أنصار السنة  
جديد المواضيع



للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 محاسب قانوني   Online quran classes for kids 
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك


العودة   أنصار السنة > الفرق الإسلامية > المعتزلة | الأشعرية | الخوارج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2012-08-17, 07:20 PM
ابن عبد البر الصغير ابن عبد البر الصغير غير متواجد حالياً
محـــاور
 
تاريخ التسجيل: 2012-08-10
المشاركات: 47
افتراضي المختصر في بيان أن قاعدة العبرة بكثرة المحاسن لها حظ من النظر - رد على المداخلة-

حول منهج الموازنة بين الحسنات والسيئات للحكم على الشخص في علم الرجال

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله :

هذا رد مختصر فيه الكفاية إن شاء الله، وفي أصله جواب على أخت عارضت هذه القاعدة بأبيات للشيخ المدخلي ووسَمَتها بمنهج الموازنة في الجرح والتعديل، فقلتُ مجيباً - مع بعض الزيادات- :

بل هو عين المنهج البدعي - قصدتُ منهج الغلو في التجريح - وهي شنشنة أعرفها من أخزم، وفي الجملة لا يعتمد على قول المدخلي في الجرح والتعديل فقد خرق المعتمد عند الأئمة في غير موضع وأتى لنا بعجائب القواعد، ولم يترك لنا من المعاصرين أحدا وقد قال فيه الشيخ ابن جبرين "ربيع المدخلي ليس هو مقبول الكلام في الجرح والتعديل؛ فإن له أخطاء في كتبه تدل على جهله أو تجاهله بما يقول وله مؤلفات يطعن فيها على الكثير من الدعاة والعلماء المشاهير "

وراجعي كتب بعض أهل العلم في بيان حاله وخطأ نهجه ككتاب "الاعتذار والانتصار لأهل السنة الأبرار"ـ وكتاب "رفقا أهل السنة بأهل السنة" وكتاب "الخطوط العريضة لأدعياء السلفية" . وهذا الشيخ العلامة بكر أبو زيد رحمه الله يقول حول كتاب المدخلي - أضواء إسلامية على فكر سيد قطب - الذي ضمنه مؤلفه طعنا غاليا للشهيد السعيد بإذنه سيد قطب رحمه الله : نظرت فوجدت هذا الكتاب يـفـتـقـد :أصـول البحث العلمي، الحيـدة العلمية، منهـج النقد، أمانـة النقل والعلم، عـدم هضم الحق ، أما أدب الحوار وسمو الأسلوب ورصانة العرض فلا تمت إلى الكتاب بهاجس ..... هذا الكتاب ينشط الحزبية الجديدة التي أنشئت في نفوس الشبيبة جنوح الفكر بالتحريم تارة، والنقض تارة وأن هذا بدعة وذاك مبتدع، وهذا ضلال وذاك ضال.. ولا بينة كافية للإثبات، وولدت غرور التدين والاستعلاء حتى كأنما الواحد عند فعلته هذه يلقي حملاً عن ظهره قد استراح من عناء حمله، وأنه يأخذ بحجز الأمة عن الهاوية، وأنه في اعتبار الآخرين قد حلق في الورع والغيرة على حرمات الشرع المطهر، وهذا من غير تحقيق هو في الحقيقة هدم، وإن اعتبر بناء عالي الشرفات، فهو إلى التساقط، ثم التبرد في أدراج الرياح العاتية .. اعتبر رعاك الله حاله بحال أسلاف مضوا أمثال أبي إسماعيل الهروي والجيلاني كيف دافع عنهما شيخ الإسلام ابن تيمية مع ما لديهما من الطوا م لأن الأصل في مسلكهما نصرة الإسلام والسنة، وانظر منازل السائرين للهروي رحمه الله تعالى، ترى عجائب لا يمكن قبولها ومع ذلك فابن القيم رحمه الله يعتذر عنه أشد الاعتذار ولا يجرمه فيها، وذلك في شرحه مدارج السالكين، وقد بسطت في كتاب "تصنيف الناس بين الظن واليقين" ما تيسر لي من قواعد ضابطة في ذلك . وفي الختام فأني أنصح فضيلة الأخ في الله بالعدول عن طبع هذا الكتاب "أضواء إسلامية" وأنه لا يجوز نشره ولا طبعه لما فيه من التحامل الشديد والتدريب القوي لشباب الأمة على الوقيعة في العلماء، وتشذيبهم، والحط من أقدارهم والانصراف عن فضائلهم.. - رسالة الشيخ إلى المدخلي-

وكفى من هذا التقليد المذموم وتعالوا إلى ما قال الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وما قرره سلفنا من المتقدمين حتى تعلموا أينا على حق :

واقرئي إن شئت قول الله عز وجل : { يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىۤ أَلاَّ تَعْدِلُواْ ٱعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } .. ثم تأملي قوله عز وجل : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ ٱلْعَفْوَ كَذٰلِكَ يُبيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } .. وقول رب العزة : { وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ } .. فإن كان ربنا عز وجل يذكر بعض منافع الخمر وهي أم الخبائث، ويذكر فضيلة عند بعض اليهود وهم كفار .. فما بالك بمن كانت له قدم راسخة في الإمامة وله سبق في الإسلام ؟
والله عز وجل يوم الحساب يوازن يوم القيامة بين حسنات العبد وسيئاته، فالميزان عقيدة أهل السنة والجماعة ، { وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ } فكيف تقولين شيئا مخالفا كهذا ؟

يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه الأصفهاني في التوبيخ والتنبيه : " إن أبغض الرجال إلى الله عز وجل الذي يقتدي بسيئة المؤمن ويدع حسنته "
ويقول فيما رواه مسلم : " إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل ، وكلتا يديه يمين : الذي يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا"
ثم تأملي قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث رواه الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه، حيث أقتطف منه جزءا :" قلتُ : وهل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال نعم وفيه دخن، قال وما دخنه ، قال : قوم يهدون بغير هدي تعرف منهم وتنكر " - صحيح البخاري -
فالنبي صلى الله عليه وسلم أثبت الخيرية لبعض القوم على الرغم من وجود الدخن بينهم .

وتأملي قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أخرجه البخاري عن الشيطان الذي علم أبا هريرة رضي الله عنه ما يقول للحفظ من الجن فقال صلى الله عليه وسلم : "صدقك وهو كذوب" .. فأثبت النبي صلى الله عليه وسلم صدق الشيطان الكافر فلم يمنع ذلك من قبول الخير الذي أتى به .
وغيره كثير، فأسألك من من أهل الصنعة من المتقدمين رحمهم الله قال بقولك أو قول شيخك ؟ أعطني خمسة من المحدثين قالوا ما قلته ؟

وهذا المنهج الذي تسمينه الموازنات له قواعد في الجرح والتعديل كثيرة دالة عليه منها: " العبرة بكثرة المحاسن" و " حمل كلام إمام معروف بالصدق والديانة على محمل سائغ"، "الجمع بين قولين متنافيين في الظاهر لإمام واحد أولى من اتهامه"، " ليس من شرط الثقة ألا يغلط ولا يهم" "يغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه" وغيرها من القواعد المقررة عند أهل الصنعة في هذه البابة .

وحتى أزيد في بيان منهجك الذي لا أصل له، أستشهد بأقوال أهل العلم من السلف :

قال الإمام سعيد بن المسيب في ما رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله : " ليس من شريف ولا عالم ولا ذي سلطان إلا وفيه عيب لا بد، ولكن من الناس من لا تذكر عيوبه، من كان فضله أكثر من نقصه، وُهب نقصه لفضله "

قال الإمام ابن سيرين رحمه الله : " ظلم لأخيك أن تذكر منه أسوأ ما تعلم وتكتم خيره "

قال الإمام ابن القيم وقد عقد فصلا في الكلام عن أدلة قاعدة الموازنة : " من قواعد الشرع والحكمة أيضا أن من كثرت حسناته وعظمت وكان له في الإسلام تأثير ظاهر فإنه يحتمل له ما لا يحتمل لغيره، ويعفى عنه ما لا يعفى عن غيره" - مفتاح دار السعادة -

ويقول في إعلام الموقعين : ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعا أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدمٌ صالح وآثار حسنة وهو من الإسلام وأهله بمكان قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل مأجور لاجتهاده، فلا يجوز أن يتبع فيها ولا يجوز أن هدر مكانته وإمامته ومنزلته في قلوب المسلمين "

ثم يقول في مدارج السالكين : " فلو كان كل من أخطأ أو غلط ترك جملة وأهدرت محاسنه لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطلت معالمها "

قال الإمام ابن تيمية حول الصوفية : والذين شهدوا هذا اللغو متأولين من أهل الصدق والإخلاص والصلاح غمرت حسناتهم ما كان لهم فيه وغيره من السيئات والخطأ "

ويقول في موضع آخر : " لو قدر أن العالم الكثير الفتاوى ، أفتى في عدة مسائل بخلاف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه، وخلاف ما عليه الخلفاء الراشدين، لم يجز منعه من الفتيا مطلقا بل يبين له خطؤه فيما خالف فيه ، فما زال في كل عصر من أعصار الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء المسلمين من هو كذلك " -مجموع الفتاوى -

ويقول في العقيدة الأصفهانية يقصد منهج المبتدعة : "وأصل هؤلاء أنهم ظنوا أن الشخص الواحد ، لا يكون مستحقا للثواب والعقاب والوعد والوعيد والحمد والذم ، بل إما لهذا وإما لهذا فأحبطوا جميع حسناته بالكبيرة التي فعلها"

قال الإمام الذهبي : " إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه وعلم تحريه للحق واتسع علمه وظهر ذكاؤه وعرف صلاحه وورعه واتباعه يُغفر زلله ولا نضلله ونطرحه وننسى محاسنه، نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة في ذلك " - سير أعلام النبلاء-

قال سفيان الثوري : " عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة ومن لم يحفظ من أخبارهم إلا ما بدر من بعضهم في بعض على الحسد والهفوات والتعصب والشهوات دون أن يعي بفضائلهم حرم التوفيق، ودخل في الغيبة، وحاد عن الطريق " - جامع بيان العلم وفضله-

قال الإمام الذهبي : " ولو أن كل من أخطأ في اجتهاده مع صحة إيمانه وتوخيه لاتباع الحق أهدرناه وبدعناه لقلَّ من يسلم من الأئمة معنا رحم الله الجميع بمنه وكرمه " - سير أعلام النبلاء-

قال الحافظ السبكي : "بل الصواب عندنا أن من ثبتت إمامته وعدالته، وكثر مادحوه ومزكوه، وندر جارحوه، وكانت هناك قرينة دالة على سبب جرحه من تعصب مذهبي أو غيره، فإنا لا نلتفت إلى الجرح فيه ونعمل فيه بالعدالة"

قال الإمام ابن حجر : "إن الذي يتصدى لضبط الوقائع من الأقوال والأفعال والرجال، يلزمه التحري في النقل، فلا يجزم إلا بما يتحققه، ولا يكتفي بالقول الشائع، ولا سيما إن ترتب على ذلك مفسدة من الطعن في حق أحد من أهل العلم والصلاح، وإن كان في الواقعة أمر فادح، سواء كان قولاً أو فعلاً أو موقفًا في حق المستور، فينبغي أن لا يبالغ في إفشائه، ويكتفي بالإشارة؛ لئلا يكون وقعت منه فلتة، ولذلك يحتاج المسلم أن يكون عارفًا بمقادير الناس وأحوالهم ومنازلهم، فلا يرفع الوضيع، ولا يضع الرفيع"

قال الإمام ابن حبان : "لسنا ممن يوهم الرعاع ما لا يستحله، ولا ممن يحيف بالقدح في إنسان وإن كان لنا مخالفاً، بل نعطي كل شيخ حظه مما كان فيه، ونقول في كل إنسان ما كان يستحقه من العدالة والجرح."

الإمام أحمد : قال أبو حاتم : " حادثت أحمد بن حنبل فيمن شرب النبيذ من محدثي أهل الكوفة وسميت له عددا منهم . فقال : هذه زلات لهم ، لا نسقط بزلاتهم عدالتهم - آداب الشافعي للرازي-

قال الإمام ابن عبد البر : "هذا باب غلط فيه كثير من الناس، وضلت فيه نابتة جاهلة لا تدري ما عليها في ذلك، والصحيح في هذا الباب: أن من صحت عدالته، وثبتت في العلم أمانته، وبانت ثقته وعنايته بالعلم؛ لم يلتفت فيه إلى قول أحد، إلا أن يأتي في جرحه ببينة عادلة تصح بها جرحته على طريق الشهادات، والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك بما يوجب قوله من جهة الفقه والنظر، وأما من لم تثبت إمامته، ولا عرفت عدالته، ولا صحت لعدم الحفظ والإتقان روايته، فإنه ينظر فيه إلى ما اتفق أهل العلم عليه، ويجتهد في قبول ما جاء به على حسب ما يؤدي النظر إليه."

وإن تتبعتُ الأقوال كلها ما فرغتُ .. فانظري أينا على مذهب السلف أختي وليسا عيبا في الرجوع إلى الحق إنما العيب التمادي في البدعة.. ورحم الله الإمام ابن عبد الوهاب الذي قال : " فإذا تحققتم الخطأ بينتموه ، ولم تهدروا جميع المحاسن لأجل مسألة أو مائة أو مائتين أخطأت فيهن، فإنني لا أدعي العصمة" -تاريخ نجد-

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 2012-08-20, 05:19 PM
ابن عبد البر الصغير ابن عبد البر الصغير غير متواجد حالياً
محـــاور
 
تاريخ التسجيل: 2012-08-10
المشاركات: 47
افتراضي

وهذا مقال نفيس لشيخنا الوالد العلامة المحدث أبي أويس الحسني الإدريسي - أمتعه الله بالصحة والعافية - وَسَمه بـ "العبرة بكثرة الفضائل " ويقول فيه :

مما لا يخفى أن الغلط من طبائع البشر، بل إن الإصرار عليه يكاد يكون – في أحيان ما – طبعا آخر من طبائعهم الإنسانية الناقصة، لكن ثمة فرقا بين " الغلط " و" المغالطة " ذلك أن الغلط سببه الجهل، أو عدم إدراك الحقائق على حقيقتها، أما المغالطة فإنها تحمل معنى الجهل المركب، والتمادي في الغلط إلى منتهاه بحيث تغلق على صاحبها أبواب الرجوع، أو حتى التفكير به !.

هكذا حال من وقع في الإجحاف كما نراه من زهد بعض الناس في آخرين وطعنهم فيهم لوقوفهم على ما أخطئوا فيه وزلوا على قلته!، مع علمهم بأنه لا يخلوا إنسان من العيب والنقص مهما كان فضله وبلغت منزلته، ف " كل بني آدم خطاء .. "1 ، و" "ليس من شرط أولياء الله المتقين ألا يكونوا مخطئين في بعض الأشياء خطأ مغفوراً لهم ، بل ليس من شرطهم ترك الصغائر مطلقاً ، بل ليس من شرطهم ترك الكبائر أو الكفر الذي تعقبه توبة"2 ، بل "كيف يعصم من الخطأ من خلق ظلوماً جهولاً "3 .

فالمرء لا يخلو من الأخطاء****مهما أتى من جيد الآراء

فالله المستعان على هذا المنهج النشاز الذي ظهر في هذه الأعصار من تتبع الأخطاء والعثرات للبراء والفرح بها مع نسيان الفضائل والحسنات .
"ومن ذا الذي لا يخطئ"4، فرحم الله عبد الرحمن بن مهدي لما قال : "من يبرئ نفسه من الخطأ فهو مجنون"5.
والقاعدة العامة التي كان عليها السلف الصالح رضي الله عنهم أنهم إذا تكلَّموا في أحدٍ ألقوا عَباءة الهوى وراءهم ظِهْرِيّاً ، وحكموا عليه بما كان به حريّا، فإلى الله المشتكى فيمن صارت مجالسُهم لسقطات النجباء سُوقاً ، وغدت ألسنتهم لنشر غلطات الفُضلاء بُوقاً.

قال سعيد بن المسيب رحمه الله: "فليس من شريف ولا عالم ولا ذي سلطان إلا وفيه عيب ولا بد، ولكن من الناس من لا تذكر عيوبه.. من كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله"6.
وكان السلف كذلك لا يجعلون مطلقا بأدنى مخالفة من غيرهم لهم سُلَّماً إلى القول بتبديعه اعتقاداً أو تفْسيقه عملاً .
قال الإمام الذَّهبي – رحمه الله - : " لو أنَّا كلما أخطأ إمامٌ في اجتهاده في آحاد المسائل خطأً مغفوراً له ، قُمنا عليه ، وبدَّعناه ، وهجرناه : لما سلم معنا لا ابن نصْر ، ولا ابن منْده ، ولا من هو أكبر منهما ... ، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة ! "7.

وحتَّى تكون – أيُّها القارئ – على تصوِّرٍ واضح ؛ من غير غُلوِّ مادح ، أو هتك جارح، فنقول: "المنصف من اغتفر قليل خطإ المرء في كثير صوابه"8.

فهذه القاعدة تمثل منهجا صحيحا للسلف الصالح وأهل السنة في الحكم على الأشخاص، فقد كانوا أصحاب علم واجتهاد يُخوِّل لهم الحكم على الأنام؛ لأن الأمرَ دين يتقرب به إلى ذي الجلال والإكرام.
كما كانوا : " ذوي عدلٍ في مدحهم وفي ذمِّهم ، لا يحملهم الهوى عند وجود المُراد على الإفراط في المدح ، ولا يحملهم الهوى عند تعذُّر المقصود على نسيان الفضائل والمناقب وتعديد المساوئ والمثالب "9.

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: "من قواعد الشرع والحكمة أيضا أن من كثرت حسناته وعظمت وكان له في الإسلام تأثير ظاهر فإنه يحتمل له ما لا يحتمل لغيره، ويعفى عنه ما لا يعفى عن غيره، فإن المعصية خبث، والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث، بخلاف الماء القليل فإنه يحمل أدنى خبث يقع فيه،..." 10، " فالبحر الخضم وإن ولغ فيه الكلب فهو مستغن عن تطهير المتطهرين، وتكلف المتكلفين " 11.

ما ضرَّ نهر الفُرات يومـــاً **** أن خاض بعضُ الكلاب فيه

وتقرير ذلك مبناه على اعتبار الغالب على المرء، على حد قول أهل العلم: "الشيء يحكم له أو عليه بما غلب عليه"، و" الأحكام إنما تناط بالغالب " 12، وفي ذلك قال الشافعي رحمه الله: "فإن كان الأغلب على الرجل من أمره الطاعة والمروءة قَبِلتُ شهادته وروايته، وإن كان الأغلب المعصية وخلاف المروءة رددتها" 13.
"وبذلك جرت عادة الخلق أنهم يعَدِّلون العادل بالغالب من أفعاله، وربما أساء، ويفسقون الفاسق بالغالب من أفعاله، وربما أحسن" 14.

وعليه فإن العبرة في تقويم الأشخاص كثرة المحاسن والفضائل، كما قال الحافظ الذهبي رحمه الله: "ونحب السنة وأهلها، ونحب العالم على ما فيه من الإتباع والصفات الحميدة، ولا نحب ما ابتدع فيه بتأويل سائغ وإنما العبرة بكثرة المحاسن" 15.

مع التنبيه -هنا- أن اعتبار غلبة المحاسن صحيح مع اعتبار سلامة المنهج، ووضوح التصور، وصفاء الاعتقاد، وصحة الأصول، بل نقول مستفهمين استفهاما تقريريا: وهل يتصور صحة ذلك إلا بذلك؟!.

وقد وضح هذا الإمام ابن القيم رحمه الله في معرض بيانه لزلة وقع فيها الشيخ الهروي رحمه الله صاحب كتاب المنازل حيث قال في حقه: "ولا توجب هذه الزلة من شيخ الإسلام إهدار محاسنه، وإساءة الظن به، فمحلُّه من العلم والإمامة والمعرفة والتقدم في طريق السلوك المحل الذي لا يجهل، وكل أحد فمأخوذ من قوله ومتروك إلا المعصوم صلوات الله وسلامه عليه، والكامل من عد خطؤه، ولا سيما في مثل هذا المجال الضنك، والمعترك الصعب الذي زلت فيه أقدام وضلت فيه أفهام" 16.

لكن عند الجهل والظلم فليس بمُسْتغرب أن يسمع المرءُ مالا يُسْتَعذب، أناس طعنوا على صاحب الأصول الصحيحة، والقواعد الفصيحة لزلة عرضت وإن كانت متحققة، أو مزلة متوهمة، ولم يشتغلوا بأن يَنْقِموا على عَلْمَانيٍّ قد فصل الدين وعرَّاه ، ولا على مُسْتشرقٍ قد حرَّف مصادر الإسلام وأوهى عُراه ، ولا على مُنافقٍ يكتب في كُلِّ صحيفةٍ وجريدة ، ولا على مُشكِّكٍ يُصبِّحنا ويُمسِّينا بِشُبهٍ جديدة ، ولا على مبتدع يَنْشُر بيْننا الكبائِر ، ولا على عدوٍّ ٍ يتربَّص بنا الدَّوائِر . إذاً … فعلى من ينقمون ؟!، وليس القصد عدم رد خطأ الموافق بالضوابط الصحاح إذا ظهر ولاح، فإن مجال الكلام وضاح.

إذن فالمرء يمدح بكثرة ما له من الفضائل والمحاسن، ومن الاعتساف والخروج عن الفطرة السوية والإنصاف: أن ندفن كثرة خير المرء لقلة زلـله وعيبه، فإنه مما هو "معلوم عند الناس مستقر في فطرهم أن من له ألوف من الحسنات فإنه يسامح بالسيئة والسيئتين ونحوها" 17.

قال عبد الله بن المبارك رحمه الله: "إذا غلبت محاسن الرجل على مساوئه لم تذكر المساوئ، وإذا غلبت المساوئ على المحاسن لم تذكر المحاسن" 18.

وفي الختام هذه مقالتي بين أيديكم أدْعو بها كُلَّ عاقلٍ رشيد ، وأُذكِّر بها من كان له قلْبٌ أو ألقى السَّمع وهو شهيد ، أن يتَّبع الحقَّ الواضح والقول السَّديد . نعم . . . قد يتطاول المُسْلم على أخيه، وينْهش من عرْضه دون تلافيه، والقلْب فيه ما فيه،ولكنَّ العاقل يرجع إلى الحق بأدنى تنبيه، فالحق " أحق أن يتبع " 19، فالزم ذلك أيها النبيه.

.........................
1. أخرجه الترمذي رحمه الله وغيره وهو في صحيح سنن ابن ماجة 2/418.
2. الفتاوي لابن تيمية رحمه الله 11/66_ 67.
3. مدارج السالكين 2/522.
4. قالها الإمام مالك رحمه الله انظر الآداب الشرعية لابن مفلح رحمه الله 2/142.
5. نفسه.
6. الكفاية 79.
7. سير أعلام النبلاء عند ترجمة محمد بن نصر المروزي رحمه الله.
8. قالها الحافظ ابن رجب رحمه الله، وعلق عليها الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله بقوله:" الإنسان لا يخلو من الخطأ، لكن المنصف يرى الصواب ويرى الخطأ، فإذا صار الصواب أكثر، فليغتفر الخطأ، وإن كان الخطأ أكثر، اضمحل به الصواب " انظر تقرير القواعد وتحرير الفوائد لابن رجب رحمه الله، ضبط وتعليق الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه المولى 1/ 4.
9. تضمين مما قاله عماد الدين أبو العباس الواسطي رحمه الله في العقود الدرية 291.
10. مفتاح دار السعادة 1/ 529.
11. كتاب حقيقة القولين لأبي حامد الغزالي رحمه الله 25.
12. الفتح 2/199.
13. إرشاد الفحول 98.
14. من أقوال أبي الحسن الماوردي رحمه الله كما في درر السلوك 65.
15. السير 20/46.
16. المدارج 1/219.
17. مفتاح دار السعادة 1/531.
18. السير 8/378.
19. تضمين مما قاله عبد الله بن عباس رضي الله عنهما انظر إرواء الغليل 7/318.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 link 
*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 شراء اثاث مستعمل   شركة تنظيف منازل بالرياض   نقل عفش الكويت   pdf help   كورة لايف   koora live   شركة تنظيف في دبي   شركة تنظيف في رأس الخيمة   شركة تنظيف في دبي 24 ساعة   كحل الاثمد   متاجر السعودية   مأذون شرعي   كحل الاثمد الاصلي   تمور المدينة   شركة عزل خزانات بجدة   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج 
شركة صيانة افران بالرياض  كود خصم   سطحة هيدروليك   سطحة بين المدن   سطحة غرب الرياض   سطحة شمال الرياض 
 yalla live   يلا لايف   bein sport 1   كورة لايف   بث مباشر مباريات اليوم   Kora live   yalla shoot   ربح المال من الانترنت 
 سحب مجاري   translation office near me   كورة سيتي kooracity   مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر   شركة تنظيف منازل بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض 
 برنامج ادارة مطاعم فى السعودية   افضل برنامج كاشير سحابي   الفاتورة الإلكترونية فى السعودية   المنيو الالكترونى للمطاعم والكافيهات   افضل برنامج كاشير فى السعودية 
 شركة تنظيف مكيفات بجدة   عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   يلا شوت   يلا شوت   الحلوى العمانية 
 يلا لايف   يلا شوت 
 Yalla shoot   شركة حور كلين للتنظيف 
 تركيب ساندوتش بانل   تركيب مظلات حدائق 
 موقع الشعاع   بيت المعلومات   موقع فكرة   موقع شامل العرب   صقور الخليج   إنتظر 
 شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض   دكتور مخ وأعصاب 
 كشف تسربات المياه   شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة عزل فوم   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بخميس مشيط   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة كشف تسربات المياه بالدمام   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 
دليل السياح | تقنية تك | بروفيشنال برامج | موقع . كوم | شو ون شو | أفضل كورس سيو أونلاين بالعربي | المشرق كلين | الضمان | Technology News | خدمات منزلية بالسعودية | فور رياض | الحياة لك | كوبون ملكي | اعرف دوت كوم | طبيبك | شركة المدينة الذهبية للخدمات المنزلية

تطوير موقع الموقع لخدمات المواقع الإلكترونية

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd