أنصار السنة  
جديد المواضيع



للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 محاسب قانوني   Online quran classes for kids 
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك


العودة   أنصار السنة > القسم العام > حوارات عامة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #21  
قديم 2013-06-06, 03:34 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

[تنزيه الله تعالى عن الحاجة والخوف والمشقة]


قوله: (خالقٌ بلا حاجة، رازقٌ بلا مؤونة ) خالقٌ للخلق بدون حاجةٍ إليهم، اللهُ لم يخلق الخلق ليتكثّر بهم من قلة، أو يتعزز بهم من ذلة، أو ليستغني بهم من فقر، قال تعالى (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ )) فهو الذي يُطعم ولا يطعم، وهو الرزاق ذو القوة المتين (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وما ذلك على الله بعزيز )).

فالخلق كلهم فقراء إليه في وجودهم، وفي جميع أحوالهم، وشؤونهم، والله تعالى غنيٌ الغنى التام عن كل ما سواه.

(رازقٌ بلا مؤونة) فالله هو الخالق الرازق (( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ )) رازق بلا مؤنه، أي: بلا كلفة ولا مشقة يرزق كل العباد (( وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ )) (( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ))، (( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا )) والله تعالى خير الرازقين، وفي الصحيحين « يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار» . [ رواه البخاري (7419)، ومسلم (993) من حديث أبي هريرة t ]

قوله: ( مميتٌ بلا مخافة، باعثٌ بلا مشقة) الله تعالى منزهٌ عن الخوف، فلا يخاف من أحد وهو فعالٌ لما يريد، يميت من يشاء، فلو شاء أن يميت العالم كله؛ فإنه لا يخاف، فليس فوقه أحد؛ بل هو تعالى المالك لكل شيء.

ولعل مما يستشهد به في هذا المعنى قوله تعالى: (( فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا * وَلا يَخَافُ عُقْبَاهَا ))[الشمس:14-15].
( باعث بلا مشقة) سيبعث الأموات في اليوم الموعود (( أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ))[المطففين:4-6] (( قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ))[الواقعة:49-50] يبعث الأموات من أولهم إلى آخرهم من غير أن تلحقه مشقة، ولهذا يقول سبحانه وتعالى: ((أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)) (( مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ )) (( وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ))[الروم:27] وهذا في الاحتجاج على المكذبين بالبعث بأن الذي بدأ الخلق هو على الإعادة أقدر إنما أريد به أنه أقدر في معقول الناس ( أن الإعادة أهون من البدء) ولكن بالنسبة إلى الله ليس في الأشياء هينٍ وأهون، ولا يقال : إن الله على كذا أقدر منه على كذا، بل قدرته على كل شيء واحدة، فقدرته تعالى على خلق السماوات والأرض، أو خلقه لذرة من المخلوقات واحدة، بمعنى أنه لا يعجزه شيء، فليس شيءٌ أهون عليه من شيء.

أما قوله تعالى: (( وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ )) فقد قيل: إن (أهون) بمعنى هين، وهو هين عليه، فيكون من أفعل التفضيل الذي على غير بابه. كما يقول النحاة . [شرح ابن عقيل 1/406، و شرح الرضي على الكافية 3/460]

أو إن هذا من خطاب العباد بما يعقلونه وما يدركونه، فالناس مفطورون على إن الإعادة أهون من الابتداء فخوطبوا على حسب معقولهم، ومفهومهم.[زاد المسير6/155، والجامع لأحكام القرآن 16/418 ]

ولهذا الله تعالى يحتج عليهم في إنكارهم للبعث بالنشأة الأولى (( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ))[يّـس:79] والآيات في هذا كثيرة.
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 2013-06-07, 10:13 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

[إثبات الكمال المطلق لله تعالى أزلا وأبدا]


قوله: ( مازال بصفاته قديما قبل خلقه، لم يزدد بكونهم شيئا لم يكن قبلهم من صفته، وكما كان في صفاته أزليًا كذلك لا يزال عليها أبديًا).
ما زال ولا يزال فعلان يدلان على الاستمرار والدوام، ما زال يدل على الدوام في الماضي، ولا يزال في المستقبل، فالله تعالى مازال ولا يزال موصوفا بصفات الكمال في الأزل والقدم الذي لا نهاية له، ولا يزال كذلك موصوفا بصفاته سبحانه وتعالى.

(قبل خلقه) قبل وجود الخلق (لم يزدد بكونهم) يعني لم يزدد بوجودهم.

الله تعالى لم يزدد بوجودهم شيئًا من كماله لم يكن قبل خلقهم ووجودهم؛ بل مازال موصوفا بصفات الكمال، ولا يتوقف في شيءٍ من صفات الكمال على وجود شيء من المخلوقات.

(وكما كان في صفاته أزليا) أزلي نسبة للأزل، والأزل: يقابل الأبد، والأبد في المستقبل الدائم الذي لانهاية له، هذا هو الأصل في معنى الأبد،

ويقابله الأزل، ويقال للموصوف: هذا أزلي ، أبدي.

(وكما كان في صفاته أزليًا كذلك لا يزال عليها أبديًا)

أفاد في هذه الجملة أن الله تعالى موصوف بصفات الكمال أزلا وأبدا، لا يتجدد له شيء من الكمال لم يكن، ولا يعدم سبحانه وتعالى شيء من كماله، فهو الموصوف بصفات الكمال على الدوام أزلا وأبدا.

قال الله تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً)، (( إن الله كان عزيزاً حكيماً ))، (( إن الله كان عليماً حكيماً ))، (( إن الله كان غفوراً رحيماً )) كان هذه في مثل هذا تفيد الاستمرار، كان ولا يزال؛ لأن حدوث الكمال يستلزم سبق النقص، والله تعالى منزهٌ عن النقص، فحياته لم تسبق بموت تعالى الله، وعلمه لم يسبق بجهل، فلا يقال: إنه تعالى علم بعد أن لم يكن عالما، وكان سميعا بعد أن لم يكن، أو بصيرا بعد أن لم يكن تعالى الله، فهذا شأن المخلوق، فهو الذي كان بعد أن لم يكن، وتكلم بعد أن لم يكن متكلما، أما الخالق سبحانه وتعالى فلم يزل عالما، ولم يزل سميعا بصيرا، عزيزا حكيما، غفورا رحيما، حيا قيوما، لم يزل فعالا لما يريد لم يزل على كل شيء قدير، لم يزل متكلما إذا شاء بما شاء ولا يزل كذلك.

وهذه كلمة عامة من المصنف في كل الصفات (مازال بصفاته)، لم يخص شيئا من الصفات.




[صفات الله نوعان: ذاتية وفعلية]
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 2013-06-07, 10:31 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

[صفات الله نوعان: ذاتية وفعلية]


وصفات الله نوعان: صفات ذاتية، وهي: اللازمة لذات الرب ـ التي لا تنفك عن الذات ـ كـالعلم، والسمع، والبصر، والحياة، والقدرة، والعزة، والرحمة، والقيّوميّة، فهي صفاتٌ ذاتية.

وصفاتٌ فعلية مثل: الاستواء على العرش، و النزول، و المجيء، والغضب .
فكل ما تستطيع أن تقول فيه (مازال كذا) فهي ذاتية.

وضابط الذاتية والفعلية (أن الذاتية لا تتعلق بها المشيئة، وأما الفعلية فتتعلق بها المشيئة).
فتقول: إن الله تعالى ينزل إذا شاء، واستوى على العرش حين شاء، ويجيء يوم القيامة إذا شاء، فهذه فعلية.

ولكن لا يصح أن تقول: إنه يعلم إذا شاء، ويسمع إذا شاء، وهو حيٌ إذا شاء؛ لأن هذه من لوازم ذاته سبحانه وتعالى.
وهناك صفات ذاتية فعلية[مجموع الفتاوى 12/435]، مثل: الكلام، والخلق، والرَزق.

فيصح أن تقول: إنه مازال متكلما إذا شاء؛ لأن الكلام من جهة القدرة عليه معنى ذاتي، فيقال للمتكلم مازال متكلما، وهو يتكلم بمشيئةٍ، خلافا لمن قال: إن كلام الله قديم مطلقا.


والمعطلة المبتدعة أنواع[مجموع الفتاوى 6/51]:


الجهمية نفوا كل الصفات ـ الذاتية والفعلية ـ ، ولم يثبتوا إلا ذاتا مجردة، وتبعهم المعتزلة في ذلك.

وهناك طوائف لفّقوا واضطربوا أخذوا من هذا في جانب، ومن هذا في جانب مثل: الكُلَّابية ينفون الصفات الفعلية، وهي المتعلقة بالمشيئة، وكذلك الأشاعرة ينفون كثيرا من الصفات ـ الذاتية والفعلية ـ فيقولون : إنه تعالى لا تقوم به الأفعال الاختيارية.

الأفعال الاختيارية: هي المتعلقة بالمشيئة، مثل: النزول (فعل اختياري) يفعله الرب بمشيئته، والاستواء (فعل اختياري) يفعله الرب بمشيئته، والغضب والرضا والحب، فيغضب إذا شاء، ويرضى إذا شاء، ويحب مَن شاء إذا شاء.

ونُفاة الأفعال الاختيارية بنوه على شبهة باطلة لا أصل لها.


قالوا : إنه تعالى منـزه عن حلول الحوادث، فيقال: هذا لفظٌ محدث فليس في القرآن ولا في السنة أن الله تعالى منـزه عن حلول الحوادث .

وهو أيضا: لفظٌ مجمل يحتمل حقا وباطلا؛ فمن قال: الله منـزه عن حلول الحوادث، نقول: ما معنى قولك: (منـزه عن حلول الحوادث) ؟

فإن قال: الله منـزه أن يحل فيه شيءٌ من المخلوقات.

نقول: نعم هذا حق، اللهُ لا يحل في ذاته شيء من مخلوقاته.

وإن قال: إنه منـزهٌ ـ أيضاـ عن أن تقوم به الأفعال الحادثة التي تكون بالمشيئة.

نقول: هذا باطل، الله تعالى يفعل ما يشاء، إذا شاء، كيف شاء، فهو تعالى فعّال لما يريد.

وأهل البدع منهم من نفى الأفعال الاختيارية مطلقا حذرا مما أصّلوه وهو نفي حلول الحوادث.

ومنهم من يثبت الأفعال لكن يقول: إنها لا تتعلق بها المشيئة، وهم الكلابية، فيقولون: إنه يتكلم ويغضب ويرضى لا بمشيئة؛ بل هذه الصفات قديمة، فهو لم يزل متكلما، وغاضبا عن من هو أهل للغضب، و راضيا عن من هو أهل للرضا.

والأشاعرة ينفون، ولا يثبتون إلا الصفات السبع على ما في إثباتهم من تذبذبٍ واضطراب .

والجهمية، والمعتزلة يقولون: إنه صار متكلما بعد أن لم يكن ـ ليس متكلما بمعنى أنه يقوم به الكلام ـ بل يريدون أنه خلق كلاما؛ لأن الكلام عندهم مخلوق، والقرآن مخلوق، وصار فاعلا بعد أن لم يكن، وليس معنى ذلك أنه يقوم به الفعل، وأنه يفعل فعلاً يقوم بذاته، ولهذا يقول ابن القيم في الشافية الكافية [ص26] عن الجهم :

وَقَضَى بِأنَّ الله لَيسَ بفاعِلٍ * فِعلاً يَقومُ بِه بِلاَ بُرهَانِ
فقضى بأن الله ليس بفاعل فعلا يقوم به؛ بل الفعل عند جهم، والمعتزلة، والأشاعرة هو نفس المفعول.

والحق المعقول أن الأمور ثلاثة: (فعل، وفاعل، ومفعول) فالمفعول يقتضي فاعلا، وفعلا يقوم به، هذا هو الشيء البدهي المعقول، ولا يعمى عن هذا إلا من لُبِّس عليه، وغُرست في قلبه الشبهات، وعاش على التقليد، والتبعية.

وهؤلاء الجهمية، والمعتزلة، ومن تبعهم في نفي قيام الأفعال الاختيارية به سبحانه وتعالى قالوا: إنه يجب أن تكون لجنس المخلوقات بداية، وقبل هذه البداية يمتنع دوام الحوادث، أو تسلسل المخلوقات، أو دوام المخلوقات، أو حوادث لا أول لها، قالوا: هذا مستحيل، ممتنع لذاته، وإذا كان دوام الحوادث ممتنعا فالرب تعالى غير قادرٍ على أن يخلق في الأزل! و كفى بهذا تنقصا لرب العالمين !

لأن الممتنع لا تتعلق به القدرة .

ومن يقول: إن دوام الحوادث ممتنع، والرب لم يزل قادرا عليها؛ فقد جمع بين النقيضين؛ لأن كونه قادرا يقتضي أن يكون دوام الحوادث ممكنا، فكأنه يقول: إن دوام الحوادث ممكن ممتنع، وهذا جمعٌ بين النقيضين.
وجمهور المتكلمين على امتناع دوام الحوادث في الماضي.

لكن ينبغي فهم معنى دوام الحوادث، أو تسلسل الحوادث ـ أي: المخلوقات ـ أو حوادث لا أول لها فمعناه: هل يمكن أن يكون ما من مخلوق إلا قبله مخلوق، وقبل المخلوق مخلوق، وقبل المخلوق مخلوق إلى ما لا نهاية له، هل هذا ممتنع ؟ هذا هو معنى الكلام.

وفي تسلسل المخلوقات ثلاثة مذاهب: [انظر: منهاج السنة 1/146، ودرء تعارض العقل والنقل1/351، وموقف ابن تيمية من الأشاعرة 3/996، وقِدم العالم وتسلسل الحوداث]

قال جهم: بامتناع دوام الحوادث في الماضي والمستقبل فجنس الحوادث عنده لها بداية، ويمتنع دوامها في المستقبل، ولهذا قال بفناء الجنة والنار.

وجمهور المتكلمين قالوا بامتناع دوام الحوادث في الماضي، وجوازه في المستقبل.

وإقرارهم بدوام الحوادث في المستقبل حُجّةٌ عليهم، والصواب هو: جواز دوام الحوادث في الماضي والمستقبل؛ لأنه جائز ـ أي: ممكن لا مانع منه ـ فإذا كان الرب لم يزل على كل شيءٍ قدير، فلم يزل الفعل ممكنا، ومن يقول: إنه لم يخلق في الأزل فعليه الدليل.
والأمر الذي نقطع ببطلانه قول من يقول: بامتناع دوام الحوادث في الماضي.

أما إذا قيل: إنه ممكن، والله فعالٌ لما يريد فهذا هو الحق، وأهم شيء أن تعلم أن هذا لا يستلزم محذورا كما ضنه الضانون والجاهلون؛ لأنه على هذا التقدير ـ دوام الحوادث ـ معناه:أن كل مخلوق فإنه مسبوق بعدم نفسه. ـ أي محدث بعد أن لم يكن ـ والله تعالى متقدم على كل شيء، مهما يُفرض من مخلوقات متسلسلة فالله تعالى سابق لها، فكل مخلوق فالله تعالى خالقه، والمخلوق محدثٌ والله تعالى لم يزل.

وهذه في الحقيقة تُشكِل على كثير من الناس؛ لكن يجب أن تؤمن أيها المسلم بأن الله لم يزل على كل شيء قدير، ولم يزل فعالا لما يريد، وإذا آمنت بأن الله لم تحدث له قدرة ـ أي ـ لم يصر قادرا بعد أن لم يكن قادرا، ولم يصر فعالا بعد أن لم يكن فعالا، فإذا آمنت بهذا حصل المطلوب سواء فهمت المسألة أو ما فهمت.

لكن نقول لك: إذا استقر في نفسك هذا فهمت أن هذا يقتضي جواز وإمكان دوام الحوادث في الماضي، مادام أن ربك لم يزل على كل شيء قدير، ولم يزل فعالا لما يريد.

وأهم شيء هو الأصل: الإيمان بكمال ودوام قدرة وفاعلية الرب، وأنه تعالى لم يزل فعالا لما يريد، ولم يزل على كل شيء قدير، هذا هو الذي يجب أن تستمسك به.

والمسلمون هذه فطرتهم، وهذه عقيدتهم، ولا يتكلمون في مسألة التسلسل، لكن ألجأ إلى الكلام في ذلك أهل البدع المعطلة ـ الجهمية، والمعتزلة، والذين تأثروا بهم ـ حين تكلموا وقالوا: يمتنع دوام الحوادث!

فلزم بيان الحق، وهو أن الله تعالى لم يزل على كل شيء قدير، ولم يزل فعالا لما يريد، ولم يزل خالقا، ولم يزل قادرا، وهكذا (مازال بصفاته قديما قبل خلقه)

بعد هذه الجملة العامة المجملة، ذكر بعد ذلك جملا تفصيلية فيقول:


[وصف الله تعالى بالخالق والبارئ قبل خلقه للخلق]


(ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم «الخالق»، ولا بإحداث البرية استفاد اسم «البارئ» له معنى الربوبية ولا مربوب، ومعنى الخالق ولا مخلوق).

هو الخالق والخلّاق ولو لم يخلق، والخالق البارئ اسمان من أسمائه الحسنى التي سمى بها نفسه {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ }

و(الخَلق): يأتي بمعنى التقدير، وبمعنى الإيجاد.

و(البارئ): هو الذي يحدث الشيء من العدم إلى الوجود .

يقول: (له معنى الربوبية ولا مربوب، ومعنى الخالق ولا مخلوق) و هذه الجملة من جنس التي قبلها، فهو سبحانه موصوف بالربوبية، والخالقيّة، ولو لم يكن هناك مخلوق ولا مربوب، فليس مفتقرا في أسمائه وصفاته إلى خلقه.

قوله: (وكما أنه محيي الموتى بعد ما أحيا، استحق هذا الاسم قبل إحيائهم، كذلك استحق اسم الخالق قبل إنشائهم، ذلك بأنه على كل شيٍ قدير) كما أنه استحق الاسم (محيي الموتى) قبل إحياء الموتى، كذلك استحق اسم (الخالق) قبل إنشائهم.

وفي هذه العبارة: تدليل وتعليل وتفصيل لما تقدم من أنّ أسماءَه، وصفاته لا تتوقف على ما يخلقه أو ما يفعله، فهو تعالى مستحقٌ لوصفه بإحياء الموتى، وأنه يحيي ويميت قبل إحياء الموتى.

وقوله: (ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق)
يحتمل أنه يمنع تسلسل الحوادث في الماضي؛ لأنه حين يقول: (ليس بعد خلق الخلق)، (وله معنى الربوبية ولا مربوب) كأنه يفهم منه أن لجنس المخلوقات بداية.

لكن هل يقول: إن دوام الحوادث ممتنع ؟ أو يقول: إنه ممكن لكنه غير واقع ؟
فيه احتمال.

والمنكر هو القول بامتناع تسلسل الحوادث في الماضي، لكن هل هو واقع ـ أي: أن المخلوقات لم تزل فعلاً ـ أو يمكن دوامها وتسلسلها في الماضي لكنه لم يقع ؟

الأمر في هذا واسع.
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 2013-06-07, 10:37 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

[إثبات كمال قدرته وغناه تعالى، وفقر خلقه إليه]


ثم قال: ( ذلك بأنه على كل شيء ٍقدير، وكل شيءٍ إليه فقير، وكل أمرٍ عليه يسير لا يحتاج إلى شيء).

هذا تعليل لما سبق من أنه سبحانه وتعالى لم يزل هو الخالق، البارئ، المصور، المحيي، المميت ذلك بأنه لم يزل على كل شيءٍ قدير، وهذا وصف قد أثنى الله به على نفسه في مواضع كثيرة من القرآن كما قال تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )) (( إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ )) (( وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِِراً )) ((قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ)) الآية.

وذِكر هذا الاسم في القرآن كثير جدا فهو القادر، وهو القدير، وهو المقتدر سبحانه وتعالى. والأدلة على كمال قدرته بدلالاتٍ أخرى متنوعة قال تعالى: (( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ )) فإخباره تعالى بخلق السماوات والأرض، وخلق كل شيء يستلزم إثبات كمال قدرته (( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ ))[قّ:38] قال سبحانه: (( مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ )) (( وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عليه )).

(ذلك بأنه على كل شيء قدير) فلا خروج لشيء عن قدرته؛ فكل الموجودات إنما وجدت بمشيئته وقدرته سبحانه وتعالى، ولا خروج لشيء عن قدرته، وفي هذا ردٌ على القدرية؛ كالمعتزلة، الذين يخرجون أفعال العباد عن قدرة الله وعن مشيئته، [الرسالة التدمرية ص488] فأفعال العباد عندهم لا تتعلق بها بمشيئة الله وقدرته وخلقه! فالعباد هم الخالقون لأفعالهم يتصرفون بدون مشيئة الله، والله لا يقدر أن يجعل القائم قاعدًا، والقاعد قائمًا، ولا المؤمن كافرا، ولا الكافر مؤمنا، فكل ما يجري في الوجود من أفعال العباد، بل وأفعال الحيوان، خارج عن مشيئة الله، والله تعالى لا يقدر على أن يمنع شيئا من هذه الأمور! فالقتال الذي يجري بين الناس لمختلف الأسباب والدوافع ليس بمشيئة الله بزعمهم، والله تعالى يقول (( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ))[البقرة:253] (( وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ))[الأنعام:137]

هذا مضمون هذا المذهب القبيح المنكر.
وقوله: (وكل شيءٍ إليه فقير) قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ )) كل شيء إليه فقير وهو الغني بذاته عن كل من سواه.

فالغنى المطلق من لوازم ذات الرب تعالى، والفقر من لوازم المخلوق، فالفقر صفة ذاتية للمخلوق، والغنى صفة ذاتية للخالق.

فالمخلوق فقير إلى الله من جميع الوجوه، والله غني عن خلقه من جميع الوجوه (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ))[فاطر:15].

فكل شيءٍ مفتقر إلى الله في وجوده، وفي بقائه، وفي مصالحه، وفي كل شؤونه.
وقوله: (وكل شيءٍ عليه يسير)

كل شيءٍ عليه هين، وهذا يؤكد أنه على كل شيءٍ قدير، فليس هناك ما يصعب عليه، ويعجزه (( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ )) (( أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ))[العنكبوت:19].
وقوله: (لا يحتاج إلى شيء)

هذا يؤكد كمال غناه، فهو الغني بذاته عن كل ما سواه.

لو قال المؤلف: (ذلك بأنه على كل شيءٍ قدير، وكل شيءٍ عليه يسير، وكل شيءٍ إليه فقير لا يحتاج إلى شيء) لكان أكثر تناسبا؛ لأن الجملة الثالثة مناسبة للجملة الأولى، والجملة الرابعة مناسبة للجملة الثانية، لكن كأنه فعل ذلك لمراعاة السجع.
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 2013-06-08, 01:07 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

[إثبات صفاته تعالى، ونفي مماثلته للمخلوقات]


وقوله: ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) هذه بعض آية من القرآن [الشورى:11] تتضمن الدلالة على المذهب الحق في باب أسماء الله وصفاته، ورد الباطل؛ فهي تدل على أنه تعالى موصوف بصفات الكمال، منزهٌ عن مماثلة المخلوقات.


ومذهب أهل السنة والجماعة يقوم على إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه، وأثبته له رسوله r من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.


فقوله: (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) ردٌ على أهل التشبيه، والتكييف.

وقوله: (( وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )) ردٌ على أهل التعطيل.

فدلت على الحق ورد الباطل، وفيها ركائز المذهب الحق، وهو: (إثبات صفات الكمال لله تعالى، ونفي مماثلته للمخلوقات، ونفي العلم بالكيفية)؛ فإنه إذا كان تعالى لا مثل له؛ فلا يعلم كيف هو إلا هو.


ولأهل التفسير واللغة [تفسير الطبري 20/477، والتبيان في إعراب القرآن ص339، والبحر المحيط 7/510، ومغني اللبيب ص203]

كلام حول ( ليس كمثله شيء) فقيل: إن الكاف صلة ـ زائدة ـ للتوكيد، والمعنى: ليس شيءٌ مثلَه، هذا أنسب وأقرب وأسهل ما يقال في معنى هذا التركيب وإعرابه (( ليس كمثله شيء )) فتكون هذه الآية نظير قوله تعالى: (( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ )).

وهو (السميع البصير) اسمان من أسمائه الحسنى دالّان على صفتين من صفاته العلى، فهو السميع وهو ذو السمع، وهو البصير و ذو بصر، فتدل الآية على إثبات الاسمين، وما تضمناه من صفة السمع، والبصر.
رد مع اقتباس
  #26  
قديم 2013-06-08, 01:19 PM
القرش القرش غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-21
المكان: المدينه المنورة
المشاركات: 431
افتراضي

متابع حضظك الله
__________________


رحم الله الشيخ رحمة واسعة
الشيخ ابن باز توتر
http://www.google.com.sa/url?sa=t&rc...3PnX0_fHcCeMtg[/CENTER]
رد مع اقتباس
  #27  
قديم 2013-06-09, 02:53 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

أخو عزيز القرش يحفظنا الله جميعا
عسا الله ينفعا بما نقرأ
بارك الله فيك
وجزاك الله خير
رد مع اقتباس
  #28  
قديم 2013-06-09, 10:31 PM
القرش القرش غير متواجد حالياً
عضو جاد بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-21
المكان: المدينه المنورة
المشاركات: 431
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نمر مشاهدة المشاركة
عسا الله ينفعا بما نقرأ
أأمين
حفضك الله
__________________


رحم الله الشيخ رحمة واسعة
الشيخ ابن باز توتر
http://www.google.com.sa/url?sa=t&rc...3PnX0_fHcCeMtg[/CENTER]
رد مع اقتباس
  #29  
قديم 2013-06-10, 12:42 AM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

[إثبات علم الله تعالى، وتقديره الأقدار، وضربه الآجال]



وقوله: (خلق الخلق بعلمه، وقدر لهم أقداراً، وضرب لهم آجالاً، ولم يخف عليه شيءٍ قبل أن يخلقهم، وعلم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم)
خلق الخلق عالما بهم، والخلق يستلزم العلم: (( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ))[الملك:14] فالله علم أحوال الخلق وأعمالهم بعلمه القديم، والإيمان بذلك هو أحد مراتب الإيمان بالقدر.


وفيه إثبات العلم لله، والأدلة على إثبات العلم لله كثيرة في الكتاب والسنة، وهو من الصفات الثابتة بالعقل والسمع، فالله تعالى اسمه العليم، وأخبر بأنه بكل شيءٍ عليم، يعلم ما كان وما يكون، وما لا يكون لو كان كيف يكون، يعلم الدقيق والجليل، والله تعالى قد فصّل ذلك في كتابه ((وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ))، (( إن الله عليمٌ بذات الصدور ))، (( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ))[الأنعام:59](( لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ))[الطلاق:12].


علمه تعالى محيطٌ بالأشياء، أحاط علمه بأعمال العباد، وأقوالهم، وأحوالهم، يعلم الخواطر التي ترد على النفوس، ويعلم ما في قلوب العباد: الملائكة، والأنبياء، وكل الناس يعلم ما في قلوبهم من أفكار، وخواطر، (( يعلم خائنة الأعين )) اللحظة التي يرسلها الإنسان خُفية ما يدري عنها أحد، الله يعلمها (( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور )).


يعلم دقائق الأشياء:(( إنها إن تك مثقال حبةٍ من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأتي بها الله ))، (( وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتابٍ مبين )).


والله تعالى من أسمائه العليم، وعلام الغيوب، وعالم الغيب والشهادة.


والعلم من صفاته تعالى، ومن أهل البدع من ينكر هذا !


فالجهمية ينفون عن الله أسماءَه وصفاتِه ويقولون: هذه الأسماء إضافتها إلى الله مجاز، وإلا فهي أسماء لبعض المخلوقات.



والمعتزلة ينفون الصفات، ويقولون : اسمه عليم لكنه بلا علم، فليس العلم صفةً قائمة به، وقدير بلا قدرة، وسميع بصير بلا سمع ولا بصر! كذا حكى أهل العلم عنهم [التمهيد 7/145، والتدمرية ص92، ومجموع الفتاوى3/335، والنبوات 1/577].



وأما الحق الذي دل عليه كتاب الله، وسنة رسوله r ، ودل عليه العقل، وأجمع عليه سلف الأمة، والذين اتّبعوهم بإحسان فهو أنه عليم بعلم، وأن العلم صفته سبحانه وتعالى، وجاء ذكر العلم في القرآن، قال تعالى: ((أنزله بعلمه)) (( ولا يحيطون بشيءٍ من علمه ))، وفي السُنّة، قال النبي r: « اللهم إني أستخيرك بعلمك » [رواه البخاري (1162) من حديث جابر t]



وهذا تصريح بلفظ العلم، ولو لم ترد هذه النصوص لكان ذكر الإسم كافيا في الدلالة على إثبات الصفة.


وعلمه تعالى أزلي لا يتجدد ـ بمعنى ـ أنه يصير عالماً بعد أن لم يكن، ويعلم الشيء بعد أن لم يكن عالما به! فهذا نقص، والله منزه عنه، كما تقدم [ص] في التنبيه على دوام كماله (ما زال في صفاته قديما قبل خلقه).


فنقول: ما زال بكل شيءٍ عليما، وعلمه تعالى مطابق للواقع؛ لأن ما لم يطابق الواقع جهل.


وأما ما جاء في القرآن مما قد يفهم منه تجدد العلم، كقوله تعالى (( وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ))[البقرة:143] وقوله تعالى: (( أفحسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله ))، وقوله تعالى:(( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا ))، فالمراد به علمه تعالى بالشيء موجوداً.


ولهذا بعضهم يعبّر عنه بـ(علم الظهور، أوعلم الوجود).


فالله تعالى قبل أن يخلق الخلق يعلم أحوالهم، وصفاتهم، ومن يطيعه، ومن يعصيه، لكن هل يعلمهم موجودين ؟ لا؛ بل يعلم أن ذلك الشيء سيكون، فإذا وجد علمه موجوداً.


فهو تعالى يعلم من يجاهد، ومن لا يجاهد، ومن يصبر، ومن لا يصبر، ويعلم من يقبل تشريعه في أمر القبلة، ومن لا يقبل، ومن يتبع الرسول، ومن لا يتبع الرسول... إلخ


يعلم أنه سيكون وهم غير موجودين، فإذا وجدوا علمهم موجودين، والثواب والعقاب مرتبٌ على ما يوجد بالفعل، هذا مقتضى عدله وحكمته.
فالله لا يجزي العباد بموجب علمه قبل خلقهم؛ بل يجزيهم على ما وقع منهم بالفعل.


والله تعالى يعلم ما لا يكون لو كان كيف يكون، وشاهد هذا في القرآن قوله تعالى: (( ولو رُدّوا لعادوا لما نهوا عنه )) [الأنعام:28]، وقد حكم الله بأنهم لا يُردّون (( وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ ))[الأنبياء:95]


وكما دل السمع على إثبات صفة العلم؛ دل العقل عليها، وبيان ذلك: أن إيجاد المخلوقات وإحكام هذا الخلق العظيم الواسع لابد أن يكون عن علم يقوم بالرب تعالى، ولا يتصور أن يكون بلا علم تعالى الله عمَّا يقول الجاهلون علوا كبيرا.


ومن الطرق العقلية ـ أيضا ـ أن العلم يوصف به المخلوق على يليق به، وهو صفة كمال، فلو لم يتصف الخالق سبحانه بالعلم لزم أن يكون المخلوق أكمل من الخالق؛ وهذا ممتنع بداهةً.


وقوله: (وقدّر لهم أقدارا) قال تعالى: (( وخلق كل شيءٍ فقدره تقديراً )) (( إنا كل شيءٍ خلقناه بقدر )).


وجاء في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي r قال: (قدّر الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة). [رواه أحمد2/169ـ والفظ له ـ ، ومسلم (2653)، والترمذي (2156)، وابن حبان (6138) وصححاه، وعند مسلم: «كتب»]


مقادير تكون من جهة الزمان، والمكان، والذات، فكل إنسان قدر الله له زمنا (( وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ))[الحج:5] يعني مقدار لُبْث الجنين في الرحم مقدّر، هذا ستة أشهر، وذا تسعة، وذا عشرة، وذا أكثر.
وعملهم مقدّر، ورزقهم مقدّر، وقدّر جميع الأشياء.


وقوله r (قدّر الله المقادير) كلمة قصيرة لكن مفهومها واسع جدا، لا نحيط به ولا نتصوره لكن نفهمه إجمالا.


وقوله: (وضرب لهم آجالا)


وعطف هذه الجملة على التي قبلها من عطف الخاص على العام، (ضرب لهم آجالا) حدد للخلق أجالا، والأجل: يطلق على نهاية المدة المقدرة، أو على نفس المدة المقدرة كلها، فالدنيا لها أجل، ينتهي بيوم القيامة (( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ))[الأنعام:2].


والأمم لها آجال (( لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ ))[يونس:49] كل أمة لها أجل ثم تنتهي كيف شاء الله، وفي تاريخ المسلمين، الدولة الأموية لها تاريخ وانتهت، ثم الدولة العباسية وانتهت، وهكذا غيرها.


وكذلك آجال مختصة بكل فرد مثل ما جاء في حديث ابن مسعود t عن النبي r: (فيؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله) [رواه البخاري (3208)، ومسلم (2643)]، قال تعالى: (( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ))[آل عمران:145].
إذًا؛ بأي شيء يموت الإنسان ؟

هو ميت بأجله، وفي الوقت المحدود (( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ))[آل عمران:145] فالمقتول ميت بأجله هذا عند أهل السُنّة، خلافاً للمعتزلة، فإنهم يقولون: إن المقتول قد قطع القاتل عليه أجله، فيمكن أنه سيعيش مائة سنة لكن اعتدى عليه القاتل فقتله وهو ابن عشرين سنة فضيّع عليه القاتل ثمانين سنة! [مجموع الفتاوى 8/516]


نعوذ بالله من الجهالة، والضلالة؛ بل المقتول ميت بأجله، والآجال جعل الله لانقضائها أسبابا؛ فمن الناس من يموت بأسباب سماوية لا دخل لأحدٍ من الناس فيها، ومنها ماله تسببٌ من الناس؛ مثل المقتول، وكلٌ في كتابٍ مبين، معلوم لرب العالمين، (( وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ ))[فاطر:11].


فالآجال، والأعمار كلها مقدرة، ودلت النصوص على أن لطول العمر وقصره أسبابا كونية، و شرعية، فمن الأسباب الشرعية: صلة الرحم، وبر الوالدين، ففي الصحيحين عن النبي r: (من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه) [البخاري (5986)، ومسلم (2557) من حديث أنس t] و في الحديث الآخر قال النبي r: (ولا يزيد في العمر إلا البر) [أحمد5/277، وابن ماجه (90) ، وصححه ابن حبان (872) والحاكم1/493، وحسنه العراقي فيما نقله البوصيري في مصباح الزجاجة (33) من حديث ثوبان t] والتحقيق أنه لا ينافي القدر، فليس معناه أن هذا سبق في علم الله وكتابه أن عمره ستون سنة، ثم يحدث أنه يبر بوالديه فيزاد في عمره، لا؛ بل هذا الذي وصَل رحمه، ومَد الله في عمره جزاءً له؛ قد سبق في علم الله وفي كتابه أنه يطول عمره بهذا السبب، وكل الأمور جارية على الأسباب والمسببات، ومندرجة في قدر الله التام.

ويقال مثل هذا في الدعاء، وبعضُ أهل البدع يقول: الدعاء لا فائدة منه؛ فإن كان الله قدَّر هذا المطلوب فلا حاجة للدعاء، فهو حاصل دعوت أو لم تدع، وإن كان غير مقدر فلا فائدة في الدعاء؛ لأنه لن يحدث!

وهذا فهم باطل مبني على عدم تأثير الأسباب في مسبَبَاتها، ويلزمهم أن يقولوا مثل هذا في كل الأسباب.

وما قدر الله حصوله في هذا الدعاء قد يُقدِّر سببه، وقد لا يقدر، فما لم يقدر سببه لا يحصل بالدعاء، وما قدر سببه يحصل السبب، والمسبَبَ.

فتارة يقدر الله السبب، ولم يقدر المسبَب.

وتارة يقدر هذا الأمر بدون هذا السبب.

وتارة يكون المقدّر السبب، والمسبَب، وهذا موضوع معناه واسع جدا، فالرزق للإنسان يحصل بسبب الطلب والكدح، و أحيانا يحصل بدون سعي ولا جهد.[مجموع الفتاوى 8/192و14/143]


وهذا كله يرجع إلى الإيمان بالقدر أحد أصول الإيمان، والمؤلف لما قال : (خلق الخلق بعلمه، وقدّر لهم أقدارا، وضرب لهم آجالا) يريد تقرير الأصل السادس، وإن كان سيُثنّي ويردد الكلام في القدر.


ثم أكد المصنف قوله: (خلق الخلق بعلمه، وقدر لهم أقدارا، وضرب لهم آجالا) بقوله: (لم يخف عليه شيء قبل أن يخلقهم) أكده بالنفي، فالأول إثبات، والثاني سلب.


ثم قال: (وعلم ما هم عاملون) وهذا أيضا تأكيد، لكن الجملة الأولى عامّة.

(علم ما هم عاملون) سبق علمه بأعمالهم: المؤمن، والكافر، والمطيع، والعاصي قبل أن يخلقهم، وكتب ذلك وقضاه وقدّره في أم الكتاب.
وفي التقدير الثاني: قال النبي r: (فيؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه، وأجله، وعمله ) [تقدم تخرجه في ص]





[وجوب الإيمان بالشرع والقدر]
رد مع اقتباس
  #30  
قديم 2013-06-11, 03:43 PM
المهاجر الى الله المهاجر الى الله غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2010-06-26
المكان: انصار السنة
المشاركات: 553
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
رد مع اقتباس
  #31  
قديم 2013-06-25, 09:27 PM
نمر نمر غير متواجد حالياً
عضو متميز بمنتدى أنصار السنة
 
تاريخ التسجيل: 2013-02-26
المكان: بلاد الاسلام بلادي
المشاركات: 1,255
افتراضي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكرا لكِ أختى وبارك الله فيكِ
جزاكم الله خير
لاتنسونا من دعائكم
بارك الله فيكم جميعا
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع الأقسام الرئيسية مشاركات المشاركة الاخيرة
الدياثة والاستخناث الامامي الاثنى عشري الشيعي عبد الرزاق محسن مشرف موقع شيعة الدياثة العالمية مثال ابو هديل الشيعة والروافض 3 2020-04-24 10:00 PM
أكذوبة الامامية الاثنى عشرية أحد فرق الشيعة الصحابة الاصحاب المنتجبين ابو هديل الشيعة والروافض 3 2019-11-15 04:20 AM
من عقائد الامامية الاثنى عشرية أحد فرق الشيعة من لم يكفر الصحابة ويتهم عرض النبي والقران فهو حمار ابو هديل الشيعة والروافض 0 2019-11-11 09:37 PM
رسول الله الشهيد المسموم / تحقيق مفصل ابو هديل الشيعة والروافض 0 2019-10-26 09:37 PM
ماهو سبب موت الرسول الاعظم محمد (ص) في الصحيح والمستفيض والمشهور وعقائد الشيعة حقائق مصادر ابو هديل الشيعة والروافض 1 2019-10-23 09:39 PM

 link 
*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 افضل شركة نقل اثاث بجدة   شراء اثاث مستعمل   شركة تنظيف منازل بالرياض   نقل عفش الكويت   pdf help   كورة لايف   koora live   شركة تنظيف في دبي   شركة تنظيف في رأس الخيمة   شركة تنظيف في دبي 24 ساعة   كحل الاثمد   متاجر السعودية   مأذون شرعي   كحل الاثمد الاصلي   تمور المدينة   شركة عزل خزانات بجدة   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج 
شركة صيانة افران بالرياض  كود خصم   سطحة هيدروليك   سطحة بين المدن   سطحة غرب الرياض   سطحة شمال الرياض 
 yalla live   يلا لايف   bein sport 1   كورة لايف   بث مباشر مباريات اليوم   Kora live   yalla shoot   ربح المال من الانترنت 
 سحب مجاري   translation office near me   كورة سيتي kooracity   مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر   شركة تنظيف منازل بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض 
 برنامج ادارة مطاعم فى السعودية   افضل برنامج كاشير سحابي   الفاتورة الإلكترونية فى السعودية   المنيو الالكترونى للمطاعم والكافيهات   افضل برنامج كاشير فى السعودية 
 شركة تنظيف مكيفات بجدة   عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   يلا شوت   يلا شوت   الحلوى العمانية 
 يلا لايف   يلا شوت 
 Yalla shoot   شركة حور كلين للتنظيف 
 تركيب ساندوتش بانل   تركيب مظلات حدائق 
 موقع الشعاع   بيت المعلومات   موقع فكرة   موقع شامل العرب   صقور الخليج   إنتظر 
 شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض   دكتور مخ وأعصاب 
 كشف تسربات المياه   شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة عزل فوم   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بخميس مشيط   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة كشف تسربات المياه بالدمام   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 
دليل السياح | تقنية تك | بروفيشنال برامج | موقع . كوم | شو ون شو | أفضل كورس سيو أونلاين بالعربي | المشرق كلين | الضمان | Technology News | خدمات منزلية بالسعودية | فور رياض | الحياة لك | كوبون ملكي | اعرف دوت كوم | طبيبك | شركة المدينة الذهبية للخدمات المنزلية

تطوير موقع الموقع لخدمات المواقع الإلكترونية

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd