الاغتسال منها واجب أم على الأحوط !!. ويفرط في ذكر أمور يخجل حتى القلم من تسطيرها مثل: اللواط بوالد الزوجة أو أخيها أو عمها أو جدها، أو إتيان أمها وخالتها، ومصائب وبلاوي عمت وطمت وقال الغلام وحكى الأمرد وأدخل فأوقب )(1). تزعجني جداً الطريقة التي يتعامل بها بعض رموز أهل السنةمراجع الشيعة، يلقبون الواحد منهم بـ(سماحة السيد)، ويتقدمون إليه بأن يتعاون معهم في سبيل نصرة الدين والدفاع عن الوطن، ويرسلون إليهم الوفود لحل القضايا، فلا يرجعون منهم بشيء! كيف لا؟ وهؤلاء – إلا أقلهم - بهذا المستوى! وماالكبرياء التي يتظاهرون بها إلا غطاء يتعوضون به عما هم فيه من نقص وانحدار؛ فلا ينفع مع صنف كهذا إلا الازدراء والتعامل بفوقية تجعلهم يدركون أننا أكرم مما يتوهمون، وأن خباياهم مكشوفة وليست خافية علينا كما يتصورون. عقدة الاستعراض لا زلت أذكر – ومنذ أكثر من ربع قرن! - شخصاً كان سكيراً يؤذي أهله وجيرانه. ذهب يوماً إلى الحج. وعاد منه، فكنت أراه يفتح الباب الخارجي لداره ثم يقرأ القرآن قرب الباب بصوت مرتفع، يسمعه ويراه الرائح والغادي. أنا أقرأ القرآن؛ إذن أنا تبت، أنا تغيرت، اعلموا ذلك! المظاهر المبهرجة الشخصية الفارسية شخصية استعراضية مظهرية تهتم بالشكل والمظهر اهتماماً كبيراً، وذلك تعويضاً عما تعانيه من عقدة نقص متأصلة في نفسيتها المريضة. تدفع هذه العقدة صاحبها إلى أن يتحول إلى مخلوق يخفي ذاته من أجل التستر على خوائها الداخلي بكل ما يمكن أن يبهر الآخرين ويثير غيرتهم. إن هذا الخواء يقض مضجع الإنسان الناقص، ويدفع به دفعاً إلى مزيد من الإقبال على المظاهر التي تتستر عليه وتخفيه. تجد ذلك واضحاً في الزي الديني للمراجع والعلماء: العمامة الكبيرة البالغة الكبر، واللحية الطويلة، واللباس الخاص الذي يحرص الواحد منهم حرصاً مبالغاً فيه على عدم ظهوره للناس ولقائه بهم إلا من خلاله. هذا مع الكالوش المتعدد الألوان حسبالدرجة العلمية (الأسود ثم الأحمر ثم الأصفر البرتقالي الشبيه بالشمس أو النار)، والمحابس المتعدة الملونة ذات الفصوص الكبيرة في أصابع كلتا اليدين. وتستطيع بالمقارنةمعالزي الديني السني، وقلة حرص العالم على ملازمة لبسه أن ترى الفرق، وتدرك دلالة القصد. كما تجد (الاستعراض) واضحاً في المسيرات والمواكب والحشود، والمسرحيات التي تسمى بـ(التشابيه) اعتماداً على الشخصية الإيحائية لدى (الفارسي). وتجده أيضاً في الألقاب الفخمة التي يتعوض بها مراجع الشيعة عما يعانون منه من عقدة نقص: السيد، المرجع الأعلى، ولي أمر المسلمين، زعيم الحوزة... إلخ. وكذلك في أسماء أحزابهم وتنظيماتهم: المجلس الأعلى، فيلق بدر ، حزب الله ، المجلس الإسلامي الأعلى، الهيئة العليا لكذا وكذا. يقول برنارد شو:(الإنسان بحاجة إلى الإلحاح اللفظي على ما يفتقر إليه). فالمهزومون يفرطون في الحديث عن الانتصارات، والعميان يسرفون في استعمال الأفعال التي تعني الإبصار، ودرجات الألوان والمسافات. والجائع يكثر من ذكر الطعام. كذلك العطشان في حديثه عن الماء. اختفاء المرجع وقد يتخذ الاستعراض مظهراً عكسياً بأن يختفي المرجع فلا يظهر للعامة إلا نادراً من أجل إضفاء هيبة غامضة مضخمة، والإيحاء بالشخصية المبهمة المستعصية على الإدراك والفهوم (تشبهاً بالإله الذي لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار). الدعاوى الفارغة والتصريحات الرنانة وتجد (الاستعراض) لدى الشيعة في الدعاوى الرنانة الفارغة من المحتوى لإثارة الانتباه وجلب الإعجاب. وآخر ما طلعوا به علينا من ذلك ما صرح به الرئيس الإيراني المتشدد محمود أحمدي نجاد من دعوته إلى محو دولة إسرائيل ، وعرضه نقلها إلى ألمانيا ، أو إحـدى دول أوربا، وإنكاره لحقيقة المجازر التي تعرض لها اليهود على يد هتلر. إخفاء الذات إن هذه العقدة تتماشى مع عقدة النقص من ناحية أخرى: فالفارسي لنقصه حريص على إخفاء ذاته، وإظهارها بعكس ما هي عليه. إنه كائن يخفي ذاته من أجل التستر على خوائها الداخلي، ويتمظهر بكل ما من شأنه أن يبهر الآخرين ويثير إعجابهم وغيرتهم. وليس من باب الشرع والتدين حرصه على إخفاء المرأة الفارسية بغطاء (التشادور) والبوشية، إنما هو من باب الحرص على التخفي والتستر على الذات. فالكثير من هؤلاء النسوة في الواقع لسن أكثر من مجرد سلعة معروضة لـ(المتعة)، وقد تفرج على جسدها مكشوفاً عارياً العشرات من الرجال من طالبي اللذة المتاع الرخيص! فأين هذا من هذا ؟!!!. المسيرات والمظاهرات وتجد هذه العقدة واضحة في مسيراتهم ومظاهراتهم الشعبية، وهم يستعرضون قوتهم من خلال الدبكات والهوسات النارية، والشعارات والأعلام والصور والوعد والوعيد. من أجل ماذا؟ مثلاً: في يوم 15/1/2005 أظهرت الشاشات الفضائية صورتين: إحداهما في حي الثورة الشيعي في بغداد، والأخرى في الأنبار والموصل السنيتين. بين الصورتين من المفارقة ما بين الأرض والسماء! في (الثورة) مسيرة ضخمة بالدبكات والهوسات والشعارات والأعلام! وأقول مرة أخرى: من أجل ماذا؟ وعلى مَ كل هذا؟! إنهم يطالبون بتوفير النفط والغاز والبنزين والكهرباء! أما في الأنبار الباسلة – ومعها الموصل – فظهرت صورة للمجاهدين – بأبي هم وأمي!!! - ملثمين يحملون قاذفاتهم وأسلحتهم الأخرى، يهاجمون الأمريكان ويحرقون آلياتهم وناقلات جنودهم. ولكن.. بلا هوسات ولا دبكات ولا أعلام ولا ضجيج. ويخرج مستعرضاً بعض الخائبين، ومن أقذر مدينة في الشرق الأوسط بلا منازع وأكثرها وساخة وعفونة ليسميها بـ(مدينة الصدر المقدسة، وفي رواية: المنورة)!! كبرت كلمة تخرج من أفواههم، إن يقولون إلا كذبا. وتتوالى هذه الصور والمشهد يتكرر: مظاهرات رنانة واستعراضات فارغة في المدن الشيعية من أجل توفير فرص عمل ، ومطالبة بالتعيين في سلك الشرطة في السماوة ، ومظاهرات في الرميثة، وتفاخر فارغ بما فعله الأجداد في ثورة العشرين: اليومِ نْعيدِ الماضي واحنا احفادَك يا شعلانْ الشاهدْ هذا المركزْ هذا اليَمَّكْ موشِ بْعيدْ ماذا تتصور يريد (أحفاد شعلان)؟ إنهم يطالبون بالتعويض عن الشلب الذي مات بسبب انقطاع الماء ! بئس الخلف!. وصدق الشاعر فلاح عسكر حين قال: احنا مْن اولِ التاريخْ معروفينْ احنا اهلِ السيوفِ الباشطهْ الزينهْ وانتو مْنَ اولِ التاريخْ معروفينْ حياﭻْ الزوالي الحَدرْ رِجلينا عقدة الصفاقة الصفاقة: قلة الحياء، ومثلها الوقاحة. و(الفارسي) بطبعه وقح صفيق، بسبب اعتياده على إتيان النواقص التي يندفع إليها مضطراً لحماية نفسه كالكذب والخداع والغدر والاعتداء، وهو يحاول الوصول إلى غايات أكبر من حجمه. وبسبب كثرة هذه الرذائل أو النواقص التي يرتكبها فإنها كثيراً ما تنكشف، مما يزيده جرأة في تعاطيها حتى تصير مفردات يومية يتعامل بها في حياته الاجتماعية دون تردد أو خجل! لهذا صار (الفارسي) ذا طبيعة وقحة لا يتأثر بإتيان الرذائل. تسند ذلك عقدة النقص، والناقص لا يستنكف من النقائص؛ لأنه كما قيل: الذي في الأسفل لا يخشى السقوط. وفيه وفي أمثاله قال الشاعر العربي: من يَهُنْ يسهَلِ الهوانُ عليه مــا لجُــرحٍ بميتٍ إيلامُ يطلق على الشخصية المصابة بمرض الوقاحة في علم الأمراض النفسية اسم (الشخصية السيكوباثية Psychopathic Personality). على أنني أذكر القارئ بأن (الفارسية) ليست قومية بقدر ما هي شخصية. فقد يكون المرء فارسياً في أصله، لكنه طبيعي في شخصيته. ولربما يكون عربياً في أصله، لكنه (فارسي) في شخصيته. معالم الشخصية الصفيقة يقول سيجموند فرويد فيقول عن الشخص السيكوباثي: "كثيراً ما نجده يندفع بقوة لاتباع نزعاته وأهوائه المكبوتة دون أدنى اعتبار للقيم والمعايير الأخلاقية، أو لما يفرضه المجتمع من أنظمة وتقاليد". ويقول عن هذه الفئة من المرضى: "نجد من بينهم الكاذب الماهر ذا الخيال الخصب ، والخائن المراوغ، والأرعن المتهور الأناني. ومنهم كذلك من لا يقبل أي نقد أو نصح أو إرشاد"(). ويقول الدكتور علي الوردي عن هذا المرض وصاحبه: "وقد يصح تعريبه بـ(داء الصفاقة)، فالشخص المصاب بهذا الداء يتميز عن غيره بوجود ضعف في تناسق ذاته من الناحية الزمنية فهو لا يبالي بما فعل في الماضي أو ما سوف يفعل في المستقبل ولا يستحي منهما. إنَّهُ قد يستقرض منك مبلغاً من النقود على أن يرجعه إليك بعد ساعة. ثم تمضي عليه الساعة والساعتان وعشرات الساعات دون أن يشعر بأهمية وعده. وربما قابلك بعدئذ بوقاحة كأنه لم يستقرض منك شيئاً وهو قد يبتسم لك ابتسامة بلهاء ثم يكرر الوعد لك مرة بعد مرة بلا جدوى.إن الشخص (الصفيق) قد يخونك أو يغشك أو يغتابك أو يهاجمك بصلافة ثم ينسى ذلك ويريد منك أن تنساه أيضاً. ومما يجدر ذكره أن الشخص السوي قد يرتكب مثل هذه الأفعال، ولكنه يخجل منها عادة، ويحاول الاعتذار عنها، أو تبريرها. أما الشخص (الصفيق): فهو يرتكب تلك الأفعال بلا اكتراث كأنه لم يفعل شيئاً يستحق اللوم… لا ننكر أن الشخص (الصفيق) قد يستفيد في بعض الظروف فقلة الحياء فيه تجعله ناجحا في انتهاز الفرص أحيانا. إنه يستطيع أن يتزعم كل مظاهرة ويقف في كل حفلة ويتزلف لدى كل متنفذ. والمعروف عن بعض المتنفذين أنهم يحتاجون إلى شخص من هذا الطراز ، لكي يقوم بخدمتهم في المهمات التي لا يرضى أن يقوم بهـا الأشخاص الأسوياء(). الصفاقة عند الفرس فضيلة وليست رذيلة على أن الوقاحة أو الصفاقة عند الفرس سجية اجتماعية محمودة، وليست رذيلة ممقوتة. إن الأدب الفارسي يمجد (الوقاحة) كما يمجد (الكذب). ولا بأس بإعادة ما مر بنا سابقاً من قول الخبير الأمريكي جاك ميلوك عن هذه الصفة: (في قطعة أدبية مشهورة في الأدب الفارسي ينصح أحد الحكماء الإيرانيين من ذوي العقل الراجح ابنه حول الكيفية التي يتوجب على الابن اتباعها من أجل أن يكسب حياته في إيران: (لا تتخوف من سوء استعمالك للحق أو للسلطة، ولا من الإذلال أو تشويه السمعة أو الافتراء… وعندما يجري طردك خارج أحد الأبواب، تعال وادخل بابتسامة من باب أخرى… كن وقحا ومتغطرسا وغبياً؛ لأنه من الضروري في بعض الأحيان التظاهر بالغباوة؛ لأن في ذلك فائدة). و(الوقاحة) ظاهرة لمسناها في الوسط الشيعي المستعجم. جاءني مرة واحد من هؤلاء يناقشني في مسائل تتعلق بالشيعة والتشيع قال لي: كيف تتهم علماءنا بأنهم يقولون عن (الإمام علي) إنه دابة الأرض؟ قلت له: هذه حقيقة وليست تهمة. وممن قالها محمد الصدر قال: مستحيل. قلت: علام هذا المستحيل؟ إن له رسالة اسمها (الرجعة) فيها هذا الكلام. قال هذا غير صحيح. قلت: هل اطلعت على الرسالة؟ قال: نعم وليس فيها ما تدعيه عنه. كنت لحظتها أبحث بين الكتب. ولما أخرجت الرسالة وأخذت أقلبها لأقع على موضع الشاهد منها إذا به يقول: نعم موجود هذا الكلام وليس فيه من شيء فالدابة كل ما دب على الأرض (!!) وعجبت من (صفاقته)!! لقد قالها دون تلعثم! ودون أن تتغير ملامح وجهه! واستمر في حديثه وجدله كأنه لم يفعل شيئاً! مع أنَّهُ لو كان إنساناً سوياً لذاب خجلاً ولاذ بالصمت ليغادر الجلسة إلى أقرب حمام كي يغسل العرق الذي جلله! ولكنها (الصفاقة)! إن هذا يذكرني بصفاقة يهود، ووقاحتهم الباردة، يوم أسلم حبرهم عبد الله بن سلام رضي الله عنه (وقال: يا رسول الله إن اليهود قوم بُهْتٌ وإنهم إن يعلموا بإسلامي يبهتوني عندك فأرسل إليهم فاسألهم عني: أي رجل ابن سلام فيكم؟ قال: فأرسل إليهم فقال: أي رجل عبد الله بن سلام فيكم؟ قالوا: خيرنا وابن خيرنا وعالمنا وابن عالمنا وأفقهنا وابن أفقهنا. قال: أرأيتم إن أسلم تسلمون؟ قالوا: نعيذه بالله من ذلك. قال: فخرج ابن سلام فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله. قالوا: شرنا وابن شرنا وجاهلنا وابن جاهلنا)(). نعم ! إنها الصفاقة تلك السجية اليهودية الفارسية التي من مظاهرها ما نراه أثناء الخصومة حين يتمادى البعض منهم إلى حد (الفجور) فلا يدع وسيلة لإيذاء خصمه وتشويه سمعته وبصورة علنية سافرة إلا استخدمها، حتى إذا انتهت أسباب الخصومة يعود هؤلاء المختصمون إلى حد (الفجور) أصدقاء يتحدثون كأن لم يكن بينهم من شيء! والمتدينون منهم يغلفون هذه (الصفاقة) بأسماء ومبادئ شرعية كالعفو والصفح والمغفرة و(عفا الله عما سلف)…الخ وما هي إلا وقاحة وصفاقة ورقاعة لأن أصحاب العفو والصفح والمغفرة لا يفجرون في الخصومة. خاصمني بعض هؤلاء خصومة فاجرة شديدة لم تنفع معها كل محاولات الإصلاح والنصيحة. ومرت الأيام فإذا أحدهم يقبل بعد صلاة الجمعة ليسلم عليَّ ويصافحني. ومددت يدي أرد عليهم السلام. وبعد حين سمعت أنهم يشكون من عدم تقديري لهم ؛ لأن سلامي عليهم كان باردا ! لعلهم كانوا يريدونه بالأحضان ومضخما بالقبلات! مع أن حقهم - الذي لا يستحقون غيره - كان الطرد بلا سلام ولا كلام! إن داء (الصفاقة) هو الذي يجعل (الشيعي) لا يتردد من سب الصحابة في وجهك ببرودة أعصاب وجمودة وجه كأنه يترحم عليهم! دون أن يعير لشعورك أدنى اعتبار. حتى إذا أنكرت عليه قال لك متغيظاً: لماذا تكرهون (أهل البيت)؟ ولك مني جائزة مجزية إذا تمكنت من حل هذا اللغز الذي يجعل من الدفاع عن الصحابة هجوماً على (أهل البيت)!! هكذا تكشر الصفاقة عن سوءتها..! ما إن تسلم عبد العزيز الحكيم رئاسة الدورة الشهرية لما سمي بـ(مجلس الحكم) في العراق حتى أعلن على الملأ - بلا تردد ولا حياء – أن على العراق أن يعوض إيران (100) مليار عن خسائرها في الحرب. هل كان يشعر أنه رئيس مجلس حكم العراق وليس إيران؟ لا أظن! هذا.. وفي الوقت نفسه يطالب الدول العربية بشطب ديونها التي بذمة العراق!!!. ومن أرض الأردن – البلد العربي ذي الانحدار البدوي الأصيل - هاجم وزير الداخلية المفروض على العراق باقر صولاغ، وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل قائلاً: (لسنا في حاجة إلى نصائح بدوي يركب الجمل)! لا لشيء سوى أن الأخير انتقد إيران على تدخلها السافر في شؤون العراق. ونسي صولاغ أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يركب الجمل. ولكن عقله الباطن الذي يختزن احتقار العربي أبى إلا أن يفصح عن نفسه. كما نسي أنه وزير خارجية العراق، لا وزير خارجية إيران. والملاحظ أن الجوقة الحاكمة في العراق لا يثيرها شيء كما يثيرها توجيه النقد لإيران، وتنبري للدفاع عنها بصفاقة تحسد عليها! وقد افتتح إبراهيم الجعري دست منصبه كرئيس لوزراء العراق فكان أول قرار اتخذه الإفراج عن (400) معتقل إيراني في السجون العراقية، وغلق ملفاتهم جميعاً بصرف النظر عن نوع القضايا التي يحاكمون بها! مع أن سجونه تعج بالعراقيين والعرب، وزادت أضعافاً متضاعفة. ومن فوق أرض الإمارات العربية السنية تهاجم الفضائيات الشيعية أهل السنة! في يوم (14/12/2005) نقلت (فضائية الفيحاء) الشيعية مظاهرة احتجاج على (قناة الجزيرة) التي ظهر فيها قبل يوم في برنامج (الاتجاه المعاكس) شخص تهجم على المرجعيات الشيعية ووصفها بالعميلة. وكان المتظاهرون يرددون (نعال السيد يسوى الدوحة وما بيها). والدوحة هي عاصمة إمارة قطر التي من أرض جارتها (الإمارات) تبث قناة الفيحاء برامجها الفضائية ! المدعومة بمال خليجي سني! هل رأيت ماذا تفعل الوقاحة بأصحابها؟! والشواهد على الوقاحة والصلف الفارسي كثيرة منها: دخل أحدهم على الشيخ جابر الأحمد أمير الكويت. يقول: فوجدته غاضباً جداً. ولما سألته عن سبب غضبه قال: (قبل أن تأتي بدقائق كان عندي محمد باقر الحكيم جاء يطلب مساعدة الكويت ضد صدام حسين، وقد رفع صوته عليّ وأساء معي الأدب. هذا وهو زائر مشرد، وقد لا يرى بلده، فماذا سيفعل إذا حكم العراق؟!)(). ويستقبل المسؤولون في السعودية مقتدى في موسم حج عام (1426) استقبال الملوك، ويكرمونه، وينزلونه أعلى المنازل. لكنه ما إن يرجع من هناك، حتى يتهمهم بأنهم وراء تفجير قبة المرقد في سامراء! أما استخفافه بأهل السنة – الذين مدوا له أيديهم من قبل بكل صدق وعفوية، وصفقوا له، ومجدوه - فقد بلغ به حداً أن يعلن في الانتخابات الأخيرة (15/12/2005) تحالفه معهم، ولكن.. في محافظة واحدة فقط.. هي.. محافظة الأنبار! رمز أهل السنة! دون بقية المحافظات: العربية عامة، أو الشيعية، أو المختلطة. ومن طريف ما يذكر في هذا الباب، ما حدثني به صديق من أهالي ناحية (جبلة) كان شيعياً فهداه الله تعالى، فقال: كان لنا أغنام، فيها نعجة سوداء اللون، ترك والدي صوفها يطول كي يصنع منه عباءة له. ومر بنا يوماً - حسب العادة الجارية - (سيد) يأخذ منا ما يقدر عليه مما يسميه (حق جدي). رأى (السيد) تلك النعجة تختال بصوفها الأسود الجميل، فما كان منه إلا أن عزلها عن الأغنام ليسوقها ضمن القطيع الذي يريده للمرحوم (جده). وحين قال له والدي: دع هذه النعجة وخذ غيرها بدلاً عنها، وأعلمه بالسبب. لم يقتنع، وأصر على أخذها بعينها! ولم تنفع معه كل المحاولات والاستعطاف والترجي، وصار يتهجم ويصيح، ولم تنته المشكلة إلا حين قام والدي بسبه وضربه، ثم طرده كالكلب الممطور شر طردة! التلون وتعدد الوجوه ولعل التلون الذي عرف به الفارسي، وعدم استقراره على حال، أو خلق، له علاقة بهذه السجية. يقول الشيعي المحترق الشيخ محمد الكرمي: (والفرس بطبيعتهم متلونون، فتراهم يقبلون على الشيء بكلهم ، وقد يكون ذلك منهم لا لداعي، ثم يدبرون عنه بالمرة الواحدة كذلك! والمثال القريب لهذه الدعوى أنّا وجدنا الأمة الإيرانية قبل عشر سنين لا أكثر أخذت تهاجم الدين والمتدينين بصورة بشعة يعلم الله. فنساؤهم – فضلاً عن كونها بادية الوجوه – بادية في كل ما تملك، ومضيفة على ذلك التحسين والتزيين، بعد أن كانت هي بنفسها تلتاث بحجاب حصين، ولا تترك صلاة الجماعة بحال مقدسة غاية التقدس... والكثير من هاته النسوة كان في وسعهن أن لا يخرجن، كما كان في وسع أزواجهن أن يمنعوهن. ولكن القوم لبوا هذا النداء بصورة مستغربة للغاية! حتى إن الأمم النازعة الجلباب – كالغربيين – رأوا في إيران عندما دخلوها صورة مهيجة، لم يجدوها ولا في باريس فرنسا، أو نيويورك أمريكا! ولذلك غدوا يطاردون نساءها في أي زاوية كن، بعد أن طمعوا في كثير من سافراتها. وحتى إن الرجل كان بنفسه يهيئ لزوجته وبنته وسائر نسائه التي في بيته آلات الزينة، كيما تبدو إلى الخارج ببزة جالبة، ووضع جاذب. ولما أن تدهور ذلك الوقت بصاحبه أخذ يهيئ له ولأهله جلابيب التستر والحجاب، ناقماً على الوضع السابق، الذي ما صيره نقمة إلا هو لعنه الله وقلل من أمثاله. وكان في وقت سفوره يهزأ بالدين والمتدينين، ويسخر من العمائم والمعممين بما لا جابر له على ذلك أصلاً. غاية ما هناك رأى السلطة الحاكمة مخالفة لهذا النوع، لا أنها جابرة له على توهينه وتحقيره . فعاد – بعد أن انتكست أعلام تلك الدولة – مقبلاً على ما كان جافياً له، ساخراً منه!. ونحن كلما أردنا أن نتعقل جهة لذلك الإدبار، وهذا الإقبال، لم نجد للقضية في وجهتيها السلبية والإيجابية وجهاً يعلم الله سوى التلون البارد فحسب عقدة الذنب الشيعييلطم نفسه، ويجلد ذاته، ويفري بالزناجيل الحديدية ظهره! يشدخ رأسه، ويخمش وجهه، ويجز شعره، ويشق ثوبه! لماذا؟ وعن أي عقدة نفسية يعبر؟ عقدة النقص والخجل من الذات تؤدي (عقدة النقص) إلى شعور المرء بالخجل والحاجة إلى الابتعاد والتواريعن الأنظار. ويحصل بمرور الزمن نوع من الإدانة للنفس، والشعور بالذنب الذي يتحول شيئاً فشيئاً إلى عقدة تؤثر على سلوك الإنسان، وتحكم تصرفاته لا شعورياً، حتى لو لم يكن هناك من ذنب مرتكب! كما يقول العلامة ((يونج )) : (إن المرء يمكن أن يشعر بالذنب لا على أثر فعل ممنوع، ولكن أيضاً عندما لا يستطيع الوصول إلى تحقيق ذاته، وإبراز فرديته الخاصة والعميقة). اجتياف عملية التبخيس هذا وقد لاحظ علماء النفس أن الظلمة والمستبدين يحتقرون شعوبهم، ويمارسون تجاهها عملية تبخيس وتحقير مستمر. وهذا يؤدي - بمرور الزمن - إلى أن تجتاف (تتقبل وتتقمص) الجماهير المقهورة - أو تلك التي تعاني من (عقدة الاضطهاد) - عملية التبخيس والتحقير هذه، وتمسي أسيرة الوهم بأنها لا تستحق من المكانة أكثر مما هي عليه من الذلة والتبعية والمهانة؛ فتنعكس عدوانية المتسلط وقهره لها ذاتياً على شكل مشاعر إثم ودونية فـ(يزدري إنسان العالم المتخلف ذاته ويخجل منها، ويود لو تهرب من مواجهتها، كما ينقم عليها في نفس الوقت. وهنا يكيل النعوت السيئة لنفسه، متهماً إياها بالتقصير والتخاذل والجبن. ويميل إلى إنزال العقاب بنفسه حتى إنه يرى أحياناً في القهر والظلم الإنسانيين ، كما في قسوة الطبيعة واعتباطها ، عقاباً مستحقاً له على تخاذله واستكانته). فكيف إذا كانت الذات أساساً قد أحاطتها الخطايا والذنوب، وغرقت فيها إلى الأذقان؟! والجواب يفهم من خلال ما قاله د. حجازي: (هناك ذات مدانة محقرة ومعنفة دون هوادة، وذات أخرى تدينها، تحقرها وتشتط في سومها سوء العذاب. هذه الذات الأخرى ضمنية، بها يتماهى (يذوب) الإنسان المقهور في حربه ضد ذاته المهانة التي يحاربها. إنه نوع من الاحتيال على واقع لا قبل للمرء بمجابهته حتى يحتفظ بقيمة ضمنية لذاته الحميمة والحقيقية (في نظره). ليس هناك من مذنب إلا وينبذ جزءاً من ذاته معتبراً إياه خارجاً عن أصالته، ومسقطاً عليه كل اللوم، وكل التبخيس بغية الاحتفاظ بذاته الحقيقية (الخفية) دون مساس. بذلك فحسب يستطيع أن يعيش، وإلا فليس أمامه سوى الانتحار، إذا لم يحتمِ بالازدواجية. حتى الانتحار، يتضمن في النهاية نوعاً من الازدواجية: تدمير الذات السيئة، أو بالأحرى تدمير الصورة السيئة عن الذات بعد تحميلها كل الإثم أملاً في خلاص وهمي، في تطهير ذاته الحقيقية مما ألم بها من سوء ومهانة. ولكن مأساة المنتحر تكمن بالتحديد في أن تدمير الذات المدانة وصورتها السيئة يتم من خلال الجسد (وعاء الذات الوحيد)، وبالتالي القضاء الفعلي على الوجود. أما في وهم المنتحر فالأمر لا يعدو القدرة على فعل خطير وجذري من أجل الخلاص). كما أن المصاب بعقدة الذنب يشعر بحاجة ملحة إلى التكفير - ولو بعقاب نفسه – التماساً للراحة، وتخففاً مما يكابده من توتر مجهول المصدر؛ فيندفع من تلقاء نفسه إلى عقاب نفسه، تدفعه حاجة لا شعورية ملحة إلى هذا النوع من العقاب. فإذا حل به العقاب زال عنه ما يغشاه من توتر أليم. وهو يفتش عما يؤذيه ليجد الراحة بل اللذة في هذا الأذى أو العقاب (الماسوشية). وفي ضوء هذا التفسير نجد أن الشيعي من خلال اللطم والتطبير – ناهيك عن الممارسات الماسوشية الأخرى الشائعة في الأوساط الدينية الشيعية، وما قرب منها وتأثر بها، كاللواطه - إنما يمارس الانتحار - وإن بصورة رمزية - للخلاص من ذاته المذنبة المدانة. احتقار الأمثال والأتباع هناك ملاحظة مهمة عن صاحب هذه الشخصية أشار إليها د. حجازي بقوله: (بينه وبين هؤلاء تقوم علاقة ازدراء ضمني؛ لأنهم يعكسون له مأساته وعاره، كما يعكس مأساتهم وعارهم. ويصيب المرأة والأتباع في عملية التحقير هذه النصيب الأوفر... فما يلقاه من تبخيس ومهانة، وما يفرض عليه من تبعية يعود فيمارسه على زوجته ونساء أسرته ، كما يمكن أن يفرضه على أتباعه ومن هم في إمرته |
#12
|
|||
|
|||
تأليه الحاكم كان الملك أو (حاكم المدينة) في بلاد ما بين النهرين يعتبر نائباً عن الإله أو وكيلاً عنه. وفي حفل التتويج يرتدي الملك زي الكاهن رمزاً لاتحاد الدين بالدولة. وبينما يظهر حمورابي في مسلته وهو يتلقى القوانين من الإله، كان الفرس يعتبرون الملك إلهاً وليس نائباً عن الإله. ويطلقون عليه لقب (ملك الملوك). وله السلطة المطلقة في طول البلاد وعرضها، فكانت الكلمة التي تصدر من فيه كافية لإعدام من يشاء بغير محاكمة، ولا بيان للأسباب. وكان في بعض الأحيان يمنح أمه أو كبيرة زوجاته حق القتل القائمعلى النزوات والأهواء. وقلما كان أحد من الأهالي – ومنهم كبار وأعيان - يجرؤ على انتقاد الملك أو لومه. كما كان الرأي العام ضعيفاً عاجزاً عجزاً مصدره الحيطة والحذر، لدرجة أن كان كل ما يفعله من يرى الملك يقتل ابنه البريء أمام عينيه رمياً بالسهام أن يثني على مهارة الملك العظيمة في الرماية! وكان المذنبون الذين تلهب السياط أجسادهم بأمر الملك يشكرون له تفضله بأنه لم يغفل عن ذكرهم. وعندما غزا الاسكندر فارس وجد القوم يسجدون للامبراطور ويؤلهونه؛ فأعجبه ذلك، وسعى لأن يكون إلهاً فابتدع سياسته الخاصة بالمزج وإدماج العناصر المقدونية بالفارسية في إمبراطوريته، واتخذ في المناسبات الزي الفارسي، ومراسم البلاط الفارسي. وإذ ذاك أزمع على اقتباس تلك العادة الفارسية: عادة السجود للملك. وهي التي يتعين بمقتضاها على جميع من يقتربون من الملك السجود له(). يقول السيد أبو الحسن علي الحسني الندوي: (كانت الأكاسرة ملوك فارس يدَّعون أنه يجري في عروقهم دم إلهي. وكان الفرس ينظرون إليهم كآلهة، ويعتقدون أن في طبيعتهم شيئا علويا مقدساً فكانوا يكفِّرون()لهم وينشدون الأناشيد بألوهيتهم. ويرونهم فوق القانون، وفوق الانتقاد، وفوق البشر. لا يجري اسمهم على لسانهم ولا يجلس أحد في مجلسهم . ويعتقدون أن لهم حقا على كل إنسان، وليس لإنسان حق عليهم . وأن ما يرضخونلأحدمنفضولأموالهموفتاتنعيمهمإنماهو صدقة وتكرم من غير استحقاق، وليس للناس قبلهم إلا السمع والطاعة. وخصصوا بيتا معينا وهو البيت الكياني فكانوا يعتقدون أن لأفراده وحدهم الحق أن يلبسوا التاج ويجبوا الخراج. وهذا الحق ينتقل فيهم كابرا عن كابر وأباً عن جد لا ينازعهم ذلك إلا ظالم، ولا ينافسهم إلا دعي نذل. فكانوا يدينون بالملك وبالوراثة في البيت المالك لا يبغون عنه بدلا ولا يريدون عنه محيصا)(). ويقول أيضاً: (كانت السيادة والقيادة الدينية والحكم في قبيلة "ميديا". ثم انتقلت هذه الزعامة إلى قبيلة "مغان" منذ غلبة الديانة الزردشتية وتأثيرها على إيران. وكان الفرس يعتقدون في طبقة الكهنوت priest classأنهم ظل الإله على الأرض، ولم يخلقوا إلا لخدمة الإله. ولا بد للحاكم أن يكون من هذه القبيلة؛ فإن ذات الإله تتجسم فيه، وإن منصب الإشراف على بيت النار وتنظيمه حق يختص بهذه القبيلة وحدها. ويقول الأستاذ دوزي (DOZY): ((قد اعتاد الفرس أن ينظروا إلى الملك نظرة فيها معنى إلهي. ونظروا هذا النظر إلى علي وذريته، وقالوا: إن طاعة الإمام أول واجب، وإن إطاعته إطاعة الله)))1. إسقاط عناصر الديانة الفارسية على الإسلام وبعدأناكتسحالإسلامبلادفارس أسقط الفرس صفات التأليه هذه على من أسموهم بـ(الائمة) من البيت العلوي، وحصروا الملك الوهمي في هذا البيت فاعتقدوا أن كل من نازعه الملك دعي ملعون. ومن هنا ولدت فكرة (الإمامة). إنها فكرة فارسية مجوسية ألبست ثوبا عربيا وعنوانا إسلاميا. انظر إلى عقيدة الخميني في (الأئمة) تجدها هي هي عقيدة الفرس القدماء في كهنتهم وملوكهم. يقول هذا الدجال: (إن للأئمة مقاماً محموداً، ودرجة سامية، وخلافة تكوينية، تخضع لولايتها وسيرتها جميع ذرات هذا الكون. وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل. وبموجب ما لدينا من الروايات والأحاديث، فإن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله والإئمة عليهم السلام، كانوا قبل العالم أنواراً، فجعلهم الله بعرشه محدقين، وجعل لهم من المنزلة والزلفى ما لا يعلمه إلا الله)2. ثم قاموا بإسقاط هذه الصفات - بعد (الأئمة) - على الفقيه الذي يلقبونه – ويلقب هو نفسه أيضاً– بـ(الحاكم الشرعي)! تأمل هذا النص في أوثق المصادر عند الإمامية: (عقيدتنا في المجتهد الجامع للشرئط انه نائب عام للإمام (ع) في حال غيبته وهو الحاكم والرئيس المطلق له ما للإمام في الفصل في القضايا والحكومة بين الناس والراد عليه راد على الإمام والراد على الإمام راد على الله وهو على حد الشرك بالله)(). إن هذه العقدة أو العقيدة هي السبب الكامن وراء تلك الطاعة العمياء الصماء للعلماء مهما كانوا منحرفين فاسدين! إسقاط صفات الملك الفارسي على المرجع الشيعي إن الفقيه في حقيقته ملك من ملوك بلاد فارس القديمة مسلط على النفوس والأموال والأعراض يتصرف فيها مطلق اليد بلا رقيب ولا حسيب، حتى لو أدى ذلك إلى تعطيل الأحكام الشرعية، ومعارضة النصوص السماوية معارضة صريحة! (وقد وقع ذلك فعلاً فقد نشرت صحيفة (كيهان) الصادرة من لندن في عددها 182 ، الصادرة في 23 من جمادى الأولى سنة 1408هـ ، رسالة للخميني موجهة إلى رئيس الجمهورية سيد على خامنه إي، بعنوان بقلم عريض: " إن الحكومة تستطيع أن تعطل المساجد أو تهدمها. وإن الحكومة مقدمة على الصلاة والصيام " ويقول فيها: إن الحكومة هي فرع من ولاية رسول الله المستقيمة، ومن أحكام الإسلام الأولية، ومقدمة على جميع الأحكام الفرعية حتى الصلاة والصوم والحج: فيجوز للحاكم أن يعطل المساجد عند اللزوم، ويخرب مسجداً، ويلغي أي حكم من أحكام الإسلام – سواء كان من العبادات أو غير العبادات – إذا كان مخالفاً لمصالح الإسلام. ويعطل الحج الذي هو من فرائض الإسلام المهمة إذا اقتضت ذلك مصلحة المملكة الإسلامية؛ لأن هذه الحكومة هي ولاية إسلامية مطلقة)1. تشييع الخميني..! وقدشهد العالم كله على شاشات التلفاز وغيره صورة من صور ذلك التقديس الوثني للفقيه أو تأليه الحاكم يوم هلك الخميني! هكذا يؤله الإيرانيون دجاجلتهم فقد (روت الصحف ووسائل الإعلام العالمية، أنه لما مات آية الله الخميني في 3 من يونيو 1989 في طهران، وحاولت منظمات الحكومة نقل جثته إلى المقبرة التي تسمى بـ(جنة زهراء) على سيارة، انهالت عليها الجماهير وتهافتت، حتى أصبحت عملية النقل مستحيلة، وحملوها على طائرة الهليكوبتر فلما وصلت هناك انهالت الجماهير الحاشدة على التبرك برؤية الجثة، ولم ينفع إطلاق النار والإنذار مرة بعد مرة، وخرت الجموع في حماس ديني على الجثة، واختطفت الأكفان ومزقتها تمزيقاً، واقتسمتها فيما بينها تبركاً بها، حتى أصبحت الجثة عارية ووقعت على الأرض، واضطر المسؤولون الرسميون إلى تأجيل دفنها، وتحقق ذلك بعد ساعات... وليس كل ذلك إلا نتيجة إيجاد تلك الهالة القدسية الإلهية التي صنعتها عقيدة الإمامة الغالية واعتقاد العصمة والقداسة التي تسمو على البشرية العامة والعبودية التي يقرها الإسلام، وتنافي سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام وتعاليمه)1. وما هذا كله إلا انعكاس مُحوَّر للرواسب الاعتقادية الإيرانية، والجاهلية الزرادشتية القديمة، ولكن.. بأثواب جديدة العقلية الخرافية هذه آخر عقدة من بين العقد والأمراض النفسية التي أشرناها على الشخصية الفارسية. وهي وإن كانت تتعلق بالعقل والفكر أكثر من النفس، لكن انعكاساتها على التصرف أو السلوك فرضت عليّ إدراجها ضمن (العقد النفسية)، ولأن فهم تلك الشخصية - وسليلتها الشيعية - يبقى ناقصاً دون التعريج على هذه الحالة. فأقول: الفرس قوم مشهورون بأساطيرهم وخرافاتهم. ذوو عقلية خرافية شغوفة بالأساطير والقصص الغريبة، وقابلة لتصديقها ببساطة. وتواريخهم تعج بالأساطير عن ملوكهم وأوصافهم السوبرمانية. وقد انتقلت هذه الأساطير باسم الدين إلى تواليفهم الدينية وألصقت تلك الأوصاف الطرزانية بـ(الأئمة) و(المراجع) الذين يلتقون في سراديبهم بـ(صاحب الزمان) ذلك الرجل الأسطوري الذي تغيب في سرداب منذ اثني عشر قرنا وسيخرج يوما ليملأ الأرض – بلمسة ساحر - عدلا بعد أن ملئت جوراً !. في إحدى إشراقات محمد صادق الصدر الكهنوتية أثناء إحدى خطب الجمعة، وذلك بعد عام من إقامته الجمعة رغم اعتراض علماء الشيعة عليه، وتفسيق بعضهم له. استدل على صحة ما فعله، فهل تتصور أن دليله الخارق على ذلك أنه قال: ما أقيمت الجمعة في منطقة إلا وانقطع المطر عن تلك المنطقة، فلم تمطر السماء عليها. وها أنتم ترون انقطاع المطر عنا ههنا منذ عام! فإذا بقطعان الحضور يضجون بأعلى أصواتهم: "اللوهمّ صل على محماد والي محماد"! فلا تدري مم تعجب: من الناعق أم من القطيع الذي لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون؟! حدثني أحد الأسرى العائدين من إيران أن ضابطاً إيرانيا برتبة نقيب من مسؤولي أقفاص الأسرى أظهر يوما دهشته من بعض (الأعمال) اليدوية التي صنعها الأسرى فقال له أحدهم ساخرا: إن هناك ما هو أعجب! إن بعض الأسرى يخطط ليصنع طيارة من (قزانات) الطعام ليهرب بها إلى العراق. وصدق الضابط ما قالت العصفورة فأصدر أمره فورا بعدم إبقاء (القزانات) لحظة واحدة بعد الانتهاء من توزيع (الطعام)! يقول أدور سابيليه: (ولد الخميني سنة 1900 وبعد بضعة أشهر من ولادته مات والده مصطفى الذي غادر إلى زيارة النجف، غير انه اغتيل في الواقع على مسافة قريبة من قريته. وبسبب ميل الإيرانيين دائما إلى الإيمان بالأساطير فإنهم أشاعوا رواية تقول بأن والد آية الله الخميني قد اغتيل من قبل رضا شاه والد العاهل الأخير. وهذا ما جعل الابن ينشأ على روح الكراهية نحو أسرة بهلوي. مع أن رضا بهلوي لم يكن معروفاً بعدُ في عام 1900، ولم يتسلم السلطة إلا في عام 1920 لكي يجلس على العرش عام 1925 أي بعد مرور ربع قرن على وفاة مصطفى! والحقيقة أن هذا الأخير قد مات على أثر مشاجرة حدثت بين ملاك الأراضي. غير ان زوجته (هاجر ساغافي) عادت سيراً على الأقدام إلى المدينة، وأدت شهادة بشأن وفاة زوجها حيث قالت بأنه أدين وحكم عليه شنقاً) (). ولهذا يصدقون ما يقوله (الروزخونية) عن (مقتل) الحسين و(السبايا) والقصص العجيبة عن رأسه الذي رفع على رمح يدل التائهين المتوجهين إلى الشام! و ... إلخ من هذه الخرافات. القهر والتعلق بأوهام الخلاص السحري للدكتور مصطفى حجازي كلام دقيق عن المجتمع الاضطهادي أو المقهور، أو ذلك الذي يعاني من (عقدة الاضطهاد)، وكيف تتسبب أزماته المستعصية في صناعة العقلية الخرافية. وأنه إزاء هذه الأزمات: (لا يملك الإنسان المقهور حلاً سوى الهروب إلى الماضي: الخرافي أو الواقعي الذي قد تحمل أمجاده بعض العزاء له. كما قد يهرب من إطار الزمن بتفجير الديمومة من خلال الغرق في الممارسات التي تنسيه واقعه المؤلم: كالذكر، والمخدرات، والزار، والتخريف. ومن وسائل الهرب الشائعة التمسك بأوهام الخلاص السحري من خلال معجزة ما، تقلب الواقع وتنسف معطياته وتغير مصيره: الخلاص على يد زعيم منقذ، أو من خلال تدخل الحظ)2. وهذا يلقي الضوء على الطابع الخرافي لعقلية المجتمع الشيعي، والطابع الحزين لنفسيته. وإليه يعود التعلق الطفولي السمج بالتمثيلية التراجيدية الحسينية، وأسطورة مقتله وما فيها من خرافات ومبالغات لا تمت للحقيقة التاريخية بصلة. ولماذا يتعلق بها الشيعة تعلقاً إلى حد الهوس والخروج عن مقتضى العقل؟ يعود د. حجازي في موضع آخر إلى الخرافة ليتكلم عن منشئها، وعلاقتها بالمجتمعات الاضطهادية التي تشعر بالقهر والحرمان، ويعزوها إلى (عقدة النقص والاضطهاد) بما يلفت الانتباه إلى السر في كون العقلية الفارسية ميالة إلى الخرافة ميلاً شديداً صبغ تاريخه وعقائدها وفكرها، وانعكس بوضوح على ما أفرزته من تشيع، تجد ذلك بوضوح في مؤلفات علمائهم بدءاً بكافي الكليني، ومروراً ببحار المجلسي وإلى ما لا نهاية من المؤلفات الخرافية! ناهيك عن تعلقهم بالأولياء وآثارهم ومراقدهم وتصوراتهم المضحكة عن قدراتهم الأسطورية الخارقة للزمان والمكان! ولقد كنت فيما مضى أعجب كيف لكتاب خرافي مثل كتاب (الكافي) أن يحظى بهذه المنزلة الرفيعة عند الشيعة؟! وكيف لعالم يريد أن يكسب الناس ويؤثر فيهم أن يكتب لهم مثله؟! ثم اهتديت بعد زمن أن سر نجاح هؤلاء العلماء في الأوساط الفارسية والمجتمعات الشيعية، وشيوع هذه التوليفات بينهم، يكمن في الخرافة نفسها! فلولا أنها خرافية مفعمة بالخرافات والأساطير لما شاعت بينهم. يقول د. حجازي: (لا يستطيع الإنسان أن يتحمل وضعية القهر والعجز ببساطة أو أن يتقبلها بواقعيتها المادية الخام. لا بد له في كل الحالات من الوصول إلى حل ما يستوعب مأساته, ويقيض له شيئاً من السيطرة عليها، وإلا أصبحت الحياة مستحيلة. فإذا لم تتيسر له الحلول الناجعة التي تمكنه من التحكم الفعلي بالواقع على مستوى ما, لجأ إلى الحلول الخرافية والسحرية... السيطرة الخرافية على الواقع، والتحكم السحري بالمصير، هما آخر ما يتوسلهما عندما يعجز عن التصدي والمجابهة قبل أن ينهار ويستكين. وتشكل هذه السيطرة بالتالي أحد خطوط الدفاع الأخيرة له. ويتناسب انتشار الخرافة والتفكير السحري في وسط ما مع شدة القهر والحرمان، وتضخم الإحساس بالعجز, وقلة الحيلة, وانعدام الوسيلة. كلما طال عهده بالاعتباط ينصب عليه من الطبيعة والناس، وضاقت أمامه فرص الخلاص, اندفع إلى التماس النتائج من غير أسبابها، واستبدال السببية المادية بالسببية الغيبية... وهكذا تنتشر ممارسات سحرية خرافية, وشعوذات تتلاعب بأمل الإنسان في الخلاص أو تحرك خوفه من الحاضر وقلقه على المستقبل... تقوم السيطرة الخرافية على المصير على أسس نفسية نكوصية. يتقهقر الإنسان المتخلف الذي يؤمن بها من العقلانية التي يجب أن تميز حياة الراشدين إلى مرحلة التفكير الطفلي الذي يخلط الواقع بالخيال، والحقائق بالرغبات، والصعاب المادية بالمخاوف الذاتية. تطغى عليه الذاتية الطفلية ويقع في شرك التفكير الجبروتي. إنه يسقط على ممارسي الشعوذة، وعلى وسائل التصدي السحري للواقع, القدرة المطلقة التي كان يعتقد أنها تميز والديه اللذين يبدوان له قادرين على كل شيء, مالكين لزمام كل أمر. ويقيم مع عوامل السيطرة الخرافية ورموزها نفس علاقة الاتكال الطفلي التي كانت له مع والديه والتي تستبدل فيما بعد بعلاقة الاتكال الديني. في كل هذه الحالات هناك احتماء برموز القوة التي تسيطر على القدر من الأخطار العديدة التي تتهدد الوجود (وجود الطفل كوجود الإنسان المتخلف). يشكل هذا الاحتماء الضمانة الوحيدة له نظراً لعجزه وقلة حيلته, مما يعطل الاعتماد على القوى الذاتية، وينفي المسؤولية الشخصية في تحمل أعباء المصير. وبمقدار هذا الانتفاء وذاك التعطيل, لا بد لاتكاليته من التفاقم مما يدفع به إلى مزيد من توسل الممارسات الخرافية... وهكذا يضع الإنسان المقهور أمله في الصور الخيرة ورموزهـا الخرافية, كما يسقط مخاوفه وعجزه ومشاعر ذنبه الناتجة عن فشله الوجودي على أعداء خرافيين بدورهم. ومن خلال تجنب هؤلاء, والتقرب من أولئك تتم له السيطرة الخرافية على حاضره, ويشعر بشيء من التحكم بالقوى التي تحرك مصيره)1. التفكير الارتغابي Wishful thinking تستطيع أن تقول: إن الشيعي يعتقد ما يريد أن يعتقد، ولا يريد أن يعتقد ما ينبغي أن يعتقد. وهو ما يسمى بـ(التفكير الارتغابي Wishful thinking)الذي توجهه الرغبات لا الوقائع. وهو تفكير نكوصي بدائي يجعل الشخص يميل إلى تصديق ما يحب، وإلى إنكار ما يكره واعتباره باطلاً. بهذا المنطق الطفولي كتبوا التاريخ، وصوروا وقائعه: تاريخ الصحابة، مقتل عثمان، معركة الجمل وصفين والطف التي قتل فيها الحسين، تاريخ الأمويين والعباسيين والعرب عموماً. وهونقيض(التفكير الواقعي Realistic thinking) الذي يبذل جهداً في معرفة الوقائع، وإخضاع العقائد والقناعات إلى نتائجها. والتفكير الارتغابي الذي لا يتقيد بالواقع، ولا يحفل بالقيود الاجتماعية والواقعية هو الذي يعرض الشيعة دوماً إلى خيبة الأمل، ويشوه الأمور في أعينهم فيرونها كما يريدون، لا كما هي عليه في الواقع، ومن ثم يحول هذا التفكير بينهم وبين حل المشكلات التي يقعون فيها، بل هو السبب في وقوعهم في المشكلات، والعداوات والقتل والسجون والتشريد، دون أن يكفوا ويرعووا، أو يعتبروا وينتبهوا إلى أنهمهم السببفيما تجنيه أيديهم عليهم على مر العصور! الحقيقة أن موضوع عقلية الشيعي، وكيف يفكر؟ تحتاج إلى بحث خاص، خارج اختصاص هذا الكتاب. عسى أن يتهيأ له في المستقبل من يقوم به، ويعطيه مستحقه من الاهتمام حديث (لو كان الإيمان عند الثريا...) لا شك في أن كل فكرة راسخة أو أصل ثابت يمكن أن تثور في وجهه شبهات، وتشوش عليه اعتراضات، تبلبل فكر غير الراسخين من الناس. ليس أوضح ولا أثبت ولا أرسخ من دعوة الإسلام إلى التوحيد، ولكن يوجد من يشكك في هذه الحقيقة بشتى الحجج كالطواف حول الكعبة وتقبيل الحجر الأسود. وهل هناك أعظم من حقيقة الوجود الإلهي، غير أن جبلاً كثيراً من البشر انساق وراء شبهات الإلحاد. كذلك ما نحن فيه من الحديث عن تلك العقد، والعقدة الأخيرة منها. فربما انطلى على الكثيرين دعوى الشعوبية أن المبرزين من علماء الأمة هم من الفرس لا من العرب. ويكفيني في هذه العجالة أن أذكر أن أئمة المذهب الفقهية السنية أربعة: ثلاثة منهم عرب هم الإمام مالك (ت 179هـ). وهو عربي الأصل أصبحي. ثم الإمام الشافعي (ت204هـ) وهو عربي قرشي: يتصل نسبه برسول الله صلى الله عليه وسلم في الجد الثالث عبد مناف. ثم الإمام أحمد (ت241هـ ) وهو عربي من بني شيبان من عرب العراق. وإذا أضفنا إلى القائمة المذهب الزيدي، وهو مذهب مسند معتبر يصبح العدد أربعة من خمسة لصالح العرب. فالإمام زيد بن علي عربي هاشمي. ولم أشأ أن أتكثر بإضافة الإمام جعفر بن محمد؛ لعدم وجود مذهب فقهي له محفوظ لا عند الشيعة ولا عند أهل السنة. و قد أثبت هذا في كتابي (أسطورة المذهب الجعفري). وأما أقدم كتاب في الحديث فهو موطأ الإمام مالك، ثم مسند الإمام الشافعي. ثم مسند الإمام احمد، وهو موسوعة حديثية ضمت حوالي أربعين ألف حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهؤلاء كلهم عرب، كما أسلفت. وإذا كان الإمام البخاري (ت256هـ) أعجمياً فإن الإمام مسلم (ت261هـ) عربي من قبيلة قشير العربية. ونسبته إلى نيسابور نسبة مكان لا نسب. ومن كبار المحدثين العرب أبو داود (ت275هـ) صاحب السنن، فهو عربي من الأزد. وغيره كثير. وإمام اللغة بلا منازع هو العربي الخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب أول معجم في اللغة (العين)، ومكتشف علم (العروض)، وكان إماماً متفرداً في علم النحو وغيره من فنون لغة العرب. من تلاميذه سيبويه الذي نسب إليه الكتاب المعروف بـ(الكتاب) في النحو؛ فقد ذكر الإمام ثعلب أنه في الأصل إملاءات الفراهيدي على أربعين من تلامذته أحدهم سيبويه. ذكر ذلك الشيخ محمد سعيد العرفي في كتابه (الأمة العربية وسر انحلالها)، وبين أن اليد الشعوبية هي التي قامت بجمعه ونسبته إلى سيبويه، ورفعت من شأنه، وتغافلت عن الفراهيدي كي يقال: إن إمام لغة العرب فارسي لا عربي. على أنه ليس بضائر أن يكون ضمن إكليل علماء الأمة فرس وترك وبربر وهنود وغيرهم من الأعاجم الذين أكرمهم الله بالإسلام، أو بالعيش في ظل حضارته، التي حمل العرب مشعلها الأول، ليسلموه إلى بقية الأجيال في أمة كبيرة عظيمة، اختلط فيها العرب بالعجم؛ فكان من الطبيعي أن يأخذ كل قوم حظهم من معطيات حضارتها حسب نسبتهم. وليس بمستغرب أن يكون الكثير من علماء الأمة، أو أكثرهم من غير العرب؛ فنسبة العرب العددية وسط أولئك الأقوام هي الأقل مقارنة بالمجموع. روايات الحديث هذا.. وربما أشكل على البعض ما رواه الإمام البخاري رحمه الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ) قال: قلت: من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثاً. وفينا سلمان الفارسي، وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان ثم قال: (لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال أو رجل من هؤلاء). وفي رواية (لناله رجال من هؤلاء) دون تردد. وفي رواية لمسلم بلفظ: (لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس، أو قال: من أبناء فارس حتى يتناوله). وله بلفظ (لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء). ورواه أحمد بلفظ (لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء). وبلفظ (لو كان الدين عند الثريا لذهب رجل من فارس أو أبناء فارس حتى يتناوله). كلهم عن أبي هريرة. فقد رأيت من أهل السنة من توهم فراح يتصور أن في الحديث مدحاً للعجم أو الفرس بإطلاق، دون اعتبار لكل المعطيات المناقضة على أرض الواقع، والتاريخ الدامي والمليء بالدس والتآمر، والتخريب والتحريف، والكوارث التي لم تصب الأمة بمثلها أبداً ! وذلك على يد الفرس! ولو لم يكن إلا التشيع لكفى به شراً! ولو عدنا بالنظر إلى نصوص الحديث لوجدناها تتحدث عن رجال من الفرس يؤمنون ويدينون بدين الإسلام. وليس في هذا نكرة ولا غرابة؛ فإن الأمم كلها قد دخل في دين الإسلام منها رجال، آمنوا بهذا الدين وحملوه إلى غيرهم. والفرق هو مناسبة وجود سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه؛ ما جعل النبي يشير إليه. وقد وقع ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فآمن من الفرس رجال، وكان منهم العلماء والدعاة والمجاهدون في سبيل الله. ولسنا ننكر ذلك، ولا ننفسهم عليه. وفي ذلك يقول ابن حجر في (فتح الباري) عند شرح الحديث: "ووقع في بعض طرقه عند أحمد بلفظ (لو كان العلم عند الثريا). قال القرطبي: وقع ما قاله صلى الله عليه وسلم عياناً فإنه وجد منهم من اشتهر ذكره من حفاظ الآثار والعناية بها ما لم يشاركهم فيه كثير من غيرهم". وهذا من باب قوله تعالى عن اليهود والنصارى وأمثالهم: (لَيْسُوا سَوَاءً) (آل عمران:113)إ.هـ. قلت: وقد آمن رجال من اليهود منهم الصحابي الجليل عبد الله بن سلام رضي الله عنه، وكثير من النصارى فكان منهم العلماء والعباد والمجاهدون. وليس أن يقع مثله من الفرس ببدع من الحوادث، أو خوارقها! على أن للصورة صفحة أخرى غطت على ذلك وزادت عليه. هي صفحة الفتن والشرور التي لم نر مثلها من غيرهم، خصوصاً نحن أهل العراق، في تاريخنا أبداً ! ولا يبعد أن يكون الفرس هم المقصودون بقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله يشير إلى المشرق فقال: (ها إن الفتنة ها هنا، إن الفتنة ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان). وفي رواية لأحمد بلفظ (ها هنا أرض الفتن) وأشار إلى المشرق. جاء في بعض الروايات تفسيرها بأهل نجد وأهل الإبل وربيعة ومضر. لكن لا يمنع هذا أن يكون المقصود أبعد من ذلك. سيما وقد جاء عن الفاروق رضي الله عنه قوله: (يا ليت بيننا وبين فارس جبلاً من نار). وهو والد عبد الله بن عمر راوي حديث الفتن السابق. هذا إذا أخذنا بلفظ الجمع (رجال). أما إذا أخذنا برواية الإفراد: (لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجل من هؤلاء) – وهي رواية صحيحة متفق عليها - فالأمر يخف كثيراً ؛ فقد يكون المقصود به سلمان نفسه، أو أبا حنيفة رحمه الله . وعندها لا يحتاج الموضوع إلى تعليق أصلاً !. هذا.. ولم أجد الحديث بهذا اللفظ (العلم) عند أحمد - كما قال ابن حجر - ولا غيره. وذلك من خلال البحث في الكتب التسعة بواسطة القرص المدمج. إنما هو (الإيمان والدين). وليس من شرطهما البروز في العلم. وعلى أية حال فالحديث يمكن أن يكون فيه إشارة إلى قلة الدين والإيمان في أمة الفرس؛ فأن ينال رجل أو رجال منها الدين أو الإيمان - أو حتى العلم - أمر في غاية القلة. فهو إلى الذم أقرب منه إلى المدح. والله تعالى أعلم. الشعوبيون يستغلون الحديث ويضيفون إليه أما الرواية التي جاء فيها: عن أبي هريرة تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً هذه الآية (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) قالوا: ومن يُستبدَل بنا؟ قال: فضرب رسول الله على منكب سلمان ثم قال: (هذا وقومه، هذا وقومه). فهي رواية ضعيفة، تفوح منها رائحة الشعوبية. رواها الترمذي وضعفها هو نفسه بعد أن رواها فقال: هذا حديث غريب، في إسناده مقال. والغريب في اصطلاح الترمذي هو الضعيف. وسبب ضعفها من جهة إسنادها أن فيها راوٍ مجهولاً. قال الترمذي: حدثنا عبد بن حميد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا شيخ من أهل المدينة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً هذه الآية... الحديث. فالحديث منقطع بين عبد الرزاق والعلاء بن عبد الرحمن. هذا ولم يسلم بعض الرواة الآخرين من مقال؛ فالحديث ضعيف لا يصلح للاحتجاج. فكيف والواقع التاريخي يشهد بعكسه تماماً ؟! نقول هذا الكلام لأننا لم نرتض لأنفسنا أن نجلس وراء المكاتب، أو خلف الجدران الصماء، لا ندري بما يدور وراءها. نتطلع إلى الناس من فوق بروجنا العاجية؛ فنفسر النصوص بما يمكن أن تحتمله من معانٍ، دون النظر إلى الواقع، أو مصداقها منه. ولا ندرك كيف يتصيد الخصوم كلماتنا وينفذوا من ثغراتها؛ ليستثمروها في صالح معتقداتهم، وتحقيق أهدافهم، وخدمة أغراضهم. هذا واحد من دجاجلة الشيعة هو علي الكوراني. انظر إليه كيف يتعامل مع هذه النصوص! فيقول: (الآيات والأحاديث في مدح الإيرانيين: وردت الأحاديث حول الإيرانيين وحول الآيات المفسرة بهم بتسعة عناوين : " قوم سلمان. أهل المشرق. أهل خراسان. أصحاب الرايات السود. الفرس. بني الحمراء أو الحمراء. أهل قم. أهل الطالقان " وسترى أن المقصود فيها غالبا واحد. وقد تكون أحاديث أخر عبرت عنهم بعناوين أخرى أيضا. في تفسير قوله تعالى: "وان تتولوا يستبدل قوما غيركم" قال عز وجل: "ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله، فمنكم من يبخل، ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه، والله الغني وأنتم الفقراء. وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم، ثم لا يكونوا أمثالكم " (محمد:38) . قال صاحب الكشاف (ج 4 ص 331) " وسئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن القوم وكان سلمان إلى جنبه فضرب على فخذه وقال: "هذا وقومه. والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس". وقال صاحب مجمع البيان: "روي عن الإمام الباقر عليه السلام قال: "إن تتولوا يا معشر العرب، يستبدل قوما غيركم، يعني الموالي"... وفي الحديث الشريف معنيان متفق عليهما، وهما: أن الفرس هم الخط الثاني عند الله تعالى لحمل الإسلام بعد العرب، والسبب في ذلك أنهم يصلون إلى الإيمان مهما كان بعيدا عنهم، وكان طريقه صعبا. كما أن فيه ثلاثة أمور محل بحث: أولها: هل أن هذا التهديد للعرب باستبدال الفرس بهم خاص بوقت نزول الآية في عصر النبي صلى الله عليه وآله أو مستمر في كل جيل، بحيث يكون معناه: إن توليتم في أي جيل يستبدل بكم الفرس؟ والظاهر أنه مستمر، بحكم قاعدة أن خصوص المورد لا يخصص الوارد، وأن آيات القرآن تجري في كل جيل مجرى الشمس والقمر، كما ورد في الحديث واتفق عليه المفسرون. وثانيها: أن الحديث الشريف يخبر أن رجالا من فارس ينالون الإيمان أو العلم، ولا يخبر أنهم كلهم ينالونه. فهو مدح لأفراد نابغين منهم وليس لهم جميعا. ولكن الظاهر من الآية والحديث أنهما مدح للفرس بشكل عام لأنه يوجد فيهم رجال ينالون الإيمان والعلم. خاصة إذا لاحظنا أن الحديث عن قوم يخلفون العرب في حمل الإسلام. فالمدح للقوم بسبب أنهم أرضية للنابغين، وأهل لاطاعتهم والاقتداء بهم. وثالثها : هل وقع إعراض العرب عن الإسلام واستبدال الفرس بهم ، أم لا ؟ والجواب: أنه لا إشكال عند أحد من أهل العلم أن العرب وغيرهم من المسلمين في عصرنا قد أعرضوا وتولوا عن الإسلام. وبذلك يكون وقع فعل الشرط " إن تتولوا " ويبقى جوابه وهو الوعد الإلهي باستبدال الفرس بهم. كما لا إشكال عند المنصفين أن هذا الوعد الإلهي بدأ يتحق... في تفسير قوله تعالى: "بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد" في (البحار: ج60 ص216) عن الإمام الصادق عليه السلام ، " أنه قرأ هذه الآية. فقلنا جعلنا فداك من هؤلاء ؟ فقال ثلاثا : هم والله أهل قم ، هم والله أهل قم ، هم والله أهل قم "... أما الأحاديث الواردة من طرق الفريقين في مدح الإيرانيين ومستقبل دورهم في حمل الإسلام، فهي كثيرة... وهو يدل على أن الوعد الإلهي سيتحقق في العرب فيتولوا عن الدين ، ويستبدل الله تعالى بهم الفرس، ولا يكونوا أمثالهم. ويدل على أن الفتح الإسلامي في هذه المرة سيكون ابتداء من إيران في طريق القدس والتمهيد للمهدي عليه السلام)1. تركيبة متشابكة من العقد النفسية المركبة نحن إذن أمام تركيبة غريبة من العقد النفسية المركبة المتشابكة، يقوم بعضها على بعض، ويغذي بعضها بعضاً، وتتساند فيما بينها لتنتج حقداً متأججاً تعبر عنه باستمرار (عدوانية) لا تهدأ إلا لتثور. فهدوؤها كمون، وثورانها جنون! أطلق د. عماد عبد السلام على هذه التركيبة النفسية مصطلح (العقدة الفارسية). إن (العقدة الفارسية) جزء لا يتجزأ من النفسية (الفارسية) يلتجئ إليها صاحبها كضرب من الحيل النفسية من اجل حماية نفسه التي يشعر على الدوام بأنها مهددة لذلك هو لا يستطيع التخلي عن هذه العقدة - أو العقيدة أيضاً - لأنه سيجد نفسه المهددة بالخطر قد صارت بلا حماية وبتعبير آخر: إنه يرى أن التخلي عن هذه العقدة يساوي التخلي عن حياته! لذا فإن المصابين بـ(العقدة الفارسية) لا يجيدون الإصغاء إلى نداء العقل والحكمة، أو الضمير والرحمة، أو المبادئ والقيم، أو الأعراف والقوانين لغة واحدة يفهمونها هي القوة! إنهم يحترمون القوي أيما احترام! ويستجيبون له استجابة غير طبيعية. إنهميستخذونلهويتملقونهويبوسون قدميه بل حذاءه، وينحنون إلى حد الافتراش! لكنهم ينقضّون على من يرونه أضعف وأدنى، يذلونه ويجبرونه على الملق والاستكانة. لا يعرفون الوسطية؛ فهم بين ضعيف مستخذي، وقوي مستضري! ومنهاجهم: تمسكن حتى تتمكن. النار معبودهم. وبينهم وبين النار مشاعر وحوارات.. وصفات مشتركة: الهيجان والجنون، والتدمير والتخريب، والقوة العمياء، والقسوة والحقد الأسود. إنهم يرون أنفسهم ويجدونها فيها. فعبادتهم لها تعبير عن أنانيتهم وعبادتهم لهذه النفوس الهائجة المخربة الحاقدة. (الفارسية) وباء تجد (الفارسية) في المجتمعات التي ترزح تحت وطأة التشيع ظاهرةً منتشرةً كالوباءالمتوطن.صحيحأنالبعض قد أُفلتوا منها، كما هي طبيعة الوباء: لا بد أن يُفلت منه بعض الأفراد. إلا أن المحصلة النهائية للمجتمع أنه مجتمع مريض. ومع ذلك فإن كل مجتمع يسلط على عموم أفراده ضغطاً اجتماعياً لا يمكن مقاومته، بحيث يجعل كل واحد منهم يتبنى ما عليه المجتمع من أفكار وميول وعادات وأخلاق وسلوك، حسب قانون اجتماعي يسميه المختصون بـ(التنويم الاجتماعي). يقول الدكتور علي الوردي: (إن الإنسان يخضع في حياته الاجتماعية لتنويم يشبه من بعض الوجوه التنويم المغناطيسي وهو ما يمكن أن نسميه بـ(التنويم الاجتماعي). فالمجتمع يسلط على الإنسان منذ طفولته الباكرة إيحاءاً مكررا في مختلف شؤون العقائد والقيم والاعتبارات الاجتماعية. وهو بذلك يضع تفكير الإنسان في قوالب معينة يصعب الخروج منها. هذا هو الذي يجعل الإنسان الذي نشأ في بيئة معينة ينطبع تفكيره غالباً بما في تلك البيئة من عقائد دينية وميول سياسية واتجاهات عاطفية وما أشبه. فهو يظن أنَّهُ اتخذ تلك العقائد والميول بإرادته واختياره ولا يدري أنَّه في الحقيقة صنيعة بيئته الاجتماعية. ولو أنَّهُ نشأ في بيئة أخرى لكان تفكيره على نمط آخر)(). وهكذا تجد المجتمع الشيعي يسلط على أفراده - طبقاً إلى هذا القانون - ضغطاً اجتماعيا يجعلهم يستسلمون في النهاية، ويصابون بـ(العقدة الفارسية). ويتحولالتشيع عندهم – شاءوا أم أبَوا - إلى تشيع فارسي بكل ما فيه من أفكار وميول وعادات وأخلاقوسلوكوعقد نفسية تصب في محصلتها النهائية في مجاري المصالح الفارسية. ولقد لاحظنا ميدانيا أن هذه العقدة قد يتعدى ضررها - عن طريق العدوى - إلى غير الشيعة من المستوطنين في تلك المجتمعات، فتجد بعضهم شيعياً (فارسياً) في خلقه وسلوكه ، وإن كان غيره في اعتقاده وفكره |
#13
|
|||
|
|||
الفصل الخامس التحليل النفسي لأهم عقائد وطقوس التشيع الجذور الفارسية بشهادة الفرس أنفسهم أود أن أبتدئ هذا الموضوع بشهادة لأحدى الشخصيات الشيعية المرموقة هي الدكتور علي شريعتي الذي أدرك العلاقة الحميمة بين التشيع المنحرف والشخصية الفارسية، وأن هذا التشيع ما هو إلا تعبير أمين عن تلك الشخصية فقال في معرض حديثه عن صعوبة التفريق بين (التشيع الصفوي) المحرف و(التشيع العلوي) الصحيح لكون المحرفين استعملوا الأسماء نفسها مع تفريغها من محتواها الصحيح وزرقها بالمحتوى المحرف. يقول د. علي شريعتي: (المشكل هنا أن المذهبين لهما من حيث الاسم نفس الأصول ونفس الفروع دون اختلاف، وهذا يجعل الفرز والتشخيص أكثر تعقيداً، ذلك أن التشيع الصفوي جاء وأرسى دعائمه على هيكلية مضاهية لهيكلية التشيع العلوي، واستعار نفس القوالب الفكرية والعقائدية لهذا التشيع بعد أن أفرغها من مضمونها ومحتواها الواقعي وركّب عليها نفس أسسه ومبادئه بأسلوب ماكر وهادئ وبالاستعانة بعلماء ذوي خبرة واختصاص، وذلك لكي يتسنى له تمرير هذه العملية على ذقون الناس، وقد نجحوا بالفعل إذ لم ينتبه الناس لعملية التبديل تلك، رغم أنها طالت كل شيء وشملت الله والكتاب والنبي والإمام وسائر الشخصيات البارزة في الدين والتاريخ، لقد تبدل كل شيء من دون أن يشعر أي أحد! وإلى يومنا هذا ما زال الناس غير قادرين على اكتشاف عملية التزوير التي تمت وتم من خلالها تبديل اللب والإبقاء على القشور فقط! ليتهم أعلنوها صراحة وقالوا رسميا بأن ديناً جديداً قد جاء أو أن فرقة جديدة قد ظهرت إلى الوجود، ولكن كيف يفعلون ذلك وهم يدركون تمام الإدراك أن مسعاهم هذا لن يكتب له النجاح ولن يخدم مصالحهم ولا يحقق الأهداف التي تدور في خلدهم. ومن هنا حافظوا على جميع المصطلحات المتداولة في التشيع (العلوي - الإسلامي) وحرصوا على إبقاء نفس الأصول والفروع، نفس الأسماء والشخصيات والأعلام، بل لجأوا إلى القيام بعمليات تجميل واسعة لكي تبدو تلك المصطلحات والأسماء أكثر بريقاً ولمعاناً وجاذبية، ولكن في ظل هذا البريق واللمعان زرقوا موادهم السامة والمخدرة والتي كانت تحمل التشيع اسماً وهي في الواقع عناصر معادية للتشيع الحقيقي ومناوئة لأهدافه. إنها عناصر تشيع (صوفي – صفوي) تم تمريرها على المجتمع دون أدنى مقاومة، وذلك لأن الضمير الاجتماعي لم ينجح في اكتشافها نتيجة لشدة التشابه وصعوبة التمييز، فعملية التمويه كانت دقيقة ومخططة ومدروسة، واندفع الشيعة وراء المظاهر الظاهرية والمراسيم الشكلية والشعائر المفرغة من المضمون1... هو تشيع يتعاطى مع كل العقائد والعقائد النبيلة المشار إليها بشكل مختلف ويحولها إلى أحقاد دفينة وضغائن سياسية وقومية وعداء بين العرب والترك والإيرانيين... وبالتالي عمل على توظيف كل العواطف والعقد الشيعية في سبيل تحقيق أهدافه ومراميه المتمثلة بإقامة الدولة الصفوية)2. والآن نتوقف عند أهم العقائد والسلوكيات والممارسات العملية أصولاً وفروعاً في التشيع الفارسي، وكيف تمكن المزورون من إفراغها من مضمونها، وزرقها بموادهم السامة والمخدرة التي تعبر عن عقائدهم وعقدهم القديمة، حتى تتضح العلاقة أكثر بين التشيع الفارسي والعقد النفسية التي يعاني منها أصحابه، وتتأكد نظرتنا في كون هذا التشيع ما هو إلا إفراز نتن لتلك العقد المتأصلة في أعماق نفوس حملة العقيدة الشيعية الفارسية من أي الشعوب والأعراق كانوا، وفي أي الأماكن والأصقاع وجدوا. 1. الإمامة عقدة السيد – الناشئة عن عقدة النقص – تجعل من الشخصية الفارسية شخصية نُفاجية أو نرجسية. والنفاجية – كما مر بنا - حالة من تضخم الذات الذي يأخذ طابع المبالغة الخرافية لقدراتها وممتلكاتها ومكانتها، بشكل يجعل المحيط يبدو منحسراً أمام الذات. إنه مبالغة في الادعاء لا تستند إلى أي إحساس من الواقع الذاتي أو الموضوعي. والنفاجي كائن مهووس بالعظمة وارتفاع الشأن، فهو يبالغ في كل ما يمت إليه بصلة خصوصاً في تصوير قدراته. وقد يصل النفاج إلى حد هذيان العظمة، وادعاء ألقاب مفرطة في تفخيمها. والنفاج نوع من رد الفعل التعويضي على مشاعر نقص ذاتية شديدة. إنه رد فعل تمرد خرافي على العجز، بحيث يكون التضخيم الخارجي متوازٍ عموماً مع النقص الداخلي. من هنا صار الفارسي يشعر بأحقيته في السيطرة على الآخر ، وإلغائه من خارطة الاعتبار. وقد تعمق هذا الشعور بمجيء الدولة الساسانية التي سيطرعليها وحكمها كهنة بيت النار في إصطخر؛ فاختلط عندهم الملك بالدين، وصار البيت الديني هو البيت المالك؛ فكان سبباً في شيوع الاعتقاد الديني لديهم بأن الملك يجب أن يكون محصوراً في بيت واحد هو البيت الديني، وأن من نازعه الملك أو خرج عليه فهو ملعون خارج على الدين نفسه. وحين جاء الإسلام تحول هذا التصور الفارسي إلى بيت النبي فاعتقد عامة الفرس عدم جواز خروج الملك منه إلى غيره. وقد استغل الكهنوت السياسي الفارسي هذه التصورات بعد أن ألبسوها لبوس الدين وأعطوها اسماً مناسباً هو (الإمامة)،ليجعلواجمهورالمتشيعينلهذه العقيدة أناساً يعتقدون بأن كل حاكم من غير (أهل البيت) خارج على الدين تجب محاربته، ويسوغ الخروج عليه لإرجاع الحق المغتصب إلى أهله. وهذا هو منشأ جميع الفتن الشيعية في أوساط الأمة، بدءاً من الفرقة الطائفية، وانتهاءاً باستعداء الأجنبي على البلدان التي يستوطنونها، وخدمته بالعمالة والجاسوسية، وتقديم جميع أشكال العون له ضد أبناء الوطن. فعقيدة (الإمامة) نابعة من (عقدة السيد)عند الفرس المتأتية من (عقدة النقص)، وتحقق الأغراض الفارسية في إثارة القلاقل في بلاد العرب والمسلمين خدمة لأحلامهم وأهدافهم التوسعية، وتلبية لما يعتمل في نفوسهم من حقد على الأُمة، والاندفاع للثأر منها بشتى السبل والأساليب. 2. العصمة تنبع هذه العقيدة من أكثر من زاوية في تركيبة العقد النفسية لدى الشيعي. أهمها عقدة الشعور بالذنب. ففي فطرة الإنسان شوق إلى تمثل صفات الطهر والنظافة والنقاء، خصوصاً المتلطخ بالذنوب والآثام، وأشد منه من وصل به الأمر إلى حد العقدة؛ إن شعوره بالعجز عن بلوغ تلك الدرجة من السمو والاستقامة يجعله في حاجة إلى مثال يعاكس صفاته تماماً يرى فيه الصورة المثالية التي يشتاق إليها ويتمنى أن يرى عليها نفسه. وتستمر التفاعلات النفسية لتصل إلى نهايتها عن طريق عملية (التماهي الإسقاطي)، وهو – كما سيجيء في موضوع المصطلحات النفسية - عملية نفسية يحاول الشخص من خلالها إدخال ذاته لا شعورياً داخل شخص آخر مكروه لديه أو محبوب. وفي حالتنا يعمل التماهي الإسقاطي عمله ليصبح الآخر المحبوب رمزاً أسطورياً للمثالية والطهر والخير الذي يرغب أن يتمثله في ذاته. كذلك فإن عقدة الذنب تؤدي إلى اليأس من الخلاص الذاتي من تبعات الذنوب عند الله تعالى، لا سيما إذا كان صاحبها في الواقع لا يقدر أو لا يريد تركها أو التخلص منها؛ فيدفعه ذلك إلى التعلق بوسائط يستشفع بها عند الله عساها تحقق له الخلاص المطلوب. وحتى تكون الواسطة صالحة للاستشفاع الذي لا يرَدّ ، فلا بد أن تكون طاهرة مقدسة إلى الحد الأقصى.. عكسه تماماً! وهذا ما يدفعه إلى الغلو في وصفها إلى حد التقديس الكامل الذي لا يليق إلا بالله! فيتصورها لا تخطئ ولا ترتكب ذنباً صغيراً ولا كبيراً. ومن هنا نشأ القول بعصمتها. من (عقدة الذنب) إذن نشأت عقيدة (العصمة) لدى الشيعة. وهي نفسها عقيدة تقديس الفرس لملوكهم، وأن دماً إلهياً يجري في عروقهم، الناشئة من العقدة نفسها. انتقل مضمون هذه العقيدة بعد أن لبس الفرس لبوس الإسلام ليظهر بالشكل الذي يلائم التغيير الحاصل. وبهذه التحويرات الشكلية حافظوا على عقائدهم الأولى. فالمضمون ثابت، والتغير إنما طرأ على الشكل فقط. 3. المرجعية الدينية وجود المرجعية الدينية والتعلق الهوامي بها عند الشيعة راجع إلى عدة عقد. أولها (عقدة النقص) وما تثيره من خوف من الآخر؛ فتحتاج إلى الاحتماء بزعيم أسطوري يلبي ميولها النكوصية في توفير الأمن والرعاية، ويحقق أحلامها الخيالية في الأخذ بحقها والانتقام لها. وتأتي بعدها (عقدة الاضطهاد) التي يعبر عنها د. حجازي خير تعبير فيقول: (الجماهير المغبونة والمقهورة متعطشة بشكل مزمن للقوة في مختلف رموزها وعبر شكليها الأساسيين: البطش والغلبة من ناحية والعظمة والتعالي من ناحية ثانية. وهي مستعدة للانقياد وراء زعيم عظامي يقودها في هذا الاتجاه, يفجر ميولها للتشفي والعظمة, ويعبر عنها... إنها تنساق وراءه وتستسلم له بشكل رضوخي طفلي, تتعطل فيه إرادتها وقدرتها على الاختيار والنقد والتقدير, ولا يبقى سوى طاقة انفعالية متفجرة تفيض على كل شيء, وتكتسح أي صوت للعقل, وأي نداء لليقظة. الجماعة المقهورة عاطفية انفعالية تعشق العنف والسطوة, وتعشق الرضوخ لرموزها وأبطالها, وتتحرق عطشاً للإثارة الانفعالية والتهييج الذي يلهب حماسها. في ذلك كله تغيير سحري للمصير من بؤس وركود وموات ومهانة, إلى نشوة وامتلاء وتضخم ذاتي وإحساس بالاعتبار الوجودي. من خلال التهييج والإثارة تحس الجماعة أن كل فرد فيها يعيش.تتشبث الجماهير المقهورة بقيادة من هذا النوع تشعرها بالحياة, وتعوض لها نقصها, وتستبدل مشاعر العجز , بأحاسيس الجبروت والسيادة. وتتضخم أهمية هذه الجماعة على حساب الخارج تضخماً مفرطاً يجعلها تنغلق على ذاتها في حالة من النرجسية الكلية (لا ترى إلا نفسها, ولا تحس بقيمة خارج قيمتها, ولا تعترف بوجود سوى وجودها). وبمقدار ما تغرق في انغلاقها, تسير نحو العزلة وتقطع علاقات التفاعل والمشاركة مع بقية الجماعات, كي تحل محلها علاقات عداء وحقد, واضطهاد متبادل . من خلال انهيار علاقات التفاعل والمشاركة, والانغلاق على الذات تجد الجماهير المقهورة حلاً سحرياً لمأزقها من خلال أوالية الانشطار العاطفي والوجداني. العواطف المتجاذبة التي يمتزج فيها الحب والحقد, التقرب والنفور, التعاون والصراع , تنشطر بشكل جذري إلى عواطف متناقضة (الحب القاطع, العدوانية الخالصة). أما الحب فيتوجه كله إلى الجماعة من خلال الالتفاف حول الزعيم والتعلق العاطفي به. هذا القلق يؤدي إلى حالة ذوبان كلي في الجماعة وفقدان تام للفردية والأصالة الشخصية لأفرادها كما يخلق حالة اعتماد مطلق على الجماعة, مصدر كل اعتبار وقيمة, ومصدر الاعتراف بالذات وتحقيقها. ينشأ نوع من اللحمة العاطفية والوجودية بين أعضاء الجماعة من خلال التعلق بالزعيم الذي يشكل مثلها الأعلى: مصدر ونموذج القوة والقدرة روح الجماعة والمعبر عن آمالها وشخصياتها ومخاوفها. وكذلك حامي الجماعة والمدافع عنها الحافظ لمصالحها. هذا الانشطار في الجماعة يلغي كل تناقضاتها الداخلية ويجعلها مرجع كل فرد فيها, ومصدر كل توجه. وينشأ, محل الخوف والتهديد المتبادل, تعاطف وتعاضد واحتماء متبادل. كل فرد في الجماعة يصبح مرآة للآخر, والكل يرى نفسه في المرآة الكبرى وهي الزعيم. كل الصراعات تزول بشكل سحري, مما يشكل وظيفة هامة جداً لهذه الميول التعصبية)1. 4. تحريف القرآن اللؤم والحقد والشك عقد نفسية فارسية انعكست على القرآن الكريم حين لبس العجم لباس التشيع فادعوا أن يد الصحابة امتدت إليه بالتحريف ؛ فليس القرآن الموجود بين أيدينا هو القرآن نفسه الذي أنزل على قلب النبي محمد . لقد مر بنا أن العقلية الفارسية تعودت أن تنظر إلى الإسلام وحضارته بعين واحدة. إنها تتأثر بها لأنها مضطرة إلى ذلك لنقص في مستواها الحضاري، وتعاديها في الوقت نفسه لأنها تمثل خطراً يهدد سيطرتها على القوميات العديدة التي تحيط بها. فلقد اعتنق الفرس الإسلام كسائر شعوب المشرق لكنهم حاربوه من داخله، وتعلموا الآداب العربية لكنهم حاربوها بما تعلموه منها، وكتبوا بالحرف العربية لكنهم شنوا حرباً على اللغة العربية نفسها. لقد وجدوا في القرآن أكبر خطر يهدد سيطرتهم، ووجدوا في القول بتحريفه أكبر عامل تخريب داخلي للإسلام وتقويض لهيمنته الحضارية. وبدلاً من أن يشعروا بالمنة الربانية والكرامة الإلهية في نزول القرآن ووصول نوره إليهم ليدفعهم ذلك إلى خدمته وحمله إلى الأمم من حولهم، بدلاً من ذلك صار مثلهم كمثل الذين حُمِّلوا التوراة ثم لم يحملوها، فقالوا بتحريفه وتعطيله بحجة تحريفه. وما لم يتمكنوا من إلصاق التحريف به لفظاً قالوا بتحريفه معنى مستندين إلى أكبر قاعدة للتحريف المعنوي ألا وهي القول بأن للقرآن ظاهراً غير مراد هو ما يتبادر من معناه، وباطناً مراداً هو معنى آخر لا علاقة له باللفظ البتة. وهو ما يتفق مع طبيعة الفرس الباطنية المخادعة التي تجعلهم يظهرون غير ما يبطنون، وطبيعتهم الشكاكة المتوجسة التي تجعلهم على الدوام يفسرون الأمور على غير ما تبدو عليه. وتضرب عقيدة التحريف بجذورها الخفية إلى (عقدة السيد) من حيث علاقتها بعقيدة (الإمامة) المرتبطة بهذه العقدة. والقول بالتحريف نتاج منطقي لتسلسل القول بـ(الإمامة). وذلك لخلو القرآن الكريم من نص صريح عليها؛ فقالوا: إن نصوص (الإمامة) مما حذف منه. ومن هذا الباب قال البعض منهم بتحريف النقص دون تحريف الزيادة. وهكذا تجد أن هذه العقيدة نابعة من مجموعة عقد فارسية، وتخدم في الوقت نفسه أغراض الفرس وأهدافهم. 5. المهدي المنتظر نشأت هذه العقيدة من تفاعل عدة عقد في النفسية الفارسية أولها عقدة النقص، ثم عقدة الاضطهاد وعقدة الحقد، وما يترتب عليها من الحاجة للانتقام والتشفي والثأر والعدوان. إن عقد النقص تؤدي إلى التعلق بأوهام الخلاص، على يد منقذ سحري، من خارج الذات. وقد كتبت بحثاً مطولاً في كتابي (المهدي المنتظر هذه الخرافة) عن الجذور الفكرية والنفسية لخرافة المهدي المنتظر، مما جاء فيه قول الدكتور مصطفى حجازي: (تميز مشاعر الدونية بشكل عام موقف الإنسان المقهور من الوجود. فهو يعيش حالة عجز إزاء قوى الطبيعة وغوائلها، وإزاء قوة السلطة على مختلف أشكالها. مصيره معرض لأحداث وتغيرات يطغى عليها طابع الاعتباط أحياناً والمجانبة أحياناً أخرى. يعيش في حالة تهديد دائم لأمنه وصحته وقوته وعياله. يفتقر إلى ذلك الإحساس بالقوة والقدرة على المجابهة الذي يمد الحياة بنوع من العنفوان ويدفع إلى الاحترام والمجابهة. الإنسان المقهور عاجز عن المجابهة. تبدو له الأمور وكأن هناك باستمرار انعداماً في التكافؤ بين قوته وقوة الظواهر التي يتعامل معها. وبالتالي فهو معظم الأحيان يجد نفسه في وضعية المغلوب على أمره، يفتقد الطابع الاقتحامي في السلوك، سرعان ما يتخلى عن المجابهة منسحباً أو مستسلماً أو متجنباً إما طلباً للسلامة وخوفاً من سوء العاقبة، أو يأساً من إمكانية الظفر والتصدي. وبذلك يفقد موقفه العام من الحياة الطابع التغييري الفعال، ويقع في أسلوب التوقع والانتظار، والتلقي الفاتر لما قد يحدث. ثم هناك انعدام الثقة بالنفس، إذ لا شيء مضمون في وجوده.فقدان الثقة هذا يعمم على كل الآخرين أمثاله. وهكذا يشعر أنه وإياهم لا يستطيعون شيئاً إزاء قهر الطبيعة وقوى المتسلط. ويصل الأمر حد انعدام الثقة بقدرة الجماهير على الفعل والتأثير، مما يلقي به، وبشكل نكوصي، في الاتكالية على منقذ منتظر بشكل سحري. صورة هذا المنقذ على العكس من صورته عن ذاته. إنه القوي المتمتع بالجبروت، الكفيل بقلب الأمور رأساً على عقب، حامل الخلاص العاجل. ومن البديهي أن هذا الموقف يهيء هذه الجماهير إلى التعلق بالزعيم الفرد، تعلقاً يغري بالتسلط والدكتاتورية تحت شعار إنقاذ الوطن وخلاص الجماهير. إنسان العالم المتخلف يفتقر نظراً لما يعانيه من مشاعر دونية إلى الإيمان بالجماهير. يحس إحساساً عميقاً بأنه لا يمكن أن يُنتظر شيء يذكر من هذه الجماهير المقهورة على غراره. وإذا كان هناك من خلاص ممكن فهو بالتأكيد لا يأتي ، في نظره ، عن طريق هذه الجماهير العاجزة)(1). وقلت بعد كلام طويل في سياق التحليل النفسي لهذه العقيدة: (نستخلص مما سبق جملة عناصر متفاعلة ومقدمات ونتائج أهمها: [LIST=1][*]إنسان مقهور يشعر بالقهر والظلم المسلط عليه شعوراً عميقاً.[*]يعاني من عقدة الشعور بالضعف أو النقص إلى حد فقدان الثقة بالنفس والشعور التام بعجزه عن التغيير من خلال ذاته.[*]فقدان الثقة هذا يعمم على الجمهور المقهور أو كل الآخرين أمثاله فيشعر أنه وإياهم غير قادرين على التغيير.[*]وعليه يكون التطلع إلى الإنقاذ الخارجي هو السبيل الوحيد أمامه للخلاص من مأزقه.[*]العلاقة مع المنقذ الخارجي سحرية وخيالية يضفي المقهور فيها عليه صفات أسطورية ينزهه بها عن كل أوجه القصور والعجز التي يشكو منها الإنسان المقهور، ويضعه في مرتبة المثل الأعلى له، وتجعله قادراً على تغيير الأمور بشكل فجائي سحري، ومن دون تدخل المقهور الذي يظل قاعداً ينتظر الخلاص والخير والأمن والهناء على يد ذلك المنقذ الذي سينشق عنه حجاب الغيب! [/LIST] إذن المصاب بعقدة الشعور بالنقص أو الضعف يشعر - دائماً وأبداً، بسبب أو بغير سبب - بالاضطهاد والقهر، وأنه إنسان مضطهد مقهور، أو مغبون مغلوب على أمره. هذا من جهة، ومن جهة أخرى يحس بالعجز عن التغيير من خلال ذاته المجردة أو الجمهور المقهور من أمثاله دون منقذ من خارجه. وقد تمثل هذا المنقذ الخارجي في عقيدة الشيعي بالمهدي المنتظر، وفي سلوكه بالاستعانة بالأجنبي للخلاص من القهر الداخلي... فعقيدة المهدي المنتظر أساسها عقدة نفسية متأصلة عند الفارسي هي عقدة الشعور بالنقص، إضافة إلى عقدة الحقد الدفينة ضد العرب والتي تأججت أخيراً بفعل إزالة العرب لدولة العجم ما جعل هؤلاء يتطلعون باستمرار إلى رجل من آل كسرى يكون على يده تحقيق الخلاص والانتقام). وفي التراث الشيعي روايات كثيرة عن قيام المهدي بمجازر فظيعة ضد العرب عامة والعراقيين خاصة، وأنه يبتدئ أول ما يبتدئ بانتقامه بقريش! ويهدم الكعبة والمسجد النبوي وغيرهما من المساجد. بل ورد فيها أنه رجل من آل كسرى! كما جاء على لسان محمد باقر المجلسي الذي روى نقلاً عن ابن عياش في المقتضب بسنده عن النوشجان بن البومردان قال: (لما جلا الفرس عن القادسية، وبلغ يزدجرد بن شهريار ما كان من رستم وإدالة العرب عليه، وظن أن رستم قد هلك والفرس جميعاً، وجاء مبادر وأخبره بيوم القادسية وانجلائها عن خمسين ألف قتيل، خرج يزدجرد هارباً في أهل بيته ووقف بباب الإيوان، وقال: السلام عليك أيها الإيوان! هأنذا منصرف عنك، وراجع إليك أنا أو رجل من ولدي لم يدنُ زمانه ولا آن أوانه. قال سليمان الديلمي: فدخلت على أبي عبد الله ع فسألته عن ذلك وقلت له: (أو رجل من ولدي) ؟ فقال: ذلك صاحبكم القائم بأمر الله عز وجل السادس من ولدي ، قد ولده يزدجرد فهو ولده)(1). وهكذا تجد هذه العقيدة – كغيرها من عقائد التشيع الفارسي – تبتدئ من عقدة نفسية فارسية، وتنتهي بخدمة أغراض وأهداف الفرس، وما جماهير الشيعة إلا ضحية ساذجة لا تدري إلى أين يسير بها جزارها: إلى حتفها ؟ أم إلى علفها؟! 6. الرجعة عرفنا أن الطبيعة الفارسية طبيعة حقودة ، لا تنسى أحداً تسبب لها بأذى، ولا تغفر إساءة من أساء إليها أبدا. ولا شيء يشغلها كما يشغلها هم الثأر من خصومها، والتشفي بتعذيبهم وقتلهم والانتقام منهم. ومن هنا عبدوا النار؛ لأنها تناسب طبيعتهم الحاقدة المخربة. وكعادة المقهور دائماً تجد الفرس يراود مخيلتهم الحلم بزمن نموذجي يتحقق لهم فيه الانتقام التام من أعدائهم، تساعدهم على هذا الخيال عقليتهم الخرافية. كل هذا جعلهم يتطلعون إلى يوم يقتلون فيه من تسبب في زوال دولتهم – وأولهم أبو بكر وعمر وابنتاهما عائشة وحفصة - شر قتلة على يد علي أو امبراطورهم المهدي الذي سيقيم لهم دولة تمتد إلى آخر الدهر. وغلفوا ذلك بتغليفة دينية أسموها (الرجعة). من عقدة الحقد الفارسي إذن خرجت عقيدة (الرجعة)، التي تخدم الفرس حين تجعل الشيعة يشعرون بالعزلة النفسية عن مجتمعاتهم وحكوماتهم ودولهم، متطلعين دوماً إلى يوم الخلاص الذي يتم لهم فيه النصر على أعدائهم والانتقام منهم وقتلهم شر قتلة. 7. شفاعة أهل البيت يعول الشيعة كثيراً على مبدأ شفاعة (أهل البيت)، ويعتقدون أن من آمن بـ(ولايتهم) وإن كثرت ذنوبه، وإن لم يعمل عملاً صالحاً لن تمسه النار أبداً. وقد أدت هذه العقيدة بهم إلى الاستغراق في الذنوب والآثام ، مع الانتماء الاسمي للدين والتعصب للطائفة، والتمسك بالشعائر القشرية والتعويل عليها في النجاة من النار والفوز بالجنة. فتجد أفسد الناس وأشدهم تهتكاً، وأكثرهم انحداراً، وأجرأهم على المعصية وأكل أموال الناس بالباطل، واستباحة دمائهم وأعراضهم حين يقبل محرم ينبري ليستعرض عضلاته في اللطم والنواح، ويظهر أمام الناس بمظهر الحريص على المذهب من خلال قيامه بطبخ الهريس في الشارع، والسهر ليلة عاشوراء حتى مطلع الفجر، ونصب قُلل الماء عند باب داره أو محله. هذا كل حظه من الدين حتى إذا تقضت الأيام العشرة انقلب على عقبيه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين. لكنه يحسب أنه يحسن صنعاً، ويعمل صنيعاً سينجيه يوم القيامة بما ينيله من شفاعة (أهل البيت)! وعند التحليل النفسي تجد مبدأ (الشفاعة) نابعاً من (عقدة الذنب) الفارسية. وقد مر بنا في موضوع العصمة أن عقدة الذنب تؤدي إلى اليأس من الخلاص الذاتي من تبعات الذنوب عند الله تعالى، لا سيما إذا كان صاحبها في الواقع لا يقدر أو لا يريد تركها أو التخلص منها؛ فيدفعه ذلك إلى التعلق بوسائط يستشفع بها عند الله عساها تحقق له الخلاص المطلوب. 8. الغلو في أهل البيت يعتقد الشيعة في أهل البيت العلوي عقائد غالية تخرجهم عن رتبة البشر، وترفعهم إلى مرتبة الألوهية، وينسبون إليهم خوارق ومقدرات أسطورية خارجة عن الذوق والعقل. وعقيدتهم هذه في (أهل البيت) ما هي إلا انعكاس وامتداد لعقيدة الفرس في ملوكهم و(أهل بيت النار) عندهم. وهي ناشئة عن (عقدة النقص) التي تؤدي بأصحابها إلى ردود فعل خرافية، ومبالغة في الادعاء لا تستند إلى أي أساس تعويضاً عن الشعور الشديد بالنقص، بحيث يكون الادعاء الخارجي مكافئاً للشعور الداخلي بالنقص. وهذا هو منشأ الخرافة في العقلية الفارسية، وكل الخرافات والأساطير والتصورات الهُذائية التي ألصقت بـ(أهل البيت) والتشيع عموماً، والتي تمتلئ بها كافة المؤلفات الشيعية بلا استثناء. 9. سب الصحابة سب الصحابة وتكفيرهم ، وإنزالهم في الشق المناوئ لـ(أهل البيت) ، يشكل الركيزة الثانية – بعد الإمامة - من ركائز االاعتقاد عند الشيعة. وهو ناشئ من عدة عقد فارسية أولها (عقدة الحقد) على العرب المتجذرة في نفوس الفرس منذ الجاهلية، حتى إذا جاء الإسلام زادها حدة وأواراً؛ إذ ارتبط مجيئه بزوال دولة الفرس وملكهم وسلطانهم، وانطفاء نيرانهم، وخفوت بريق عقائدهم ودينهم. وكان ذلك كله قد تحقق على يد الصحابة؛ فحقد الفرس عليهم أشد الحقد وأعمقه – لا سيما الفاروق عمر بن الخطاب مبيد الأكاسرة ومزلزل عروش القياصرة رضي الله عنه وأرضاه – وسعوا في الكيد لهم والنيل منهم بكل وسيلة، وسلكوا إليه كل سبيل. وقد تضافرت على ترسيخ هذه العقيدة القذرة مع عقدة الحقد (عقدة الشعور بالاضطهاد): إذ اعتبر الشيعة أن تاريخ اضطهادهم بدأ - بزعمهم - من يوم تآمر الصحابة على علي واغتصبوا الخلافة منه (السقيفة). ومن يوم منعوا الرسول من كتابة الكتاب الذي لو كتب لما اختلفت الأمة من بعده أبداً. ولولا تلك المؤامرة لاستقام الأمر لعلي وشيعته، ولم يخرج من يدهم إلى غيرهم. وقد عملت عقدة (الوقاحة أو الصفاقة) الفارسية عملها في نشر عقيدة تكفير الصحابة، وإشهار سبهم دون حياء أو خجل من أهل السنة، أو مداراة لهم، ولا خجل من الأكاذيب المفضوحة والتهم الواضحة البطلان التي يلصقونها بخير جيل لخير أمة أخرجت للناس! وبينما ترى أهل السنة يحاولون بكل السبل دفع تهمة كره (أهل البيت) عن أنفسهم؛ فيمدحونهم ويغلون في حبهم ومدحهم، ترى الشيعة وبكل وقاحة يجهرون بسب الصحابة وقذفهم بكل تهمة مهما كانت مكشوفة الزيف وواضحة البطلان! وقد تأملت تهم الشيعة التي يوجهونها إلى الصحابة فوجدتها نقائص شائعة بينهم يحولونها لاشعورياً بواسطة حيلة (الإسقاط) النفسية إلى الصحابة. وبواسطة التكرار والإشاعة على طريقة: (اكذب اكذب حتى يصدقك الناس) صدقوها هم، ورسخت عندهم حتى صارت عقيدة لا يتطرق إليها الشك بحال. خذ مثلاً (الأُبنة) التي يتهمون بها كل من تسمى بأمير المؤمنين من خلفاء المسلمين بدءاً بعمر بن الخطاب : ما هي إلا رذيلة مشتهرة ومنتشرة في الأوساط الدينية الفارسية وما قرب أو تقرب منها وتأثر بها وسار على هديها منهم. ثم تغلغل هذا الوباء ليتركز في البلاد المجاورة حيثما حل (رجال الدين) الفرس، وانتشر من هناك إلى ما حولهم من المناطق. ولهذا تجد أكثر المدن شهرة بهذه الرذيلة هي مدينة النجف لكثرة الحوزات الدينية فيها! وقس على ذلك. 10. اتهام أهل السنة بكره (أهل البيت) يصر جمهور الشيعة إصراراً سمجاً على اتهام أهل السنة بكره (أهل البيت) ومناصبتهم العداء، ويطلقون عليهم لقب (النواصب). ورغم أن هذه الدعوى لا تجد لها أي سند من الواقع لكن الشيعة لا يحاولون عنها فكاكاً، ولا ينون في إشاعتها والتباكي بها! والتحليل النفسي يكشف عن نشأتها من جملة عقد يعاني منها الفرس، وخصال يتصفون بها، منها. أولها الكذب، وقد ظلوا يشيعونه حتى صدقوه! وحتى وصل بهم الأمر إلى حد عقدة الوهم ووهم الاضطهاد (= البارانويا)1. فدعوى كره (أهل البيت) منعكسة عن سب الشيعة للصحابة قاموا عن طريق عملية (الإسقاط) بتحويلها إلى أهل السنة متهمين إياهم بكره (أهل البيت). وقد فعلت (عقدة الاضطهاد) فعلها في تسهيل هذا التحويل من حيث أن المصاب بها يتصور أن الآخر هو الذي يضطهده ويعتدي عليه وليس العكس. وأرى أن هذه التهمة تعبر أيضاً عن شعور دفين بكره (أهل البيت) في النفسية الفارسية، يتحول عن طريق (الإسقاط) إلى أهل السنة. ولهذا الفعل أمثلة كثيرة يسوقها علماء النفس. (فالكاذب أو الجحود أو الأناني أو المتعصب الذي لا يفطن إلى وجود هذه الخصال في نفسه، ينسب الكذب والجحود والأنانية والتعصب إلى غيره. ومن هذا الباب لا يصدق الكذاب ما يقوله الناس؛ لأنه يرى فيهم نفسه المطبوعة على الكذب. ومن أمثلة ذلك: الزوج الذي تنطوي نفسه على رغبة مكبوتة في خيانة زوجته يميل إلى اتهامها بالخيانة. والأب الفاشل في عمله يميل إلى اتهام ابنه بالإهمال في دراسته. والمدرس الكسول لا يغفر لتلاميذه الكسل؛ لأنهم يصورون له الناحية التي يكرهها من نفسه. كذلك نرى القاضي الذي تعتلج في نفسه ميول إجرامية يميل إلى الصرامة في أحكامه. ومتى رأينا عيوبنا في الناس ملنا إلى وعظهم واشتددنا في محاسبتهم على عيوب نتسم بها ولا ندري. فيكون الوعظ في هذه الحالة مظهراً للإسقاط. من هنا نرى أن أحكامنا على الغير كثيراً ما تكون أحكاماً على أنفسنا، فهي اعترافات أكثر من أن تكون اتهامات. ولكن أكثر الناس لا يشعرون)1. مما يؤيد ما ذهبت إليه، أن (مهدي الشيعة) حين يظهر يصب انتقامه على قريش، فلا يبقي منها إلا ما خرج عن طاقته، وأفلت عن طوقه! وما (أهل البيت) إلا من لبة قريش؛ فهذا القتل الذريع سيشملهم حتماً، لو وقع الأمر كما تتخيل النفوس المريضة التي وضعت الروايات التالية في ذلك تنفيساً عن أحقادها: روى المجلسي عن أبي عبد الله ع أنه قال: (إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف، ما يأخذ منها إلا السيف)(2). وروى محمد بن إبراهيم النعماني في كتابه (الغيبة) عن أبي عبد الله ع أنه قال: (لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم ألا يروه مما يقتل من الناس أما إنه لا يبدأ إلا بقريش فما يأخذ منهـا إلا السيف)(3). تأمل تخصيص قريش بالحقد، وقصدها بالانتقام! ويروي النعماني عن محمد الباقر ع أنه قال: (لو يعلم الناس مـا يصنع القائم إذا خرج لأحب أكثرهم أن لا يروه مما يقتل من الناس. أما إنه لا يبدأ إلا بقريش فلا يقبل منها إلا السيف ولا يعطيها إلا السيف حتى يقول كثير من الناس ليس هذا من آل محمد، لو كان من آل محمد لرحم)(4). 11. مخالفة أهل السنة يتفق فقهاء الشيعة على مقولة ينسبونها إلى الإمام جعفر الصادق رحمه الله وهو منها بريء، تنص على أن (ما خالف العامة ففيه الرشاد)5. وهي رواية مشهورة متفق عليها عندهم علماً وعملاً. ناشئة عن (عقدة السيد) التي تجعل صاحبها يأنف من التشبه بالآخر ومحاكاته، ويستنكف من أي قول أو فعل يشير إلى المساواة بينهما، فضلاً عن التبعية له. وتعبر بصورة أخص عن احتقارهم للعرب وازدرائهم للدين الذي جاءوا به، وحمله الفرس عنهم مكرهين. وفي الوقت نفسه تحقق أهدافهم في إثارة الفرقة وتمزيق الصف وتجويف الدين وتخريبه من الداخل. 12. التقية لم تبلغ أمة في الكذب والنفاق كما بلغ الفرس! وقد بحثنا الأسباب الباعثة في موضع سابق ، وتبين لنا كيف أن هذه الصفة متأصلة في طبيعتهم تأصل الروح من الجسد لا تفارقه إلا بالموت. كلنا يعرف لماذا تبنى عبد الله بن أبي بن سلول النفاق وصار رأس المنافقين في المدينة؟ وللذكرى أقول: حين دخل النبي المدينة كان أهلها على وشك تتويج ابن سلول ملكاً عليهم. وبمجيء النبي انصرف الناس عن ابن سلول ونسوه، وانشغلوا بالنبي والدعوة الجديدة، فانتفخ حقداً على النبي وأصحابه لأنهم كانوا السبب في حرمانه من الملك. ولما يئس من رجوع ملكه تبنى المراوغة والخداع وتظاهر بالإيمان وأبطن الكفر، وصار يثير المشاكل ويفرق الصفوف ويؤلب الكفار على دولة الإسلام الناشئة، ويقتنص الفرص للطعن المبطن برسول الله وذلك بتشويه سمعته في أصحابه وأزواجه، فهو الذي أثار الغبار على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك المعلومة. الأمر نفسه وقع حين دخل المسلمون العرب إلى العراق وأبادوا جيوش النار وأزاحوا الفرس عن الملك واستولوا على عروشهم ودولتهم وتيجانهم وسبوا نساءهم وذراريهم ومرغوا أنوفهم كبرياءهم وعنجهيتهم بالوحل. حتى إذا يئس الفرس من رجوع ملكهم وإزاحة العرب عن سلطانهم فعلوا ما فعل المنافقون أول مرة ولكن بصورة أعمق وأوسع فتبنوا المراوغة والخداع وتظاهروا بالإيمان وأبطنوا الكفر وصاروا يثير المشاكل ويفرقون الصفوف ويؤلبون الكفار على دولة الإسلام الناشئة، ويقتنصون الفرص للطعن المبطن برسول الله وذلك بتشويه سمعته في أصحابه وأزواجه. والمؤرخون يذكرون أن الفرس بقيادة يزدجرد اجتمعوا بعد هزيمتهم في معركة نهاوند الفاصلة وقرروا التظاهر بالدخول في الإسلام لتخريبه من الداخل. وهكذا كان. وتوسلوا لذلك بوسائل منها مبدأ (التقية) الذي يبيح لهم التظاهر بالإسلام مع إبطان الكفر، والكذب والتحايل والخداع وإظهار شيء وإخفاء نقيضه متى ما احتاجوا إلى ذلك وإن لم يكن إلجاء أو إكراه، ومع المسلمين وغيرهم. وهي صفات الفرس النفسية ألبسوها لبوس الدين. فـ(التقية) ناشئة عن الطبيعة النفسية الفارسية التي تمتهن الكذب وتعتاش عليه، وتخدم في الوقت نفسه أغراض الفرس، وتحقق أهدافهم. وأما جذورها البعيدة فيمكن تحسسها من خلال علاقتها بـ(عقدة النقص). وفي ذلك يقول د. حجازي: (عقدة العار هي التتمة الطبيعية لعقدة النقص. الإنسان المقهور يخجل من ذاته، يعيش وضعه كعار وجودي يصعب احتماله. إنه في حالة دفاع دائم ضد افتضاح أمره، افتضاح عجزه وبؤسه. ولذلك فالسترة إحدى هواجسه الأساسية. إنه الكائن المعرض ، ويخشى ، أن ينكشف باستمرار، يخشى ألا يقوى على الصمود. يتمسك بشدة بالمظاهر التي تشكل ستراً واقياً لبؤسه الداخلي. هاجس الفضيحة يخيم عليه (فضيحة العجز أو الفقر أو الشرف، أو المرض). حساسيته مفرطة جداً لكل ما يهدد المظهر الخارجي الذي يحـاول أن يقدم نفسه من خلاله للآخرين... ولكن الرجل المقهور يسقط العار أساساً على المرأة: المرأة العورة أي موطن الضعف والعيب. بسبب هذا الإسقاط يربط الإنسان المسحوق شرفه كله، وكرامته كلها بالحياة الجنسية للمرأة)1. إن هذا يفسر بوضوح منشأ التقية والبوشية الفارسية. 13. السجود على التربة والإسبال في الصلاة كان الفرس إذا وقفوا بين يدي ملوكهم وقفوا ورؤوسهم مطرقة بكل بخشوع، وأيديهم على صدورهم علامة على التذلل والاستسلام والخضوع. أما التراب فيعتبر من العناصر المقدسة - إضافة إلى النار - في العقيدة الفارسية المجوسية؛ ولذلك يحرق المجوس موتاهم ولا يدفنونهم في التراب تقديساً له أن يضم جسد الميت النجس حسب اعتقادهم. وقد انعكس ذلك على الفقه الشيعي قولاً بنجاسة جسد الميت؛ فإذا مسه أحدهم بادر إلى الاغتسال، ولا يكفي للتطهر مما أصابه من النجاسة غسل اليد أو حتى الوضوء! ما يشير إلى عمق هذا الطقس في نفوسهم وأنه مرتبط بعقيدة عميقة الجذور. نأتي الآن إلى تفسير العلاقة بين السجود على التربة وإسبال اليدين في الصلاة وبين أصلهما الفارسي المجوسي فنقول: إن الإسبال - حسب النظرة الفارسية - يتناقض مع التذلل والخضوع الذي يرافق التكتف، فأداء الصلاة مسبلاً لا متكتفاً يعني الإشارة المبطنة إلى عدم الاعتراف بالصلاة من قبل مؤديها. ووضع التربة في قبلة المصلي ما هو إلا إشارة – ولو من بعيد – إلى أن هذه الصلاة ما هي إلا طقس يؤدى تجاه أحد الرموز المقدسة عند المجوس وهو التراب. وهو ما يفسر احترام المصلي للتربة إلى حد تقبيلها والتمسح بها، واعتقاد قدرتها على الشفاء من الأمراض. وقد وجدنا بعض الترب مرسوماً عليه صورة الشمس، وبعضها صورة النار! وهذا دليل آخر يؤيد ما ذهبنا إليه. وقد اشتط الفقه الشيعي في التمسك بالإسبال في الصلاة إلى حد القول ببطلان صلاة المتكتف. وهو مذكور في نواقض الصلاة في (الرسائل العملية) التي يصدرها كل فقيه صالح للتقليد. وذلك يحقق للفرس هدفاً سياسياً من أهدافهم هو إشاعة الفرقة بين المسلمين، والحيلولة دون التقائهم بأي شكل من الأشكال ولو كان هو صورة ظاهرة لا أكثر. 14. زيارة المراقد وانتشار ظاهرة الأضرحة زيارةالمراقد هي أعظم طقس عبادي يمارسه الشيعة في حياتهم الدينية، على اعتبار أن (الإمامة)هي أعظم الأصول النظرية عندهم؛ فزيارة (الأئمة) لتقديم مراسيم الولاء والتقديس لهم ، ثم طلب الحاجات منهم ، لا بد أن تكتسب الأولوية في سلم الطقوس العملية. ويقف د. حجازي هنا عند هذه الظواهر والرموز كي يتناولها بالعرض والتحليل الذي تدرك من خلاله كيف تفعل (عقدة النقص) فعلها في نشوء الدافع النفسي للتعلق بالأولياء ذلك التعلق الخرافي البدعي، بل الشركي، ونسبة الكرامات التي هي في حقيقتها - على الأغلب الأعم – خرافات رسختها الإذاعة والإشاعة لتستوطن تلك الأرضية النفسية المفعمة بالشعور بالحرمان والاضطهاد؛ لأنها هي البيئة الأنسب لنموها وترعرعها وانتشارها، فيقول: (تنتشر ظاهرة التعلق بالأولياء. واللجوء إليهم لاستجلاب الخير ودرء الشر, بكثرة في القطاعات المقهورة من السكان . وتتفشى خصوصاً حيث يعم الجهل والعجز وقلة الحيلة, وحيث يتعرض الإنسان لأقصى درجات الاعتباط من الطبيعة يأتيه كتهديد لقوته وصحته وولده, ومن الإنسان يصيبه كقمع وتسلط واستغلال. الإنسان المقهور بحاجة إلى ولي لشدة شعوره بعجزه وقصور إمكاناته على التصدي والمجابهة والتأثير. ويحتاج إلى حماية نظراً لشدة إحساسه بالعزلة والوحدة في مجابهة مصيره المحفوف بالمخاطر حين تلم به النوائب أو يصاب في نفسه أو ذويه أو أمنه أو قوته. فالولي ملاذ ومحام يتقرب إليه ويتخذه حليفاً ونصيراً, كي يتوسط له لدى العناية الإلهية. الولي هو ولي الله, ومن خلال التقرب منه تتحقق الحاجات وتعم الرحمة الإلهية. وتسقط على الولي قدرات خارقة لها علامات, هي الكرامات التي تميزه عن سائر البشر... من الواضح أن هذه الكرامات تشكل النقيض تماماً لوضعية الإنسان المقهور. فهي ترسم صورة الإنسان الفائق الذي يعوض صورة الإنسان المهان واقعياً. وهي تجسد أماني الجماهير المغلوبة على أمرها في أمل الخلاص من خلال وجود نموذج الجبروت الطفلي هذا. ومن خلال إمكانية التقرب من الولي صاحب الكرامات الخوارق, الذي يفلت من قيود الواقع والزمان والمكان، بواسطة الأدعية والنذور والقرابين. تلك أوالية ضرورية للتوازن النفسي لهذه الجماهير العطشى إلى إرضاء حاجاتها لمصير مغاير لمصيرها, العطشى لمظاهر الجبروت (القدرة على تحقيق الأماني). فقط من خلال أمل كهذا تظل حياة القهر ذات الآفاق المسدودة والتهديد الدائم ممكنة. تحدث الكرامات إجمالاً لأناس اصطفتهم العناية الإلهية دون أن يكون لهم في ذلك فضل أو إرادة (دون جهد أو تدريب وإعداد وإدارة كفاح). فقد يكون صاحب الكرامة ذكياً أو غبياً عالماً أو جاهلاً. وتلمح في ذلك الاعتباط الذي يميز وجود الإنسان المقهور، الخاضع لقدرية ليس له فيها أي مسؤولية. ذلك ما يدفع به إلى القبول بقدره من ناحية ويجنبه مشاعر الذنب النابعة من فشله من ناحية ثانية, ويدغدغ في نفسه أمله الطفلي بتغير ما ورائي يصيب مصيره, فيحوله من حال إلى حال من ناحية ثالثة، إذ قد يجد نفسه يوماً صاحب كرامة دون أن يدري أو يقصد. ويكون له الخلاص والرفعة بعد بؤس وضعة. حينما يستفحل عجز الإنسان وقصوره, وحده الخلاص الخرافي يظل ممكناً كأمل يبقي له على رمق من الحياة)1. وعن انتشار ظاهرة الأضرحةيواصل د. حجازي حديثه الشيق، فيتطرق إلى الأسباب النفسية الكامنة وراء ذلك في المجتمعات الاضطهادية. إن زيارة واحدة للجنوب العراقي تريك الفرق الشاسع في عدد المراقد بين المناطق الشيعية والمناطق السنية التي لا تكاد ترى فيها مرقداً لولي إلا بصعوبة. ذهبنا مرة في سفرة إلى البصرة. وما إن صرنا على مشارف الحلة حتى التفتّ فرأيت صاحبي قد أخرج ورقة وصار ينظر إلى بعض المراقد التي بدأت تطل بأعناقها ونحن على الطريق الدولي. قلت له: ماذا تفعل؟ قال: أريد أن أحصي عدد الأضرحة على الطريق. فضحكت لطيبة قلبه، قلت: ستتعب. لكنه ابتسم واستمر يكتب. ثم ما إن سارت بنا السيارة بضع عشرات من الكيلوات حتى وضع القلم جانباً وهو يضحك معلناً الاستسلام! وفي مرة سابقة كنا متوجهين إلى السماوة سالكين الطريق القديم، ننظر عن يمين وشمال فنرى لافتات حديدية لا حصر لها، كل واحدة منها مكتوب عليها عبارة (إلى الإمام فلان). كان معنا صديق من أهل الفلوجة، بينما نحن في وسط الطريق، والسيارة تنهب بنا الأرض نهباً إذا به يقطع علينا لحظات صمت مرت بنا وهو يقول ضاحكاً بقوة متعجباً: انظروا ما مكتوب: (إلى الإمام خلَف)! هل سمعتم بإمام اسمه خلف؟! ونظرنا فإذا لافتة من سطرين: الأول هو (إلى الأمام خلف) وتحته مكتوب (القائد صدام حسين) فتكون العبارة كاملةً هكذا: (إلى الأمام خلف القائد صدام حسين)!لقد استعجل صاحبنا فقرأ السطر الأول، ولم يجد نفسه في حاجة إلى قراءة ما بعده لكثرة ما قرأ من أمثالها! وصاح متعجباً قبل أن ينتبه إلى تكملة العبارة في السطر الثاني. وشهد الزمان ساعتها نكتة قوية ضحكنا لها كثيراً !. يقول د. حجازي: (تنتشر أضرحة الأولياء ومقاماتهم في كل أرجاء المجتمع المتخلف. ولا تكاد تخلو منه قرية, أو حي في المدن الكبرى. وتشكل هذه الأضرحة نواة التجمعات السكانية, تقوم حولها أماكن العبادة ثم تحيط بها المساكن والمنازل والفنادق, وتنتشر الأسواق التجارية. فهي إذاً محج وملجأ وأماكن للتبرك واستجلاب الخير كما أنها أماكن للحماية من غوائل الطبيعة والناس. من جاور ضريح الولي فهو في مأمن، ولا بد أن يناله قسط من بركته. تتجمع الجماهير المقهورة سكانياً حول أضرحة الأولياء ومقاماتهم, كما يتجمع أعضاء حزب معين حول شخص الزعيم طلباً للهداية والحماية, وتقرباً من مصدر الخير. وهناك أسطورة تخصص الأولياء في قضاء الحاجات. فهناك من يشفي من الصداع, وآخر من العقم, وثالث من الحسد, ورابع يرد الكيد, وخامس يمد بأسباب القوة على الحبيب الهاجر, وسادس ينصر على الغريم, وغيره يرد الغائب وهكذا. ويبرز في التجمعات السكنية المتخلفة عدد من مقامات هؤلاء الأولياء يغطي كل الحاجات التي تعجز الجماهير عن تحقيقها بجهدها، والتي قصر الحاكم في القيام بواجب تلبيتها. بالإضافة إلى النذور والقرابين, تحتل الأدعية والابتهالات مكانة خاصة في التقرب من الأولياء, والتماس قضاء الحاجات على أيديهم وببركتهم وتتنوع الأدعية لتشمل مختلف الأغراض وتصلح لقضاء الحاجات المتنوعة للفئات المغبونة. فهناك أدعية للشفاء من المرض، وأخرى لتفريج الغم، وثالثة لإزالة الكرب، ورابعة لتوسيع الرزق، وخامسة لتوكيد المحبة، وسادسة للخلافات الزوجية وهكذا... من خلال هذه الصور الخيرة للأولياء وكراماتهم وبركتهم، والأدعية وغيرها من وسائل التقرب منهم, يملأ الإنسان المقهور خواء عالمه العاجز المحدد بأمل القدرة على التصدي لواقعه، والتحكم بمصيره بمقدار ما يتخذ من هذه الرموز حلفاء له. جبروت الرجاء يحل محل قوة الفعل التغييري. روحية الاستجداء والاحتماء تحل محل المطالبة بالحق والتصدي لانتزاعه)1. 15. المتعة والشذوذ الجنسي ونكاح المحارم كتبت في آخر كتاب (نكاح المتعة نظرة قرآنية جديدة) تحليلاً اجتماعياً عن علاقة هذا النوع من الصلات الجنسية بالحضارة الفارسية جاء فيه ما ملخصه: من خصائص الحضارة الفارسية أنها حضارة قامت على الفساد والتحلل الخلقي والإباحية الجنسية. وقد اختلفت في ذلك عن الحضارة الغربية بأنها قد أطرت فسادها بإطار الدين، على عكس أختها الغربية التي ظلت واضحة في فسادها، صريحة جلية في عهرها.وإذا كانت هناك شعوب أخرى قد اشتهرت بالإباحية والفساد الخلقي فإن الشعب الوحيد - على ما يبدو - الذي غلف فساده بالدين، وأعطاه مشروعية دينية هو الشعب الإيراني. ومنذ أقدم عصور التاريخ.فالزرادشتية تبيح زواج الابن لأمه والأب لابنته والأخ لأخته(2).والمزدكية تقول باشتراك الناس في الأموال والنساء وأصبحت دين الدولة الرسمي في عهد الملك قباذ الأول عام 488م. والخرمية - وهي ديانة متطورة عن المزدكية ، وتعني بالعربية دين الفرح - تمتاز بالإباحية العامة(1). وتسللت هذه الرذائل متسترة بالدين إلى جميع الفرق الفارسية التي انتسبت للتشيع. ولست في مقام تفصيل أسمائها وأفعالها. إن إباحية الجنس والمال في الديانتين : المزدكية والخرمية، وغيرهما من الديانات الفارسية القديمة ظهرت بشكل مقبول مؤطر باسم شرعي، ويمكن ربطه ببعض الألفاظ القرآنية. أما الإباحية الجنسية فظهرت باسم (المتعة) التي تغني صاحبها، وتعوضه عن أشد حالات التحلل والفساد الجنسي. والتي هي تقليد زرادشتي قديم لا يختلف تخريجه الفقهي كثيراً عما موجود في الفقه الشيعي الحالي! بحيث يستطيع كل متأمل أن يستنتج أنهما يخرجان من عمامة واحدة ، وأن هذا ما هو إلا نسل (محسَّن) عن ذاك! وفي ذلك تقول د. شهلا حائري حفيدة المرجع الديني الإيراني آية الله حائري: (عند الزرادشتيين يحق للزوج أو رب العائلة إعطاء زوجته أو ابنته من خلال إجراءات رسمية رداً على طلب رسمي إلى أي رجل من قومه يطلبها كزوجة مؤقتة لفترة محددة. وفي هذه الحالة تبقى المرأة زوجة دائمة لزوجها الأصلي وفي الوقت نفسه تصبح زوجة مؤقتة لرجل آخر. وأي طفل يولد خلال فترة الزواج المؤقـت يعود إلى الزوج الدائم أو لوالد المرأة وفقاً للحالة)(2). وكذلك نكاح المحارم الذي كان يمارس في إيران قبل الإسلام انتقل تقليده - بصورة أو بأخرى - إلى جميع الفرق والمجتمعات التي صارت تدين بهذا الدين الدخيل الغريب على حضارتنا الإسلامية وجذورها العربية. ومن معلوماتنا القريبة الموثقة أن أكثر المتشيعين فارسياً تعاطياً للواطة هم طلاب الحوزات الدينية! والتحليل النفسي يشير إلى علاقة هذه الرذيلة بـ(عقدة الذنب) التي تجعل صاحبها يميل إلى التعرض بكل وسيلة إلى معاقبة نفسه؛ فيتحول إلى شخص (ماسوشي) يتلذذ بإيقاع العقاب من قبل الآخر والخضوع له إلى حد الانبطاح والافتراش. ومن هنا نشأت رذيلة (الأُبنة) في تلك الأوساط. وقد دلت الملاحظة العلمية النفسية على أن (الماسوشي) كثيراً ما يكون (سادياً) أيضاً تجاه من هو أضعف منه، وهو دائم البحث عن ضحية يمارس عليها (ساديته) التي تبلغ قمتها بافتراشها وممارسة اللواطة بها. وهذا برأيي هو الجذر النفسي لتفشي هذه الرذيلة في المجتمع الإيراني قبل الإسلام، واستمرارها عند جميع الفرق الباطنية التي تسترت بالتشيع، ومنها انتشرت إلى كل الأوساط التي تأثرت بها وتشيعت لأفكارها. 16. الخمس والحقوق الشرعية عقدة السيد التي تعاني منها النفسية الفارسية تجعل المصاب بها ينظر إلى نفسه نظرة مضخمة، ويشعر بحالة من تضخم الذات الذي يأخذ طابع المبالغة الخرافية لقدراتها وممتلكاتها ومكانتها، بشكل يجعل المحيط يبدو منحسراً أمام الذات، كنوع من رد الفعل التعويضي على مشاعر نقص ذاتية شديدة، بحيث يكون التضخيم الخارجي متوازٍ عموماً مع النقص الداخلي. وهي تسمى في علم النفس بـ(النُّفاج). والنفاجي كائن مهووس بالعظمة وارتفاع الشأن. أصيبت هذه الشخصية النفاجية بنكسة حادة شديدة الانحدار بمجيء الإسلام الذي حرم ملوكهم وقادتهم ودهاقنتهم من مظاهر عظمتهم، وشردهم في أصقاع الأرض. تمكن هؤلاء بمرور الزمن من التسلل داخل المنظومة الإسلامية بطرق شتى أهمها التخفي وراء عباءة الدين والظهور بمظهر (رجل الدين). فإذا علمنا أن العقلية الفارسية تمزج بين بيت الدين وبيت الملك إلى درجة التلازم الكامل أدركنا أن (رجل الدين) هذا ما هو – في قرارة نفسه - إلا حاكم متوج اتخذ تاجه شكل العمامة نتيجة للظروف التي استجدت، والتي ما عادت تسمح له بالظهور كما يريد. ومن هنا تجده قد أحاط نفسه بهالة من الألقاب الضخمة التي تعبر أصدق تعبير عما يجول في دخيلة نفسه من إحساس بحقيقة وضعه الذي ينبغي أن يكون عليه، ويرغب في أن يعامله الناس طبقاً إليه مثل: ولي أمر المسلمين ، الحاكم الشرعي ، زعيم الحوزة ، الإمام الأكبر ، المرجع الأعلى ، وهي ألقاب سياسية أكثر منها دينية. ناهيك عن الألقاب الفخمة الأخرى الفارغة مثل: آية الله العظمى ، رئيس المجلس الأعلى ، وهلم خراً ! رجل الدين الشيعي إذن حاكم فارسي مقنع. ولا تكمل شخصية الحاكم إلا بممارسة جباية الأموال من الرعية للقيام بمقومات الحكم. على أن تؤدى هذه الأموال بطريقة يشعر فيها المالك أنه ملزم بأدائها، ويجلس بين يدي المرجع متذللاً متمسكناً يقبل يده امتناناً بقبولها منه. وذلك كما كانت الرعية تؤدي أموالها إلى الحاكم الفارسي من قبل. وأخيراً أقول: إن المتأمل بدقة يظهر له بوضوح تام أن تشريع ما يسمى بـ(الخمس) و(الحقوق الشرعية) مكمل لعقيدة (الإمامة)، وأن كليهما يخرج من مخرج واحد هو (عقدة السيد) الفارسية المجوسية. 17. النياحة ومراسيم العزاء الحسيني من الطقوس المشهورة في فلكلور التشيع الفارسي مواكب اللطم بالأيدي على الوجه والصدر، وبالزناجيل على أعلى الظهر ووسطه، وتطبير الرأس بالآلات حادة كالحربة وما شابهها. وتراهم يؤدون هذه الطقوس العنيفة جماعياً؛ ما يزيد في عنفها ووحشيتها حتى تصل ببعضهم إلى الموت أو الإغماء! يترافق ذلك مع النياحة والبكاء والعويل... إلى آخر مراسيم عاشوراء. هذا وسواه في الفلكلور الشيعي، ناشئ عن أكثر من عقدة نفسية فارسية: أولها العدوانية، ثم عقدة الاضطهاد، وعقدة الذنب. أما العدوانية، وعلاقتها بهذا الطقس الشيعي المتخلف ، فيمكن فهمها من خلال هذا التحليل العلمي للدكتور مصطفى حجازي: (العدوانية تنخز وجود الإنسان المقهور عموماً. وتنخره أكثر فأكثر في العالم المتخلف. وهي عبء وتهديد للتوازن النفسي, ودافع للإقدام على العديد من تصرفات تدمير الذات. كما أنها, في الوقت نفسه, دفاع وانتفاضة ضد التهديدات التي تأتيه من الخارج... عندما لا يتمكن الإنسان من تحمل مسؤولية عدوانيته المتراكمة، يحل المأزق الناتج عنها الذي يتهدد توازنه، بالمداورة تحت وطأة القمع المفروض عليه, والذي يخشى ردود فعله. يشيع العنف المقنع إذاً مع ازدياد حدة القمع المفروض من الخارج من ناحية, وازدياد إحساس الإنسان بالعجز عن التصدي له من ناحية ثانية. والعنف المقنع قد يرتد على الذات متخذاً شكل السلوك الرضوخي والميول التدميرية الذاتية, أو هو يتوجه إلى الخارج على شكل مقاومة سلبية1... أما العدوانية المرتدة على الذات , فلأنها لا تجد طريقها إلى الخارج إلا بشكل باهت وهزيل لا يساعد على تصريفها والتحرر من وطأتها داخلياً؛ ولذلك فهي ترتد إلى الذات, وتعنف بها وتقسو عليها وتنزل بها مختلف أشكال العنت وتسومها سوء العذاب. إنها وضعية الرضوخ في سيكولوجية الإنسان المقهور الذي يلوم نفسه, ويشتط في تبخيسها والحط من شأنها. إنه يحملها مسؤولية الفشل المصاحب لوضعية القهر, ويصل في ذلك حد التماهي بعدوان المتسلط الذي يغرس في ذهن الإنسان المقهور الدونية والتخلف والعجز والجهل. ويوهمه بأنه كائن منحط خلق هكذا وسيظل كذلك. ذلكم هو الكفر بالذات الذي يشيع في فترات الهزيمة والنكسات في المجتمع المتخلف: إننا لسنا جديرين بالحياة ولن يصدر عنا أي خير, لا نصلح لأي رفعة, ولا يحق لنا أن نحيط أنفسنا بأي اعتبار أو تقدير. وتصل الإدانة (النابعة من توجيه العدوانية إلى الذات المذنبة لتقصيرها وقصورها) حد النكاية بالنفس, وبالآخرين المشابهين لنا… تتضمن هذه الإدانة للذات دفاعاً عنها بشكل خفي. فالإدانة الذاتية تظل أخف وطأة من إدانة الآخرين. وفي إدانة الذات والحط من شأنها نوع من التكفير عن الخطيئة الوجودية تجاه المصير, تتضمن ولا شك, بشكل كامن, الأمل في الغفران. فمن يدين ذاته يأمل في الحفاظ عليها من إدانة أشد وطأة. كما يأمل, في الوقت نفسه, في إثارة مشاعر صفح ضميره, وصفح الآخرين على حد سواء. وإدانة الذات بهذا الشكل وسيلة كارثية للسيطرة على الميول التدميرية المتصاعدة, التي تصاحب العدوانية المتراكمة والموجهة نحو الذات. من خلال هذه الإدانة (الجزئية والمرحلية دوماً) يفرغ العدوانية المتراكمة من التهديد بالاندثار الذي تتضمنه. فمن يجسد خطيئته في عقاب محدد ومحسوس, يأمن شر العقاب الجذري الغامض الذي يثير في لا وعيه عقدة الهجر والفناء. إذ أن الإنسان يخشى سوء العاقبة ما دامت لم تحدث بعد. أما وقد حدثت فإنه يطمئن إلى أنه لن يتعرض لما هو أسوأ منها)1. وعقدة الاضطهاد – المتغلغلة عميقاً في نفسية الفارسي، والتي انتقلت بالحث والعدوى إلى كل شيعي – جعلت الشيعة في شعور دائم بالظلم والغبن، وصبغت نفوسهم بالحزن والأسى، وعبأتها بالانفعالات المتأججة والمتحفزة للثورة في كل حين. وهل يمكن أن تتخيل شيعياً لا يلهج بأنه مظلوم، مضطهد، مستضعف، مغتصب الحقوق؟ هذا أحوجه إلى أن يفتش عما ينفس عن كربه وأحزانه، ويفجر الدموع مدرارة من عيونه وأجفانه، بما يسمى في مصطلح علم النفس بـ(التفريج أو التصريف Catharsis) ومعناه: (تفريغ الشحنة العاطفية ذات الطبيعة المؤلمة، من خلال وضعية يثار فيها الوجدان، وتنبعث الأحزان إلى درجة تزول معها الضوابط الواعية، في حالة من المشاركة بين الشخص الذي يعاني وآخرين يتعاطفون معه. يعقبه عادة ارتياح عام وعودة السكينة إلى النفس التي تنقاد للتعبير عن المعاناة أو المأساة بحرية تسمح بتصريف كل التوتر المتراكم. كالمشاركة الوجدانية في حالات الموت)؛فكانت النياحة على (الحسين المظلوم) خير وسيلة مشرعنة لتحقيق ذلك. إنه في الظاهر يبكي على الحسين، لكنه في الحقيقة إنما يبكي على نفسه الحزينة إلى حد العقدة، التي ورثت الحزن من عقدة الاضطهاد الفارسية، التي لبست آثارها ثوب الدين لتظهر بالشكل المعلوم. وأما عقدة الذنب: فبعد أن انتقلت من الفرس إلى كل المجتمعات الشيعية جعلتهم يشعرون بالحاجة الماسة إلى عقوبة النفس وجلد الذات تكفيراً عن ذنوبها. فقد مر بنا أن المصاب بعقدة بالذنب يشعر بحاجة ملحة إلى التكفير - ولو بعقاب نفسه – التماساً للراحة، وتخففاً مما يكابده من توتر مجهول المصدر. وهكذا ترى أن من يعاني عقدة ذنب يندفع من تلقاء نفسه إلى عقاب نفسه، تدفعه حاجة لا شعورية ملحة إلى هذا النوع من العقاب. سواء كان هذا العقاب مادياً أو معنوياً، فإذا حل به العقاب زال عنه ما يغشاه من توتر أليم. فتظهر عقدة الذنب واضحة لدى الشيعي وهو يجلد نفسه ويلطم صدره ويشدخ رأسه إلى حد فقدان الوعي أو الموت تحت ذريعة خيالية هي حب الحسين! وكان أول طقس نياحي في تاريخ الإسلام يوم خرج الشيعة في مسيرة جماعية إلى قبر الحسين بعد مقتله بقليل وهم يبكون وينوحون على خذلانهم إياه يوم ورطوه فاستقدموه ثم تركوه فلم ينصروه حتى قتل هو وأصحابه وأهله، يقودهم سياسي محنك متعطش إلى السلطة هو الدجال المختار بن أبي عبيد الثقفي، ثم خرج بهم - بعد أن ارتووا من البكاء والعويل – للقتال أخذاً بثأر الحسين. وقد تم له ما أراد فقتل والي الكوفة عبيد الله بن زياد، وتولى الحكم بعده. لكنه - وكالعادة – لم يدم ملكه طويلاً. وقد عرفت حركته هذه بحركة (التوابين). فالشيعة - حين يبكون على الحسين ويجلدون أنفسهم و(يطبرون) رؤوسهم - لا يدرون أنهم مسيرون بعقدة الذنب التي تدفعهم لمعاقبة أنفسهم على ما اقترفوه من آثام واجترحوه من خطايا، ومنها أنهم كانوا السبب في مقتل الحسين يوم دعوه لينصروه لكنهم خذلوه وقتلوه. نعم! الشيعة لا يعلمون بواعيتهم (= العقل الواعي) أنهم كانوا السبب في قتل (إمامهم)، لكنهم يدركون أو يستشعرون بخافيّتهم (= العقل الباطن) أنهم هم الذين قتلوه، فالحسين قتله أهل الكوفة شيعة علي، لا يجادل في ذلك أحد، وإن كانوا بقيادة رجل من غيرهم؛ فهذا لا يبرر لهم أن يرتكبوا فعلاً بمستوى قتل (إمامهم). وقد استغل دجاجلة الفرس ذلك من أجل تحريك جموع الشيعة نحو وهم هو الأخذ بثأر الحسين! فتراهم على مر التاريخ يخرجون ليثيروا الفتن والحروب ضد أهل السنة بهذه الحجة الواهية محملين إياهم تبعة القتل، بواسطة حيلة (الإسقاط) النفسية، التي حولوا بها التبعة عن نفوسهم وألصقوها بغيرهم. وهذا – من ناحية أخرى - يخدم أغراض الفرس، ويمهد لتحقيق أهدافهم. وهكذا تجد أن هذا الطقس يصدر عن عقد فارسية، ويخدم أهدافاً فارسية. وقد شهد على مثله شاهد من أهلها هو الدكتور علي شريعتي في كلام طويل نقتطف منه ما يلي: (من القضايا الواضحة وجود نحو ارتباط بين الصفوية والمسيحية حيث تضامن الاثنان لمواجهة الامبراطورية الإسلامية العظمى التي كان لها حضور فاعل على الصعيد الدولي إبان الحكم العثماني وشكلت خطراً جدياً على أوربا. وقد وجد رجالات التشيع الصفوي أنه لا بد من توفير غطاء (شرعي) لهذا التضامن السياسي فعملوا على تقريب التشيع من المسيحية… ذهب وزير الشعائر الحسينية إلى أوربا الشرقية - وكانت تربطها بالدولة الصفوية روابط حميمة يكتنفها الغموض - وأجرى هناك تحقيقات ودراسات واسعة حول المراسيم الدينية والطقوس المذهبية والمحافل الاجتماعية المسيحية وأساليب إحياء ذكرى شهداء المسيحية والوسائل المتبعة في ذلك حتى أنماط الديكورات التي كانت تزين بها الكنائس في تلك المناسبات. واقتبس تلك المراسيم والطقوس وجاء بها إلى إيران حيث استعان ببعض الملالي لإجراء بعض التعديلات عليها لكي تصبح صالحة لاستخدامها في المناسبات الشيعية وبما ينسجم مع الأعراف والتقاليد الوطنية والمذهبية في إيران، ما أدى بالتالي إلى ظهور موجة جديدة من الطقوس والمراسم المذهبية لم يعهد لها سابقة في الفلكلور الشعبي الإيراني ولا في الشعائر الدينية الإسلامية. ومن بين تلك المراسيم النعش الرمزي والضرب بالزنجيل والأقفال والتطبير واستخدام الآلات الموسيقية وأطوار جديدة في قراءة المجالس الحسينية جماعة وفرادى، وهي مظاهر مستوردة من المسيحية بحيث بوسع كل إنسان مطلع على تلك المراسيم أنْ يشخص أنّ هذه ليست سوى نسخة من تلك... إن الشيء الذي كانت تهدف إليه الصفوية من هذه الأعمال ليس سوى تأجيج المشاعر الصفوية غير المنضبطة عبر ممارسة تلك الطقوس التراجيدية وعلى النمط المسيحي لا على النمط الذي يرتئيه الدين الإسلامي الحنيف والذي يحرص على أن يكون كل عمل يزاوله الإنسان شيئاً هادفاً وله على الصعيد التربوي نتائج وثمار محددة)1. ثم قال في موضع آخر : (إن التشيع الصفوي هو في الأساس فرقة طائفية مناوئة للمجتمع المسلم وتقوم فلسفة وجوده على أساس بث الفتنة وزرع الاختلاف بين أعضاء الجسد الإسلامي الواحد، والانفصال عن الجسد الأم الكبير، وما وجد التشيع الصفوي إلا من أجل تحقيق هذا الغرض، ويؤيد هذا التصور أن التشيع الصفوي ظهر وتحالف مع القوى الصليبية والبرجوازية العدوانية في أوربا لضرب القوة الإسلامية التي كانت تتصدى لهم ولو باسم الامبراطورية العثمانية البغيضة، وقد كانت الضربة التي وجهها التشيع الصفوي بمثلبة طعنة في الظهر، تجلت على شكل لقاءات مشتركة بين السلاطين الصفويين وسلاطين أوربا الشرقية تمخضت عن اتفاقات ومخططات للقضاء على العدو المشترك للمسيحية الغربية والتشيع الصفوي والمتمثل آنذاك بالدولة العثمانية. ومن هنا نرى أن مراسيم (التشبيه) وهي نسخة طبق الأصل من طقوس دينية يؤديها المسيحيون على خشبة المسرح، بدأت تتضمن لقطة جديدة يدخل في غضونها شخصية ترتدي الملابس الإفرنجية من السترة والبنطال وتنضم إلى معسكر الإمام الحسين وتقاتل معهم بحماسة واستبسال منقطعي النظير) إلى أن قال عن التشيع هذا: (هو تشيع يتعاطى مع كل العقائد والعقائد النبيلة المشار إليها بشكل مختلف ويحولها إلى أحقاد دفينة وضغائن سياسية وقومية وعداء بين العرب والترك والإيرانيين. ويحيل الاختلاف بين التشيع والتسنن الذي يعكس في واقعه الاختلاف بين إسلام الشعب وإسلام الحكومة، بين إسلام الرب وإسلام الأرباب، بين إسلام النبي وإسلام الخليفة المزعوم! يحيله إلى حقد أعمى بين السنة والشيعة، بين المجتمع السني الموجود الآن وبين المجتمع الشيعي الذي يعايشه، وبالتالي عمل على توظيف كل العواطف والعقد الشيعية في سبيل تحقيق أهدافه ومراميه المتمثلة بإقامة الدولة الصفوية)2. النيران والمشاعل:وقبل أن أنتهي من الموضوع أو تنبيه القارئ إلى النيران والمشاعل التي ترافق بكثافة هذه المراسيم والطقوس. وكل من شاهد مواكب النواح واللطم وضرب الزناجيل التي تظهر على الشاشة الإيرانية يرى بصورة لا يمكن أن تخطئها العين مشاهد النيران التي تؤجج في مواقد كبيرة هنا وهناك، والبرج الذي يرتفع في طرف ساحة المسيرة كيف تنبعث منه النار والمشاعل التي يحملها الأشخاص المشاركون في المسيرة وكيف يحمل كل واحد منهم المشعل بيد ويلطم صدره باليد الأخرى! ومنهم من يحمل جوقة من المشاعل ويمشي بها بين القطيع! كذلك ليلة العاشر من محرم تحيى بإشعال النيران إلى الصباح. وليلة (المِحيا) - وهي ليلة الخامس عشر من شعبان من كل عام التي يعتقد الشيعة أنها ليلة مولد المهدي – أهم وأبرز طقس فيها إشعال النيران مع ترديد عبارة (مشعل يا دايم)! حتى تمثيلية (المقتل) تنتهي بإحراق الخيام بالنار والدوران حولها !! وهذا كله يشير إلى العلاقة الواضحة بين الطقوس الشيعية الدينية والطقوس المجوسية الفارسية بصورة لا تقبل الشك، ولا تحتاج إلى التأكيد لدى كل من كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد. 18. التمسك الشديد بالتقاليد والبدع التشيع في صورته الحالية دين ابتدعه الفرس، ليضاهئوا به دين الإسلام، ويضربوه به، وينخروه من الداخل. فالبدعة أساسه وبناءه، وإطاره ومضمونه، وروحه وجسده. عقائده بدع وشعائره كذلك! فالعصمة والإمامة وتقديس المراجع، والتقية وتحريف القرآن وتكفير الصحابة، وعاشوراء والنياحة واللطم والتطبير ومواكب العزاء، والمراقد والقباب والزيارات والسدانة والنذور، والحج والصيام والأذان والأدعية والصلوات – على الطريقة الشيعية - والتربة، والأعياد والنيران والخمس والحقوق، والصور والأعلام والطبول… وقائمة لا تنتهي من هذه البدع والخزعبلات. ومع ذلك ترى الشيعة يتمسكون بها أشد التمسك. يكشف لنا التحليل التالي السر وراء انتشار البدع عند الشيعة، وتحول الدين عندهم إلى مجموعة من الطقوس والتقاليد المتوارثة (فلكلور شعبي) ، يتمسك بها العوام تمسكاً لا فكاك لهم عنه: (التمسك بالتقاليد يحمي الإنسان المقهور من مشاعر الخزي الذاتي, المرتبط بالمهانة التي تتصف بها مكانته الاجتماعية. التمسك بالتقاليد يحمي الإنسان المقهور من مجابهة ذاته, تلك المجابهة التي تقلقه كثيراً, من خلال أوالية الهروب نحو الخارج, الذوبان التقليدي والشائع, والانضواء تحت قانون العرف. وتصل الوظيفة الدفاعية للتمسك بالتقاليد أوج فعاليتها بما تتضمنه من استلاب عقائدي يتعرض له الإنسان المقهور. فالتمسك بالتقاليد واحترام الأعراف ومراعاة العادات, يعاش كمصدر للاعتبار الذاتي, نظراً لما يتضمنه من قبول اجتماعي. إن الإنسان المقهور الذي لا شرف له يتخذ من تمثل التقاليد والأعراف مصدراً للشرف والاعتبار, يتخذ من قدرته على مراعاة المعايير السائدة مصدراً للكبرياء والرضا عن الذات... إن أكثر العناصر استلاباً وقهراً في المجتمع المتخلف هي أشدها عدوانية وعنفاً على من حاول التمرد على التقاليد، وتحدي المعايير وخرقها. فهناك في المجتمع المتخلف تعبئة نفسية ضد كل من يخرج على التقليد، إنها الفضيحة تلاحقه، وهو يستباح في سمعته ورزقه وحياته. ويأخذ العدوان عليه طابع التشفي والبطش والتشهير، يتحالف الكل للنيل منه. وفي كل ذلك تصريف واضح لما تراكم عند كل فرد من أفراد الجماعة، خصوصاً المقهورين منهم، من حقد وعدوانية نابعين من الإحباط والمهانة اللذين يتضمنهما الغبن المفروض عليهم. في هذا الحقد المتشفي الذي يصب على العنصر الخارج على العرف (خصوصاً إذا كان امرأة) إحساس بشيء من الاعتبار الذاتي من خلال توكيد الانتماء للجماعة والتمسك بمعاييرها. وفيه بالإضافة إلى ذلك نوع من الشعور بالكبرياء والتعالي، من خلال صب العار على الضحية التي لحقت بها فضيحة المساس بشرف التمسك بالمعايير والأعراف. وفيه أيضاً إسقاط لمشاعر الذنب الذاتية التي لا بد أن تصاحب الإحساس بالفشل والمهانة عند الإنسان المقهور، والتي تظل عادة مكبوتة، على العنصر المتمرد: هو المذنب وهو الذي يستحق العقاب. وعند هذه النقطة لا يعرف التشفي حدوداً، وهو متناسب عادة مع درجة القهر الذي يرزح تحتها الإنسان. والحقيقة أن هذا التشفي يتضمن في بعض أوجهه دفاعاً ضد الإغراء بالتمرد على غرار العنصر المارق، الذي تجرأ على خرق مقدسات الجماعة. فهذا التمرد الكامن موجود دائماً عند الإنسان المقهور. ولكنه يقمع في الحالات العادية خوفاً من الأخطار التي يتضمنها على شكل ردة فعل اجتماعية قمعية. وبمقدار ما يزداد الإغراء بالتمرد ويشتد الخوف من الإقدام عليه تستشري عند الإنسان المقهور ردود فعل التشفي في حالة من الهروب عن مجابهة الذات من خلال الذوبان في الجماعة، والتعصب لمعاييرها وتقاليدها)1. تجد الأمثلة كثيرة في المجتمع الشيعي ، على هذا التحليل العلمي لأصحاب النفسية الاضطهادية – ذكرنا بعضها آنفاً - والعداء السافر لكل من خرج عليها، ومحاربته في سمعته ومكانته، ومضايقته في رزقه ووظيفته. وأشد الناس تعصباً في ذلك هم أشدهم تخلفاً وشعوراً بالاضطهاد (إن أكثر العناصر استلاباً وقهراً في المجتمع المتخلف هي أشدها عدوانية وعنفاً على من حاول التمرد على التقاليد، وتحدي المعايير وخرقها) : فالذي قام باغتيال السيد محمد اسكندر الياسري رحمه الله تعالى نائب ضابط هارب من الخدمة العسكرية، مبتور الذراع. والسيد محمد اسكندر من خيرة العلماء العاملين، الذين خرجوا على تقاليد الطائفة البالية، وتحدى معاييرها الزائفة، وحاولوا إصلاحها من الداخل. 19. تجميد التاريخ وقبل أن تقرأ التحليل التالي استحضر في مخيلتك كيف يستغرق الشيعي في أحداث معينة من الماضي، ويجمد حيالها حتى كأن عجلة التاريخ قد توقفت حركتها عند أعتابها، وتوقف الزمن فلا حاضر إلا ذلك الماضي بأحداثه تلك: (باب خيبر، الخندق وأسطورة ابن ود العامري، غدير خم، خرافة كسر ضلع الزهراء، معركة الجمل، صفين، الطف)، وما يرافق ذلك وغيره من الأحداث من الطعن في تاريخ الأمة وتشويهه ليتطابق مع الرغبة المنحرفة للنفسية الفارسية في ما تتمنى هذه النفسية أن يكون عليه تاريخنا، لا ما هو عليه في الواقع. والعكس يفعله فيما يرغب أن يكون عليه مثله الأعلى، وهو الإمام، لا ما هو عليه في الحقيقة.يجتر الشيعي من خلال تلك الحوادث - التي رسم صورتها كما تشتهي نفسيته المريضة، وجمدها على تلك الصورة - شعوره بالغبن والاضطهاد، ويسترجع لحظات من النشوة حين ترتسم في ذهنه صورة إمامه الأسطورية في الفروسية وقتال الأعداء، أو الصبر على تحمل المعاناة، أو المثالية في التعبير عن قيم الرجولة والشهامة والمروءة ، أو القدرة الفائقة على حل المشاكل وتحقيق الخلاص السحري من المآزق (المهدي المنتظر): يقول د. مصطفى حجازي: (يتنكر الإنسان المقهور لهذا الحاضر الذي يشكل مرآة تعكس له مأساته,أو هو يجتر هذا البؤس. ولكن الغالب هو التذبذب ما بين التنكر والاجترار. وهو يدافع عن نفسه إزاء كل ذلك بالهروب في الماضي المجيد ذاتياً وقومياً. فالماضي حصن من لا حاضر له, ولا مستقبل له... ويحدث نوع مما يسمى بالتماهي الإسقاطي ( تمثل صورة البطل ليس كما هو حقيقة , بل كما نرغبه أن يكون كاملاً فائقاً ذا جبروت ) في علاقة الإنسان المقهور بأبطال القصص الشعبي. البطل في القصص الشعبي أسطوري. فهو من الناحية الجسدية القوة المطلقة، التي تأتي بالخوارق وتجابه كل التحديات. وهو في السلاح قمة الخبرة والفروسية. يصور على درجة كبيرة من الضخامة, فرسه نادرة وسلاحه لا يتكمن سواه من حمله والقتال به. وشجاعته تصمد أمام كل امتحان, وهو يخرج دائماً منتصراً من أقسى امتحان. ويتحلى بطل القصص الشعبي بكل الفضائل النفسية والخلقي, ويتمتع بكل قيم الرجولة والشهامة والكرم. وهو إلى ذلك البطل القوي العادل الذي يتصدى لكل معتد, وكل ظالم, وكل عدو داخلي أو أجنبي, مدافعاً عن جماعته وأهله المعرضين من دونه لأشد الأخطار الحياتية. إنه البطل المنقذ, مبعوث العناية الإلهية كي يرفع التهديد عن الإنسان الضعيف, إنه رمز العدل والأمن الوجودي . استعراض حياة هذا البطل الأسطوري, كما يرويها رواة القصص الشعبي, هي دائماً سلسلة من الأزمات وحلقات متصلة من الخطوب. لا يخرج من أزمة حتى يقع في التي تليها, ولا ينتصر على خطب حتى يقع في مأساة جديدة. حياته ملحمة دائمة من الثبات أمام أقسى اختبارات الحياة, والخروج منتصراً منها. وهي إلى ذلك حلقة متصلة من التفاني من أجل الآخرين. بطل القصص الشعبي بكل أسطوريته, هو مجرد إسقاط لأمل الإنسان المقهور في الخلاص, لرغبته الدفينة في امتلاك القدرة على مجابهة قدره. حياته مجرد مرآة للاختبارات المتلاحقة التي يتعرض لها الإنسان المقهور ويعجز عن اجتيازها, بينما ينجح البطل في ذلك. من هنا ندرك سبب إقبال الجماهير على حلقات رواية هذه القصص, وندرك سبب الاندماج في الاستماع إلى الراوي. إنها لحظة عزاء وسلوى عن آلام الواقع الراهن , إنها لحظة عز وكبرياء وأمل وشعور بالاعتبار الذاتي من خلال التماهي ببطولات الفارس صانع الخوارق. ويزداد انتشار حلقات القصص الشعبي بمقدار الغبن المفروض على الإنسان, ومقدار خلو الحاضر من الأمجاد. قصص البطولات الشعبية من الأمجاد. قصص البطولات الشعبية من الناحية النفسية, عرض لمأساة الجماهير, من ناحية, وأملها في الخلاص, في تغيير المصير من ضعف إلى قوة , ومن مهانة إلى عز، من ناحية ثانية)1. والعبارات الأخيرة تفسر غرام الشيعي بسماع قراءة (المقتل)، وحرصه على القيام بطقوس العزاء والنياحة. 20. الشعوبية والتآمر على الوطن كل الشعوب الأعجمية التي اعتنقت الإسلام تحب العرب وتجلهم وتكن لهم الاحترام والتقدير على ما جلبوه لهم من خير تمثل في الدين الذي حملوه إليهم وتكبدوا المشاق والدماء في سبيل إيصاله إلى تلك الشعوب. إلا الفرس..! فإنهم يبغضون العرب ويزدرونهم حتى إنهم إذا أرادوا الإشارة إلى أحد باحتقار نبزوه بقولهم: (عرب) بترقيق الراء على طريقتهم بالنطق! عقدة اللؤم:وبغض الفرس للعرب ناشئ من (عقدة اللؤم) أو نكران الجميل. فالسبب الذي حمل بقية الشعوب على حب العرب هو نفسه الذي حمل الفرس على بغضهم. وهي عقدة متفرعة عن عقدة قديمة يشعرون بها تجاه العرب هي (عقدة النقص). فقد مر بنا قول البروفسور عماد عبد السلام : إن التحدي الحقيقي الذي كان يواجه الفرس على مدى التاريخ هو ذلك التحدي القادم من غرب إيران أي من الوطن العربي. بيد أنه - على قوته - لم يكن عسكريا بقدر ما كان حضارياً. ولما لم يكن هذا الغرب يمثل إلا مصدر إشعاع للحضارة، لا خطرا ماديا حقيقيا فإن العقلية الفارسية تعودت أن تنظر إلى هذه الحضارة بعين واحدة. إنها تتأثر بها لأنها مضطرة إلى ذلك لنقص في مستواها الحضاري، وتعاديها في الوقت نفسه لأنها تمثل خطراً يهدد سيطرتها على القوميات العديدة التي تحيط بها، فلقد اعتنق الفرس الإسلام كسائر شعوب المشرق لكنهم حاربوه من داخله، وتعلموا الآداب العربية لكنهم حاربوها بما تعلموه منها، وكتبوا بالحرف العربية لكنهم شنوا حرباً على اللغة العربية نفسها. وكان إحساس الفرس بتخلفهم تجاه الفعل الحضاري الآتي من الغرب يتخذ وضعا حادا انعكس على شكل رد فعل غير حضاري نحوه استهدف تدمير الحضارة فيه، أو مكافأة تأثيره على الأقل، ولكن بالفعل العسكري وحده. لقد تحول مركب النقص الحضاري هذا على مر العصور إلى عقيدة راسخة معادية لكل الحضارات العربية أو التي وجدت في الأرض العربية. بل انه تحول في اللاوعي الفارسي إلى نزعة عدوانية مدمرة لكل فكرة بل قيمة تأتي من هذا الاتجاه. وظف الحكام الفرس هذه العقدة النفسية في صالح هيمنتهم على القوميات المحيطة بهم بأن أشعروها على الدوام بأن تصديهم لهذه المؤثرات رهين باستمرار الهيمنة المركزية عليها. وهذا ما توحي به إيران إلى الشيعة في العراق وغيره من الدول المجاورة. وتطرح نفسها على أنها المنقذ للشيعة، والمدافع عن حقوقهم، لا منقذ لهم ولا مدافع عنهم غيرها، وأن الآخرين المحيطين بهم يريدون أن يبتلعوهم، ويُلغوهم من الوجود؛ فلا منجا لهم إلا إيران، ولا ملجأ إلا إليها. وهي السياسة القديمة نفسها التي مارسها الفرس مع مواطنيهم من القويات الأخرى في عزلهم عن أقوامهم الأصلية ، عن طريق تخويفهم منهم ، وإظهارهم بمظهر الخطر العظيم على وجودهم بغية ضمان اصطفافهم إلى جانبهم وضمهم تحت جناح سيطرتهم وحكمهم. وهذا ما يتخيله جمهور الشيعة في العراق، وهو السر الذي لأجله يصرحون بعدم رغبتهم في تدخل العرب في شؤونهم، وترك العراق للعراقيين، واتهام العرب بأنهم لم يقفوا في محنتهم إلى جانبهم. إن عامة الشيعة اليوم يجدون في إيران الرئة التي يتنفسون بها؛ فهم يشعرون بالاختناق حين يولون وجوههم شطر العرب، ولا يستشعرون الراحة والطمأنينة إلى في كنف إيران، العدو الأول للعراق وللعرب عموماً. وهو السبب الذي يدفعهم إلى الوقوع في شرك المخططات الشعوبية، ومنها الانخلاع من الوطنية الصادقة، والرضا بالمحتل واستقدامه ومعاونته للدخول إلى وطنهم والتشبث به خشية أن يقعوا تحت حكم الآخر الذي يصوره دهاقنتهم وحشاً مرعباً يريد أن ينقض عليهم ويقتلعهم من الوجود. قبل أيام من موعد الانتخابات الأخيرة (15/12/2005) اجتمع القادة الدينيون للمحافظات التسع الشيعية في النجف، وخطب فيهم الشعوبي المخذول الإيراني عبد العزيز الحكيم داعياً إياهم للتصويت لقائمتهم سيئة الصيت وإلا فإن (الأمويين) - حسب تعبيره - والتكفيريين قادمون، إشارة واضحة منه إلى العرب السنة. وهدد بانفصال ما أسموه بـ(إقليم الجنوب) إذا زورت نتائج الانتخابات ولم تأت طبقاً لما يريدون. وطن الشيعي طائفته:وبهذه الطريقة التلويحية تمكن الفرس – كعبد العزيز هذا وأسياده – من سلخ المتشيع بتشيعهم من الانتماء إلى وطنه، أو الشعور بعلاقة المواطنة مع الآخر. وتعويضه بالانتماء إلى المرجع والطائفة فحسب. فوطن الشيعي طائفته أينما كانت، ليس له وطن غيرها؛ وأمه وأبوه (مرجعه) ولو كان شيطاناً مريداً ! ولذلك تجده يتعصب لإيران، وينتمي إليها، ويخدم أهدافها، متخذاً منها ملاذاً يطمئن إليه. وتمثل (الحوزة) الرمز الأقرب للانتماء، وما (الحوزة) إلا وكر أو مؤسسة من مؤسسات إيران الاستخبارية. ومن هنا صار الشيعي – وإن كان عربي الأصل – شعوبياً يتعلق بإيران، وينفر من العرب، سريع المبادرة إلى معاونة كل من يتآمر على وطنه طمعاً بالخلاص من الوهم. يعزز ذلك شعوره بالاضطهاد والخوف من الآخرين، حكاماً ومحكومين. إنهم يهددون كيانه، ويمحون وجوده. هكذا يشعر. النظرة إلى الحاكم:يتكلم د. حجازي عن نظرة الإنسان الاضطهادي إلى المتسلط أو الحاكم، ليربط بينها وبين ضعف الشعور الوطني، وكيف يتحول إلى إنسان غوغائي مخرب مدمر متى ما ضعف أثر السلطة (صفحة الغدر والخيانة سنة 1991 مثلاً) فيقول: (أما صورة المتسلط فهي بدورها عامل تفجير للعدوانية. إنها لا تمثل الأب الحاني العطوف، بل تثير صورة الأب المهدد القاسي. تعاش كسلطة مهددة لا يتمكن المرء من التماهي الإيجابي بها، الذي يتم عادة مع صورة الأب الطيبة، والذي يفتح السبيل أمام نشأة العلاقات الإنسانية الإيجابية... وطالما استحال التماهي مع صورة إيجابية متعاطفة وحامية للحاكم, فإن ذلك يزعزع روابط الانتماء إلى الجماعة والإخاء في المواطنية. فقدان روابط الانتماء الاجتماعي يقود مباشرة إلى فقدان الالتزام تجاه الآخرين, وفقدان الاحترام لما هو عام ومشترك, مما يفتح السبيل أمام بروز الأنوية المفرطة. تنهار قيمة الآخر, في هذه الحالة, لأن العلاقة معه لا تؤمن للمرء قيمته الذاتية, لا تمده بالاعتراف بذاته من خلال اعتراف الآخرين به. وهكذا تسود الأنانية على حساب المصلحة العامة. تبرز هذه الأنانية التي لا تعرف حدوداً ولا ترعى للآخرين حرمة حين تضعف السلطة القامعة أو تغيب عن المسرح لأمر ما. عندما يتحول المجتمع إلى غابة ذئاب. انعدام الشعور بالانتماء، مع ما يستتبعه من انعدام للشعور بالعدالة والعدل في نيل الحظوظ ، يولد عند الإنسان قلق الوحدة, وقلق التهديد يأتيه من الآخرين, مما يفجر عدوانيته دون حدود. تتخذ العدوانية هنا تحديداً طابع تغليب المصلحة الذاتية بشكل مطلق، وقد تتخذ طابـع السلب واستباحة الآخرين في حالات خاصة)1. عقيدة الإمامة:إن (عقدة الاضطهاد) تجعل الشيعي يعيش شعوراً متصلاً بالغبن والمظلومية، و(عقدة النقص) تجعله يتطلع إلى مخلص خارجي. وعقيدة (الإمامة) الناشئة من (عقدة النقص) و(عقدة السيد) والتي يكفر على أساسها الآخر تبرر له هذا التطلع، واستعداء الكافر الأجنبي عليه أملاً بالتخلص منه؛ فكلا الفريقين في اعتقاده كفار. وعلى فرض أن الآخر مسلم – وهو ليس أكثر من مسلم في الظاهر كافر في الباطن كما عليه إجماع علمائهم - فإن الكافر العادل خير من المسلم الجائر كما يشيع دعاة التشيع الفارسي في الزمن القديم والحديث. ليسوا سواء هذه هي أهم العقائد والشعائر والممارسات العملية في التشيع، المنقلبة عن العقد النفسية الفارسية. على أننا لا نجنح إلى تعميمها على كل الشيعة. ففي كل الأحوال تبقى أقلية تخالف التيار، تبتغي الحق، وتعبر عن الخصائص الأصيلة للنفسية العربية السليمة. وهي وإن كانت في غالبها مستغفلة، وفي النهاية غير قادرة على إحداث التأثير المطلوب في سير التيار العام، لكن الواجب الشرعي يحتم علينا أن ننوه بها، ونبحث عنها. كما نسعى كذلك لتشجيعها، والأخذ بيدها إلى شاطئ السلامة وبر الأمان؛ أملاً بالوصول إلى جعلها فاعلة في وسطها بالاتجاه المؤثر الصحيح. والله تعالى يقول: (لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) (آل عمران:113) |
#14
|
|||
|
|||
الفصل السادس الصلة النفسية بين الشيعة واليهود بين الفرس والشيعة وبين اليهود صفات مشتركة، و.. صلات. وهو ما يفسر لنا سر العلاقة التاريخية الجامعة بينهما. فـ(عندما جاء قمبيز إلى مصر قدم اليهود فروض الولاء لهذا الملك الفارسي الذي أظهر عطفه على اليهود، ولم يمس معبدهم بسوء. في حين أن كثيراً من معابد المصريين تعرضت للتدمير والتخريب. وساهم اليهود في إخماد ثورة المصريين ضد الفرس)1. وقمبيز هذا هو ابن الملك الفارسي كورش الذي تآمر مع أخواله اليهود فاحتل العراق ودمر بابل، وأعاد اليهودإلىفلسطين وبنى لهم هيكلهم؛ فاعتبروه مخلصاً ربانياً لهم، ووصفوه بأنه المسيح المنتظر. وقد مجدوه بذلك في توراتهم فقالوا: (هكذا يقول الرب لمسيحه، لقورش، الذي أمسكت بيمينه لأدوس أمامه أمماً، وأحل أحزمة ملوك، لأفتح أمامه المصراعين، فلا تغلق الأبواب. إنني أمشي أمامك، وأمهد الهضاب، وأحطم مصراعيّ النحاس، وأكسر مزاليج الحديد، وأعطيك مكنونات الكنوز وذخائر المخابئ، حتى تعرف أني أنا الرب الذي يدعوك باسمك، إله إسرائيل، لأجل يعقوب عبدي، وإسرائيل الذي اصطفيته دعوتك باسمك، لقبتك وأنت لا تعرفني) (أشعيا 45: 1-4)2. وقديماً عبد اليهود العجل رمز القوة عند قدماء المصريين. ولو كانت نفوسهم سوية أبية لكفروا به وحطموه؛ لأنه معبود أعدائهم الذين أذلوهم واضطهدوهم. لكنها نفوس خربة منحرفة لا تستجيب إلا لمنطق القوة التي تقدسها وتحترمها إلى حد العبادة. ولا تنقاد إلا لمن يذلها ويقهرها. ولأمرٍ ما كانت معجزتهم (العصا) - عَلامةَ الانصياع والإذلال. وقد أخذ الله تعالى عليهم الميثاق تحت الطور الذي رفعه فوقهم كالظلة. وكانت مواعظ النبي محمد rومحاولاته السلمية تذهب دائما أدراج الرياح: فكان rفي كل مرة يلتجئ إلى القوة كحل أخير أو نهائي وحيد، لدفع ضرهم، إن لم يفلح في كسب نفعهم.حتى قال الرب جل وعلا: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ* وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَالُوا ءَامَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (البقرة:75،76). وهي أخلاق المصابين بعقدة (الفارسية) يحرفون كلام الله، وتسعة أعشار دينهم التقية والكذب تشابهت قلوبهم فتشابهت عقائدهم يقول تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (البقرة:118). فأرجع الله تعالى السبب في تشابه العقائد إلى تشابه القلوب. وهو كما قال تعالى في موضع آخر: (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ *أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ) (الذريات:53،52). فإذا كان الزعم بأن اليهود كالشيعة يعانون من أمراض وعقد نفسية، وأن هذه العقد هي التي كونت عقائدهم، وأن الفريقين متشابهون في أصول أمراضهم وعقدهم؛ فلا بد أن ينعكس هذا التشابه في العقد تشابهاً في العقائد. وهذا ما سنثبته في هذا الفصل إن شاء الله. والذي أريد أن أصل إليه هو أن تشابه العقائد راجع إلى تشابه القلوب والعقد. فتكون النتيجة - ضرورةً - تشابه العلاج الذي ينبغي أن يوصف للطرفين. وإذا كان اليهود علاجهم قد وضعه الله تعالى بين ثنايا كتابه، وطبقه رسوله rفي سنته وسيرته، فما علينا إذن غير تعيين عناصر هذا العلاج، ونقله إلى دائرة الشيعة. علماً أن التشابه بين الطرفين لاحظهالمختصون منذ زمن مبكر. منهم شيخ الإسلام في (منهاج السنة). وكتبت فيه مؤلفات. ولهذا لم يكلفني هذا الموضوع سوى الجمع والتأليف، مع زيادات مهمة ليست كثيرة. فجزى الله خيراً من سبق وكتب فيه، ووفر علينا عناء البحث من أول الطريق. ولا ننسى أن المؤسس الأول للتشيع - عبد الله بن سبأ - كان فارسياً يهودياً؛ فاللقاء بين اليهود والفرس والشيعة كان من البداية. وقد قسمت هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث: المبحث الأول في تشابه الفريقين في العقائد. المبحث الثاني في تشابههما في العقد والأمراض النفسية من خلال البحث في المعالم النفسية لدى الشخصية اليهودية. المبحث الثالث في عناصر العلاج الرئيسة، من خلال النظر في المنهج القرآني في التعامل مع اليهود. المبحث الأول تشابه عقائد الشيعة مع اليهود الدفعة الأولى: خمس عقائد مشتركة مما يلفت الانتباه عند النظر في حديث القرآن الكريم عن اليهود جملة آيات في موضع واحد منه تطرقت إلى ذكر خمس عقائد من عقائدهم، وقد تصدرت بالتيئيس من إيمانهم بسبب وجودها عندهم. هذه العقائد الخمسة موجودة بنصها عند الشيعة! يقول تعالى: 1. (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة:75). وفي الآية الحديث عن عقيدة التحريف المشتركة بين اليهود والشيعة. 2. (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (البقرة:76). وفيها عقيدة (التقية) المحرفة عند الطرفين. (أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ) (البقرة:77). 3. (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ) (البقرة:78). وغالب الشيعة – وفي مقدمتهم علماؤهم - جهلة بما في الكتاب، لا يعلمون عنه (إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ). وحوزاتهم ليس فيها درس للقرآن! ولا من منهاجهم حفظ جزء واحد منه! ويبقى الطالب يدرس أكثر من عشر سنين لا يمسك بيده في حجرة الدرس المصحف يوماً من الأيام! ونادراً ما سمعت معمماً شيعياً يتلو آيات من القرآن إلا ويخطئ فيها! وقد حرفوا معانيه وطوعوها لأمانيهم وظنونهم؛ فهم أولى العالمين بقوله تعالى: (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ). 4. (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) (البقرة:79). وهذا ما يفعله علماء الشيعة بلا استثناء. 5. (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:80). بل إن الشيعة سبقوا اليهود في هذه! فاليهود سلموا بأن النار ستمسهم أياماً معدودة. أما الشيعة فيعتقدون أن النار لن تمسهم قط مهما عملوا من ذنوب، وارتكبوا من فواحش واجترحوا من معاصي!!! والمعروف أن عقائد الشيعة وطقوسهم تتطور مع الزمن، فلا يأتي عليهم زمان إلا والذي بعده شر منه. فلعلهم طوروا هذه العقيدة بعد أن أخذوها عن اليهود. سلسلة من العقائد والطقوس المتشابهة وهذه بعض العقائد والطقوس المشتركة بين اليهود والشيعة: اليهود الشيعة 1. تعطيل العقل والتسليم للحاخام أوجبت اليهود تصديق الحاخام حتى لو قال بأن يدك اليسرى هي اليمنى! جاء في التلمود: (اعلم أن أقوال الحاخامات أفضل من أقوال الأنبياء وزيادة… فإذا قال لك الحاخام: إن يدك اليمني هي اليسرى وبالعكس فصدق ولا تجادله). الكنز المرصود في تعاليم التلمود، يوسف نصر الله ، ص 46. 1. تعطيل العقل والتسليم للفقيه أو الإمام وكذلك قالت الشيعة بوجوب تصديق الإمام حتى لو قال |