أنصار السنة  
جديد المواضيع



للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 Online quran classes for kids 
منتدى السنة | الأذكار | زاد المتقين | منتديات الجامع | منتديات شباب الأمة | زد معرفة | طريق النجاح | طبيبة الأسرة | معلوماتي | وادي العرب | حياتها | فور شباب | جوابى | بنك أوف تك


العودة   أنصار السنة > أقسام عامة > المجتمع المسلم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
  #1  
قديم 2022-05-15, 08:54 PM
معاوية فهمي إبراهيم مصطفى معاوية فهمي إبراهيم مصطفى غير متواجد حالياً
مشرف قسمي العيادة الصحية والمجتمع المسلم
 
تاريخ التسجيل: 2018-02-05
المشاركات: 2,712
افتراضي النـذر في الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
(( النـذر في الإسلام ))

الحمد لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، أما بعد:

فإن النذر عبادة يلزم الإنسانُ بها نفسه، وقد كرِه النبي صلى الله عليه وسلم النذر؛ إذ هو تكليف للنفس بما لم يكلف الله تعالى به، ففي الصحيحين عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنِ النَّذْرِ وَقَالَ: «إِنَّهُ لاَ يَأْتِي بِخَيْرٍ وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ».


النذر في الأمم السابقة:

قال الله سبحانه حاكيًا عن أم مريم أنها نذرت ما في بطنها لله، فقال: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [آل عمران: 35].


وأمر الله مريم به، فقال: ﴿ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ للرحمن صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إنسيًّا ﴾ [مريم: 29].


تعريفه:

النذر: هو إيجاب المرء على نفسه طاعة ليست واجبة عليه بالشرع.

ألفاظه: كأن يقول: نذرت لله كذا، أو نذرت كذا وكذا، أو لله علي كذا، ونحوه.

شروطه: البلوغ والعقل والاختيار.

حكمه: يجب الوفاء به ويأثم المرء بتضييعه بلا عذرٍ.


أدلة ذلك:

قال الله تبارك وتعالى:﴿ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ﴾ [الحج: 29].


وقال الله تعالى: ﴿ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ﴾ [الإنسان: 7]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ﴾ [البقرة: 270]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1].


وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من نذر أن يُطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه"؛ رواه الجماعة إلا مسلمًا.


وعن عمر رضي الله عنه قال: "نذرت نذرًا في الجاهلية، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم بعدما أسلمت، فأمرني أن أوفي بنذري"؛ رواه ابن ماجه.


وقال البخاري رحمه الله تعالى: باب إثم من لا يفي بالنذر، وذكر حديث عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خيرُكم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، قال عمران: لا أدري ذكر اثنتين أو ثلاثًا، بعد قرنه ثم يجيء قوم ينذرون ولا يوفون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، ويظهر فيهم السِّمن".


وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر قال: يا رسول الله، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، قال: "أوفِ بنذرك"، وهو في الصحيح أيضًا.


وفي حديث الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إن أختي نذرتْ أن تحجَّ، وأنها ماتت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو كان عليها دينٌ أكنتَ قاضيه، قال: نعم، قال: "فاقضِ الله، فالله أحق بالقضاء"، وغير ذلك من أحاديث الأمر بوفاء النذر عن النبي صلى الله عليه وسلم.


شروط النذر:

ومن شرط النذر لله تعالى:

(1) أن يكون طاعة لله.

(2) وأن يكون مما يطيقه العبد، وأن يكون من جنس ما يتقرب به لله.

(3) وأن يكون فيما يملِك.

(4) وألا يكون في موضع كان يُعبَدُ فيه غيرُ الله تعالى، أو ذريعة إلى عبادة غير الله تعالى.

(5) وإن كان معلقًا بحصول شيء، فلا يعتقد الناذر تأثير النذر في حصوله.


أما الأول أن يكون النذر طاعة،فلقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نذر في معصية الله ولا في قطيعة رحم"؛ الحديث رواه أبو داود، وكذا حديث عائشة السابق وغيره.


وفي الصحيحين عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَصُومَ يَوْمًا، فَوَافَقَ يَوْمَ أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: «أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ».


قال النووي في شرح الحديث:

وَأَمَّا هَذَا الَّذِي نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ مَثَلًا فَوَافَقَ يَوْمَ الْعِيدِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ صَوْمُ الْعِيدِ بِالْإِجْمَاعِ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ؟ فِيهِ خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ، وَفِيهِ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ، لِأَنَّ لَفْظَهُ لَمْ يَتَنَاوَلِ الْقَضَاءَ، وَإِنَّمَا يَجِبُ قَضَاءُ الْفَرَائِضِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ عَلَى الْمُخْتَارِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ، وَكَذَلِكَ لَوْ صَادَفَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ فِي الْأَصَحِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَيَحْتَمِلُ أن بن عُمَرَ عَرَضَ لَهُ بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ لَكَ الْقَضَاءُ لِتَجْمَعَ بَيْنَ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمْرِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم [1].


قال الشيخ مصطفى البغا في تعليقه على صحيح البخاري (3/ 43): أمر الله بوفاء النذر؛ أي بقوله تعالى: ﴿ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ ﴾ [الحج: 29]، فيجب الوفاء به، ويمكن أن يُقضى بعد يوم العيد المنهي عن صومه، عملًا بقاعدة: "إذا اجتمع المانع والمقتضي قدِّمُ المانع"، فيقدم المانع من الصوم وهو كون اليوم عيدًا على المقتضي وهو نذر صوم هذا اليوم؛ انتهى.


وأما الثاني أن يكون النذر مما يُطيقه العبد، وأن يكون من جنس ما يتقرب به لله، فلحديث عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ: نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ اللهِ حَافِيَةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ لَهَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَفْتَيْتُهُ، فَقَالَ: «لِتَمْشِ، وَلْتَرْكَبْ»؛ متفق عليه.


وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذ هو برجل قائم، فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم فلا يقعد، ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مُره فليتكلم وليستظل، وليقعد وليتمَّ صومه"، فأمره صلى الله عليه وسلم بترك ما لم يكن مطيقه، ولم يكن مشروعًا، وأمره بإتمام الصوم، لكونه يطيقه ولكونه مشروعًا.


وروى مسلم عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَىَ شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ، فَقَالَ: «مَا بَالُ هَذَا؟»، قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِيٌّ»، وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ.


وفي رواية أبي هريرة أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَدْرَكَ شَيْخًا يَمْشِي بَيْنَ ابْنَيْهِ، يَتَوَكَّأُ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا شَأْنُ هَذَا؟»، قَالَ ابْنَاهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ارْكَبْ أَيُّهَا الشَّيْخُ، فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكَ، وَعَنْ نَذْرِكَ».


فهذه الأمور مثل المشي حافيًا أو القيام بالشمس، ليست من القربات والعبادات التي يتقرب لله بها، لذا نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وأما الثالث أن يكون فيما يملك الناذر، فلقوله صلى الله عليه وسلم: "لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملِك ابن آدم"؛ رواه مسلم أبو داود.


وفي حديث مسلم من رواية عمران بن حصين قَالَ: وَأُسِرَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَأُصِيبَتِ الْعَضْبَاءُ، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْوَثَاقِ وَكَانَ الْقَوْمُ يُرِيحُونَ نَعَمَهُمْ بَيْنَ يَدَيْ بُيُوتِهِمْ، فَانْفَلَتَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ الْوَثَاقِ، فَأَتَتِ الْإِبِلَ، فَجَعَلَتْ إِذَا دَنَتْ مِنَ الْبَعِيرِ رَغَا فَتَتْرُكُهُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الْعَضْبَاءِ، فَلَمْ تَرْغُ، قَالَ: وَنَاقَةٌ مُنَوَّقَةٌ فَقَعَدَتْ فِي عَجُزِهَا، ثُمَّ زَجَرَتْهَا فَانْطَلَقَتْ، وَنَذِرُوا بِهَا فَطَلَبُوهَا فَأَعْجَزَتْهُمْ، قَالَ: وَنَذَرَتْ لِلَّهِ إِنْ نَجَّاهَا اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ رَآهَا النَّاسُ، فَقَالُوا: الْعَضْبَاءُ نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِنَّهَا نَذَرَتْ إِنْ نَجَّاهَا اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ، بِئْسَمَا جَزَتْهَا، نَذَرَتْ لِلَّهِ إِنْ نَجَّاهَا اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ».


وأما الرابع ألا يكون النذر ذريعة إلى عبادة غير الله تعالى، فلحديث ثابت بن الضحاك أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إني نذرت أن أنحر إبلًا ببوانة، فقال: كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يُعبد؟ فقالوا: لا، قال: "فهل كان فيها عيدٌ من أعيادهم"، قالوا: لا، قال: "أوفِ بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملِك ابن آدم"؛ رواه أبو داود.


وفي سد الذرائع إلى ذلك حديث النهي عن اتخاذ القبور مساجدَ، ولعن مَن فعل ذلك.


أما الخامس ألا يعتقد الناذر نذرًا معلقًا تأثير النذر في حصول المطلوب، وللتوضيح أقول: إن النذر المعلق هو نحو قول القائل: نذرت إن شفاني الله أن أتصدَّق بكذا، أو أذبح كذا، أو أصلي كذا، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن النذر لا يقدم شيئًا ولا يؤخره، وإنما يستخرج بالنذر من البخيل"، وهو في الصحيحين، وفي رواية عنه: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر، وقال: إنه لا يرد شيئًا، ولكنه يستخرج به من البخيل".


وفيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يأتي ابنَ آدمَ النذرُ بشيءٍ، ولكنه يلقيه النذر إلى القدر قد قدِّر له، فيَستخرج الله به من البخيل، فيُؤتي عليه ما لم يكن يُؤتي عليه من قبلُ".

♦ ♦ ♦


جواز التحول في الوفاء بالنذر من الأدنى للأعلى:

أخرج الإمام أحمد وأبو داود عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلًا قَامَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ لِلَّهِ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ مَكَّةَ، أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: «صَلِّ هَا هُنَا»، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «صَلِّ هَا هُنَا»، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «شَأْنُكَ إِذًا».


والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن له جواز الوفاء بنذره في المسجد الحرام بدل من الوفاء بنذره في بيت المقدس حسب ما نذر؛ لأن الصلاة في المسجد الحرام أعلى في الفضل والأجر، وعليه فمن نذر نذرًا جاز له أن يوفيه بزيادة، فمثلًا لو نذر ذبحًا فذبح أفضل منه في السن أو اللحم، فيجوز للدليل السابق.


قال في "عون المعبود شرح سنن أبي داود" (9/ 94 ــــ 95):

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ بِصَلَاةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فِي مَكَانٍ لَيْسَ بِأَفْضَلَ مِنْ مَكَانِ النَّاذِرِ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِإِيقَاعِ الْمَنْذُورِ بِهِ فِي ذَلِكَ، بَلْ يَكُونُ الْوَفَاءُ بِالْفِعْلِ فِي مَكَانِ النَّاذِرِ.


وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ كَرَدْمِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَذْرٍ نَذَرَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ لَهُ: "أَلِوَثَنٍ أَوْ لِنُصُبٍ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنْ لِلَّهِ، فَقَالَ: "أَوْفِ لِلَّهِ مَا جَعَلْتَ لَهُ انْحَرْ عَلَى بُوَانَةَ وَأَوْفِ بِنَذْرِكَ"، وَفِي لَفْظٍ له قال: يا رسول اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ بِبُوَانَةَ وَسَيَجِيءُ بَعْدَ الْبَابِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ مَكَانُ النَّذْرِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعْصِيَةً.


وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَكَانَ لَا يَتَعَيَّنُ حَتْمًا، بَلْ يَجُوزُ فِعْلُ الْمَنْذُورِ بِهِ فِي غَيْرِهِ فَيَكُونُ مَا هُنَا بَيَانًا لِلْجَوَازِ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يَتَعَيَّنَ مَكَانُ النَّذْرِ إِذَا كَانَ مُسَاوِيًا لِلْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ النَّاذِرِ أَوْ أَفْضَلَ مِنْهُ، لَا إِذَا كَانَ الْمَكَانُ الَّذِي فِيهِ النَّاذِرُ فَوْقَهُ فِي الْفَضِيلَةِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْجَمْعَ مَا أَخْرَجَهُ أحمد ومسلم من حديث بن عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً شَكَتْ شَكْوَى فَقَالَتْ: إِنْ شَفَانِيَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَأَخْرُجَنَّ فَلَأُصَلِيَنَّ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَبَرَأَتْ ثُمَّ تَجَهَّزَتْ تُرِيدُ الْخُرُوجَ، فَجَاءَتْ مَيْمُونَةُ تُسَلِّمُ عَلَيْهَا فَأَخْبَرَتْهَا بِذَلِكَ، فَقَالَتْ: اجْلِسِي وَصَلِّي فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "صَلَاةٌ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ"، فَفِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ مِنْ تَعْلِيلِ مَا أَفْتَتْ بِهِ بِبَيَانِ أَفْضَلِيَّةِ الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ النَّاذِرَةُ فِي الشَّيْءِ الْمَنْذُورِ بِهِ وَهُوَ الصَّلَاةُ؛ انتهى.


قضاء النذر عن الميت:

أخرج البخاري وأبو داود عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَفْتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ فَقَالَ: اقْضِهِ عَنْهَا.


وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «هَذَا فِي النَّذْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ».


كفارة النذر:

أما من نذر شيئًا ثم عجز عن الوفاء بنذره، فعليه كفارة يمين، ويَلزمه الوفاء حين الاستطاعة، فقد روى مسلم عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ».


حكم نذر المعصية:

نذر المعصية حرام، ويحرم الوفاء به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ، وَلاَ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ الْعَبْدُ»؛ رواه مسلم.


واختلف الناس في وجوب الكفارة، فذهب الجمهور إلى أنه لا كفارة عليه، وذهب أحمد والثوري وإسحاق وبعض الشافعية والحنفية إلى وجوب الكفارة، ونقل الترمذي اختلاف الصحابة في ذلك كالقولين.


وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (12313) وأبو داود (3322) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: النُّذُورُ أَرْبَعَةٌ: مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ فِي مَعْصِيَةٍ، فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا فِيمَا لاَ يُطِيقُ، فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا فِيمَا يُطِيقُ، فَلْيُوفِ بِنَذْرِهِ.


حكم نذر ما لا يملِك:

شأنه كسابقه فيه الكفارة، وكذا نذر ما لم يسمِّ كأن يقول: علَّى نذرٌ ويسكت، ففيه الكفارة لعموم حديث: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ».

والله من وراء القصد

[1] صحيح مسلم بشرح النووي (8/ 16).

§§§§§§§§§§§§§§§§
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع الأقسام الرئيسية مشاركات المشاركة الاخيرة
دعوى: خلو الكتب السابقة من البشارة برسول الإسلام شهدالاسلام رد الشبهات وكشف الشخصيات 2 2018-02-20 11:17 AM
كتاب: جاهلية الشيعةن وسخافة عقولهم (دراسة مقارناتية للدين الشيعي) محمد محمد البقاش حوارات عامة 2 2017-10-11 03:10 PM
خطورة الإرجاء وسبب عداء المرجئة للجهاد عاشق الحور العين المعتزلة | الأشعرية | الخوارج 51 2012-12-24 11:41 PM
الهدي النبوي في الجهاد وإقامة دولة الإسلام الاثر المعتزلة | الأشعرية | الخوارج 0 2011-09-11 11:45 AM
رد أهل السنة على الاسئلة 50 المطروحة للشيعة في المواقع ali_k الشيعة والروافض 2 2010-11-25 10:17 AM

 link 
*** مواقع صديقة ***
للإعلان هنا تواصل معنا > واتساب
 يلا شوت 
 عطر فرموني جذاب   بطاقة ايوا   خولة لفن الحياكة   كحل الاثمد   متاجر السعودية   مأذون شرعي   كحل الاثمد الاصلي   تمور المدينة  متابعين تيك توك  اشتراك كاسبر الرسمي   lبرنامج موارد بشرية 
 شركة الرائعون   شركة عزل خزانات   شركة عزل اسطح في الرياض   شركة عزل فوم بالرياض   شركة عزل اسطح شينكو   شركة عزل خزانات بجدة   شركة عزل خزانات في مكة   شركة عزل خزانات المياه بالطائف   شركة تنظيف مكيفات بجدة   شركة تنظيف بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بتبوك 
 شراء اثاث مستعمل بالرياض   تنسيق حدائق   شركة تنظيف في دبي   شراء اثاث مستعمل بالرياض   شركة تنظيف خزانات بجدة   مكتب مراجعة 
 مظلات وسواتر   تركيب مظلات سيارات في الرياض   تركيب مظلات في الرياض   مظلات وسواتر 
شركة تنظيف خزانات بجدة || شركة تنظيف بجدة || شركة تنظيف بالبخار بجدة || شركة مكافحة حشرات بجدة
 فارلي   شركة تنظيف بجدة   شركة نقل عفش بجدة   شركة تنظيف خزانات بجدة   شركة نقل عفش بجدة   شركة تنظيف بالطائف   شركة تنظيف خزانات بجدة 
 yalla shoot   يلا شوت   يلا شوت 
 شراء اثاث مستعمل   شركة تنظيف منازل بالرياض   شركة تنظيف منازل بالرياض   شركة عزل خزانات بجدة   شركة تنظيف افران   صيانة غسالات الدمام   صيانة غسالات ال جي   صيانة غسالات بمكة   شركة صيانة غسالات الرياض   صيانة غسالات سامسونج 
شركة صيانة افران بالرياض  سطحة هيدروليك   سطحة بين المدن   سطحة غرب الرياض   سطحة شمال الرياض 
 yalla live   يلا لايف   bein sport 1   كورة لايف   بث مباشر مباريات اليوم   Kora live   yalla shoot 
 translation office near me   كورة سيتي kooracity   شركة تنظيف منازل بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركه تنظيف بالرياض 
 ياسين تيفي   شركة حور كلين للتنظيف 
 تركيب ساندوتش بانل   تركيب مظلات حدائق 
 موقع الشعاع   بيت المعلومات   موقع فكرة   موقع شامل العرب   صقور الخليج   إنتظر 
 شركة نقل عفش بالرياض   شركة نقل عفش بالرياض 
 كشف تسربات المياه   شركة تنظيف منازل   نقل اثاث بالرياض   شراء اثاث مستعمل بالرياض   نقل اثاث   كشف تسربات المياه   شركة تنظيف بالرياض   شركة عزل اسطح   عزل اسطح بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   كشف تسربات المياه بالخرج   تنظيف خزانات بالرياض   مكافحة حشرات بالرياض   شركة عزل اسطح بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة عزل فوم   كشف تسربات المياه   عزل خزانات بالاحساء   شركة نقل اثاث بالرياض   نقل عفش بالرياض   عزل اسطح   شركة تنظيف بالرياض   شركات نقل الاثاث   شركة تنظيف منازل بجدة   شركة عزل فوم   شركة عزل خزانات بالرياض   شركة تنظيف خزانات بالرياض   شركة تخزين اثاث بالرياض   شركة تنظيف مكيفات بخميس مشيط   شركة تنظيف مكيفات بالرياض   شركة عزل اسطح   كشف تسربات المياه بالرياض   شركة كشف تسربات المياه   شركة نقل اثاث بالرياض   شركة عزل اسطح بجدة   شركة عزل اسطح   عزل خزانات   شركات عزل اسطح بالرياض   شركة عزل خزانات المياه   شركة تنظيف فلل بالرياض   كشف تسربات المياه بالدمام   شركة كشف تسربات المياه بالدمام   عزل خزانات بالاحساء   عزل فوم بالرياض   عزل اسطح بجدة   عزل اسطح بالطائف 
دليل السياح | تقنية تك | بروفيشنال برامج | موقع . كوم | شو ون شو | أفضل كورس سيو أونلاين بالعربي | المشرق كلين | الضمان | Technology News | خدمات منزلية بالسعودية | فور رياض | الحياة لك | كوبون ملكي | اعرف دوت كوم | طبيبك | شركة المدينة الذهبية للخدمات المنزلية

تطوير موقع الموقع لخدمات المواقع الإلكترونية

Powered by vBulletin Copyright ©2000 - 2024 Jelsoft Enterprises Ltd